السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان ذو النون المصري يقول :ثلاثة من أعلام موت القلب : الأنس مع الخلق ، والوحشة في الخلوة مع الله ، وافتقاد حلاوة الذكر للقسوة .
بداية " عودة القلب " أن نسعى في حياة قلوبنا بثلاث :
1- تعلم كيفية الأنس بالله .
2- الخلوة للمناجاة والتضرع .
3- كثرة الذكر لتليين القلب .
" كيفية الأنس بالله تعالى "
يقول الإمام ابن القيم : "إذ استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرح الناس بالدنيا فافرح أنت بالله، وإذا أنس الناس بأحبائهم فأنس أنت بالله، وإذا ذهب الناس إلى ملوكهم وكبرائهم يسألونهم الرزق ويتوددون إليهم فتودد أنت إلى الله .
والأنس بالله ثمرة للطاعة ، ونتيجة للمحبة ، فمن أطاع الله وامتثل أمره واجتنب نهيه وصدق في محبته ، وجد للأنس طعماً وللقرب لذة ، وللمناجاة سعادة .
أما من كان قلبه فارغاً من حب الله والأنس بالله ، فإنه سيشعر بالوحدة والغربة والعزلة حتى ولو كان حولك الناس جميعاً ، وهنا سيغلق القلب أبوابه وستفتح النفس أبوابها التـي تقوده إلى سبيل الشهوات والنزوات والهوى، فتضل السبيل وتسلك طريق الضياع، والحيرة ، والتخبط، والهلاك الذي يودي بك حتماً إلى الشقاء.
يقول ابن القيم : " في القلب شعت لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب خوف وقلق لا يذهب إلا بالفرار إلى الله ، وفي القلب حسرة لا يطفئها إلا الرضا بالله " .
وقال بعض السلف : إيَّاك أن تطمع في الانس بالله وأنت تحب الأنس بالناس.
وسئل بعضهم : متى يذوق العبد الأنس بالله ؟ فقال : إذا صفا الود وخلصت المعاملة . فقيل : فمتى يصفو الود ؟ . قال : إذا اجتمع الهم فصار في الطاعة . قلت : فمتى تخلص المعاملة ؟ . قال : إذا كان الهم هما واحدا .
وذكر ابن حجر الهيثمي : أن جميع تلك الكبائر يرجع فعلها إلى سوء الخلق، وتركها إلى حسن الخلق، وحسنه يرجع إلى اعتدال قوة العقل بكمال الحكمة ، وإلى اعتدال القوة الغضبية والشهوية، وإطاعة كل منها للعقل مع الشرع، ثم هذا الاعتدال إما أن يكون بجود إلهي وكمال فطري، وإما يكون باكتساب أَسبابه من المجاهدة والرياضة بأن يحمل نفسه على كل عمل يوجب حسن خلقها ويضاد سوء طويتها إذ هي لا تألف ربها ولا تأنس بذكره إلا إذا فطمت عن عادتها وحفظت عن شهواتها بالخلوة والعزلة أولا ليحفظ السمع والبصر عن المألوفات ، ثم بإدمان الذكر والدعاء في تلك الْخلوة إلى أَن يغلب عليه الانس باللَّه وبِذكره ، فحينئذ يتنعم به في نهايته، وإن شق عليه في بدايته ، وربما ظن من جاهد نفسه أدنى مجاهدة بترك فواحش المعاصي أَنَه قد هذبها وحسَن خُلقها ، وأنى له بذلك ولم توجد فيه صفات الكاملين ولا أخلاق المؤمنين
قال الله تعالى ( إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَانًا) إلَى أَنْ قَالَ : (أُولَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا )
معنى ذلك :
1- أول الطريق مجاهدة النفس وترويضها عن فعل المعاصي ، فليس المطلوب فقط ترك المعصية ، بل التحلي بصفات أهل الإيمان .
2- الابتعاد عن كل أسباب المعاصي بالخلوة وكثرة التواجد في المساجد والبعد عن أماكن الغفلة .
3- إدمان الذكر والدعاء .
4- الوصول للأنس بالله تعالى ( وتكوين الحال مع الله تعالى ) .
وهاهنا يبدأ القلب ينبض وتعود له الحياة .
اللهم نسألك الانـــس بقربك
الشيخ /هاني حلمي
hgHkJJJJs fhggi u.,[g hgHkJJJJJJJJJJJJJJs