اختر لونك:


القصص والروايات لوحة إبداعية من الفن القصصي والسرد الروائي

بعد إذن manshhooo باقى رواية حسناء القطار

باقى الرواية الرومانسية ( حسناء القطار ) ( 4 ) كانت المفاجأة أننى أعرف وجه من تقول سارة أنها أختها .. و لكننى لا اتذكر أين قابلتها .. فأنا

أضف رد جديد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 2009-01-06, 11:20 AM   #1
الصورة الرمزية محمد عاشور
شخصية هامة
تاريخ التسجيل: 2008-01-24
العمر: 39
المشاركات: 828
التقييم: 720
الصورة الرمزية محمد عاشور
شخصية هامة
تاريخ التسجيل: 2008-01-24
العمر: 39
المشاركات: 828
التقييم: 720
افتراضي بعد إذن manshhooo باقى رواية حسناء القطار

باقى الرواية الرومانسية ( حسناء القطار )
( 4 )


كانت المفاجأة أننى أعرف وجه من تقول سارة أنها أختها .. و لكننى لا اتذكر أين قابلتها .. فأنا طبيب و أقابل أشخاص لا حصر لهم .. و لكننى متأكد أننى قابلتها من قبل ...

***

تغيرت ملامحى من الصدفة و المفاجأة ... و لكنها سرعان ما تحولت إلى قلق حين سمعت أمى فى إعياء شديد :
- اه ... اه ... الحقنى يا حا ..... ثم سقطت مغشيا عليها ..

انتفضت من مقعدى و أسرعت إليها ... و صرخت فى سارة من القلق:
- عندك رقم تليفون المستشفى .. اطلبيه بسرعة
بينما بقيت أنا اتفحص أمى ... و أنا أعلم أنه نتيجة إصابتها بمرض السكرى ......

***

انتقلت أمى إلى المستشفى لكنها لم تمكث هناك ... و عادت للبيت و أصبحت حالتها أكثر استقرار ... و كم تعبت سارة طوال تلك الفترة .. فلم تترك أمى لحظة واحدة .. و خففت عنى متاعب كثيرة لم أكن لاحتملها بمفردى ...

***

تمر الايام و تزداد العلاقة بينى و بين سارة .. و يزداد حب والدتى لها ... حتى أنى كنت بجوار والدتى ذات يوم ... و دخلت سارة :
- قوم أنت يا دكتور نام عشان عندك مستشفى الصبح ..
نظرت إليها فى ابتسامة :
- أيه دكتور دى .. أنا حازم و بس
ابتسمت سارة :
- طيب قوم لأنك لازم ترتاح ..
أكملتّ :
- لا .. أنا هخلينى جمبها و نامى أنتى ... أنتى تعبتى أوى معانا .. و مش عارف أشكرك ازاى ...
سارة :- أنا .. تشكرنى .. أماّل أنا أعمل أيه معاكم .. ؟
وضعت أمى يدها على كتف سارة :
- قوم أنت يا حازم و سيب معايا سارة ...

بعدها تركتهما و لم أنم و بدأت افكر ... هل بدأ قلبى يخفق و يدق لأول مرة .. أم إنه إعجاب بجمالها و سينتهى بعودتها لأهلها ..؟

***
أحسست بنظرات سارة تلاحقنى .. يبدو أنها أصيبت بما أصابنى من نار الحب .. حتى أمى قد لاحظت ذلك .. و شعرت بفرحتها فقد نالت سارة ثقتها ..
أما أنا .. فأصبحت سارة مسيطرة على تفكيرى و أصبحت صورتها لا تفارق خيالى .. و تأكدت أننى بدأت أحبها و أشعر أنها تحبنى ...

***

تتوالى الأيام , يوم تلو الآخر .. حتى جاء يوما ممطرا فعدت إلى البيت متأخرا كعادتى من عملى ... و ملابسى مبتله من المطر ... فوجدت سارة فى انتظارى ..
فقلت لها مندهشا :
- انتى لسة صاحية فى البرد ده يا سارة ؟
ردت بابتسامتها الجميلة :
- أنا قلت استنى عشان أحضر لك العشا ... أو تحتاج أى حاجة ..
ابتسمت لها :
- بعد كدة بلاش تتعبى نفسك .. و سيبى العشا فى المطبخ .. و نامى أنتى ..
ردت سارة فى غضب مستتر:
- اطمن أنا مش تعبانة .. قوم أنت غيّر هدومك على اما أحضّر العشا ...

قامت سارة و احضرت العشاء و جلسنا لتناوله .. بعدها سألتنى :
- أنت بتحب الموسيقى ؟
فضحكت :- طبعا .. هو فيه حد ميحبش الموسيقى ؟!
أكملت سارة :
- طيب أنا هسمعك موسيقى أنا بحبها جدا .. و أنت كمان أكيد هتحبها ..
ثم قامت سارة بتشغيل موسيقى رومانسية هادئة لم أسمعها من قبل
فنظرت إلى سارة :
- جميلة أوى الموسيقى دى ..
سارة :- دى مقطوعة ( السراب والحب ) .. أنا بحبها و بسمعها كتير أوى ..

***

بدأنا فى تناول العشاء فى جو لم أعشه من قبل .. حتى فوجئت بسارة تسألنى دون مقدمات :
- أنت حبيت قبل كدة ؟
ابتسمت من جرأة السؤال : - أنا .... لا
سارة : - ليه ؟
أكملت : - يعنى مكنتش لاقى اللى تخلينى أحبها ..
سارة : - طيب هو أنت حاطط لحبيبتك مواصفات خاصة ؟
أكملت :- يعنى زى أى بنت الشاب بيتمناها ... جميلة .... رقيقة ..... محترمة ....
و نظرت إلى عيناها و تلاقت عينانا فى هذا الجو الرومانسى
سارة : كمّل ..
ضحكت : - يعنى ..شعرها أسود حلو كدة ..

خجلت سارة .. و أحمرّ وجهها .. و أدركت أننى اتحدث عنها
و همت للوقوف :
- أنا هقوم أعمل لك الشاى عشان تدفى نفسك ..

***

جرت إلى المطبخ .. بينما جلست أنا أفكر فيها ... نعم أننى أحبها ... حتى سارة تركت الشاى و ظلت تراقبنى من المطبخ .. و أنا اتأملها ..

حتى أحضرت الشاى و جاءت .. و ظهر عليها اضطرابها .. حتى تعثرت فجأة و سقطت ... و معها الأكواب الزجاجية التى كسرت و أصابت يدها اليسرى .... و سالت منها الدماء بغزارة .. فأسرعت إليها أقوم بتطهير جرحها و أضمده .. و هى لا تنظر إلى يدها بل تنظر إلىّ .. و الموسيقى الرومانسية فى ذروتها ... و أنا منهمك فى جرحها ... حتى انتهيت , ففوجئت بأنها تقبلنى .......










( 5 )

كانت قبلة سارة مفاجأة لى .. حتى أننى لم أحرك ساكنا بعدها .. و ظللت هائما ..
سارة و هى تنظر إلى الأرض :
- أنا آسفة ثم صمتت .. و جرت إلى حجرتها مسرعة

أما أنا فمازلت هائما .. استمع إلى موسيقى ( السراب والحب ) الرومانسية ..لا أشعر ببرودة الجو .. و أنظر إلى المطر الغزير خارج الشرفة :
- أيوة .. بتحبنى ... أيوة .. بحبها ...

بعدها حاولت أن اقرأ بعض الكتب.. لكننى لم استطع قراءة أى شئ ... و ظل ذهنى شاردا ..

***

كانت سارة هى الأخرى لم تنم .. تفكر لما فعلت ذلك , حتى سألتها ( أم حازم) التى كانت نائمة بجوارها :
- أنتى لسة منمتيش يا سارة ؟
سارة :- مش جايلى نوم يا ماما ..
الأم : - هو حازم جه و لا لسة ؟
سارة :- أيوة جه ... و أنا حضّرت له العشا ..
الأم :- طيب يا بنتى ربنا يخليكى ..... ثم أكملت نومها

***

أما سارة فلم تنم .. و أمسكت بصورة حازم الموجودة بالغرفة .. و ظلت تتأملها .. بعدها قامت تتحرك فى بطء و تمشى على أطراف أصابعها حتى لا يشعر بها أحد ... و فتحت باب الغرفة قليلا فى هدوء ... تريد أن ترى حازم و رد فعله .. فوجدت حازم مستلقى على الأريكة .. و يستمع إلى الموسيقى حتى أصدر الباب صوتا .. فشعر بها حازم و هى ترقبه .. و فجأة نظر إليها ... فأغلقت الباب فى سرعة و أسرعت إلى السرير ... فضحك حازم و اتجه هو الآخر ليخلد للنوم ....

***

فى صباح اليوم التالى ...
استيقظت فوجدت سارة تجلس بالشرفة ... حيث كانت الشمس ساطعة بعد برودة الليلة السابقة .... لكنها ما زالت خجولة بما حدث فى الليلة الماضية .. فحاولت أن أحدّثها فى مشكلتها الأساسية التى قد نسيناها :
- سارة .. أنتى بتفكرى ترجعى لأهلك ؟
سارة :- خلاص زهقتوا منى ؟!
ابتسمت :- لأ طبعا .. بس أكيد هما قلقانين عليكى...
سارة :- أنا مش عاوزة أرجع لهم .. و أنا هسيب البيت هنا كمان .. و أروح أى مكان يكتبه لىّ ربنا طالما زهقتوا ...
قلت :- أنتى زعلتى و لا أيه .. ؟ أنتى خلاص بقيتى مننا ... و منقدرش نستغنى عنك ..
ابتسمت سارة كعادتها :- معناه أيه الكلام ده ؟
قلت فى دعابة :
- أظن كلامى واضح ..
سارة فى دعابة : - اعذرنى .. أنا فهمى على قدى ..
وهمت لتقوم فامسكت بيدها لتجلس :
- سارة .... أنا ..... أنا .... أنا بحبك ..

قلتها دون مقدمات .. قلتها فى ثقة .. و بعدما أحسست بخجولها , و حمرة وجهها ...
أكملت :- كان فيه شنطة معايا امبارح ...
سارة :- شنطة أيه .. سيبك من الشنطة ... فابتسمت
سارة :- أنتى بتحبنى فعلا .. ؟
أخذت نفسا عميقا :- أيوة بحبك ... عاوزانى أسمع الناس كلها
ضحكت سارة
أكملت :- هه قلتى أيه ؟

هنا جاءت أمى .. و جلست معنا و قطعت حديثنا ..
نظرت إلى أمى :
- ماما .. أنا شامم ريحة شياط فى المطبخ ..
أمى :- لأ .. اطمن .. المطبخ تمام .. أنا لسة جاية منه ..تلاقيها تهيئات ..
***

بعدما أدركت أن أمى لن تتحرك.. نظرت إلى سارة :
- فين الشنطة اللى كانت معايا و أنا راجع امبارح ؟
سارة :- اه ..اللى هناك دى ؟

قمت و أحضرتها .. إنه فستان قمت بشرائه لـ سارة كى تحضر معى حفل زواج أحد أصدقائى المقربين ..

