اختر لونك:


المنتدى الاسلامى كل ما يتعلق بديننا الحنيف على مذهب أهل السنة والجماعة فقط

تفسير القران كاملا

بصوا يا جماعه انا هدخل اكتب تفسير كل سورة من سور القرآن الكريم لحد لما اوصل للجزء الثلاثين , وياااريت تدخلوا تشوفوا التفسير منقول من كتاب (صفوة التفاسير) وهو تاليف

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 2008-11-29, 03:01 AM   #1
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
Only Here تفسير القران كاملا


بصوا يا جماعه انا هدخل اكتب تفسير كل سورة من سور القرآن الكريم
لحد لما اوصل للجزء الثلاثين
, وياااريت تدخلوا تشوفوا التفسير

منقول من كتاب (صفوة التفاسير) وهو تاليف الاستاذ محمد علي الصابوني الاستاذ بكلية الشريعة و الدراسات الاسلامية مكة المكرمة - جامعة الملك عبد العزيز ، دار الصابوني .
وقد وافق علي هذا الكتاب الدكتور عبد الحليم محمود - شيخ الجامع الازهر /الشيخ عبد الله بن حميد - رئيس مجلس القضاء الاعلى - الرئيس العام للاشراف الديني على المسجد الحرام /الشيخ ابي الحسن علي الحسني الندوي - رئيس ندوة العلماء بلكنهو - الهند /الدكتور عبد الله عمر نصيف - مدير جامعة الملك عبد العزيز /الدكتور راشد بن راجح - عميد كلية الشريعة و الدراسات الاسلامية بمكة المكرمة /فضيلة الشيخ عبد الله خياط - خطيب المسجد الحرام /الشيخ محمد الغزالي - رئيس قسم الدعوة واصول الدين بكلية الشريعة بمكة المكرمة /
وربنا يجازى كل من ساهم في هذا العمل خييرا يارب ويجزيكم خير
وربنا يهدينا ويهدى المسلمين آجمعين يارب
ويتقبل منا ومنكم يارب

ونبدا بسوره الفاتحه
سورة الفاتحة
مكية وآياتها سبع آيات باتفاق
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

===============
تفسير الاستعاذة:
===============
المعنى: أستجير بجانب الله، وأعتصم به من شر الشيطان العاتي المتمرد، أن يضرني فى دينى أو دنياى، أو يصدنى عن فعل ما أمرت به، وأحتمى بالخالق السميع العليم من همزه ولمزه ووساوسه، فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان، إلا الله رب العالمين. عن النبى (ص) أنه كان إذا قام من الليل، استفتح صلاته بالتكبير، ثم يقول: (أعوذ الله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه. (أخره أصحاب السنن).

===============
تنبيه:
===============
لفظة "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ليست آية قرآنية، وإنما هو أدب أدبنا الله به، عند إرادة قراءة القرآن بقوله سبحانه
[فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم] فلهذا لم تكتب فى القرآن الكريم بخلاف البسملة.
بسم الله الرحمن الرحيم

===============
تفسير البسملة:
===============
أبدأ بتسمية الله وذكره قبل كل شئ، مستعيناً به جل وعلا فى جميع أموري، طالباً منه وحده العون، فإن الرب المعبود، ذو الفضل والجود، واسع الرحمة كثير التفضل والإحسان، الذى وسعت رحمته كل شئ، وعم فضله جميع الأنام.

===============
تنبيه:
===============

[بسم الله الرحمن الرحيم] افتتح الله بهذه الآية سورة الفاتحة وكل سورة من سور القرآن – ما عدا سورة التوبة – ليرشد المسلمين إلى أن يبدأوا أعمالهم وأقوالهم باسم الله الرحمن الرحيم، التماساً لمعونته وتوفيقه، ومخالفة للوثنيين الذين يبدأون أعمالهم بأسماء آلهتهم أو طواغيتهم فيقولون: باسم اللات، أو باسم العزى، أو باسم الشعب، أو باسم هبل.
قال الطبرى: "إن الله تعالى ذكره وتقدست أسماؤه، أدب نبيه محمداً (ص) بتعليمه ذكر أسمائه الحسنى، أمام جميع أفعاله، وجعل ذلك لجميع خلقه سنة يستنون بها، وسبيلاً يتبعونه عليها، فقول القائل: بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح تالياً سورة، ينبئ عن أن مراده: أقرأ بسم الله، وكذلك سائر الأفعال".

===============
تفسير سورة الفاتحة
===============
بين يدى السورة الكريمة:
===============
هذه السورة الكريمة مكية، وآياتها سبع بالإجماع، وتسمى "الفاتحة" لافتتاح الكتاب العزيز بها، حيث إنها أول القرآن فى (الترتيب) لا فى (النزول)، وهى – على قصرها ووجازتها – قد حوت معانى القرآن العظيم، واشتملت على مقاصده الأساسية بالإجمال، فهى تتناول أصول الدين وفروعه، تتناول العقيدة، والعباد، والتشريع، والاعتقاد باليوم الآخر، والإيمان بصفات الله الحسنى، وإفراده بالعبادة، والاستعانة والدعاء، والتوجه إليه جل وعلا بطلب الهداية إلى الدين الحق، والصراط المستقيم، والتضرع إليه بالتثبيت على الإيمان ونهج سبيل الصالحين، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين، وفيها الأخبار عن قصص الأمم السابقين، والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء، وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه، إلى غير ما هنالك من مقاصد وأغراض وأهداف، فهي كالأم بالنسبة لبقية السور الكريمة، ولهذا تسمى "أم الكتاب" لأنها جمعت مقاصده الأساسية.

===============
فضلها:
===============
أ – روى الإمام أحمد فى المسند أن "أبي بن كعب" قرأن على النبى (ص) أم القرآن فقال رسول الله (ص): "والذى نفسى بيده ما أنزل فى التوراة، ولا فى الإنجيل، ولا فى الزبور، ولا فى الفرقان مثلها، هى السبع المثانى والقرآن العظيم الذى أوتيته" فهذا الحديث الشريف يشير إلى قوله تعالى فى سورة الحجر:
[ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم].
ب- وفى صحيح البخارى أن النبى (ص) قال لأبى سعيد بن المعلى: "لأعلمنك سورة هى أعظم السور فى القرآن: الحمد لله رب العالمين، هى السبع المثاني، والقرآن العظيم الذى أوتيته".

===============
التسمية:
===============
تسمى "الفاتحة، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والشافية، والوافية، والكافية، والأساس، والحمد" وقد عددها العلامة القرطبي وذكر أن لهذه السورة الكريمة اثنى عشر اسماً.

===============
اللغة:
===============

[الحمد] الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، مقروناً بالمحبة،وهو نقيض الذم وأعم من الشكر، لأن الشكر يكون مقابل النعمة بخلاف الحمد
[الله] اسم علم للذات المقدسة لا يشاركه فيه غيره، قال القرطبي: هذا الاسم
[الله] أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها، وهو اسم للموجود الحق، الجامع لصفات الإلهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي لا إله إلا هو سبحانه
[رب] الرب: مشتق من التربية وهى إصلاح شؤون الغير ورعاية أمره، قال الهروي: "يقال لمن قام بإصلاح شئ وإتمامه: "قد ربه، ومنه الربانيون لقيامهم بالكتب" (تفسير القرطبى 1/133) والرب يطلق على عدة معان وهى "المالك، والمصلح، والمعبود، والسيد المطاع"
[العالمين] العالم: اسم جنس لا واحد له من لفظه كالرهط، وهو يشمل: الإنس والجن واللائكة والشياطين كذا قال الفراء، وهو مشتق من العلامة لأن "العالم" علامة على وجود الخالق جل وعلا
[الرحمن الرحيم] صفتان مشتقتان من الرحمة، وقد روعى في كل من
[الرحمن] و
[الرحيم] معنى لم يراع فى الآخر، فالرحمن بمعنى عظيم الرحمة لأن "فعلان" صيغة مبالغة فى كثرة الشيء وعظمته، ولا يلزم منه الدام كغضبان وسكران، والرحيم بمعنى دائم الرحمة لأن صيغة "فعيل" تستعمل فى الصفات الدائمة، ككريم وظريف فكأنه قيل: العظيم الرحمة، الدائم الإحسان.
قال الخطابي: الرحمن ذو الرحمة الشاملة التى وسعت الخلق فى أرزاقهم ومصالحهم، وعمت المؤمن والكافر، والرحيم خاص بالمؤمن كما قال تعالى:
[وكان بالمؤمنين رحيما]ٍ ،
[الدين] الجزاء ومنه الحديث "كما تدين تدان" أى كما تفعل تجرى
[نعبد] قال الزمخشري: العبادة أقصى غاية الخضوع والتذلل، ولذلك لم تستعمل إلا فى الخضوع لله تعالى، لأنه مولي أعظم النعم فكان حقيقاً بأقصى الخضوع
[الصراط] الطريق وأصله بالسين من الاستراط بمعنى الابتلاع، كأن الطريق يبتلع السالك، قال الشاعر:
شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط

[المستقيم] الذي لا عوج فيه ولا انحراف "آمين" أى استجب دعاءنا، وهي ليست من القرآن الكريم إجماعاً، ولهذا لم تكتب فيه، وإنما هى من تعليم رسول الله وهديه.

