أنت سعيد جداً فسرعة إتصال الإنترنت في بيتك تتجاوز 20 ميجا وتردد لنفسك “وداعاً أيها اليوتيوب البطئ”؛ تتوجه إلى يوتيوب تقوم بالبحث عن مقطع عالي الجودة ولكنك تفاجئ بأن سرعة تحميل المقطع بطيئة جداً؛ تستمر حالة اليوتيوب البطيء لعدة أيام، أنت تظن أنها مشكلة في المودم؟ في جهازك؟ كيبل بحري مثلاً؟
★ ملاحظة: إذا كنت تلم بتقنية الكاش يمكنك تجاوز هذا الجزء إلى الجزء الثاني “سعة الخط“.
كيف تسرع الشركات من توصيل المحتوى إلى المستخدم؟
قبل كل شيء دعوني أحدثكم قليلا عن تقنية الكاش (Caching) الخاصة بالإنترنت والتي تستخدمها العديد من المواقع الكبيرة والشركات من أجل تسريع توصيل المحتوى، وفكرته هو إبقاء نسخة جاهزة من المحتوى سواءاً كان فيديو، صورة وحتى النصوص على مزود قريب من المستخدم.
حين تقوم بمشاهدة فيديو على يوتيوب فأنت لاتتصل بالمزودات الموجودة في أمريكا مباشرة بل تتصل بأقرب مزود يحتوي على المقطع الذي تريده وهذا الشيء يساعد على تسريع عرض وتشغيل المقطع بالإضافة إلى تخفيف الضغط على المزودات الرئيسية الموجودة في الولايات المتحدة حيث توزع جوجل آلاف المزودات حول العالم من أجل جعل عرض مقاطع يوتيوب أسرع وأفضل.
حتى حين تقوم بقراءة هذه المقالة فإنك لاتقرأها من مزود شركة الإستضافة مباشرة، بل تقرأها من من أحد مزودات شبكة المحتوى (CDN) الموزعة حول العالم والتي تحتفظ بنسخة من الموقع يتم تحديثها كل فترة من أجل تسريع فتح الموقع.
سعة الخط
جوجل ليس شركة بنية تحتية كبيرة مثل Akamai او Level 3 ، لذلك فهي تقوم بوضع مزوداتها في مراكز البيانات الخاصة بهذه الشركات بالإتفاق معها، كما أنها تتفق مع شركات الإتصالات الأخرى لأجل أن تسمح لها بوضع بعض من مزوداتها في مراكز بياناتها أيضاً وذلك لتسريع وصول المستخدمين إلى خدمات جوجل المختلفة، جوجل لاتفصح عن الشركات التي تتعامل معها لكن من المؤكد أنها تمتلك الكثير من المزودات في الكثير من دول العالم بالإضافة إلى وجود مزودات محلية في العديد من الدول العربية مثل السعودية ومصر والإمارات. إذا ماهو سبب بطئ اليوتيوب إذا كانت كل هذه الشركات تتعاون فيما بينها البين من أجل تقديم أفضل تجربة للمستخدم؟
نحن نعرف أن خدمات الفيديو وعلى رأسها يوتيوب في إرتفاع مستمر وكمية البيانات المستخدمة من قبل هذه الخدمات تأخذ حيزاً كبير من سعة الإنترنت وبحسب الأرقام فإن نتفلكس ويوتيوب هما أكبر مستهلكين لسعة الخطوط في أمريكا الشمالية، وهذا الأمر في إزدياد نظراً لإنتشار الفيديو العالي الجودي والشعبية المتزايدة لمثل هذه الخدمات.
يوتيوب لوحده يستطيع أن يستهلك لوحده 15% من سعة الخط التي توفرها شركة الإتصالات وهو أمر قد يؤدي إلى إختناق الإتصالات في أوقات الذروة وبطئ عام في أداء الشبكة، وبإمكان الشركات معالجته عبر زيادة نقاط الإتصال وهنا “مربط الفرس”. الشبكات الكبرى مثل Level 3 و AT & T توقعان مع بعضهما عقود إتصال تسمح للبيانات بالإنتقال بين هذه الشبكات وفي الغالب تكون هذه الإتفاقيات مجانية لأنها تخدم الطرفين، وزيادة سعة الخط هي من ضمن الأمور المتفق عليها من أجل ضمان جودة الإتصال بين الشبكتين لكن المشكلة حين يقوم أحد الطرفين بتجاهل ترقية عتاد شبكته بشكل متعمد بسبب أن البيانات التي تأتي من الطرف الأول أكثر بكثير من البيانات التي ينقلها الطرف الثاني إلى الناحية المقابلة.
من هذا المنطلق ترى بعض الشركات أن هذا الشيء هو إستغلال أكبر لشبكتها ولاتريد أن تتحمل لوحدها تكلفة الترقية التي قد تبلغ 10$ ألاف دولار (مبلغ تافه بالنسبة لشركات الإتصالات) مما ينعكس سلباً على أداء العديد من الخدمات التي تعتمد على إبقاء جودة الإتصال مرتفعة.