سارة فى سعادة بالغة :- الله ده ليا .. ؟
:- أيوة طبعا .. بس يارب يكون المقاس مظبوط
سارة :- و بمناسبة أيه ..؟
أكملت :- أنتى هتيجى معايا فرح دكتور كريم صاحبى النهاردة ...
أمى :- عقبالك يا سارة ..
نظرت إلى سارة :- هه .. هتيجى معايا ..؟

ابتسمت كعادتها و هزت رأسها بالموافقة

***

دقت الساعة تشير إلى التاسعة مساء"
و أنا أنظر إلى الساعة :
- أنتى جهزتى يا سارة ..
صوت سارة من داخل الغرفة :
- ثوانى
أنظر إلى الساعة مرة أخرى :
- يلا يا سارة

هنا خرجت سارة من الحجرة فى فستانها الجديد الفضى اللون ... وعقد جميل ترتديه حول رقبتها
سارة :- أنا جاهزة ..
مسحت عينى بيدى .. و لم أنطق بكلمة من كثرة جمالها و أناقتها
سارة مرة أخرى :- أنا جاهزة ..
:- اه ... و مازلت مهيما :- ملاك ... هذا ما نطقت به
سارة :- بتقول حاجة ..؟
نظرت إلى سارة :
- أنا بقول بلاش الفرح .. و نحتفل هنا أحسن..
سارة :- لا.. بعدين صحبك يزعل منك .. يلا بقى

***

ذهبنا إلى حفل الزفاف ... و هناك شعرت بأن سارة جذبت انتباه الحضور جميعهم ... فكم كانت جميلة فى ذلك الفستان.. حتى أننى بدأت أشعر بالغيرة من نظرات ممن كانوا بالفرح ...

أما سارة فلا تنظر إلا إلىّ .. ثم تنظر إلى العروسين .. و كأنها تتمنى أن نكون مكانهما و هما يرقصان على ألحان الموسيقى الهادئة .. حتى استأذنت منى .. و وجدتها تتجه إلى عازف الموسيقى و تهمس له فى أذنه .. ثم عادت مجددا ..

بعدها وجدت ذلك العازف يتحدث :
- عاوزين كل اتنين من أصحاب العروسين يشاركوهم .. ويرقصوا على ألحان الموسيقى الجاية ..
نظرت لـ سارة :
- أنا مليش فى الرقص الهادى ده خالص .. و لا عمرى عرفت أرقص ... فضحكت سارة ..

ثم فوجئت بأنه يعزف موسيقى السراب و الحب الرومانسية
نظرت إلىّ سارة : - هه مش هتقوم ؟
:- قلت لك .. أنا مليش فى الرقص خالص ..
سارة :- قوم هو حد هنا يعنى بيعرف يرقص ..؟
:- يا سارة الناس هتضحك علينا ... أنا مرة رقصت قبل كدة .. اتقلبت فقرة كوميدية
سارة :- أنا هعلمك .. و مجانا يا سيدى
هززت رأسى بالرفض :- آسف ياسارة ..
سارة فى حزن :- خلاص زى ما تحب ... ثم صمتت

وجدتها أحرجت و ظهر الحزن على وجهها
فأكملت :- بس شوية صغيرين .. و هنقعد لو حسيت أن حد بيضحك علينا
ضحكت سارة ... و أمسكت بيدى .. وقمت كى أفعل شيئا لا أجيده على الإطلاق .........



















( 6 )

أصرت سارة أن نرقص سويا مع من يرقصون على ألحان تلك الموسيقى ... و بعدما وافقت أمسكت بيدى .. و هممنا لنرقص سويا ..
وضعت أيدى على خصرها .. و وضعت سارة يدها على كتفى .. و بدأنا لنرقص ... حتى حدث ما توقعته ... تعثرت و كادت سارة أن تسقط معى .. حتى ضحك من شاهدونا بسخرية ..

:- أنا قلت لكى إنى مبعرفش أرقص .. يلا بينا نقعد ..
سارة :- اسمعنى .. هنحاول مرة تانية ..
نظرت إلى من يضحكون علينا :
- كدة الناس هتضحك علينا أكتر و أكتر
سارة :- سيبك منهم دلوقتى ... كل اللى أنا عاوزاه منك .. أنك تركز مع الموسيقى .. و تبص فى عينيا .. و بس
:- بس دى آخر مرة يا سارة ..
سارة :- طيب بس أعمل زى ما قلت

وضعت يدى على خصرها مرة أخرى .. و وضعت يديها على كتفى .. و أنصتّ الى الموسيقى ..و نظرت إلى عينيها كما طلبت منى ... و كنت متأكد من الفشل مرة ثانية ..

***

لا أعلم ماذا حدث لى حين التقت عينانا .. لم أشعر بنفسى وقتها .. و لم أفكر إلا فى تلك العينين الساحرتين .. و بدأت أرقص و كأننى محترف .. حتى جذبنا انتباه كل الحاضرين ...

حتى من كانوا يرقصون غيرنا جلسوا ليشاهدونا ... و أصبحت أنا و سارة فقط من نرقص .. و كأنه فرحنا ... و الكل منبهر بنا و نحن مندمجان مع الموسيقى و كأنها لحنت لنا ... و أنا مهيم لا أشعر بشئ من حولى ... حتى سارة هى الأخرى بدت و كأنها هائمة ... و وضعت رأسها على كتفى .. و بعدها تعود لتلتقى عينانا مرة أخرى ... حتى اندهشت العروس , و سألت عريسها :

- هو ده صاحبك الخام ..؟
العريس :- خام أيه بقى .. ده طلع استاذ ..

حتى انتهت الموسيقى و جلسنا مرة أخرى .. و الجميع ينظر إلينا و أنا غير مصدق لما حدث حتى أصابنى الضحك حين جاءنى شخص لم أعرفه ليحدثنى :
- يا دكتور حازم .. دى دعوة ليك على فرحى الشهر الجاى ..

***

عدنا إلى البيت .. و كنا فى قمة الإرهاق .. و كل منا دخل حجرته كى يخلد للنوم .. أما أنا فمازلت فى ذلك الحلم .. و اسأل نفسى :
- أخيرا لقيت البنت اللى قدرت تنسينى همومى .. و تخلينى أسعد انسان ..
و أكمل :- يااااه .. سارة بتحبنى الحب ده كله ..؟

و سارة فى حجرتها .. لم تنم هى الأخرى .. و تنظر إلى صورة حازم
:- يااااه .. الله على الحب .. كنت فين من زمان يا حازم ..؟

و أنا مازلت فى حجرتى اتحدث مع نفسى :
- خلاص مفيش أى حجة ... أنا بكرة هطلب من سارة إنى اتجوزها ...

و هنا قررت أن اتزوج من سارة .. وأن اجعلها تكمل حياتها معى ... حتى أننى أعلم أنها أحبت قبل ذلك .. و لكننا فى الحاضر .. و أنا متأكد أننى أحبها .. و أنها تحبنى ..

***

فى صباح اليوم التالى ....
صحوت فوجدت أمى فى المطبخ ...

:- هى فين سارة يا ماما ؟
أمى :- طب قول صباح الخير الأول ..
:- طيب صباح الخير .. قوليلى بقى سارة راحت فين ؟
أمى :- سارة صحت من بدرى .. و نزلت تشترى شوية طلبات .. و جهزت لك الفطار على السفرة ..
:- طيب يا أمى .. أنا هفطر لحد ما تيجى .. لأنى محضّر لكم مفاجأة ..
تركت أمى ما بيدها :- مفاجأة أيه ..؟
ضحكت :- اما تيجى سارة .. بس اطمنى .. مفاجأة هتبسطك أوى..

***

بعدها جلست اتناول إفطارى .. و كل دقيقة تقع عينى على ساعة الحائط .. أريد أن تأتى سارة كى أخبرها هى و أمى بما قررته .. و أن أطلب منها الزواج ..

كنت اتناول إفطارى .. فوجدت بجوارى ألبوم الصور الخاص بـ سارة .. فبدأت فى تصفحه حتى تعود سارة .. و اقلب صفحاته واحدة تلو الأخرى .. و أنا سعيد بمشاهدة صورها .. حتى وصلت إلى تلك الصورة التى رأيتها من قبل و انشغلت بعدها بمرض أمى .. إنها صورة سارة و أختها ..

***

بدأ تفكيرى يعود من جديد .. و اسأل نفسى :
- أنا شفت اللى فى الصورة دى قبل كدة فين ؟
:- أنا متأكد إنى شفتها .. و كلمتها كمان ..
بدأت اركز أكثر .. فأكثر.. و أفكر أين قابلتها .. و أقول لنفسى :
- افتكر يا حازم ..

حتى بدأت اتذكر شيئا فشيئا .. و بدأت ملامحها تتضح أكثر .. فأكثر .. فأكثر .. نعم إنها المريضة ذات اللهجة الغريبة .. حين أتت إلى المستشفى .. و كنت أنا الطبيب الوحيد هناك يومها و تذكرت الحديث ..

المريضة :- أنا فجأة كدة بحس بدوخة يا دكتور ..
:- إنتى بتاكلى كويس
المريضة :- اه .. و التحاليل دى عملتها من شهر ..

بعدها زادت دقات قلبى .. و توقف الطعام فى حلقى حين تذكرت باقى الحوار ..
سألتها وقتها :- إنتى بتشتغلى أيه ..؟
ردت فى ثقة عجبت لها :- أنا بشتغل رقاصة ...






( 7 )


راقصة .....
وقتها لم أجد نفسى إلا مسرعا إلى المستشفى .. أبحث سجلات المرضى حتى أصيب العاملون هناك بالدهشة ...
موظف التسجيل :- أنت بتدّور على أيه يا دكتور ..؟
أجبته :- أنا عاوز تذكرة مريضة .. كانت هنا يوم رأس السنة اللى فاتت ..
الموظف :- طيب ثوانى هجيب لك تذاكر اليوم ده ..
:- هات لى بس التذاكر اللى عليها امضتى ..

أتى الموظف بكم هائل من التذاكر .. و بدأت أتفحصها واحدة تلو الأخرى .... و بعد بحث طويل .. أمسكت بإحدى التذاكر :
- أيوة هى دى .. أنا فاكر تشخيصى كويس .... الاسم .. وفاء على ... أيوة .. وفاء ..

ثم أخذت العنوان المكتوب فى تلك التذكرة بعدما تأكدت أنها المقصودة ... و بقى أن أفكر فيما أفعل بعد ذلك ...

***

بعدها ذهبت إلى صديقى ماجد الذى يعلم كل شئ عما يحدث .. و لا أخفى عنه شئ ... و بعد تفكير طويل ..
ماجد :- احنا أحسن حاجة نروح العنوان .. و نعرف كل حاجة بنفسنا ..
قلت فى حيرة :- أنت شايف كدة ..؟
ماجد :- أيوة .. و أنا عندى خطة كويسة ندخل بيها البيت من بابه كمان ..
قمت على الفور :- طيب .. يلا بينا

***

فى الوقت ذاته .. عادت سارة إلى البيت مرة أخرى ..
أم حازم :- أنتى اتأخرتى ليه يا سارة ..؟
سارة :- هاعمل أيه ياماما .. على إما اشتريت كل الطلبات ..
أم حازم :- أصل حازم كان عاوزك .. و بيقول إنه عامل لنا مفاجأة ..
سارة فى لهفة :
- مفاجأة ... مفاجأة أيه ..؟
أم حازم :- مرضاش يقولى إلا ما تيجى أنتى .. و لما اتأخرتى نزل ..