===============
التفسير:
===============
علمنا البارى جل وعلا كيف ينبغى أن نحمده تعالى ونقدسه، ونثني عليه بما هو أهله فقال
[الحمد لله رب العالمين] أي قولوا يا عبادي إذا أردتم شكري وثنائي الحمد لله، اشكروني على إحساني وجميلي إليكم، فأنا الله ذو العظمة والمجد والسؤدد، المتفرد بالخلق والإيجاد، رب الإنس والجن والملائكة، ورب السموات والأرضين، فالثناء والشكر لله رب العالمين، دون ما يعبد من دونه
[الرحمن الرحيم] أي الذي وسعت رحمته كل شئ وعم فضله جميع الأنام، بما أنعم على عباده من الخلق، والرزق، والهداية إلى سعادة الدارين، فهو الرب الجليل عظيم الرحمة دائم الإحسان
[مالك يوم الدين] أي هو سبحانه المالك للجزاء والحساب، المتصرف فى يوم الدين تصرف المالك في ملكه
[يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله]
[إياك نعبد وإياك نستعين] أي نخصك يا ألله بالعبادة، ونخصك بطلب الإعانة، فلا نعبد أحدا سواك، لك وحدك ربنا نذل ونخضع، ونستكين ونخشع، وإياك ربنا نستعين على طاعتك ومرضاتك، فإنك المستحق لكل إجلال وتعظيم، ولا يملك القدرة على عوننا أحد سواك
[إهدنا الصراط المستقيم] أي دلنا وأرشدنا يا رب إلى طريقك الحق، ودينك المستقيم وثبتنا على الإسلام الذي بعثت به أنبياءك ورسلك، وأرسلت به خاتم المرسلين، واجعلنا ممن سلك طريق المقربين
[صراط الذين أنعمت عليهم] أي طريق من تفضلت عليهم بالجود والإنعام، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا
[غير المغضوب عليهم ولا الضالين] أي لا تجعلنا يا ألله من زمرة أعدائك الحائدين عن الصراط المستقيم السالكين غير المنهج القويم، من اليهود المغضوب عليهم، أو النصارى الضالين، الذين ضلوا عن شريعتك القدسية، فاستحقوا الغضب واللعنة الأبدية. اللهم آمين.

===============
البلاغة:
===============
1- [الحمد لله] الجملة خبرية لفظاً، إنشائية معنى أي قولوا "الحمد لله" وهى مفيدة لقصر الحمد عليه تعالى كقولهم: الكرم فى الرعب.
2- [إياك نعبد وإياك نستعين] فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، ولو جرى الكلام على الأصل لقال: إياه نعبد، وتقديم المفعول يفيد القصر – أعني الاختصاص – أي لا نعبد سواك كما فى قوله تعالى [وإياي فارهبون].
3- قال فى البحر المحيط: وفى هذه السورة الكريمة من أنواع الفصاحة والبلاغة أنواع:
الأول: حسن الافتتاح وبراعة المطلع، حيث بدأ بجوامع الشكر والثناء.
الثانى: المبالغة فى الثناء لإفادة "ال" الاستغراق.
الثالث: تلوين الخطاب إذ صيغته الخبر، ومعناه الأمر، أي قولوا الحمد لله.
الرابع: الاختصاص فى قوله [الله] أي الحمد كله خاص به جل وعلا.
الخامس: الحذف كحذف "صراط" من قوله [غير المغضوب عليهم] تقديره غير صراط المغضوب عليهم وغير صراط الضالين، أى غير طريق الفريقين.
السادس: التقديم والتأخير فى [إياك نعبد].
السابع: التصريح بعد الإبهام [الصراط المستقيم] ثم فسره بقوله:
[صراط الذين أنعمت عليهم].
الثامن: الالتفات فى [إياك نعبد وإياك نستعين].
التاسع: طلب الشئ، والمراد به دوامه واستمراره فى [إهدنا الصراط] أى ثبتنا عليه، كقوله تعالى
[يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله] أى اثبتوا على الإيمان.
العاشر: السجع المتوازى فى قوله: [الرحمن الرحيم، الصراط المستقيم] وقوله: [نستعين.. الضالين].

===============
الفوائد:
===============
الأولى: الفرق بين [الله] و [الإله] أن الأول اسم علم للذات المقدسة ذات البارى جل وعلا، ومعناه المعبود بحق، والثاني معناه المعبود بحق أو باطل، فهو اسم يطلق على الله تعالى وعلى غيره، بخلاف "الله" فإنه المعبود بحق.
الثانية: وردت الصبغة بلفظ الجمع "نعبد ونستعين" ولم يقل "إياك أعبد وإياك أستعين" بصيغة المفرد، وذلك للاعتراف بقصور العبد عن الوقوف فى باب ملك الملوك، فكأنه يقول: أنا يا رب العبد الحقيق الذليل، لا يليق بي أن أقف هذا الموقف فى مناجاتك بمفردي، بل أنضم إلى سلك المؤمنين الموحدين، فتقبل دعائى فى زمرتهم، فنحن يا رب جميعا نعبدك ونستعين بك.
الثالث: نسب النعمة إلى الله عز وجل [أنعمت عليهم] ولم ينسب إليهم الإضلال والغضب، فلم يقل: غضبت عليهم أو الذين أضللتهم، وذلك لتعليم العباد الأدب مع الله تعالى، فالشر لا ينسب إلى الله تعالى أدباً، وإن كان منه تقديراً، كما ورد فى الدعاء المأثور "الخير كله بيديك" والشر لا ينسب إليك".

===============
خاتمة فى بيان الأسرار القدسية فى فاتحة الكتاب العزيز
===============
يقول شهيد الإسلام الشيخ حسن البنا في رسالته القيمة "مقدمة فى التفسير" ما نصه: "لا شك أن من تدبر الفاتحة الكريمة رأى من غزارة المعاني وجمالها، وروعة التناسب وجلاله، ما يأخذ بلبه، يضيء جوانب قلبه، فهو يبتدئ ذاكراً تالياً متيمناً باسم الله، الموصوف بالرحمة التى تظهر آثار رحمته متجددة فى كل شيء، فإذا استشعر هذا المعنى، ووقر فى نفسه انطلق لسانه بحمد هذا الإله
[الرحمن الرحيم] وذكره الحمد بعظيم نعمه، وكريم فضله، وجميل آلائه، البادية فى تربيته للعوالم جميعاً، فأجال بصيرته فى هذا المحيط الذى لا ساحل له، ثم تذكر من جديد أن هذه النعم الجزيلة والتربية الجليلة، ليست من رغبة ولا رهبة، ولكنها عن تفضل ورحمة، فنطق لسانه مرة ثانية بـ
[الرحمن الرحيم] ومن كمال هذا الإله العظيم أن يقرن الرحمن بـ "العدل" ويذكر بالحساب بعد "الفضل"، فهو مع رحمته السابغة المتجددة سيدين عباده ويحاسب خلقه يوم الدين
[يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله] فتربيته لخلقه قائمة على الترغيب بالرحمة، والترهيب بالعدالة والحساب
[مالك يوم الدين] وإذا كان الأمر كذلك فقد أصبح العبد مكلفاً بتحري الخير، والبحث عن وسائل النجاة، وهو فى هذا أشد ما يكون حاجة إلى من يهديه سواء السبيل، ويرشده إلى الصراط المستقيم، وليس أولى به في ذلك من خالقه وولاه، فليلجأ إليه وليعتمد عليه وليخاطبه بقوله:
[إياك نعبد وإياك نستعين] وليسأله الهداية من فضله إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم بمعرفة الحق واتباعه، غير المغضوب عليهم بالسلب بعد العطاء، والنكوص بعد الاهتداء، وغير الضالين التائهين، الذي يضلون عن الحق أو يريدون الوصول إليه فلا يوفقون للعثور عليه، آمين. ولا جرم أن "آمين" براعة مقطع فى غاية الجمال والحسن، وأي شيء أولى بهذه البراعة من فاتحة الكتاب، والتوجه إلى الله بالدعاء؟ فهل رأيت تناسقا أدق، أو ارتباطاً أوثق، مما تراه بين معاني هذه الآية الكريمة؟ وتذكر وأنت تهيم فى أودية هذا الجمال ما يرويه رسول الله (ص) عن ربه فى الحديث القدسي (قسمت الصلاة بينى وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل..) الحديث وأدم هذا التدبر والإنعام، واجتهد أن تقرأ فى الصلاة وغيرها على مكث وتمهل، وخشوع وتذلل، وأن تقف على رؤوس الآيات، وتعطي التلاوة حقها من التجويد أو النغمات، من غير تكلف ولا تطريب، واشتغال بالألفاظ عن المعاني، فإن ذلك يعين على الفهم، ويثير ما غاض من شآبيب الدمع، وما نفع القلب شئ أفضل من تلاوة فى تدبر وخشوع

jtsdv hgrvhk ;hlgh

MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-29, 03:06 AM   #2
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي سوره البقره

سورة البقرة
سورة البقرة جميعها مدنية بلا خلاف ، وهى من أوائل ما نزل، وآياتها مائتان وثمانون وسبع آيات .

