عدوانية الطفل أحيانا آلية للدفاع عن النفس والسيطرة على الخوف
الرباط: «الشرق الأوسط»
تحتار الأم أحيانا كثيرة أمام بعض سلوكيات طفلها الذي لا يتوقف عن العراك وافتعال المشاكل ونصب المكائد لإيذاء أقرانه
وزملائه. فماذا تفعل آنذاك؟ هل تعتبرها تصرفات طبيعية
أم حالة مرضية؟ توجهنا بهذه الأسئلة إلى أخصائية علم النفس والاضطراب السلوكي لدى الأطفال، الدكتورة
فاطمة اللعبيش، التي تطمئن الأمهات بداية على كون
هذا الشغب الطفولي لا ينذر بانحراف في السلوك وإنما هو زيادة في النشاط الذي يستدعي منها حسن التصرف.
تقول الدكتورة اللعبيش: «يعرف علماء النفس العدوانية عند الطفل بأنها آلية للدفاع عن النفس، والسيطرة على القلق والتوتر، ومحاولة لطرد الخوف والتخلص من مشاعر الإحباط. وكثير ما يكون لهذا الأمر ارتباط مباشر
بعلاقته بأمه وما يشوبها من صراع بين الحب والكراهية. فحينما تقوم الأم بتلبية طلباته فهي تجسد بالنسبة له
صورة للطيبة والخير، وعندما ترفض تسوء صورتها لديه وتسود الدنيا في عينيه. فاضطراب هذه العلاقة والتناقض
المستمر في مواقف الأم تدفع الطفل إلى الرد بالغضب وبعض التصرفات العنيفة بشكل غريزي. وتتخذ هذه التصرفات تعبيرات متعددة كالعراك مع إخوته وزملائه،
وتحطيم لعبه بقسوة، وميله إلى استخدام المسدسات
والرشاشات وألعاب الفيديو الحربية، كلها وسائل قد يلجأ إليها لقهر إحساسه بالعجز والضعف والسيطرة على
الواقع ولتفريغ العدوانية الطبيعية لديه مما يساهم في تعزيز استعداداته النفسية».
غير أن هذا السلوك تقول الدكتورة اللعبيش، متعلق
بسن ما قبل السابعة من العمر، حيث يعتبر هذا النوع من العدوانية عاديا يخدم متطلبات النمو في هذه المرحلة، أما إذا استمر بعد هذه السن، فقد ينذر بالخطر
لأنه قد يتحول إلى حالة نفسية مرضية واضطراب في شخصية الطفل.
وردا على السؤال الذي يلح على بعض الامهات، وكيف
بإمكانهن تمييز السلوكيات العدوانية المرضية عند طفلها؟
تجيب الدكتورة فاطمة : «هناك بعض العلامات أولها
استمرار وتكرار الفعل العنيف أي أن يكون دائما هو المبادر بضرب أقرانه والعراك معهم لأسباب واهية، وأن
يكون دائم الكذب وله قدرة على تلفيق القصص ببراعة، وأن يتجرأ على الفرار من البيت أكثر من ثلاث مرات، وأن
يقوم بتكسير حاجات إخوته وزملائه أو يقوم بسرقتها
باستعمال القوة والعنف الجسدي، وأن يكون دائم الحدة والقسوة مع الآخرين ويحاول إيذاء حتى الحيوانات
الأليفة». إذا كان هذا هو شأن طفلك فاعلمي أنه في خطر الانحراف». تقول الدكتورة فاطمة.
أما عن الأطفال الأكثر عرضة لهذا السلوك الانحرافي
فهم عادة أطفال لا يتمتعون بجو أسري متوازن كما
تشرح الدكتورة. ومن أولى العوامل التي تتدخل في
السلوك العدواني عند الطفل هي الأسرة التي تلعب دورا أساسيا في تكوين مزاجه وشخصيته ليس عند ولادته فقط بل منذ تكونه جنينا في بطن أمه، وذلك بسبب الشجار والخصام الدائم والمتكرر بين الأبوين
، وارتفاع الأصوات داخل البيت، وكل الأحداث التي تجري
داخل النسق الأسري خاصة ما يطبع الأسرة المتفككة
من غياب للحب والحماية وإهمال احتياجات الطفل النفسية والعاطفية. كما يتدخل عامل آخر تقول الدكتورة
فاطمة، هو تأثير وسائل الإعلام والإدمان على مشاهدة أفلام العنف ومشاهد القتل والدمار والمعارك، مما يقود
الأطفال إلى تقليد ما يشاهدونه وما يسمعونه. وللتغلب على هذه المشكلة، يجب الوصول إلى أصل السلوك العدواني. فتشخيص سبب المرض هو الخطوة الأولى
في العلاج، كما يجب إخضاع الأهل إلى برامج تعليمية
بالموازاة مع البرامج المخصصة للأطفال العدوانيين، وتتلخص الأولى في تلقين الأبوين التصرفات السليمة
للتعامل مع بعضهما البعض، وطريقة الحوار الفعال، مع
ضرورة الحرص على سلوكيات الطفل الإيجابية وإشعاره
بأهميتها عن طريق مكافأته على العمل الجيد. أما فيما
يتعلق بالأطفال العدوانيين أنفسهم فيجب تقديم خدمات نفسية وتربوية لهم بمساعدة الوالدين والمؤسسات التربوية عن طريق اكتساب مهارات اللعب والمحادثة والتعامل مع الآخرين بالعطف واللين، كما ينبغي على الأهل والمدرسين تحويل طاقات الأطفال العدوانية إلى ميادين إيجابية ومفيدة كالرياضة وألعاب الذكاء، فضلا من تقوية ثقتهم بالنفس والاعتماد على الذات.
u],hkdm hg'tg Hpdhkh Ngdm gg]thu uk hgkts ,hgsd'vm ugn hgo,t gl]m ggpth/