ضحكت سارة .. و كأنها تعلم بتلك المفاجأة .. ثم جلست و ظلت شاردة الذهن .. و تنتظر حازم بفارغ الصبر ..

***

ذهبت أنا و ماجد إلى العنوان المقصود .. حتى اقتربنا من المنطقة التى تسكن بها .. و بدأنا نسأل من يقابلنا فى طريقنا .. و اندهشنا من ردود الناس .. فهناك من كان يدلّنا .. و هناك من يقولها صريحة :
- أعوذ بالله ..
حتى وصلنا البيت .. طرقنا الباب .. و فتحت إحدى الفتيات
ماجد :- بيت الست وفاء ..؟
الفتاة :- أيوة .. أنتو مين ..؟
ماجد :- إحنا عاوزين الست وفاء فى حفلة ..؟
صوت نسائى من الداخل :
- مين يا بطة ..؟
الفتاة فى رعونة :- دول زباين يا أبلة ... ثم نظرت إلينا :
- اتفضلوا ادخلوا ..

***

دخلنا البيت .. ثم وجدت من كانت بالصورة .. و حمدت الله أنها لم تتذكرنى ... جلست و بدأت عيناى تتفقد البيت .. و أنا مندهش .. فأننى كنت أظن أن تلك الطبقة قد انتهت .. و لكننى فوجئت بوجودها ..

وفاء :- الحفلة دى فين بقى يا بيه ..؟
ماجد :- هى لسة ميعادها بعيد شوية .. بس إحنا قلنا لازم نرتب لها من دلوقتى و نتفق معاكى ..
وفاء :- بس الإتفاق مع جوزى .. هو المسئول هنا عن كل حاجة ..
ماجد :- و هو فين جوزك ..؟
وفاء و هى تنظر إلى الساعة :
- زمانه جاى .. مسافة ما تشربو الساقع ..

***

كانت تلك فرصة ذهبية حتى أفتح مجالا للحوار اكتشف به ما يدور فى ذهنى ..
سألتها :- أنتى شغالة فى الفرقة دى من امتى ..؟
وفاء :- دى وراثة فى العيلة .. أنا أوعى ألاقى وسطى بيلعب ..
أكملت :- و أنتى لازم تعملى كل حاجة بموافقة جوزك ؟
فى ثقة :- طبعا .. أماّل أيه .. ده أنا لو عملت حاجة من غير موافقته كان يكسّر عضمى ..
ماجد :- طيب هو هيتأخر ؟
وفاء :- لأ ... زمانه جاى ..أصله كان مطلوب فى خناقة .. و زمانه فى السكة ..
قلت فى سرى :-
خناقة .. و رقاصة .. والله كويس .. بيئة واطية ... واطية ..

هنا بدأت أتأكد أنها لا تمس سارة بأى قرابة .. و أنها كانت مجرد شكوك .. و بدأت ملامحى ترتاح .. و تركت ماجد يكمل معها الحوار .. و أنا مازلت اتفقد بعينى جوانب الشقة حتى وجدت بجوارى إحدى الروايات ...
فنظرت إليها فى دهشة :
- ممكن سؤال ..؟
ردت :- اتفضل ..
:- هو أنتى بتقرى روايات ..؟
وفاء وهى تمتص شفتيها :
- ده أنا بفك الخط بالعافيه يا بيه .. تقولى روايات
أمسكت بالرواية فى يدى :
- أمال دى أيه ..؟
وفاء :- آه .. الكتاب ده كانت أختى الله يرحمها بتفضل تقرا فيه كل يوم ... لحد ما طفشت و سابتنا ..

عادت شكوكى مرة أخرى :
- أنتى ليكى أخوات ..؟
هزت رأسها :- آه .. بس سابتنا و طفشت ..
سألتها فى سرعة :- طفشت ليه ..
وفاء فى غضب :
- هو تحقيق يا بيه و لا أيه ... مكنتش العيشة عجباها مع أنها كانت قمر .. و لو اشتغلت معانا كانت أكلّتنا دهب .. ثم أخرجت صورة من معها ..
:- شايف يا بيه كانت حلوة ازاى ؟!!

هنا صدمت مرة أخرى .. إنها صورة قديمة لـ سارة .. و أصابنى الصمت ..
ماجد :- أنتى لكى أخوات تانيين ..؟
وفاء :- هى دى بس ... بس بقالها شهرين سايبة البيت .. فقلنا إنها ماتت ..
ماجد :- آه
وفاء :- أما دى بقى .. صورة جوزى ..

كان رجلا ضخم .. لا يبدو عليه أى ملمح من ملامح الرومانسية .. و بعدها أكملت حوارها مع ماجد .. بينما وضعت الرواية فى جيبى دون أن ترانى ..

***

بعدها عدت إلى المستشفى مرة أخرى بين قمة الغضب و ضحكات ماجد الساخرة .. و أنا اتذكر سارة حين كانت تخبرنى فى القطار .. أن حبيبها تزوج من أختها .. و فضلت الهروب حتى تحافظ على حياة أختها ..
أى حبيب .. هل ذلك المتشرد .. أم أختها التى تكبرها السن..

بعدها تذكرت تلك الرواية فى جيبى .. التى أخبرتنى أختها أنها كانت تحبها كثيرا ...
أخرجت الرواية .. وبدأت اتصفحها فى خيبة أمل .. و أقلب صفحاتها دون تركيز .. حتى وقعت عينى على جملة بأحدى صفحات الرواية
:- ......... معقول !!!!!!

( 8 )

بدأت أقلّب صفحات الرواية فى يأس .. صفحة تلو الأخرى .. حتى استوقفتنى جملة :-
بطلة الرواية :- كيف تتزوج من أختى رغم حبى لك ؟
قلت لنفسى :- معقول ..

بعدها عدت إلى بداية الرواية .. التى كان مسماها "عودة من الماضى " و بدأت اقرأها على مهل .. يا لها من مفاجأة .. إنها القصة التى أخبرتنى بها سارة فى القطار ..

يا لها من بارعة .. استطاعت أن تخدعنى .. و تستغل طيبتى بل سذاجتى .. حينها لم أجد نفسى إلا مسرعا إلى البيت ..

***

عدت الى البيت فوجدت سارة فى انتظارى كالعادة .. وعندما رأتنى أغلقت التلفاز ..

سارة :- أنت أيه اللى أخرك كدة ..؟
نظرت إليها و أنا أحاول أن اتمالك غضبى :
- عادى ... ثم سألتها :- أمى نامت ؟
سارة :- اه .. و قالت لى إنك قلت لها أن عندك مفاجأة لينا ..
هززت رأسى فى إحباط :
- اه .. مفاجأة .. فعلا مفاجأة ..
سارة :- طيب ثوانى .. هحضّر ليك العشا .. و بعدين تقولى عليها ..

ثم التفتت متجهة إلى المطبخ ..
فى غضب شديد :- سارة .. أنتى ليه عملتى كدة ؟
سارة :- أنا ... عملت أيه ؟!!
نظرت إليها :- أنتى مين يا سارة ؟
سارة فى دهشة :
- أيه السؤال الغريب ده .. أنت بتهزر .. و لا بتتكلم جد ؟
نظرت إليها فى حدة :
- أنتى مين يا سارة ..؟
سارة بعدما أدركت أننى اتحدث بجدية :
- أنا قلت لك قبل كدة أنا مين ..
أكملت :- عاوز أعرف كتير عنك ..
سارة :- أنا قلت لك كل حاجة تقريبا ..
صمتت قليلا ثم نظرت إليها:
- ممم ... بس نسيتى تقوليلى على أهم حاجتين ..

ثم أخرجت الرواية و الكارت الخاص بأختها .. و وضعتهما أمامها
:- دول ..

***

كادت سارة أن تسقط من المفاجأة .. و نظرت إلىّ و لم تنطق بكلمة ..
صفقت بيدى فى سخرية :- فعلا .. ممثلة بارعة .. و أنا العبيط اللى صدقك ..
بدأت دموعها تتساقط :- بس أنا و الله كنت هقولك ..
:- تقوليلى .. اه فعلا تقوليلى .. و عاوزة تقولى أيه كمان ..
سارة فى بكاء :- أنا فعلا حبيتك و كنت هقولك ..
فى حدة شديدة :- حبتينى .. اه .. و عاوزانى أصدقك بعد كدة ..
سارة :- أنا و الله بحبك .. و عمرى ما حبيت غيرك ..

صمتّ كثيرا ثم التفتّ بظهرى :
- أظن أنتى عارفة المفروض أيه اللى يحصل ..
ثم أكملت :- من بكرة الصبح تكونى سيبتى البيت ..

***

بعدها جرت سارة فى بكاء شديد إلى حجرتها .. و أنا لم استطع البقاء بالبيت .. فخرجت رغم تأخر الوقت ..لا أعلم أين اذهب .. و لكننى أمشى .. و تفكيرى لا يتوقف .. و اتحدث إلى نفسى و كأننى انقسمت إلى شخصين :

- حتى البنت الوحيدة اللى حبتها .. طلعت كدابة ..
وأعود فى صراع مع نفسى :
- بس أنت حبتها فعلا ..
:- بس دى كدابة ....و أهلها ..
أعود مرة أخرى :
- طيب ما كلنا بنكدب .. و بعدين بص للجانب الإيجابى طلعت مبتحبش حد قبل كدة .. و أنا متأكد أنها صادقة فى حبى ..
اسأل نفسى مجددا :- طيب و أهلها ؟
:- ما أنت كنت هتتجوزها من غير ما تعرف عنها حاجة .. بعدين هى مكنتش راضية عن عيشة أهلها ..
:- طيب فيها أيه لو أديتها فرصة .. و أنا متأكد أن معدنها كويس ..

بقيت فى هذا الصراع مع نفسى .. حتى سمعت آذان الفجر فدخلت أصلى .. و بعدما أصابنى الهدوء بعض الشئ .. قررت أن أعود و اعتذر لسارة .. و يكفى أنها تحبنى .. و أن نبدأ من جديد .. و لا يهمنى ذلك الماضى .. و إن كذبت فما بيننا من حب يستطيع أن يجعلنى أسامحها ..
- " سارة .. أنا اسف " ظللت أكررها فى طريق عودتى للبيت ..

***

عدت إلى البيت مع طلوع الشمس ففوجئت بأمى فى قلق :
- حازم .. سارة مش فى البيت .. و كل حاجتها مش موجودة ..

أدركت أن سارة قد غادرت البيت حين كنت بالخارج .. فنظرت إلى أمى .. و لم أقل الحقيقة :
- سارة رجعت لأهلها ..
أمى :- هى دى المفاجأة ؟!
فى حزن :- اه .. بالظبط ..
أمى :- بس كدة تمشى من غير ما تسلّم عليا ..
:- أنتى كنتى نايمة .. فسابت لكى السلام معايا
أمى :- ربنا يكرمها .. و يوفقها فى حياتها

***

بعدها دخلت حجرتى .. و لا أعلم هل أشعر بالحزن أم بالندم .. و جلست على مكتبى .. و كادت رأسى أن تنفجر من كثرة ما يدور بها .. و اتذكر..
و هى تبكى و تقول :- أنا فعلا بحبك ..
وفجأة اتذكر أختها وهى تقول :- دى لو اشتغلت معانا كانت أكلّتنا دهب ..
اتذكر سارة حين قبلتنى و أنا اضمد جراحها .. اتذكر تلك الرواية .. اتذكر نفسى فى القطار :
- طيب ما تيجى معايا لحد ما نلاقى الحل ..