===============
بين يدي السورة
===============
- سورة البقرة أطول سور القرآن على الإطلاق، وهي من السور المدنية التي تعني بجانب التشريع، شأنها كشأن سائر السور المدنية، التى تعالج النظم والقوانين التشريعية، التى يحتاج إليها المسلمون فى حياتهم الاجتماعية.

- اشتملت هذه السورة الكريمة على معظم الأحكام التشريعية: فى العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، وفى أمور الزواج، والطلاق، والعدة، وغيرها من الأحكام الشرعية.

- وقد تناولت الآيات فى البدء الحديث عن (صفات المؤمنين)، و(الكافرين)، و(المنافقين)، فوضحت حقيقة الإيمان، وحقيقة الكفر والنفاق، للمقارنة بين أهل السعادة وأهل الشقاء.

- ثم تحدثت عن بدء الخليقة فذكرت قصة أبي البشر "آدم" عليه السلام، وما جرى عند خلقه وتكوينه، من الأحداث والمفاجآت العجيبة، التى تدل على تكريم الله جل وعلا للنوع البشري.

- ثم تناولت السورة الحديث بالإسهاب عن أهل الكتاب، وبوجه خاص بني إسرائيل "اليهود" لأنهم كانوا مجاورين للمسلمين فى المدينة المنورة، فنبهت المؤمنين إلى خبثهم ومكرهم، وما تنطوي عليه نفوسهم الشريرة من اللؤم، والغدر، والخيانة، ونقض العهود والمواثيق، إلى غير ما هنالك من القبائح والجرائم التى ارتكبها هؤلاء المفسدون، مما يوضح عظيم خطرهم، وكبير ضررهم على البشرية، وقد تناول الحديث عنهم ما يزيد على نصف السورة الكريمة، بدءاً من قوله تعالى: [يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم] إلى قوله تعالى: [وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن].

- أما بقية السورة الكريمة فقد تناولت جانب التشريع، لأن المسلمين كانوا فى بداية تكوين (الدولة الإسلامية) وهم فى أمس الحاجة إلى المنهاج الرباني، والتشريع السماوي، الذى يسيرون عليه فى حياتهم، سواء ما كان منها فى العبادات أو المعاملات، ولذا فإن جماع السورة يتناول الجانب التشريعي، وهو باختصار كما يلي:
"أحكام الصوم" مفصله بعض التفصيل، أحكام الحج والعمرة، أحكام الجهاد في سبيل الله، شؤون الأسرة، وما يتعلق بها، من (الزواج، والطلاق، والرضاعه، والعدة)، تحريم نكاح المشركات، والتحذير من معاشرة النساء فى حالة الحيض، إلى غير ما هنالك من أحكام تتعلق بالأسرة، لأنها النواة الأولى للمجتمع الأكبر، وفى صلاح الأسرة صلاح المجتمع !!.

- ثم تحدثت السورة الكريمة عن "جريمة الربا" التى تهدد كيان المجتمع وتقوض بنيانه، وحملت حملة عنيفة شديدة على المرابين، بإعلان الحرب السافرة من الله ورسوله، على كل من يتعامل بالربا أو يقدم عليه [يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين – فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون].

- وأعقبت آيات الربا بالتحذير من ذلك اليوم الرهيب، الذى يجازى فيه الإنسان على عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر [واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون] وهي آخر ما نزل من القرآن الكريم، وآخر وحي تنزل من السماء إلى الأرض، وبنزول هذه الآية انقطع الوحي، وانتقل الرسول الأعظم (ص) إلى جوار ربه، بعد أن أدى الرسالة وبلغ الأمانة ونصح الأمة، وجاهد فى الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين!.

- وختمت السورة الكريمة بتوجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة، والتضرع إلى الله جل وعلا برفع الأغلال والآصار، وطلب النصرة على الكفار، والدعاء لما فيه سعادة الدارين [ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين] وهكذا بدأت السورة بأوصاف المؤمنين، وختمت بدعاء المؤمنين ليتناسق البدء مع الختام، ويلتئم شمل السورة أفضل التئام!!.

===============
التسمية:
===============
سميت السورة الكريمة "سورة البقرة" إحياء لذكرى تلك المعجزة الباهرة، التي ظهرت فى زمن موسى الكليم، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله، فعرضوا الأمر على موسى لعله يعرف القاتل، فأوحى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة، وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل، وتكون برهانا على قدرة الله جل وعلا فى إحياء الخلق بعد الموت، وستأتي القصة مفصلة فى موضعها إن شاء الله.

===============
فضلها:
===============
عن رسول الله (ص) أنه قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة). وقال (ص): (اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) يعنى السحرة.


###############
قال الله تعالى: [ألم – ذلك الكتاب لا ريب فيه.. إلى .. وأولئك هم المفلحون]. من آية (1) إلى نهاية آية (5).
###############


===============
اللغة:
===============
[ريب] الريب: الشك وعدم الطمأنينة يقال: ارتاب، وأمر مريب إذا كان فيه شك وريبة، قال الزمخشري: الريب مصدر رابه إذا أحدث له الريبة وهى قلق النفس واضطرابها، ومنه ريب الزمان لنوائبه

[المتقين] أصل التقوى مأخوذ من اتقاء المكروه بما تجعله حاجزاً بينك وبينه، قال النابغة: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
فالمتقى هو الذي يقي نفسه مما يضرها، وهو الذى يتقى عذاب الله بطاعته، وجماع التقوى أن يمتثل العبد الأوامر، ويجتنب النواهي

[الغيب] ما غاب عن الحواس، وكل شئ مستور فهو غيب، كالجنة، والنار ، والحشر والنشر قال الراغب: الغيب ما لا يقع تحت الحواس

[المفلحون] الفلاح: الفوز والنجاح قال أبو عبيدة: كل من أصاب شيئا من الخير فهو مفلح وقال البيضاوي: المفلح: الفائز بالمطلوب كأنه الذى انفتحت له وجوه الظفر، وأصل الفلح فى اللغة: الشق والقطع، ومنه قولهم فى الأمثال "إن الحديد بالحديد يفلح" أي يشق، ولذلك سمى الفلاح فلاحاً، لأنه يشق الأرض بالحراثة

[كفروا] الكفر لغة: ستر النعمة ولهذا يسمى الكافر كافراً لأنه يجحد النعمة ويسترها، ومنه قيل للزارع ولليل كافر، قال تعالى [أعجب الكفار نباته] أي أعجب الزراع، وسمى الليل كافرا لأنه يغطي كل شيء بسواده

[أنذرتهم] الإنذار: الإعلام مع التخويف، فإن خلا من التخويف فهو إعلام وإخبار، لا إنذار

[ختم] الختم: التغطية على الشئ والطبع عليه حتى لا يدخل شيء ، ومنه ختم الكتاب.

[غشاوة] الغشاوة: الغطاء من غشاه إذا غطاه، ومنه الغاشية وهى القيامة ، لأنها تغشى الناس بأهوالها وشدائدها!!.

MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-29, 03:11 AM   #3
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره


التفسير:

===============
ابتدأت السورة الكريمة بذكر أوصاف المتقين، وابتداء السورة بالحروف المقطعة [ألم] وتصديرها بهذه الحروف الهجائية، يجذب أنظار المعرضين عن هذا القرآن، إذ يطرق أسماعهم لأول وهلة، ألفاظ غير مألوفة فى تخاطبهم، فينتبهوا إلى ما يلقى إليهم من آيات بينات، وفى هذه الحروف وأمثالها تنبيه على "إعجاز القرآن" فإن هذا الكتاب منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم، فإذا عجزوا عن الاتيان بمثله، فذلك أعظم برهان على (إعجاز القرآن)!! يقول العلامة ابن كثير رحمه الله: إنما ذكرت هذه الحروف فى أوائل السور بيانا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التى يتخاطبون بها، وهو قول جمع من المحققين، وقد قرره الزمخشري فى تفسيره الكشاف، ونصره أتم نصر، وإليه ذهب الإمام "ابن تيمية" ثم قال: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف، فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، مثل [الم، ذلك الكتاب] [المص، كتاب أنزل إليك] ، [الم، تلك آيات الكتاب الحكيم] ، [حم، والكتاب المبين، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين] وغير ذلك من الآيات الدالة على إعجاز القرآن. ثم قال تعالى:

[ذلك الكتاب لا ريب فيه] أي هذا القرآن المنزل عليك يا محمد، هو الكتاب الذي لا يدانيه كتاب [لا ريب فيه] أي لا شك في أنه من عند الله، لمن تفكر وتدبر، أو ألقى السمع وهو شهيد

[هدى للمتقين] أي هاد للمؤمنين المتقين، الذين يتقون سخط الله، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويدفعون عذابه بطاعته، قال ابن عباس: المتقون هم الذين يتقون الشرك، ويعملون بطاعة الله، وقال الحسن البصري: اتقوا ما حرم عليهم، وأدوا ما افترض عليهم.. ثم بين تعالى صفات هؤلاء المتقين فقال:

[الذين يؤمنون بالغيب] أي يصدقون بما غاب عنهم ولم تدركه حواسهم، من البعث، والجنة، والنار، والصراط، والحساب، وغير ذلك من كل ما أخبر عنه القرآن أو النبى عليه الصلاة والسلام