المتضرر الأول من بطئ الخدمة هي خدمات مثل يوتيوب او نتفلكس اللتان لن تتمكنا من إيصال الفيديو للمستخدمين بسرعة وبالتالي يغضب المستخدم على الخدمة ويبدأ في إنتقادها كما أن عدد المشاهدات الضائعة على يوتيوب يعني مشاهدة أقل للإعلانات (المزيد من الخسائر)، ولذلك تتعمد بعض شركات الإنترنت تأخير زيادة سعة الخطوط بحجة التكاليف الزائدة التي سببتها جوجل والشركات التي تستهلك الكثير من سعة الخط والذي هو في الحقيقة محاولة إبتزاز، أي أن شركة الإتصالات تريد الحصول على المال من المستخدم العادي لإستخدام الإنترنت وتريد الحصول على المال من الشركات لأجل إيصال البيانات إلى المستخدم (مكسب من الناحيتين). أحد الأمثلة التي يوردها برودكن في مقالته هي مشكلة بين كل من كوجنت وفيرايزون في الولايات المتحدة، فبسبب رفض فيرايزون رفع سعة الإتصال بينها وبين كوجنت التي تستضيف مزودات نتفلكس عانى مشتركوا خدمة نتفلكس بشكل كبير، ولو راجعت Download28366 التي توفرها نتفلكس لمقدمي خدمات الإنترنت الذي يوفرون أفضل تجربة لوجدت أن فيرايزون ليست من الشركات التي تقدم تجربة جيدة.
المسألة ليست مجرد عناد فهذه الخطوة متعمدة من قبل فيرايزون التي تمتلك خدمة Redbox المنافسة لنتفلكس وإضافة سعة خط سيجعل الكثير من المستخدمين يتحولون إلى نتفلكس التي تقدم محتواً أفضل وهو مالا تريده الشركة.
هذا الأمر ليست محصوراً فقط في الولايات المتحدة فقد قامت بعض شركات الإتصالات في فرنسا وألمانيا بتصرفات مماثلة بغرض إبتزاز الشركات من أجل الحصول على المزيد من المال، لكن لأكون منصفاً فإن هذا التصرف قد لاتقوم به جميع شركات الإتصالات لكن ذلك لايعني أنه قد لايحصل من فترة لفترة خصوصاً من قبل الشركات الكبرى التي يؤثر بطئ خدمتها – المتعمد – على عدد كبير من المستخدمين
من المخطئ؟
البعض سيقف في صف شركات الإتصالات وسيقول أن جوجل (أو أي شركة أخرى) تستهلك سعة خطوطها وأستطيع أن أتفهم لو كانت تكلفة زيادة سعة الخط بين نقاط الإتصال عالية جداً. لتقريب الصورة دعونا نفترض أن قناة تلفيزيونية معينة تستأثر بنسة مشاهدة أكبر بسبب جودة الأعمال التي تقدمها هل يتوجب عليها دفع مبلغ أكبر للشركة المشغلة للقمر الصناعي؟ طبعا لا.
لايجب فرض أي رسوم إضافية على شركة معينة بسبب نجاحها ولكن شركات الإتصالات تظن أن لها الحق في ذلك ولو طبقته على جوجل فذلك لن يمنعها من تطبيقه مستقبلاً على أي شركة أخرى؟ فيسبوك؟ تويتر؟ وهلم جرا. في بعض الأحيان تقوم شركات الإتصالات بزيادة سعة الخط بعد الكثير من المهاترات ولكن في بعض الأحيان تقوم شركات الإنترنت بدفع مبالغ مالية لشركات الإتصالات من أجل السماح بنقل بعض البيانات وحل هذه المشكلة بسرعة. ألم تتسائل مرة عن سبب وصول تحديث نظام هاتفك إلى بعض الدول في حين تنتظر بعض الدول وصول التحديث؟ نعم أصبت، شركات الإتصالات ترفض نشره بحجة أنه سيشكل عبئاً على شبكتها ولعلها تساوم الشركة المنتجة للهاتف على مبلغ مقابل نشر التحديث.
لايوجد عالم مثالي
توجد العديد من الشركات التي تقوم بتعمد عدم ترقية قنوات الإتصالات أو الموافقة على وضع مزودات إضافية في مركز بياناتها لأسباب مادية، من ناحية أخرى توجد شركة أخرى مستعدة للتعاون مع أمثال جوجل ونتفلكس لأن تحسين جودة خدمة يعني أن الناس ستختارهم بدل الشركات الأخرى، المشكلة هي أنك لاتدري من يقوم بذلك وهي حرب لاناقة لنا فيها ولاشاه لكنها حرب دائرة ونحن من يدفع ثمنها في الكثير من الأحيان.
f'x hgd,jd,f ,lchlvm av;hj hgYjwhghj j'g
بطء اليوتيوب ومؤامرة شركات الإتصالات
العرض العادي