حتى وضعت رأسى بين يدى .. و أغمضت عينى .. و اتذكر حين رقصنا سويا على ألحان الموسيقى ... بعدها تحدثت بصوت عالى و كأنه أصابنى الجنون :
- أيه اللى أنت عملته ده .. فيها أيه ما كلنا بنغلط ..

وفى حالة الغضب التى سيطرت علىّ .. قامت يدى بإطاحة الكتب الموجودة على مكتبى من شدة الغضب ..

بعدها استلقيت بظهرى على الأرض .. و أحدق بسقف الحجرة .. شارد الذهن .. بعدها نظرت جانبى .. فلمحت عينى ورقة بين كتبى الملقاة على الارض .. مكتوب على ظهرها :
- إلى حازم ....












( 9 )

استقلت سارة القطار المتجه إلى الأسكندرية ... و لا تعلم إلى أين هى ذاهبة ... إنما أرادت أن تترك القاهرة .. و لا تخاف مما يخبئ لها القدر ..

ظلت سارة فى القطار تلتفت حولها .. تمنى نفسها أن يعود إليها حازم مرة أخرى .. و يصيبها اللهفة كلما وجدت أحدا يشبهه .. حتى تحرك القطار ..
و فى الطريق تتذكر تلك الذكريات الجميلة .. حين أصيبت يدها و حازم يضمد لها جراحها .. و حين أخبرها أنه يحبها .. و حين التقت عيناهما أثناء رقصهما سويا ..

***

أما أنا فمازلت فى البيت .. و قد لمحت عينى ورقة مكتوب على ظهرها :- إلى حازم ... فأمسكت الورقة بيدى .. و بدأت اتطلع فيها :
- أيه ده !! .. ده جواب من سارة ..

فوجئت بأن تلك الورقة قد كتبتها إلىّ سارة قبل أن تغادر .. و على الفور قمت و جلست لأقرأ ذلك الخطاب .. و كان المدهش أنها كتبته بلباقة عالية ..
بدأت اقرأ الخطاب و قد كتبت تقول :

- إلى من أحبه قلبى و عشقته كل جوارحى .. إنه لا يعلم مدى حبى لك إلا الله ..
فى البداية اتأسف لأننى خدعتك , و كذبت عليك .. و لكنى وجدت تلك الفرصة الوحيدة كى أنجو بحياتى من حياة تعيسة لم أحبها طوال عمرى .. و أظنك تلتمس لى العذر عندما عرفت من أنا و كيف كانت حياتى من قبل ...

لقد نسيت أن أخبرك بشئ .. فأننى أعلم أنك طالما سألت نفسك كيف وافقت على المجئ معك إلى بيتك دون أن أعرفك .. و لكننى أعرفك منذ زمن ... نعم أعرفك .. فقد كنت مع أختى بالمستشفى حين كانت مريضة .. و كنت أشاهدك من بعيد .. و استمع إلى الجميع و هم يشكرونك .. و كم أعجبت بك وقتها .. و لكننى عدت و سألت نفسى أين أنا و أين أنت ... و حين وجدتك فى القطار , و أنت تحاول اللحاق به .. تذكرتك و تمنيت أن أحدثك .. و لكننى خدعتك لحبى لك .. و أنا آسفة مرة أخرى ..

اذهب و تعلق بمن هى فى مستواك العلمى و الإجتماعى .. و أنا التمس لك العذر .. و لكن ما أريدك أن تعلمه أننى لست كأهلى .. و هذا ما دفعنى للهروب .. لكن يبدو أنه قدرى و لا مفر منه .. و هو أننى سأظل هاربة طوال عمرى ..

ليتنى لم أقابلك .. فقد زاد الأمر سوء" .. ففى البداية كنت هاربة من أهلى .. لكنى أصبحت هاربة من حب أضاء حياتى و لو لمدة قصيرة .. سأظل هاربة لكننى لن أخدع أحدا بعد اليوم .. و أتمنى أن يرحمنى القدر .. أما أنت فانسانى كما سأفعل و أنساك .. و لكنى كيف أنسى تلك الأيام .. و هى أجمل ما فى حياتى ..

هنا دخلت أمى :
:- يا حازم .. الفطار جاهز ..
أجبت فى صوت يشوبه الحزن :
- حاضر يا أمى .. ثوانى ..
أمى :
- أيه الورقة دى .. و أيه اللى وقع كتبك كدة ؟
نظرت إليها :
- دى ورقة تبع شغلى .. و كتبى هنظمها حالا ..

قرأت الخطاب أكثر من مرة .. و اسأل نفسى :
- هى كانت بتحبنى كدة فعلا .. و لا ّ الجواب ده خدعة جديدة ..؟

حاولت أن أقنع نفسى أنها ذهبت .. و أن مافعلته هو الصواب .. و أقول لنفسى .. أنها فترة و ستمر .. و لكن دون جدوى ..

***

قررت أن أعود لعملى بعد راحة دامت يومين .. وفى الطريق وجدت من ينادينى :
- يا دكتور حازم ..يا دكتور حازم

التفت فوجدته عم اسماعيل الذى يسكن بالطابق الأسفل فى بيتنا .. و يعمل سائق تاكسى فنظرت إليه فى ابتسامة :

- ازيك ياعم اسماعيل..؟
عم اسماعيل :- نحمده يا دكتور .. كويس إنى لقيتك ..
فى دهشة :- خير يا عم اسماعيل ...
أخرج عم اسماعيل شئ من معه:
- أنا من يومين وصلت الست سارة بنت عمك لمحطة القطر .. و بعد ما نزلت .. لقيتها نست ده فى التاكسى ..











( 10 )

أخرج عم اسماعيل شئ من معه :
- أنا من يومين وصلت الست سارة بنت عمك لمحطة القطر .. و بعد ما نزلت .. لقيتها نست ده فى التاكسى ..

فوجئت بأن عم اسماعيل يعطينى ألبوم الصور الخاص بـ سارة .. بعدما نسيته فى التاكسى الخاص به .. فشكرته على ذلك .. و أخذت ألبوم الصور .. و قررت أن احتفظ به ..

***

وصلت سارة إلى الأسكندرية .. و لا تعلم إلى أين تذهب .. حتى أوقفت تاكسى :
- وصلنى على أرخص لوكاندا قريبة لو سمحت ..

استطاعت سارة أن تجد مكانا يتناسب مع ما تمتلكه من نقود .. بعدها لم تضيع الفرصة .. و قررت البحث عن عمل شريف فى أسرع وقت ..

ظلت سارة تبحث عن عمل كثير و كثيرا .. و قد تعرضت لتعب شديد .. حتى إن وجدت عملا تشعر بسوء النية لصاحب ذلك العمل و طمعه فيها .. و لم تكف عن البحث .. و تحملت الكثير و الكثير ..

***

أما أنا فلم اتخيل أن أكون مفتقد سارة إلى تلك الدرجة .. فكل يوم يمر يزداد شوقى أن أراها .. و أصبح ألبوم صورها لا يفاقنى .. كلما أنظر إليه و أقلب صفحاته اتذكر كل شئ حدث بيننا .. و اسأل نفسى :
- يا ترى عاملة أيه يا سارة دلوقتى ؟
- يا ترى القطر ده كان رايح على فين؟

حتى ظهر علىّ فقدان التركيز .. و كاد أن يتعرض أحد المرضى بسببى للخطر .. لكنها مرت بسلام ..
حتى صاح فى صديقى ماجد :
- أيه اللى بيحصل لك ده ؟
أجبته فى حيرة :
- مش عارف يا ماجد .. مش قادر أنسى سارة ..
ماجد :- لازم تنساها و تفوق لنفسك ..
:- حاولت .. بس مش قادر ..
ماجد :- كل ده عشان أخت الرقاصة ..
هنا نظرت إليه فى حدة و صحت فيه :
- ماجد ...

بعدها أصابنى غضب شديد .. و غادرت عملى .. بل و أصبحت تصرفاتى غريبة بعض الشئ .. فكنت أذهب إلى محطة القطار كل يوم .. و انتظر بها ساعات لعلى أجدها و آخذها إلى حضنى مرة أخرى .. و كلما وجدت من تشبهها ينتفض قلبى .. و لكننى أعود بخيبة الأمل ..

***

تمر الأيام .. و لا تزال سارة تبحث عن العمل الشريف .. و كاد ينفذ ما معها من نقود .. حتى فوجئت أثناء سيرها يوما برجلا عجوز ملقى مغشيا عليه .. و لا يوجد من يسعفه ..
اقتربت سارة منه .. و تأكدت أنه على قيد الحياة .. و بالفعل استطاعت بذكائها أن تستخدم هاتفه .. و تأتى له بالإسعاف

بعد ساعات استقرت حالة العجوز
الطبيب :- ألف سلامة عليك يا حاج ..
العجوز :- الله يسلمك يابنى .. أنا جيت هنا ازاى ؟!
الطبيب :- أنت كان عندك أزمة قلبية .. و ربنا ستر و لحقناك فى الوقت المناسب ..
العجوز :- أنا مش عارف أشكرك ازاى يا دكتور ..
الطبيب :- أنت المفروض تشكر اللى جابتك هنا .. و لسة قاعدة برة عشان تطمن عليك ..
العجوز فى دهشة :- مين دى ؟!!

هنا دخلت سارة بإشراقتها الجميلة
الطبيب :- هى دى يا حاج ..
العجوز :- أنا مش عارف أشكرك ازاى يا بنتى .. الدكتور قاللى على كل حاجة ..
سارة فى ابتسامة : - ألف سلامة عليك .. و الحمد لله إنك بقيت كويس ..
الطبيب :- طيب استأذن أنا ..
العجوز :- أنتى منين يا بنتى ؟
سارة :- أنا من القاهرة ..
العجوز :- و جاية تتفسحى ولا أيه فى الاسكندرية ؟
ابتسمت سارة :- اتفسح أيه بس يا حاج فى عز البرد ده .. يعنى زى ما تقول كدة بدور على شغل ..
العجوز :- و لقيتى ؟
سارة :- لسة .. بس أكيد هلاقى إن شاء الله ..
العجوز :- أنتى باين عليكى بنت حلال .. و تستاهلى كل خير .. و أنا عمرى ما هنسى جميلك ده أبدا ..
سارة :- المهم إنى اطمنت عليك قبل ما أمشى ..
صمت العجوز قليلا :
- أنتى بتدورى على شغل معين ؟
سارة :-لا .. أى شغل شريف أقدر أجيب مصاريفى حتى ..
فكر العجوز قليلا :
- طيب أيه رأيك .. أنا عندى وظيفة ليكى ..
سارة :- بجد يا حاج ؟
العجوز :- بصى يا بنتى .. أنا قاعد لوحدى أنا و مراتى .. و خلاص كبرنا و ربنا مقدّرش لينا إن يكون لينا أولاد .. فأيه رأيك تاخدى بالك مننا .. و هتاخدى المرتب اللى تقولى عليه ..

صمتت سارة :- بس بشرط ..
العجوز :- شرط أيه ؟
سارة :- لازم تعرف كل حاجة عنى الأول ..

و بدأت سارة تحكى ما دار لها فى حياتها .. فقد وعدت نفسها من قبل أنها لن تخدع أحد بعدما خدعت حازم .. و حكت له عن أسباب هروبها الحقيقية .. و يستمع إليها العجوز صاحب الملامح الطيبة و التى تدل على أصله الطيب ..