[ويقيمون الصلاة] أي يؤدونها على الوجه الأكمل بشروطها وأركانها، وخشوعها وآدابها قال ابن عباس: إقامتها: إتمام الركوع والسجود، والتلاوة والخشوع

[ومما رزقناهم ينفقون] أي ومن الذي أعطيناهم من الأموال ينفقون ويتصدقون، في وجوه البر والإحسان، والآية عامة تشمل الزكاة، والصدقة، وسائر النفقات، وهذا اختيار ابن جرير، وروي عن ابن عباس أن المراد بها زكاة الأموال، قال ابن كثير: كثيرا ما يقرن تعالى بين الصلاة والإنفاق من الأموال، لأن الصلاة حق الله، وهى مشتملة على توحيده وتمجيده والثناء عليه، والإنفاق هو الإحسان إلى المخلوقين وهو حق العبد، فكل من النفقات الواجبة، والزكاة المفروضة داخل الآية الكريمة

[والذين يؤمنون بما أنزل إليك] أى يصدقون بكل ما جئت به عن الله تعالى

[وما أنزل من قبلك] أى وبما جاءت به الرسل من قبلك، لا يفرقون بين كتب الله، ولا بين رسله

[وبالآخرة هم يوقنون] أي ويعتقدون اعتقاداً جازماً لا يلابسه شك أو ارتياب بالدار الآخرة التى تتلو الدنيا، بما فيها من بعث، وجزاء وجنة، ونار، وحساب، وميزان، وإنما سميت الدار الآخرة لأنها بعد الدنيا

[أولئك على هدى من ربهم] أى أولئك المتصفون بما تقدم من الصفات الجليلة، على نور وبيان وبصيرة من الله

[وأولئك هم المفلحون] أي وأولئك هم الفائزون بالدرجات العالية الرفيعة فى جنات النعيم.

===============
البلاغة:
===============
تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
1- المجاز العقلي [هدى للمتقين] أسند الهداية للقرآن وهو من الإسناد للسبب، والهادي فى الحقيقة هو (الله رب العالمين) ففيه مجاز عقلي.

2- الإشارة بالبعيد عن القريب [ذلك الكتاب] ولم يقل: هذا الكتاب، للإيذان بعلو شأنه، وبعد مرتبته فى الكمال، فنزل بعد المرتبة منزلة البعد الحسى.

3- تكرير الإشارة [أولئك على هدى] [وأولئك هم المفلحون] للعناية بشأن المتقين، وجئ بالضمير [هم] ليفيد الحصر كأنه قال: هم المفلحون لا غيرهم.


###############
قال الله تعالى:
[إن الذين كفروا سواء عليهم.. إلى .. ولهم عذاب عظيم] من آية (6) إلى نهاية آية (7).

###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى صفات المؤمنين فى الآيات السابقة، أعقبها بذكر صفات الكافرين، ليظهر الفارق الواضح بين الصنفين، على طريقة القرآن الكريم فى المقارنة بين الأبرار والفجار، والتمييز بين أهل السعادة وأهل الشقاوة، فبالمقارنة تظهر الحقائق، كما قيل: "وبضدها تتميز الأشياء".

===============
التفسير:
===============
[إن الذين كفروا] أي إن الذين جحدوا بآيات الله وكذبوا رسالة محمد (ص)

[سواء عليهم] أي يتساوى عندهم

[أأنذرتهم أم لم تنذرهم] أي سواء أحذرتهم يا محمد من عذاب الله وخوفتهم منه أم لم تحذرهم

[لا يؤمنون] أي لا يصدقون بما جئتهم به، فلا تطمع فى إيمانهم، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، وفى هذا تسلية للنبى (ص) حول تكذيب قومه له.
ثم بين تعالى العلة فى سبب عدم الإيمان فقال

[ختم الله على قلوبهم] أي طبع على قلوبهم فلا يدخل فيها نور، ولا يشرق فيها إيمان. قال المفسرون: الختم: التغطية والطبع، وذلك أن القلوب إذا كثرت عليها الذنوب، طمست نور البصيرة فيها، فلا يكون للإيمان إليها مسلك، ولا للكفر عنها مخلص كما قال تعالى: (بل طبع الله عليها بكفرهم).

[وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة] أي وعلى أسماعهم وعلى أبصارهم غطاء، فلا يبصرون هدى، ولا يسمعون، ولا يفقهون، ولا يعقلون!! لأن أسماعهم وأبصارهم كأنها مغطاة بحجب كثيفة، لذلك يرون الحق فلا يتبعونه، ويسمعونه فلا يعونه. قال أبو حيان: شبه تعالى قلوبهم لتأبيها عن الحق، وأسماعهم لإضرابها عن سماع داعي الفلاح، وأبصارهم لامتناعها عن تلمح نور الهداية، بالوعاء المختوم عليه، المسدود منافذه، المغطى بغشاء يمنع أن يصله ما يصلحه، وذلك لأنها كانت – مع صحتها وقوة إدراكها – ممنوعة عن قبول الخير وسماعه، وتلمح نوره، وهذا بطريق الاستعارة

[ولهم عذاب عظيم] أي ولهم فى الآخرة عذاب شديد لا ينقطع، بسبب كفرهم وإجرامهم، وتكذيبهم بآيات الله.

للموضوع بقيه
التعديل الأخير تم بواسطة MERAMADA ; 2008-11-29 الساعة 11:24 PM
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-29, 06:09 PM   #4
الصورة الرمزية Eng.Shapon
مشرف المنتدى الاسلامى
تاريخ التسجيل: 2008-04-16
الدولة: لـيـــ طرابـلس ــبـيـا
العمر: 36
المشاركات: 1,669
التقييم: 461
إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى Eng.Shapon
الصورة الرمزية Eng.Shapon
مشرف المنتدى الاسلامى
افتراضي

جزاك الله كل خير

وموضوع جميل جدا جدا

واستمر لنهاية وربنا معاك

بس في حاجة عايز اقولك عليها,,

ان التفسير دا ياريت يكون منقول من كتاب او شيخ او اي مصدر يكون صحيح

باجماع العلماء
وذالك لتجنب الشبهات ,,

طبعا اكيد فاهم وجهة نظري

وشكرا لك
وتقبل مروري

Eng.Shapon غير متصل  
قديم 2008-11-29, 06:29 PM   #5
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره


===============
1- التيئيس من إيمان الكفار [سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون] فالجملة سيقت للتنبيه على غلوهم فى الكفر والطغيان، وعدم استعدادهم للإيمان، ففيها تيئيس وإقناط من إيمانهم، وفي الآية طباق السلب.

2- الاستعارة التصريحية اللطيفة [ختم الله على قلوبهم] شبه تعالى قلوبهم لتأبيها عن الحق، وأسماعهم وأبصارهم لامتناعها عن تلمح نور الهداية، بالوعاء المختوم عليه، المسدود منافذه، المغشى بغشاء يمنع أن يصله ما يصلحه، واستعار لفظ (الختم والغشاوة) لذلك، بطريق الاستعارة التصريحية.


###############
قال الله تعالى: [ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر.. إلى .. إن الله على كل شئ قدير] من آية (8) إلى نهاية آية (20).

###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى فى أول السورة صفات المؤمنين، وأعقبها بذكر صفات الكافرين، ذكر هنا "المنافقين" وهم الصنف الثالث، الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، وأطنب بذكرهم فى ثلاث عشرة آية، لينبه إلى عظيم خطرهم، وكبير ضررهم، ثم عقب ذلك بضرب مثلين، زيادة فى الكشف والبيان، وتوضيحا لما تنطوى عليه نفوسهم من ظلمة الضلال والنفاق، وما يئول إليه حالهم من الهلاك والدمار.

===============
اللغة:
===============
[يخادعون] الخداع: المكر، والاحتيال، وإظهار خلاف الباطن، وأصله الإخفاء ومنه سمى الدهر خادعاً لما يخفي من غوائله، وسمى المخدع مخدعا لتستر أصحاب المنزل فيه

[مرض] المرض: السقم وهو ضد الصحة وقد يكون حسيا كمرض الجسم، أو معنوياً كمرض النفاق، ومرض الحسد والرياء، قال ابن فارس: المرض كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة، أو نفاق، أو تقصير فى أمر

[تفسدوا] الفساد:العدول عن الاستقامة وهو ضد الصلاح

[السفهاء] جمع سفيه وهو الجاهل ،الضعيف الرأى،القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار، وأصل السفه: الخفة، والسفيه: الخفيف العقل. قال علماء اللغة: السفه: خفة وسخافة رأي، يقتضيان نقصان العقل والحلم يقابله.

[طغيانهم] الطغيان: مجاوزة الحد فى كل شيء، ومنه قوله تعالى:[إنا لما طغى الماء] أي ارتفع وعلا وجاوز حده، والطاغية: الجبار العنيد

[يعمهون] العمه: التحير والتردد فى الشيء، يقال: عمه يعمه فهو عمه. قال رؤبة: "أعمى الهدى بالحائرين العمه". قال الفخر الرازي: العمه مثل العمى، إلا أن العمى عام فى البصر والرأي، والعمه فى الرأي خاصة، وهو التردد والتحير، بحيث لا يدري أين يتوجه

[اشتروا] حقيقة الاشتراء: الاستبدال، وأصله بذل الثمن لتحصيل الشئ المطلوب، والعرب تقول لمن استبدل شيئا بشئ اشتراه، قال الشاعر: فإن تزعمينى كنت أجهل فيكم فإنى اشتريت الحلم بعدك بالجهل

[صم] جمع أصم وهو الذى لا يسمع

[بكم] جمع أبكم وهو الأخرس الذي لا ينطق

[عمي] جمع أعمى وهو الذى فقد بصره

[صيب] الصيب: المطر الغزير مأخوذ من الصوب وهو النزول بشدة، قال الشاعر: "سقتك روايا المزن حيث تصوب"

[الصواعق] جمع صاعقة وهى نار محرقة لا تمر بشيء إلا أتت عليه، مشتقة من الصعق وهو شدة الصوت

[السماء] السماء فى اللغة: كل ما علاك فأظلك، ومنه قيل لسقف البيت سماء، ويسمى المطر سماء لنزوله من السماء قال الشاعر:
إذا سقط السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا

[يخطف] الخطف: الأخذ بسرعة ومنه قوله تعالى: (إلا من خطف الخطفة) وسمى الطير خطافا لسرعته، والخاطف الذي يأخذ الشئ بسرعة شديدة.

===============
سبب النزول:
===============
قال ابن عباس: نزلت هذه الآيات فى المنافقين من أمثال "عبد الله بن أبي ابن سلول، ومعتب بن قشير، والجد بن قيس" كانوا إذا لقوا المؤمنين يظهرون الإيمان والتصديق ويقولون: إنا لنجد فى كتابنا نعته وصفته.

===============
التفسير:
===============
[ومن الناس من يقول آمنا بالله] أي ومن الناس فريق يقولون بألسنتهم: صدقنا بالله، وبما أنزل على رسوله من الآيات البينات

[وباليوم الآخر] أي وصدقنا بالبعث والنشور

[وما هم بمؤمنين] أي وما هم على الحقيقة بمصدقين ولا مؤمنين لأنهم يقولون ذلك قولاً دون اعتقاد، وكلاماً دون تصديق. قال البيضاوي: هذا هو القسم الثالث المذبذب بين القسمين، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله، لأنهم موهوا الكفر، وخلطوا به خداعا واستهزاءً، ولذلك أطال القرآن فى بيان خبثهم وجهلهم، واستهزأ بهم وتهكم بأفعالهم، وسجل عليهم الطغيان والضلال، وضرب لهم الأمثال

[يخادعون الله والذين آمنوا] أي يعملون عمل المخادع، بإظهار ما أظهروه من الإيمان مع إصرارهم على الكفر، يعتقدون – بجهلهم – أنهم يخدعون الله بذلك، وأن ذلك نافعهم عنده، وأنه يروج عليه كما قد يروج على بعض المؤمنين، وما علموا أن الله لا يُخدع، لأنه لا تخفى عليه خافية، قال ابن كثير: النفاق هو إظهار الخير، وإسرار الشر وهو أنواع: (اعتقادي) وهو الذي يخلد صاحبه فى النار، و(عملى) وهو من أكبر الذنوب والأوزار، لأن المنافق يخالف قوله فعله، وسره علانيته، وإنما نزلت صفات المنافقين في (السور المدنية)، لأن مكة لم يكن بها نفاق بل كان خلافه

[وما يخدعون إلا أنفسهم] أي وما يخدعون في الحقيقة إلا أنفسهم لأن وبال فعلهم راجع عليهم

[وما يشعرون] أي ولا يحسون بذلك ولا يفطنون إليه، لتمادى غفلتهم، وتكامل حماقتهم

[في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا] أي فى قلوبهم شك ونفاق، فزادهم الله رجساً فوق رجسهم، وضلالا فوق ضلالهم، والجملة دعائية، قال ابن أسلم: هذا مرض فى الدين، وليس مرضا فى الجسد، وهو الشك الذى دخلهم فى الإسلام، فزادهم الله رجسا وشكا

[ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون] أي ولهم عذاب مؤلم بسبب كذبهم في دعوى الإيمان، واستهزائهم بآيات الرحمن.
ثم شرع تعالى في بيان قبائحهم، وأحوالهم الشنيعة فقال:

[وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض] أي وإذا قال لهم بعض المؤمنين: لا تسعوا في الأرض بالإفساد بإثارة الفتن، والكفر والصد عن سبيل الله، قال ابن مسعود: الفساد فى الأرض الكفر، والعمل بالمعصية، فمن عصى الله فقد أفسد فى الأرض

[قالوا إنما نحن مصلحون] أي ليس شأننا الإفساد أبداً، وإنما نحن أناس مصلحون، نسعى للخير والصلاح، فلا يصح مخاطبتنا بذلك، قال البيضاوي: تصوروا الفساد بصورة الصلاح، لما فى قلوبهم من المرض فكانوا كمن قال الله فيهم (أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا) ولذلك رد الله عليهم أبلغ رد، بتصدير الجملة بحرفي التأكيد [ألا] المنبهة، و[إن] المقررة، وتعريف الخبر، وتوسيط الفصل، والاستدراك بعدم الشعور فقال:

[ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون] أي ألا فانتبهوا أيها الناس، إنهم هم المفسدون حقاً لا غيرهم، ولكن لا يفطنون ولا يحسون، لانطماس نور الإيمان فى قلوبهم

[وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس] أي وإذا قيل للمنافقين: آمنوا إيمانا صادقا، لا يشوبه نفاق ولا رياء، كما آمن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأخلصوا فى إيمانكم وطاعتكم لله

[قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء]؟ الهمزة للإنكار مع السخرية والاستهزاء، أي قالوا: أنؤمن كإيمان هؤلاء الجهلة، أمثال "صهيب، وعمار، وبلال" ناقصي العقل والتفكير؟! قال البيضاوي: وإنما سفهوهم لاعتقادهم فساد رأيهم، أو لتحقير شأنهم، فإن أكثر المؤمنين كانوا فقراء، ومنهم موالى كصهيب، وبلال

[ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون] أي ألا إنهم هم السفهاء، حقاً، لأن من ركب متن الباطل، كان سفيهاً بلا امتراء، ولكن لا يعلمون بحالهم فى الضلالة والجهل، وذلك أبلغ فى العمى، والبعد عن الهدى.. أكد ونبه وحصر السفاهة فيهم، ثم قال تعالى منبهاً إلى مصانعتهم ونفاقهم

[وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا] أي وإذا رأوا المؤمنين وصادفوهم، أظهروا لهم الإيمان والموالاة نفاقاً ومصانعة

[وإذا خلوا إلى شياطينهم] أي وإذا انفردوا ورجعوا إلى رؤسائهم وكبرائهم، أهل الضلال والنفاق

[قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون] أي قالوا لهم نحن على دينكم، وعلى مثل ما أنتم عليه من الاعتقاد، وإنما نستهزئ بالقوم ونسخر منهم بإظهار الإيمان، قال تعالى رداً عليهم:

[الله يستهزئ بهم] أي الله يجازيهم على استهزائهم بالإمهال ثم بالنكال.. قال ابن عباس: يسخر بهم للنقمة منهم ويملي لهم كقوله: [وأملي لهم إن كيدي متين] قال ابن كثير: هذا إخبار من الله أنه مجازيهم جزاء الاستهزاء، ومعاقبهم عقوبة الخداع، فأخرج الخبر عن الجزاء مخرج الخبر عن الفعل الذي استحقوا العقاب عليه، فاللفظ متفق والمعنى مختلف ، وإليه وجهوا كل ما في القرآن من نظائر مثل [وجزاء سيئة سيئة مثلها] ومثل [فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه] فالأول ظلم، والثاني عدل

[ويمدهم فى طغيانهم يعمهون] أي ويزيدهم – بطريق الإمهال والترك – فى ضلالهم وكفرهم يتخبطون ويترددون حيارى، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا، لأن الله طبع على قلوبهم وأعمى أبصارهم، فلا يبصرون رشداً، ولا يهتدون سبيلا

[أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى] أي استبدلوا الكفر بالإيمان، وأخذوا الضلالة ودفعوا ثمنها الهدى

[فما ربحت تجارتهم] أي ما ربحت صفقتهم فى هذه المعاوضة والبيع

[وما كانوا مهتدين] أي وما كانوا راشدين فى صنيعهم ذلك، لأنهم خسروا سعادة الدارين.. ثم ضرب تعالى مثلين، وضح فيهما خسارتهم الفادحة فقال:

[مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً] أى مثالهم فى نفاقهم وحالهم العجيبة فيه، كحال شخص أوقد ناراً ليستدفئ بها ويستضئ، فما اتقدت حتى انطفأت، وتركته فى ظلام دامس، وخوف شديد

[فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم] أى فلما انارت المكان الذى حوله فابصر وامن ، واستانس بتلك النار المشعه المضيئه [ذهب الله بنورهم ] اى أطفأها الله بالكلية، فتلاشت النار وعدم النور