عادت سارة مع العجوز الذى كان يدعى الحاج - حسن - بعد استقرار حالته الى البيت .. حتى قابل زوجته السيدة رجاء :
- أنا جبت لكى معايا مفاجأة ..

ثم دخلت سارة .. و بدأ يروى لزوجته ما حدث فى المستشفى .. و قد رحبت بها كثيرا .. و بدأت سارة تشعر و كأنها ابنتهما .. فكم كانا يمتلكان من طيبة و حنان .. و كم كانا فى قمة السعادة من وجود سارة معهما .. و كانت سارة هى الأخرى فى قمة سعادتها .. و لكنها مازالت تتذكر تلك الأيام الجميلة فى بيت حازم .. و كم زاد اشتياقها أن تراه و لو لمرة واحدة .. و تمنى نفسها أن يعود إليها مرة أخرى ..

***

.. بعد مرور ستة شهور ..

لم أكن أعلم أن فراق سارة سيعذبنى كل هذا العذاب .. فأصبحت ذكرياتها تحيط بى من كل جانب .. و كلما أحاول أن أنساها لا استطيع ... حتى شعرت أمى باضطراب حياتى رغم أننى لم أخبرها بما حدث بينى و بين سارة .. فوجدتها تحدثنى ذات يوم :

- حازم .. أنا خلاص مقدرش أكون زى الأول ..
فى دهشة من كلامها :
- أيه بس يا أمى .. أيه الكلام ده ؟!!
أمى :- بصراحة .. و من غير لف و لا دوران
نظرت إليها :- هه
أمى :- أنا لقيت لك عروسة ..








( 11 )

فوجئت بأمى تخبرنى بأنها قد وجدت لى عروس مناسبة ....
نظرت لأمى فى دهشة :
- عروسة أيه بس يا أمى ؟
أمى :- دى عروسة لقطة .. و أى حد يتمناها ..
:- و مين دى بقى إن شاء الله ؟
أمى :- دى المهندسة ريم .. أنا شفتها بالصدفة و أنا عند خالتك .. و عرفت أنها مهندسة .. و من عيلة .. و أيه جميلة .. قمر و الله يا حازم ..
:- بس أنا مبفكرش فى الجواز دلوقتى يا أمى ..
أمى :- أنت هتيجى معايا بس نشوفها .. و صدقنى هتوافق أول ما تشوفها .. أنا قلت لهم إن إحنا هنروح لهم يوم الجمعة ..
فى غضب :- و كمان حددتى ميعاد من غير ما تقولي لى !!
أمى :- أنا خفت إن حد يسبقك و يتجوزها .. تعالى بس و احكم بنفسك ..

***

أعلم أن أمى ما تريد لى إلا الخير .. حتى زملائى أكدوا أنّ أمى على حق فيما فعلته ...

ماجد :- تصدق .. أمك دى ست زى الفل ..
صمت قليلا ثم نظرت إليه :
- بس أنا مبفكرش فى الجواز ..
كريم :- ليه بقى إن شاء الله .. ناقصك أيه يعنى ؟!
:- يعنى خايف أكون بخونها .. و أفضل أحب سارة ..
ماجد :- ده هى الطريقة اللى تخليك تنسى سارة ... و بعدين أنا أسمع إن العروسة دى صاروخ .. بس هى توافق تتجوزك
كريم :- أنا مراتى نستنى كان اسمى أيه قبل الجواز ..

أصابنا الضحك .. و بالفعل نجحوا فى إقناعى .. و أن زواجى هو الحل الوحيد كى أنسى سارة .. و أتخلص من ذلك الماضى ..

***

ما زالت سارة تعيش فى سعادة مع العجوز و زوجته .. و كم أعطت لهما من حنان جعلهما لا يشعران أنها غريبة عنهما .. حتى سارة وجدت من السيدة رجاء أم لها ..

سارة :- قولي لى بقى يا ماما .. أنتى اتجوزتى بابا حسن عن حب ..؟
ضحكت السيدة رجاء :
- حب أيه يا سارة .. أنا صحيت لقيت أبويا بيقولى انتى هتتجوزى .. قلت حاضر ..
سارة :- من غير ما تحبو بعض ؟
هزت السيدة رجاء رأسها و امتصت شفتيها :
- أحبه أيه ..؟ ده أول مرة يشوفنى كان يوم الفرح .. بس أمه كانت عرفانى ..
سارة :- بس أحلى حاجة فى الدنيا الحب ..
السيدة رجاء فى دعابة :
- اه .. شكلك كدة بتحبى .. قوليلى حد من الجيران و لا أيه ..
سارة :- جيران أيه بس .. ياه دى قصة قديمة ..
:- طيب أحكيها لى ..
سارة :- لا ... دى عاوزة وقت طويل .. نامى دلوقتى و بعدين أبقى أحكيلك كل حاجة ...

***


ذهبت أنا و أمى إلى بيت العروس .. بالفعل كانت جميلة .. و كم كانت مثقفة .. و لا أخفى أنها أعجبتنى .. و بدأت أشعر بأنها تمتلك القدرة أن تنسينى سارة .. و بعدما اتفقنا على كل شئ ..

أمى :- إحنا هنعمل الخطوبة يوم الخميس الجاى ..
والد ريم :- و احنا موافقين .. و لا أيه رأيك يا عروسة ؟
هزت ريم رأسها بالموافقة دون أن تنطق من الخجل ...

***

أقيم حفل الخطوبة .. وكم كان رائعا .. و الجميع يحسدنى ..

أحد المدعوين :- هو حازم ده دايما حظه حلو مع البنات ؟!
الآخر :- اه .. فاكر البنت اللى كانت معاه فى فرح كريم ..
:- هى دى يعنى اللى مش حلوة .. ربنا يكرمنا و يوعدنا زيه كدة ..

بعدها طلب عازف الموسيقى أن أرقص أنا و ريم على ألحان الموسيقى ..
ريم :- أنا مبعرفش أرقص ..
ضحكت :- و لا أنا .. بس بصى فى عينيا .. و ركزى مع الموسيقى ..

لا أعلم ماذا أصابنى .. و لكننى شعرت و كأننى أرقص مع سارة .. و تخيلتها و كأنها أمامى .. رغم أن ريم جميلة هى الأخرى .. و كم كانت سعيدة و أنا هائم فى عينيها .. و لا تعلم أن تفكيرى ليس معها .. حتى انتهى الحفل .. و كم كنا فى سعادة ..

***

تمر الأيام .. و بدأت أحوالى تتحسن يوما تلو الآخر .. و بالفعل نجحت ريم أن تنسينى كثيرا من الماضى .. و كم غيرت حياتى .. و بدأت اتفوق فى عملى و تتحسن حياتى .. و كانت ريم هى الأخرى متفوقة فى حياتها العملية .. فكم كانت مهندسة متفوقة .. و كم كانت تحبنى .. و بدأت أشعر أنها أصبحت حياتى .. و الجميع يشهد أن ريم ستكون لى نعم الزوجة ..

***

حتى جاء يوم .. كنت عائد من عملى مرهقا ... و جلست فى غرفة مكتبى ببيتى وحيدا .. و كنت أقلب فى كتبى فوجدت خطاب سارة .. فبدأت أقرأه مرة أخرى .. و بعدما انتهيت من قراءته وجدت يدى تخرج ألبوم صور سارة من مكتبى .. و بدأت أقلب صفحاته و اتأمل فيه .. و أصبحت هائما .. حتى فوجئت بـ ريم تفتح باب الغرفة فجأة :
- أنا جيت ....












( 12 )

فوجئت بـ ريم تدخل فجأة علىّ .. و أنا أقلّب صفحات ألبوم صور سارة و هائما به ..
ريم :- أنا جيت ..

أحسست بالصاعقة وقتها .. و حاولت أن أغلق الألبوم .. لكنى لم أنجح .. و قد رأته ريم ..

ريم فى ابتسامة تخفى صدمة و حيرة :
- مين الحلوة دى ؟
نظرت إليها فى ارتباك :- اه .. دى .. دى مريضة .. كان مرضها محل دراستى ..
ريم و هى تتمالك نفسها :
- و صورها مالها و مال الدراسة؟!
:- اه .. أماّل أيه .. ما أنا لازم أقارن بين شكلها قبل المرض و بعده .. بس الحمد لله خلصت الدراسة .. بس هى نسيت ألبومها عندى ..

بدأت ريم تسألنى كثيرا عن سارة و كأنها غير مقتنعة .. و أخذت تقلب الصور هى الأخرى ..
ريم :- هى اسمها سارة ؟
فى دهشة :- عرفتى منين ؟!
ريم :- اسمها مكتوب هنا على صورة ..
أخذت نفسى :- اه
ريم :- هو فيه مريضة بالجمال دى ..
:- يا حرام .. دى حالتها متأخرة أوى .. دى مسكينة ..
ريم :- هى ساكنة فين ؟

***

ظلت ريم تسألنى .. و تسألنى .. و أنا أجيب إجابات غير حقيقية .. فحاولت أن أجد مخرجا من تلك المناقشة ..

نظرت إليها :- أيه رأيك نخرج نتفسح .. يعنى نروح سينما .. نتمشى شوية ..
على الفور وافقت ريم .. فتلك هى المرة الأولى التى يكون فيها طلب الخروج منى .. رغم أن خطوبتنا منذ شهر تقريبا ..

خرجنا .. و ليتها كانت فسحة .. ففى كل لحظة تسألنى عن سارة .. حتى أصابنى الغضب و ضيق النفس من كذبى عليها .. و كلما أحاول أن أغيّر مجرى الحديث عن سارة تعاود مرة أخرى .. حتى تنفست الصعداء حين انتهى ذلك اليوم ..

***

بدأت سارة تشعر بالملل من جلوسها بالبيت طوال تلك الفترة .. و أن تكون حبيسة الذكريات ..حتى شعر العجوز بذلك ..

الحاج حسن :- سارة ..أنا ليا واحد صاحبى عنده مطعم فخم .. وعاوزك تشتغلى معاه ..
سارة فى فرحة كبيرة :
- بجد ؟!!
ضحك :- بس طبعا ده بالنهار بس .. عشان الليل بتاعنا إحنا ..
سارة :- ياه .. أنا مش عارفة اشكرك ازاى يا بابا .. أنا نفسى كنت أخرج فعلا .. و عمرى ما هقصر معاكم أبدا ..

فرحت سارة كثيرا لهذا العمل .. فكم كانت فى أمس الحاجة إلى الخروج و التعامل مع أشخاص كثيرا .. حتى تودع الماضى هى الأخرى .. و بدأت فى إعداد نفسها للعمل و هى فى قمة السعادة ..

***

أما أنا عدت إلى منزلى بعدما تركت ريم فى قمة الغضب و احتقار النفس .. و جلست أحدّث نفسى :
:- أيوة طبعا .. ريم عندها حق إنها تعرف مين سارة .. و صورها بتعمل أيه مع خطيبها ..
:- حط نفسك مكانها لو لقيت معاها صور شاب تانى ..
ثم نظرت إلى صورتى فى المرآة :
- فين كانت شجاعتك لما سألتك عنها .. و ليه كدبت كدة ..
:- امتى بقى هتفوق من الماضى ده .. و لا هتعيش كدة طول عمرك ..
:- أنت فعلا بتحب ريم .. و لا خطبتها عشان تنسى الماضى ..