[وتركهم فى ظلمات لا يبصرون] أي وأبقاهم فى ظلمات كثيفة، وخوف شديد، يتخبطون فلا يهتدون، قال ابن كثير: ضرب الله للمنافقين هذا المثل، فشبههم فى اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى، بمن استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها، واستأنس بها وأبصر ما عن يمينه وشماله. فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره، وصار فى ظلام شديد، لا يبصر ولا يهتدى، فكذلك هؤلاء المنافقون فى استبدالهم الضلالة عوضاً عن الهدى، واستحبابهم الغي عن الرشد، وفى هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا، ولذلك ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات الشك والكفر والنفاق لا يهتدون إلى سبيل خير، ولا يعرفون طريق النجاة

[صم] أي هم كالصم لا يسمعون خيرا

[بكم] أي كالخرس لا يتكلمون بما ينفعهم

[عمى] أى كالعمى لا يبصرون الهدى ولا يتبعون سبيله

[فهم لا يرجعون] أي لا يرجعون عما هم فيه من الغي والضلال.. ثم ثنى تعالى بتمثيل آخر لهم، زيادة فى الكشف والإيضاح فقال:

[أو كصيب من السماء] أي أو مثلهم فى حيرتهم وترددهم كمثل قوم أصابهم مطر شديد، أظلمت له الأرض، وأرعدت له السماء، مصحوب بالبرق والرعد والصواعق

[فيه ظلمات ورعد وبرق] أي فى ذلك السحاب ظلمات داجية، ورعد قاصف، وبرق خاطف

[يجعلون أصابهم فى آذانهم من الصواعق] أي يضعون رؤوس أصابعهم فى آذانهم لدفع خطر الصواعق، وذلك من فرط الدهشة والفزع، كأنهم يظنون أن ذلك ينجيهم

[حذر الموت] أى خشية الموت من تلك الصواعق المدمرة

[والله محيط بالكافرين] جملة اعتراضية أي والله تعالى محيط بهم بقدرته، وهم تحت إرادته ومشيئته لا يفوتونه، كما لا يفوت من أحاط به الأعداء من كل جانب

[يكاد البرق يخطف أبصارهم] أي يقارب البرق لشدته وقوته وكثرة لمعانه، أن يذهب بأبصارهم فيأخذها بسرعة

[كلما أضاء لهم مشوا فيه] أي كلما أنار لهم البرق الطريق مشوا فى ضوئه

[وإذا أظلم عليهم قاموا] أي وإذا اختفى البرق وفتر لمعانه، وقفوا عن السير وثبتوا فى مكانهم.. وفي هذا تصوير لما هم فيه من غاية التحير والجهل، فإذا صادفوا من البرق لمعة – مع خوفهم أن يخطف أبصارهم – انتهزوها فرصة فخطوا خطوات يسيرة، وإذا خفي وفتر لمعانه وقفوا عن السير، وثبتوا فى أماكنهم خشية التردى فى حفرة

[ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم] أي لو أراد الله لزاد فى قصف الرعد، فأصمهم وذهب بأسماعهم، وفى ضوء البرق فأعماهم وذهب بأبصارهم

[إن الله على كل شئ قدير] أي إنه تعالى قادر على كل شئ، لا يعجزه أحد فى الأرض ولا فى السماء، قال ابن جرير: إنما وصف تعالى نفسه بالقدرة على كل شئ فى هذا الموضع، لأنه حذر المنافقين بأسه وسطوته، وأخبرهم أنه بهم محيط، وعلى إذهاب أسماعهم وأبصارهم قادر
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-29, 06:35 PM   #6
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي

[

بس في حاجة عايز اقولك عليها,,

ان التفسير دا ياريت يكون منقول من كتاب او شيخ او اي مصدر يكون صحيح

باجماع العلماء
وذالك لتجنب الشبهات ,,
[/quote]


اخى فى الله لقد ذكرت فى بدايه الموضوع مصدر التفاسير وهو

منقول من كتاب (صفوة التفاسير) وهو تاليف الاستاذ محمد علي الصابوني الاستاذ بكلية الشريعة و الدراسات الاسلامية مكة المكرمة - جامعة الملك عبد العزيز ، دار الصابوني .
وقد وافق علي هذا الكتاب الدكتور عبد الحليم محمود - شيخ الجامع الازهر /الشيخ عبد الله بن حميد - رئيس مجلس القضاء الاعلى - الرئيس العام للاشراف الديني على المسجد الحرام /الشيخ ابي الحسن علي الحسني الندوي - رئيس ندوة العلماء بلكنهو - الهند /الدكتور عبد الله عمر نصيف - مدير جامعة الملك عبد العزيز /الدكتور راشد بن راجح - عميد كلية الشريعة و الدراسات الاسلامية بمكة المكرمة /فضيلة الشيخ عبد الله خياط - خطيب المسجد الحرام /الشيخ محمد الغزالي - رئيس قسم الدعوة واصول الدين بكلية الشريعة بمكة المكرمة /
وشكرا لك على توجيهاتك
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-29, 10:37 PM   #7
الصورة الرمزية Eng.Shapon
مشرف المنتدى الاسلامى
تاريخ التسجيل: 2008-04-16
الدولة: لـيـــ طرابـلس ــبـيـا
العمر: 36
المشاركات: 1,669
التقييم: 461
إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى Eng.Shapon
الصورة الرمزية Eng.Shapon
مشرف المنتدى الاسلامى
افتراضي

اخي العزيز شكرا لتوضيح

وربنا يعينك
Eng.Shapon غير متصل  
قديم 2008-11-29, 11:17 PM   #8
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره


البلاغة:
===============
تضمنت الآيات الكريمة وجوها من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلى:

أولا: المبالغة فى تكذيب المنافقين فى دعوى الإيمان [وما هم بمؤمنين] وكان الأصل أن يقول: "وما آمنوا" ليطابق قوله [من يقول آمنا] ولكنه عدل عن الفعل إلى الاسم، لإخراج ذواتهم من عداد المؤمنين، وأكده بالباء للمبالغة فى نفي الإيمان عنهم.

ثانياً: الاستعارة التمثيلية [يخادعون الله] شبه حالهم مع ربهم فى إظهار الإيمان وإخفاء الكفر، بحال رعية تخادع الملك، واستعير اسم المشبه به للمشبه بطريق الاستعارة، أى يعملون عمل المخادع الذى يضحك على نفسه.

ثالثا: صيغة القصر [إنما نحن مصلحون] وهذا من نوع "قصر الموصوف على الصفة" أى نحن مصلحون ليس إلا.

رابعا: الكناية اللطيفة [فى قلوبهم مرض] المرض فى الأجسام حقيقة وقد كنى به عن النفاق لأن المرض فساد للبدن، والنفاق فساد للقلب.

خامسا: تنويع التأكيد [ألا إنهم هم المفسدون] جاءت الجملة مؤكدة بأربع تأكيدات [ألا] التى تفيد التنبيه، و[إن] التى هى للتأكيد، وضمير الفصل [هم] ثم تعريف الخبر [المفسدون] ومثلها فى التأكيد [ألا إنهم هم السفهاء] وهذا رد من الله تعالى بأبلغ رد وأحكمه.

سادسا: المشاكلة
[الله يستهزئ بهم] سمى الجزاء على الاستهزاء استهزاء بطريق (المشاكلة) وهى الاتفاق فى اللفظ، مع الاختلاف فى المعنى.

سابعاً: الاستعارة التصريحية [اشتروا الضلالة بالهدى] المراد استبدلوا الغي بالرشاد، والكفر بالإيمان، فخسرت صفقتهم ولم تربح تجارتهم، فاستعار لفظ الشراء للاستبدال ثم زاده توضيحاً بقوله: [فما ربحت تجارتهم] وهذا هو الترشيح الذى يبلغ بالاستعارة الذروة العليا من البيان.

ثامنا: التشبيه التمثيلى [مثلهم كمثل الذى استوقد نارا] وكذلك فى [أو كصيب من السماء فيه ظلمات] شبه فى المثال الأول المنافق بالمستوقد للنار، وإظهاره الإيمان بالإضاءة، وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار، وفى المثال الثانى شبه الإسلام بالمطر، لأن القلوب تحيا به كحياة الأرض بالماء، وشبه شبهات الكفار بالظلمات، وما فى القرآن من الوعد والوعيد بالرعد والبرق... الخ ((قال الفخر الرازي: والتشبيه ههنا فى غاية الصحة، لأنهم بإيمانهم أولا اكتسبوا نورا، ثم بنفاقهم ثانيا أبطلوا ذلك النور، ووقعوا فى حيرة عظيمة، لأنه لا حيرة أعظم من حيرة الدين، لخسران نفسه أبد الآبدين)).

تاسعاً: التشبيه البليغ [صم بكم عمي] أي هم كالصم، وكالبكم وكالعمى، في عدم الاستفادة من هذه الحواس، حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغا، كقول القائل: هو بدر، وقول الشاعر:
كأنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهم كوكب

عاشرا: المجاز المرسل [يجعلون أصابعهم فى آذانهم] وهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء، أى رؤوس أصابعهم، لأن دخول الأصبع كلها فى الأذن لا يمكن، ففيه مجاز بالجزئية.

الحادى عشر: توافق الفواصل مراعاة لرؤوس الآيات، وهذا له وقع فى الأذن حسن، وأثر فى النفس رائع، مثل [بما كانوا يكذبون] [إنما نحن مصلحون] [ويمدهم فى طغيانهم يعمهون] إلخ وهو من المحسنات البديعية.

===============
الفوائد:
===============
الأولى: الغاية من ضرب المثل: تقريب البعيد، وتوضيح الغامض حتى يصبح كالأمر المشاهد المحسوس، وللأمثال تأثير عجيب فى النفس، كما قال تعالى [وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون]

الثانية: وصف تعالى المنافقين فى هذه الآيات بعشرة أوصاف، كلها شنيعة وقبيحة، تدل على رسوخهم فى الضلال وهى (الكذب، الخداع، المكر، السفه، الاستهزاء، الإفساد فى الأرض، الجهل، الضلال، التذبذب، السخرية بالمؤمنين) أعاذنا الله من صفات المنافقين.

الثالثة: حكمة كفه عليه الصلاة والسلام عن قتل المنافقين، مع أنهم كفار وعلمه (ص) بأعيان بعضهم، ما أخرجه البخاري أن النبي (ص) قال لعمر: "أكره أن يحدث العرب أن محمدا يقتل أصحابه

===============
لطيفة:
===============
قال العلامة ابن القيم: تأمل قوله تعالى [ذهب الله بنورهم] ولم يقل: "ذهب الله بنارهم" مع أنه مقتضى السياق ليطابق أول الآية [استوقد نارا] فإن النار فيها إشراق وإحراق، فذهب الله بما فيها من الإشراق وهو "النور" وأبقى ما فيها من الإحراق وهو "النارية"!! وتأمل كيف قال: [بنورهم] ولم يقل بضوئهم، لأن الضوء زيادة فى النور، فلو قيل: (ذهب الله بضوئهم) لأوهم الذهاب بالزيادة فقط دون الأصل!! وتأمل كيف قال: [ذهب الله بنورهم] فوحد النور ثم قال: [وتركهم فى ظلمات] فجمعها، فإن الحق واحد، هو (صراط الله المستقيم)، الذى لا صراط يوصل سواه، بخلاف طرق الباطل، فإنها متعددة ومتشعبة، ولهذا أفرد سبحانه "الحق" وجمع "الباطل" فى آيات عديدة مثل قوله تعالى: [يخرجونهم من الظلمات إلى النور] وقوله: [وجعل الظلمات والنور] وقوله: [وأن هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله] فجمع سبل الباطل، ووحد سبيل الحق.



###############
قال الله تعالى:
[يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم.. إلى .. وهم فيها خالدون] من آية (21) إلى نهاية آية (25).

###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى الأصناف الثلاثة (المؤمنين، والكافرين، والمنافقين) وذكر ما تميزوا به من سعادة أو شقاوة، أو إيمان أو نفاق، وضرب الأمثال، ووضح طرق الضلال، أعقبه هنا بذكر الأدلة والبراهين، على وحدانية رب العالمين، وعرف الناس بنعمه ليشكروه عليها، وأقبل عليهم بالخطاب فقال: [يا أيها الناس] وهو خطاب لجميع الفئات ممتناً عليهم بما خلق ورزق، وأبرز لهم (معجزة القرآن) بأنصع بيان وأوضح برهان، ليقتلع من القلوب جذور الشك والارتياب.

===============
اللغة:
===============
[خلقكم] الخلق: الإيجاد والاختراع بلا مثال، وأصله فى اللغة التقدير، يقال: خلق النعل إذا قدرها وسواها بالمقياس، وخلق الأديم للسقاء إذا قدره، قال الحجاج: "ما خلقت إلا فريت، ولا وعدت إلا وفيت" أى ما قدرت شيئا إلا أمضيته، ولا وعدت بشيء إلا وفيت به.

[فراشا] الفراش: الوطاء والمهاد الذى يقعد عليه الإنسان وينام

[بناء] البناء: ما يبنى من قبة أو خباء أو بيت

[أندادا] جمع ند وهو الكفء والمثيل والنظير، ومنه قول علماء التوحيد "ليس لله ند ولا ضد" قال حسان: أتهجوه ولست له بند فشركما لخيركما الفداء . وقال الزمخشري: "الند: المثل، ولا يقال إلا للمخالف المناوئ"، قال جرير: أتيما تجعلون إليّ ندا؟

[وقودها] الوقود: الحطب الذى توقد به النار، قال القرطبي: الوقود بالفتح الحطب، وبالضم مصدر بمعنى التوقد

[أعدت] هيئت، وأعددنا: هيأنا، قال البيضاوي: [أعدت] هيئت لهم وجعلت عدة لعذابهم

[وبشر] البشارة: الخبر السار الذى يتغير به بشرة الوجه من السرور، وإذا استعمل فى الشر فهو تهكم، مثل [فبشرهم بعذاب أليم]

[أزواج] جمع زوج، ويطلق على الذكر والأنثى

[اسكن أنت وزوجك الجنة] فالمرأة زوج الرجل، والرجل زوج المرأة، قال الأصمعي: لا تكاد العرب تقول زوجة، وإنما يقولون زوج، لكل من الذكر والأنثى

[خالدون] باقون دائمون، لا يخرجون منها.

===============
التفسير:
===============
يقول تعالى منبهاً العباد إلى دلائل القدرة والوحدانية [يا أيها الناس اعبدوا ربكم] أي يا معشر بني أدم اذكروا نعم الله الجليلة عليكم، واعبدوا الله ربكم، الذى رباكم وأنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئا، اعبدوه بتوحيده، وشكره، وطاعته

[الذى خلقكم والذين من قبلكم] أي الذي أوجدكم بقدرته من العدم، وخلق من قبلكم من الأمم

[لعلكم تتقون] أي لتكونوا فى زمرة المتقين، الفائزين بالهدى والفلاح، قال البيضاوي: لما عدد تعالى فرق المكلفين، أقبل عليهم بالخطاب على سبيل الالتفات، هزا للسامع، وتنشيطا له، واهتماما بأمر العبادة وتفخيما لشأنها، وإنما كثر النداء فى القرآن بـ [يا أيها] لاستقلاله بأوجه من التأكيد، وكل ما نادى الله له عباده من حيث إنها أمور عظام، من حقها أن يتفطنوا لها، ويقبلوا بقلوبهم عليها وأكثرهم عنها غافلون، حقيق بأن ينادى له بالآكد الأبلغ، ثم عدد تعالى نعمه عليهم فقال

[الذى جعل لكم الأرض فراشا] أي جعلها مهادا وقرارا، تستقرون عليها وتفترشونها كالبساط المفروش مع كرويتها، وإلا ما أمكنكم العيش والاستقرار عليها، قال البيضاوي: جعلها مهيأة لأن يقعدوا ويناموا عليها كالفراش المبسوط، وذلك لا يستدعي كونها مسطحة، لأن (كروية) شكلها مع عظم حجمها، لا يأبى الافتراش عليها

[والسماء بناء] أي سقفا للأرض مرفوعا فوقها، كهيئة القبة والبناء

[وأنزل من السماء ماء] أي مطرا عذباً فراتا، أنزله بقدرته من السحاب

[فأخرج به من الثمرات رزقا لكم] أي فأخرج بذلك المطر، أنواع الثمار والفواكه والخضار غذاء لكم

[فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون] أي فلا تتخذوا معه شركاء من الأصنام والبشر، تشركونهم مع الله فى العبادة، وأنتم تعلمون أنها لا تخلق شيئا ولا ترزق، وأن الله هو الخالق الرازق وحده، ذو القوة المتين، قال ابن كثير: شرع تعالى فى بيان وحدانية ألوهيته بأنه هو المنعم على عبيده بإخراجهم من العدم، وإسباغه عليهم النعم، والمراد بالسماء هنا (السحاب) فهو تعالى الذى أنزل المطر من السحاب فى وقته عند احتياجهم إليه، فأخرج لهم به أنواع الزروع والثمار، رزقاً لهم ولأنعامهم، ومضمونه أنه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره . ثم ذكر تعالى الحجة على النبوة، بعد ذكر أدلة التوحيد، وأقام البرهان على إعجاز القرآن فقال:

[وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا] أي وإذا كنتم أيها الناس فى شك وارتياب من صدق هذا القرآن، المعجز فى بيانه، وتشريعه، ونظمه، الذي أنزلناه على عبدنا ورسولنا محمد (ص)

[فأتوا بسورة من مثله] أي فأتوا بسورة واحدة من مثل هذا القرآن، في البلاغة والفصاحة والبيان

[وادعوا شهداءكم من دون الله] أي وادعوا أعوانكم وأنصاركم الذين يساعدونكم على معارضة القرآن، غير الله سبحانه، والمراد استعينوا بمن شئتم غيره تعالى. قال البيضاوي: المعنى: ادعوا للمعارضة من حضركم أو رجوتم معونته من إنسكم وجنكم وآلهتكم غير الله سبحانه وتعالى، فإنه لا يقدر أن يأتى بمثله إلا الله

[إن كنتم صادقين] أي أنه مختلق، وأنه من كلام البشر، وجوابه محذوف دل عليه ما قبله

[فإن لم تفعلوا] أي فإن لم تقدروا على الاتيان بمثل سورة من سوره، وعجزتم فى الماضي عن الإتيان بما يساويه أو يدانيه، مع استعانتكم بالفصحاء والعباقرة والبلغاء