و هنا أخرجت خطاب سارة و ألبوم صورها مرة أخرى .. لكن تلك المرة ليس لأتصفحه .. و لكنى بدأت فى إحراق الصور صورة تلو الأخرى ... وداعا أيها الماضى ..

***

ذهبت سارة إلى العمل .. و هناك جاء مدير المطعم :
- دى سارة .. زميلتكم الجديدة .. عاوزكم ترحبوا بيها .. و تكونو أكتر من زمايل ..
جاءت أحدى الفتيات :- أنا غادة اللى هعلمك كل حاجة .. و اللى هناك دى ريهام .. و اللى جنبها سها .. أما اللى هناك ده مروان .. و كلنا هنا عيلة واحدة ..

تعرفت سارة على زملائها الجدد .. و كم شعرت بحبهم لها .. و بدأت العمل و كم كانت جميلة فى زى العمل خاصة مع شعرها الأسود الناعم .. و اكتسبت ثقة مدير المطعم حين وجد حسن معاملتها لزبائن المطعم الذين كانوا يعشقون ابتسامتها الجميلة ..


تمر الأيام ... و تتحول حياة سارة إلى حياة سعيدة مشرقة .. و أدركت هى الأخرى أنه لا فائدة من الماضى .. و وجهت نظرها إلى المستقبل .. تريد أن تحقق طموحها كأى بنت فى سنها .. و أصبحت سارة محل الإعجاب .. حتى غارت منها زميلاتها بعدما اكتسبت ثقة الجميع فى وقت قصير ..


كانت سارة تذهب إلى عملها .. و تعود و تحكى للعجوز و زوجته ما يحدث لها فى العمل و كم المعاكسات اللطيفة التى تتلقاها من زبائن المطعم .. و كم كانت سعادتهما لتغيير حياتها و إشراقتها الجديدة ..

***

فى أحد الأيام جاءت غادة التى أصبحت صديقة سارة المقربة فى العمل :
- أنتى فاضية بعد الشغل يا سارة ؟
سارة :- اه .. ليه ؟!
غادة :- هتيجى معايا محطة القطر .. هنقابل واحدة قريبتى ..
سارة :- طيب .. خلاص مفيش مانع ..

ذهبت سارة مع غادة .. و هناك وقفت هائمة .. و شرد ذهنها حتى سقطت دموعها ..
غادة :- أيه يا بنتى فيه أيه .. أنتى بتعيطى و لا أيه ؟!!
سارة و هى تمسح دموعها :
- لا .. دى قصة طويلة .. و كل ما آجى محطة القطر افتكرها ..
غادة :- قصة .. و معاها دموع .. ده أنا لازم أعرفها ..
سارة :- ربنا يستر بس من مفاجآت القطر اللى بخاف منها ..

لم تكمل سارة جملتها .. حتى سمعت رنين صوت هاتفها ..
صوت السيدة رجاء : - أيوة يا سارة .. اتأخرتى ليه ؟
سارة :- أنا بس رحت مشوار مع غادة ..
السيدة رجاء فى فرحة شديدة :
- طيب تعالى بسرعة .. عشان فيه اللى مستنيكى على نار .....














( 13 )

على الفور عادت سارة إلى البيت بعدما أخبرتها السيدة رجاء بأن هناك من ينتظرها .... و عندما دخلت البيت :
- مين اللى مستنانى ؟
السيدة رجاء فى فرحة شديدة :
- ادخلى ظبّطى نفسك كدة , عشان فيه عريس قاعد جوة مع باباكى حسن فى الصالون ...
سارة فى دهشة :- عريس !!!
السيدة رجاء :- اه .. ده قاعد من بدرى .. و شكله من عيلة محترمة و ابن ناس ... يلا ادخلى ظبّطى نفسك ..
سارة :- أظبّط نفسى أيه .. مش اما أعرف هو مين الأول ..

***

دخلت سارة إلى الصالون بعدما طرقت باب الغرفة ..
الحاج حسن فى ابتسامة :
- تعالى يا سارة

رأت سارة من ذهب ليتقدم لها .. إنه أحد زبائن المطعم الدائمين .. و يدعى صلاح .. و قد لاحظت سارة من قبل اهتمامه بها ..

الحاج حسن :- الأستاذ صلاح جاى .. و طالب أيدك ..
صمتت سارة قليلا ثم نظرت إلى الحاج حسن :
- طيب ممكن تسيبنا لوحدنا شوية يا بابا ؟
الحاج حسن :- حاضر يا سارة ..
العريس :- أنا بصراحة يا سارة حبيتك من أول مرة شفتك فيها .. و كنتى باجى المطعم مخصوص عشانك ..
سارة :- بس ليه مقلتش ليا قبل ما تيجى تتقدم ؟!
العريس :- أنا قلت أخليها مفاجأة ..
سارة :- بس احنا منعرفش عن بعض أى حاجة .. و الجواز مش حب من أول نظرة و خلاص ..
العريس :- أنا بصراحة عرفت كل حاجة عنك من غادة صاحبتك و من الحاج حسن لما قعدت معاه .. و كبرتى فى نظرى .. أما لو عاوزة تعرفى عنى أى حاجة .. فأنا شغال محاسب .. و عندى شقة جاهزة .. و أهلى عايشين برة مصر ..

قاطعته سارة :
- طبعا حضرتك انسان محترم .. و أى بنت تتمناك .. بس أنا مبفكرش فى الجواز دلوقتى ..
سكت قليلا :
- أنا هسيبك تفكرى على راحتك .. أنا عارف أنها مفاجأة منى .. و لو غيرتى رأيك أنا لسة عاوز اتجوزك ..

***

انصرف صلاح ... و بعدها دخلت السيدة رجاء إلى سارة
:- هه قلتى أيه ؟
سارة :- قلت له أنى مبفكرش فى الجواز .. و قال انه هيسيبنى أفكر ..
السيدة رجاء :- ليه بس يا سارة .. ده شكله عريس محترم ..
سارة :- عارفة والله يا ماما .. و زملاتى كلهم بيشكروا فيه .. بس حاسة اننا مش مناسبين لبعض .. و الجواز قسمة و نصيب ..
السيدة رجاء :- خلاص يا بنتى زى ما تحبى .. و اللى فيه الخير يقدمه ربنا ..

***

أما أنا و ريم فبدأنا رحلة المعاناة .. و ليست المعاناة بمعناها الحقيقى .. و لكننى أقصد تجهيز عش الزوجية .. فلم يتبق سوى شهران على الزواج .. و مازالت تلزمنا أشياء كثيرة جعلتنا نسارع الوقت حتى يتم كل شئ فى الوقت المناسب .. فقد اتفقت أنا و ريم أننا سنعيش فى شقتى مع أمى .. و مع بعض التجديدات ستكون فى غاية الجمال ..

...

لم اتخيل أننى سأصبح مسئولا عن زوجة بعد شهرين .. و لكننى رضيت بالواقع و حاولت على قدر ما استطيع أن أجعل ريم سعيدة طوال فترة الخطوبة .. حتى جاءت ريم فى يوم :
- أنا مش عارفة أقولك أيه ؟
نظرت إليها فى دهشة :
- مش فاهم
ريم :- أنت هتتعب اليومين الجايين دول لوحدك ..
:- ازاى ؟
ريم :- أنا جالى شغل مفاجئ فى الاسكندرية لمدة تلات أيام .. و حاولت اعتذر معرفتش
نظرت إليها فى ابتسامة :
- و فيها أيه .. ؟ سافرى و اطمنى .. عاوزانى أسافر معاكى ؟
ريم :- لا .. خليك أنت كفاية عليك مشاغلك .. و أنا هحاول أخلص فى أقصر وقت ممكن ..


أوصلت ريم الى محطة القطار المتجه إلى الاسكندرية .. و ودعتها ثم عدت .. و واصلت مهامى مع تجهيز الشقة .. فأننى أريد أن أحقق لها مفاجأة حين تعود من الاسكندرية ..

***

وصلت ريم إلى الاسكندرية .. و هناك استقبلها مديرها بالعمل .. ثم ذهبت لترتاح من عناء السفر .. و بعدها بدأت عملها .. فهى مهندسة معمارية .. و كانت مشاركة فى تصميم إحدى المشروعات الكبرى .. و كان الجميع يشهد لها بالتفوق ...


كانت ريم تعمل فى سرعة .. تريد أن تنهى ما يطلب منها حتى تعود إلى القاهرة فى أسرع وقت .. كى تعد نفسها هى الأخرى للزواج ...

***

أما أنا فمازلت أعمل جاهدا على تجهيز الشقة ..و أتابع من يعملون بها ..حتى ماجد جاء معى هناك ..
نظرت إلى العمال :
- يلا يا رجالة ..
ماجد :- أنت مستعجل أوى ليه ؟! .. ده فاضل شهرين ..
:- أنا عاوز أعمل مفاجأة لريم لما ترجع من الاسكندرية و أخلص جزء كبير ..
ماجد :- هى هترجع امتى ؟
:- يعنى .. يومين تلاتة كدة .. هى حاولت تعتذر بس معرفتش

ضحك ماجد :- أخيرا هشوفك عريس ..

***

نجحت ريم فى انهاء عملها على خير ما يرام ... و نتيجة لذلك قرر رئيسها بالعمل أن يقيم حفل غداء بإحدى المطاعم الفخمة قبل عودتها إلى القاهرة ... و قد ذهبت ريم مع باقى المهندسين لحضور ذلك الغداء .. و كم كانوا فى قمة السعادة من إنهاء ذلك الجزء من العمل الذى كلفت به ريم ..

مدير ريم :- أظن يا ريم أنتى أكتر واحدة فرحانة أن مهمتك انتهت .. و هترجعى القاهرة تانى ..
ريم :- بصراحة اه .. ده زمان خطيبى محتاس لوحده ..
مهندسة أخرى :- أنتو هتتجوزا امتى ؟
ريم :- بعد شهرين إن شاء الله ..
المهندسة :- احنا طبعا معزومين ..
ريم :- أكيد طبعا


كان الجميع فى قمة السعادة .. حتى تغيرت ملامح ريم فجأة حين رأت فتاة من بعيد ..
:- معقول ... صاحبة الصور ..
ثم تعود و تحدث نفسها :
- لا .. أكيد واحدة شبهها ..

و ظلت ريم تكذب عينيها .. و أكملت الحديث مع من معها .. و لكن فضولها و شكوكها لم تنته .. و استأذنت منهم فجأة .. و ذهبت إلى فتاة أخرى تعمل بالمطعم .. ثم أشارت إلى سارة :

- هى مين اللى هناك دى ؟

ضحكت الفتاة : - دى سارة جميلة الجميلات .. و الكل هنا بيناديها كدة ..
ريم :- سارة .. أيوة سارة ..

عادت ريم و جلست مرة أخرى .. و قد لاحظ الجميع تغير ملامحها ..
من معها :- أيه يا ريم .. مالك اتغيرتى فجأة ؟
ريم :- أنا بس حسيت بشوية تعب ... بعدها استئذنت مرة أخرى .. و ذهبت إلى نفس العاملة :

- قوليلى .. هى سارة مريضة بمرض خطير ؟
نظرت إليها الفتاة بغرابة :
- مريضة أيه .. فال الله و لا فالك ..
بعدها ذهبت الفتاة إلى سارة و أشارت إلى ريم :
- على فكرة .. اللى هناك دى سألتنى عليكى أكتر من مرة ..

نظرت سارة إلى ريم .. و بالفعل وجدتها تحدق بها .. و تلاحقها بعينيها حتى اندهشت ..
سارة :- أنا معرفهاش .. و لا عمرى شفتها قبل كدة ..

حتى زادت دهشة سارة حين وجدت ريم تقوم مرة أخرى .. و تتجه نحوها و تسألها دون مقدمات :
- أنتى تعرفى الدكتور حازم فؤاد ؟ ........























( 14 )

فوجئت سارة بمن تتجه نحوها ...
ريم :- أنتى تعرفى الدكتور حازم فؤاد ؟

كادت سارة أن تسقط من الصدمة .. و لكنها تماسكت و ردت فى هدوء :
- مين الدكتور حازم فؤاد ؟

على الفور أخرجت ريم صورة من حقيبتها .. و كانت صورة حفل خطوبتها هى و حازم :
- ده اللى فى الصورة ..
نظرت سارة إلى الصورة و تحاول أن تتمالك نفسها :
- هو جوز حضرتك ؟
ريم :- لأ .. احنا لسة مخطوبين .. أنتى تعرفيه ؟


لم تستطع سارة تلك المرة أن تقاوم دموعها .. فكم تمتلك من إحساس عالى و رقة و سقطت دموعها .. و تركت ريم و خرجت مسرعة .. لا تدرى إلى أين هى ذاهبة .. لا ترى سوى شريط الماضى يتكرر أمام عينيها .. حتى وقفت على صخرة أمام شاطئ البحر و دموع عينيها لا تتوقف ..

***

أما ريم فاستقلت القطار المتجه إلى القاهرة .. و لم تكن حالتها أفضل من سارة .. و ظلت تحدث نفسها :
- أكيد كان فيه حاجة بينهم ..
و تتذكر حازم و نظرته للصور .. و حين أخبرها أنها مريضة
:- الكداب ... مريضة ..
و تسأل نفسها :- هى ليه هربت من مواجهتى .. و أنا هثق بحازم ازاى بعد ما طلع كداب ؟

:- فعلا سفرية الأسكندرية دى جت فى وقتها عشان أعرف كل حاجة ..
ثم تعود و تحدث نفسها :
- بس ممكن يكون حازم مظلوم فعلا .. و اللى عندى دى شكوك
:- طب أواجهه و لا لأ ؟

:- خايفة لأضيع كل حاجة فى لحظة غضب .. و بعدين حازم شاب و كل الشباب بيبقى لهم ماضى و بينسوه أول ما يتجوزا .. و طالما بيحبنى دلوقتى خلاص ..


و ظلت ريم هكذا حتى وصل القطار إلى القاهرة .. و هناك كان حازم فى استقبالها

***

عادت سارة بعدما هدأت بعض الشئ إلى المطعم مرة أخرى .. و لا يزال الحزن يبدو عليها .. حتى سألتها غادة :
- أنتى كنتى فين .. و مين اللى كانت واقفة معاكى ؟

لم تجب سارة .. و ظلت صامتة .. بعدها عادت إلى البيت و حين وجدت السيدة رجاء ارتمت فى حضنها و ظلت تبكى .. ثم مسحت دموعها .. و أخرجت هاتفها كى تحدث أحد الأشخاص ..
سارة :- صلاح .. أنا موافقة على الجواز ..

***

أما أنا فاندهشت من سكوت ريم على غير العادة طوال الطريق من محطة القطار الى بيتها .. و كلما أحاول أن أحدثها :
- الرحلة كانت عاملة أيه ؟
ريم :- كويسة .. ثم تصمت
:- و الشغل ؟
ريم :- عادى .. ثم تصمت
أخبرتها فى فرحة :
- أنا عامل لكى مفاجأة ..
ردت :- طيب ..

حتى سكت أنا الأخر .. و قلت لنفسى ربما حدثت بعض المشاكل بالعمل .. و ستخبرنى بها فى وقت لاحق .. و تركتها ببيتها تستريح و عدت أنا إلى بيتى ..


***

فى اليوم التالى أردت أن أجعل ريم ترى المفاجأة التى سعيت و اجتهدت كثيرا لأنجزها قبل أن تعود للقاهرة .. و أخذتها إلى الشقة التى أصبحت جاهزة بشكل كبير ..

:- غمضى عينيكى
ريم :- ليه ؟
:- غمضى بس
ريم :- طيب ثم أغمضت عينيها
:- فتحى عينيكى
ابتسمت ابتسامة مصطنعة :- كويسة
نظرت إليها :
- ريم هو فى حاجة حصلت لكى فى الاسكندرية ؟
ريم :- لا ... هيحصل أيه يعنى ؟
:- أمال فى أيه ؟
ريم :- مفيش حاجة .. أنا عاوزة أروّح البيت .. لأنى تعبانة شوية ..

***

كانت سارة فى عملها حين فوجئت بـ غادة و بقية زملائها فى المطعم يقومون بالطبل على الصوانى و يغنون :
- ما تزوقينى يا ماما قوام يا ماما .. ده عريسى هايخدنى بالسلامة يا ماما ..

و ظلوا يغنون .. و كم كانت سعادتهم حين علموا بخبر زواج سارة ...

غادة :- أنتو هتتجوزا امتى ؟
سارة :- صلاح مستعجل .. لو كان عليه عاوز بكرة قبل بعده .. بس أنا قلت له بعد شهر أو شهر ونص كدة ..
غادة :- بالسرعة دى؟!
سارة :- هو مستعجل لأننا اتفقنا اننا هنسافر بعد الجواز برة مصر ..
غادة :- ربنا يوفقك و عقبالى يارب ..

***

تمر الأيام و لم يتبق سوى شهر على زواجى أنا و ريم .. و بدأت ريم تعود لطبيعتها مرة أخرى .. و لم أرد أن أعود و اسألها عما حدث فى الأسكندرية و سبب حزنها .. و فضلت أن أتركها سعيدة ..


حتى خرجنا ذات يوم أنا و ريم و والدتى و والدتها نشترى بعض كماليات الشقة .. و بعدما اشترينا أشياء كثيرة .. و كنا بأحد المولات الكبرى .. توقفت ريم أمام أحد محلات الملابس :
- الله الفستان اللى هناك ده جميل أوى ..
نظرت إليها فى ابتسامة :
- خلاص طالما عجبك .. يلا ندخل نشتريه ..

حتى فوجئت بأمى تشير إلى فستان مجاور له :
- الفستان اللى هناك ده زى اللى أنت كنت اشتريته لـ سارة ......










( 15 )

فوجئت بأمى تشير إلى فستان آخر :
- الفستان ده زى اللى أنت كنت اشتريته لـ سارة ...

هنا صعقت ريم .. و كانت صاعقتى أكبر منها ... بعدها نظرت الىّ ريم فى حدة :
- سارة تانى ..

ثم ألقت ما تحمله من أشياء اشتريناها فى وجهى .. و أسرعت و معها والدتها .. و رغم محاولتى لإقناعها .. فأننى لم أنجح و عدت إلى البيت أنا و أمى ...


***

عدنا إلى البيت أنا و أمى و فى الطريق لم أنطق بكلمة واحدة ..

أمى :- أنا آسفة يا حازم .. كنت مفكرة أنك قلت لها عن سارة ..
:- من غير أسف يا أمى .. اللى حصل حصل ..
أمى :- طيب ما تقولها كل حاجة عن سارة .. و أنها رجعت لأهلها .. و إن كان قصدك خير ..
نظرت إليها :- بصراحة يا أمى .. سارة مرجعتش لأهلها ..
أمى فى دهشة :
- مرجعتش .. أمّال راحت فين ؟!!
نظرت إلى الأرض فى حزن :
- ياريتنى كنت أعرف .. أنا طردتها من البيت بعد ما عرفت إن أختها ... شغالة رقاصة
وضعت أمى يدها على صدرها :
- رقاصة ... و كانت قاعدة معانا ..

:- مانتى شفتى يا أمى .. سارة كانت كويسة .. و أنا بصراحة حبتها .. و كنت ناوى اتجوزها .. بس هى سابت البيت .. و فضلت ندمان فترة طويلة ..
أمى :- و ريم عرفت أنك كنت بتحب سارة ؟
:- مش عارف .. بس أنا عاوزك بكرة تروحى لها .. و تحكى لها كل حاجة بصراحة .. أنا غلطت من الأول أنى مقلتش لها الصراحة .. و هى اللى تقرر .. و لها الحق فى أى قرار تاخده ..


***

بينما عادت ريم مع والدتها .. و دخلت غرفتها و أغلقت الغرفة و ظلت تبكى ..
والدتها و هى تطرق باب الغرفة
:- أفتحى يا ريم ..
ريم :- سيبينى يا ماما .. مش عاوزة أكلم حد ..

وظلت ريم فى تلك الحالة السيئة .. و لم تنم من التفكير طوال الليل .. و تفكر :
- أنا فعلا كنت غلطانة لما قلت أنه شاب و له ماضى زى باقى الشباب ..
:- أنا كان لازم أواجهه .. و أعرف مين سارة .. و لازم كنت أعرف القصة كلها ..
:- أكيد دى مكنتش علاقة حب عادية .. اللى فيها ألبوم صور .. و سارة اللى سابتنى و جرت لما شافت صورة حازم .. و الفستان ..
و ظلت ريم هكذا طوال الليل ...


***

أما بيت الحاج حسن فقد عمت الفرحة جوانبه .. حيث كان فرح سارة و صلاح بعد يومين ..
الحاج حسن فى فرحة شديدة :
- ألف مبروك يا سارة ..
سارة :- الله يبارك فيك يا بابا ..
الحاج حسن:- بس أوعى تنسينا يا سارة ..
سارة :- أنساكم .. ده أنتو أهلى .. أهلى اللى يشرفونى ..
السيدة رجاء :- اه .. مش معنى أنك هتسافرى مع صلاح أنك تنسينا ..
سارة :- مقدرش أنساكم .. أنتو كل حاجة بالنسبة لى فى الدنيا دى ...

***

أما أمى فقد ذهبت إلى ريم فى بيتها لتحدثها كما طلبت منها .. و بالفعل أخبرتها كل شئ عن سارة .. و أن كل انسان يمر بتلك الفترة .. و سرعان ما تزول .. و بعدها عادت أمى و أخبرتنى بما حدث بينهما .. و أنها تركتها تفكر كما طلبت منها ..

***

بعد يومين ..
فوجئت بـ ريم تأتى إلى عملى فنظرت إليها فى ابتسامة :
- ازيك يا ريم ..
ريم :- أنا الحمد لله ..
ثم أكملت :- حازم .. أنت خطبتنى عشان تنسى سارة ؟
نظرت إليها :- بس أنا نسيتها فعلا ..
ريم :- سؤالى واضح .. أنت خطبتنى عشان تنسى سارة ؟ .. أرجوك قوللى الصراحة ..

سكتّ قليلا :- بصراحة .. فى البداية خطبتك عشان أنسى سارة .. بس أنا حبيتك فعلا ..
ريم و قد تجمعت الدموع فى عينيها :
- بس أنا متأكدة أنك لسة بتحبها ..
أمسكت يدها :- ريم .. سارة ماضى و انتهى ..


بعدها همت ريم لتخلع الدبلة من أصبعها .. و قد سقطت بعض دموعها :
- أنت لسة بتحبها .. و سارة كمان بتحبك ..
انتفض قلبى : أيه ... أنتى تعرفى سارة ..

ريم :- حازم .. أنا قابلت سارة ... و عرفت أد أيه هى بتحبك .. و غلطت أنى مقلتش لك وقتها .. و قلت أنك هتنساها .. و أنا كمان هنسى ..

لم أشعر بنفسى وقتها :
- قابلتى سارة ؟!!
ريم و هى تمسح دموعها :
- أيوة .. قابلتها ..
فى لهفة :- قابلتيها فين ؟؟


لا أعلم ففى تلك اللحظة تذكرت كل ما مضى .. و نسيت أن ريم خطيبتى .. و بدت علىّ اللهفة والفرحة .. و للأسف أننى جرحت مشاعر ريم .. و لكننى أعلم كم هى مثقفة و متفهمة للموقف .. و بعدها تأسفت لها .. و شكرتها على تلك الفترة الجميلة التى قضيناها سويا .. و قد أخبرتنى بعنوان المطعم الذى تعمل به سارة فى الأسكندرية ..


***

هنا لم انتظر دقيقة .. و أسرعت و ارتديت البدلة التى اشتريتها لفرحى .. و اتجهت إلى محطة القطار .. و كانت الساعة السادسة مساء وقتها .. و بالفعل كان موعد القطار ..


سافرت إلى الاسكندرية .. و فى الطريق أفكر فى طريقة الإعتذار لها .. و كيف ستستقبلنى مرة أخرى .. و لا تسمع أذنى سوى موسيقى السراب و الحب .. و كل لحظة أنظر إلى ساعة يدى .. أريد أن يصل القطار فى لحظة ..


***

وصل القطار إلى الاسكندرية .. و قد دخل الليل .. و خرجت من محطة القطار و اشتريت إكليلا من الورد .. ثم أوقفت سيارة أجرة .. و اتجهت إلى المطعم الذى وصفته لى ريم ... و هناك وقفت أمام المطعم .. أعد نفسى .. و أجمع شجاعتى فإننى لن اتركها بعد اليوم ..


بعدها دخلت المطعم .. وسألت أحد العاملين هناك :
- هى فين سارة ؟
أجابنى : سارة مش موجودة .. عشان ..
قاطعته فى لهفة :
- أمال هى فين ؟..


أعطانى عنوان البيت الذى تسكن به سارة مع العجوز و زوجته .. و أسرعت الى البيت .. و معى الورود .. و وصلت إلى هناك فوجدت أضواء .. و تبدو و كأن هناك زفافا ...

اقتربت أكثر و أكثر .. نعم إنه زفاف .. و هنا رأيت سارة مرة أخرى بعد مرور زمن طويل .. و لكنها كانت العروس .. و تجلس بجوار عريسها .. و تبدو عليها السعادة ..

أصابتنى الصدمة .. و كادت دموعى أن تسقط .. فشاهدتهما من بعيد .. ثم انسحبت دون أن ترانى ..

كم كانت سارة جميلة فى فستان عرسها .. أما أنا فاصابتنى خيبة الأمل .. ففى يوم واحد فقدت ريم التى كانت تحبنى .. و سارة التى كنت أحبها .. و مشيت و شرد ذهنى .. و لا أدرى بشئ من حولى .. حتى فوجئت بسيارة يقوده شاب فى سرعة جنونية تقترب منى .. و تقترب .. و تقترب .. بعدها لم أشعر بشئ
و فقدت وعيى ...

***

بعد لحظات .. شعرت بـ يد تطرق على كتفى .. فافتحت عينى .. فوجدت سارة أمامى :
- سارة ..
فوجئت بها :- سارة مين ؟

زاد الطرق على كتفى .. فرفعت رأسى .. فوجدت رجلا طويل القامة ذو صوت غليظ :
- تذاكر يا محترم .. بقالى ساعة بقول تذاكر ..
نظرت إليه فى دهشة :
- تذاكر أيه ؟!!
ثم نظرت حولى :- أنا فين ؟


وجدت نفسى فى قطار .. و جسمى سليم و لا يوجد أى أثر لحادثة سيارة .. بعدها نظرت إليها :
- سارة ..
فوجئت بها مرة أخرى
:- سارة مين .....
ثم أكملت :- ياه .. أنا عمرى ما شفت حد يفضل سرحان كل الوقت ده .. كل ده عشان مقلتش لك سبب دموعى أيه ...

و أنا لا أنطق و ألتفت حولى ..

أدركت الأن أننى حين كنت متأخر على القطار .. و جلست و سألتها عن سبب بكائها .. و لم تجبنى و أصابنى الحرج .. و جلست أتأمل جمالها .. بعدها أخذنى خيالى بعيد .. و بعيدا .. وبعيدا ....
ثم نظرت إلىّ الفتاة مجددا فى ابتسامة :
- يا سيدى .. أنا كنت بعيط عشان ...
هنا أسرعت و وضعت يدى على فمها :
- أرجوكى ... أنا مش عاوز أعرف أنتى كنتى بتعيطى ليه ... بقولك أيه .. أنا اسمى حازم فؤاد ... طبيب بشرى ... و بقالى أربع ساعات بحلم فيكى .. و معنديش استعداد تضيعى منى تانى ... و هتجوزك يعنى هتجوزك ...


اندهش كل من بالقطار .. و اعتقدوا أننى أصبت بالجنون .. وكادوا يضربوننى .. لولا إشارة الحسناء .. و هزت رأسها بالموافقة .. ثم رفعت يدى عن فمها ..

ضحكت :- هتتجوزنى من غير ما نعرف عن بعض حاجة ..
نظرت إليها :- خلاص .. نخليها خطوبة .. و هسيبك أنتى اللى تقررى تتجوزينى و لا لأ ..


***

ضحكت و ابتسمت ابتسامة جميلة .. و بالفعل وافقت .. و نزلت معى فى محطتى التى كنت اقصدها بالفعل ...

نظرت إليها : - أما قوليلى يا سارة ..
ردت فى غضب :- يا سيدى قلت لك ألف مرة ... أنا مش سارة .. أنا اسمى ايمان .... ايمااااان ... خريجة جامعة امريكية ..

:- طيب ... هو أنتى ملكيش أخت رقاصة ...
نظرت إلىّ فى حدة :
- احنا هنغلط من أولها و لا أيه ؟ ...
ضحكت : - أنا بهزر ... طيب بتعرفى ترقصى سلو على موسيقى السراب والحب ...
ردت فى ابتسامة :
- لا مبعرفش .. و أيه موسيقى السراب والحب دى ..

:- و لا تعرفى تبوسى لو الشاى وقع منك ...
ضحكت :- برضه مبعرفش ...

ابتسمت ابتسامة عريضة :
- اطمنى ... أنا هعلمك كل حاجة .. أصل أنا بقى بقيت استاذ .. أنا تعلمت كل حاجة و أنا قاعد قدامك .. أصل أنا كنت بحلم أنى حبيت واحدة .. مش هقول إنها شبهك كدة ... و كانت أختها شغالة رقاصة ... و بعد ما عرفت إن أختها بتشتغل رقاصة ...........


وظللت أحكى .. و أحكى .. و أحكى .. حتى فوجئت بها تمسك رأسها .. و تصرخ فى صوت دوى فى أرجاء المحطة :
- كفاااااااية

ههههههههههههههه .. هو أنا لسة حكيت حاجة
.



تمت بحمد الله

fu] Y`k manshhooo fhrn v,hdm pskhx hgr'hv

محمد عاشور غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2009-01-25, 02:54 AM   #2
الصورة الرمزية MaNsHo0o0
عضوية الامتياز
تاريخ التسجيل: 2008-08-17
الدولة: Fe 2aLb 7aBeBtY
العمر: 33
المشاركات: 974
التقييم: 759
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MaNsHo0o0 إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MaNsHo0o0 إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MaNsHo0o0 إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MaNsHo0o0
الصورة الرمزية MaNsHo0o0
عضوية الامتياز
افتراضي

لا اتفضل يا أ/ محمد دا انتا شرفت الروايه
MaNsHo0o0 غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2009-01-26, 02:30 AM   #3
الصورة الرمزية MaNsHo0o0
عضوية الامتياز
تاريخ التسجيل: 2008-08-17
الدولة: Fe 2aLb 7aBeBtY
العمر: 33
المشاركات: 974
التقييم: 759
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MaNsHo0o0 إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MaNsHo0o0 إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MaNsHo0o0 إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MaNsHo0o0
الصورة الرمزية MaNsHo0o0
عضوية الامتياز
افتراضي

MaNsHo0o0 غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2009-01-26, 08:19 PM   #4
الصورة الرمزية ملكة الرومنسية
عضو مرعب
تاريخ التسجيل: 2007-03-10
الدولة: القاهرة
المشاركات: 386
التقييم: 24
الصورة الرمزية ملكة الرومنسية
عضو مرعب
افتراضي

ههههههههههههههه

بعد كل دا وكان بيحلم

شكرا ليك اخى على التكملة

بجد قصة حلوة اووى
ملكة الرومنسية غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2009-03-12, 02:40 PM   #5
الصورة الرمزية سيف الله
عضو قدير
تاريخ التسجيل: 2009-03-11
المشاركات: 24
التقييم: 10
الصورة الرمزية سيف الله
عضو قدير
افتراضي

ايه ياعم الروايات الجمدة دى جميلةجدا ياريت تفضل تكتب من الروايات الجميلة دى وانا بشكرك جدا ولا اشعارك لوحدها حكايه ياريت تكتب القصيدة
سيف الله غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-03, 03:09 PM   #6
الصورة الرمزية احمدميدو
ماسى
تاريخ التسجيل: 2009-03-09
المشاركات: 211
التقييم: 11
الصورة الرمزية احمدميدو
ماسى
افتراضي

اية الحلاة دى تسلم ايديك على الرواية الجميلة
احمدميدو غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2009-04-13, 10:37 PM   #7
الصورة الرمزية الجمال الصامت
عضو مرعب
تاريخ التسجيل: 2009-04-06
الدولة: دموع الصمت
المشاركات: 337
التقييم: 11
الصورة الرمزية الجمال الصامت
عضو مرعب
افتراضي

شكرا لعرضك هذه القصة فقد اخذتنا الى بحار المستحيل الذى تحققت ااماله


ننتظر المزيد
التعديل الأخير تم بواسطة الجمال الصامت ; 2009-04-13 الساعة 10:51 PM
الجمال الصامت غير متصل   رد مع اقتباس
أضف رد جديد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قطار الحجيج من الألف إلى الياء ابن مصر المنتدى الاسلامى 0 2010-11-03 01:43 PM
قصة الشيخ الوقور وركاب القطار mrmr القصص والروايات 7 2009-07-26 09:41 PM
رواية حسناء القطار .. كاتبها دكتور عمرو عبد الحميد MaNsHo0o0 القصص والروايات 7 2009-01-26 07:11 PM
قصة الشيخ الوقور وركاب القطار omar85 المنتدى العام 4 2008-10-27 01:09 AM
رواية (رحلة ابن فطومة) لنجيب محفوظ WebCraker القصص والروايات 3 2008-10-03 05:00 PM


Internal & External Links

الساعة الآن 08:57 PM.
Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
استضافة , دعم فنى