[ولن تفعلوا] أي ولن تقدروا فى المستقبل ايضا على ا?تيان بمثله والجمله [ولن تفعلوا] اعتراضيه للاشاره بعجز البشر فى الحاضر والمستقبل كقوله تعالى: [لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا] أي معيناً. قال ابن كثير: تحداهم القرآن، وهم أفصح الأمم ومع هذا عجزوا، و [لن] لنفي التأبيد فى المستقبل أي ولن تفعلوا ذلك أبدا، وهذه أيضا معجزة أخرى، وهو أنه أخبر خبرا جازماً قاطعاً، غير خائف، ولا مشفق، أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبد الآبدين ودهر الداهرين، وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا، ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية، من حيث اللفظ ومن حيث المعنى، والقرآن جميعه فصيح فى غاية نهايات الفصاحة والبيان عند من يعرف كلام العرب، ويفهم تصاريف الكلام

[فاتقوا النار] أي فخافوا عذاب الله، واحذروا نار الجحيم التي جعلها الله جزاء المكذبين

[التي وقودها الناس والحجارة] أي اتقوا النار التي مادتها التى تشعل بها وتضرم لإيقادها هى: الكفار، والأصنام التي عبدوها من دون الله كقوله تعالى: [إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم] قال مجاهد: حجارة من كبريت أنتن من الجيفة يعذبون بها مع النار

[أعدت للكافرين] أي هيئت تلك النار وأرصدت للكافرين الجاحدين، ينالون فيها ألوان العذاب المهين.

للموضوع بقيه
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-30, 09:21 AM   #9
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره


تنبيه
===============
لما ذكر ما أعده لأعدائه، عطف عليه بذكر ما أعده لأوليائه، على طريقة القرآن فى الجمع بين الترغيب والترهيب، للمقارنة بين حال الأبرار والفجار فقال
[وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات] أي وبشر يا محمد المؤمنين المتقين، الذين كانوا فى الدنيا محسنين، والذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح

[أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار] أي بأن لهم حدائق وبساتين ذات أشجار ومساكن، تجري من تحت قصورها ومساكنها أنهار الجنة ((جاء فى الحديث أن أنهار الجنة تجرى في غير أخدود، أي تجري على سطحها وتحت قصورها)).

[كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً] أي كلما أعطوا عطاء ورزقوا من ثمار الجنة

[قالوا هذا رزقنا من قبل] أي هذا مثل الطعام الذي قدم إلينا قبل هذه المرة. قال المفسرون: إن أهل الجنة يرزقون من ثمارها، تأتيهم به الملائكة، فإذا قدم لهم مرة ثانية قالوا: هذا الذي أتيتمونا به من قبل، فتقول الملائكة: كل يا عبد الله، فاللون واحد والطعم مختلف ((ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى قوله: [هذا الذي رزقنا من قبل] أي فى الدنيا، ,هذا قول مرجوح، والصحيح ما روي عن ابن عباس وغيره أن هذا فى الجنة، عندما يقدم لهم الفاكهة مرة ثانية، يقولون: قد جاءنا هذا الرزق من قبل، لأن الكثيرين من فقراء المؤمنين، لم يتنعموا بها فى الدنيا، وليس فى الدنيا مما فى الجنة إلا الأسماء)) قال تعالى

[وأتوا به متشابها] أى متشابها فى الشكل والمنظر، لا فى الطعم والمخبر. قال ابن جرير: يعني فى اللون والمرأى وليس يشبهه فى الطعم. قال ابن عباس: لا يشبه شئ مما فى الجنة ما فى الدنيا إلا فى الأسماء

[ولهم فيها أزواج مطهرة] أي ولهم فى الجنة زوجات من الحور العين، مطهرات من الأقذار والأدناس، الحسية، والمعنوية، قال ابن عباس: مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد: مطهرة من الحيض والنفاس، والغائط والبول والنخام، وورد أن نساء الدنيا المؤمنات يكن يوم القيامة أجمل من الحور العين كما قال تعالى [إنا أنشأنهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا]

[وهم فيها خالدون] أي دائمون، وهذا هو تمام السعادة، فإنهم مع هذا النعيم فى مقام أمين، يعيشون مع زوجاتهم فى هناء خالد لا يعتريه انقطاع، كما قال تعالى: [وما هم منها بمخرجين].

===============
البلاغة:
===============
1- ذكر الربوبية [اعبدوا ربكم] مع إضافته إلى المخاطبين للتفخيم والتعظيم لذات الرب الجليل.

2- الإضافة [على عبدنا] للتشريف والتكريم، وهذا أشرف وصف لرسول الله (ص).

3- التعجيز [فأتوا بسورة] خرج الأمر عن صيغته إلى معنى التعجيز، وتنكير السورة لإرادة العموم والشمول، كأنه قال: أى سورة من القرآن.

4- المقابلة اللطيفة [جعل لكم الأرض فراشا، والسماء بناء] فقد قابل بين الأرض والسماء، والفراش والبناء، وهذا من المحسنات البديعية.

5- الجملة الاعتراضية [ولن تفعلوا] لبيان التحدي فى الماضي والمستقبل، وبيان العجز التام في جميع العصور والأزمان.

6- الإيجاز البديع بذكر الكناية [فاتقوا النار] أي فإن عجزتم فخافوا نار جهنم بتصديقكم بالقرآن، لئلا تعذبوا بنار جهنم.



###############
قال الله تعالى: [إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا.. إلى .. وهو بكل شئ عليم] من آية (26) إلى نهاية آية (29).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما بين تعالى بالدليل الساطع، والبرهان القاطع، أن القرآن كلام الله لا يتطرأ إليه شك، وأنه كتاب معجز أنزله الله على خاتم المرسلين، وتحداهم أن يأتوا بمثل سورة من أقصر سوره، ذكر هنا شبهة أوردها الكفار للقدح فيه، وهي أنه جاء فى القرآن ذكر "النحل، والذباب، والعنكبوت، والنمل" إلخ وهذه الأمور لا يليق ذكرها بكلام الفصحاء، فضلا عن كلام رب العالمين، فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة، ورد عليهم بأن صغر هذه الأشياء لا يقدح فى فصاحة القرآن وإعجازه، إذا كان ذكر المثل مشتملا على حكم بالغة.

===============
اللغة:
===============
[لا يستحيي] الحياء: تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم، والمراد به هنا لازمه وهو الترك، قال الزمخشري: أي لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحيي من ذكرها لحقارتها

[فما فوقها] فما دونها فى الصغر

[الفاسقين] أصل الفسق فى كلام العرب: الخروج عن الشيء، والمنافق فاسق لخروجه عن طاعة ربه، قال الفراء: الفاسق مأخوذ من قولهم فسقت الرطبة من قشرها أى خرجت، ويسمى الفاسق فاسقا لخروجه عن طاعة الله، وتسمى الفأرة فويسقة لخروجها لأجل المضرة.

[ينقضون] النقض: فسخ التركيب وإفساد ما أبرمته من بناء، أو حبل، أو عهد قال تعالى: [ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها] وقال [فبما نقضهم ميثاقهم] أي فبنقضهم الميثاق

[عهد] العهد: الموثق الذى يعطيه الإنسان لغيره ويقال عهد إليه أي أوصاه

[الميثاق] العهد المؤكد باليمين وهو أبلغ من العهد.

[استوى] الاستواء في الأصل: الاعتدال والاستقامة يقال: استوى العود إذا قام واعتدل، واستوى إليه كالسهم إذا قصده قصداً مستويا، وقال ثعلب: الاستواء: الإقبال على الشيء.

[فسواهن] خلقهم وأتقنهن وقيل معناه: صيرهن.

===============
سبب النزول:
===============
لما ذكر الله تعالى الذباب والعنكبوت في كتابه العزيز، وضرب للمشركين به المثل، ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله، وما أراد بذكر هذه الأشياء الخسيسة؟ فأنزل الله الآية
===============
التفسير:
===============
يقول تعالى فى الرد على مزاعم اليهود والمنافقين [إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما] أي إن الله لا يستنكف ولا يمتنع عن أن يضرب أي مثل كان، بأي شيء كان، صغيراً كان أو كبيرا

[بعوضة فما فوقها] أي سواء كان هذا المثل بالبعوضة، أو بما هو دونها فى الحقارة والصغر، فكما لا يستنكف عن خلقها، كذلك لا يستنكف عن ضرب المثل بها

[فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم ] أي أما المؤمنون فيعلمون أن الله حق، لا يقول غير الحق، وأن هذا المثل من عند الله

[وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا]؟ وأما الذين كفروا فيتعجبون ويقولون: ماذا أراد الله من ضرب الأمثال بمثل هذه الأشياء الحقيرة؟ قال تعالى فى الرد عليهم

[يضل به كثيرا ويهدى به كثير] أي يضل بهذا المثل كثيرا من الكافرين لكفرهم به، ويهدي به كثيرا من المؤمنين لتصديقهم به، فيزيد أولئك ضلالة، وهؤلاء هدى

[وما يضل به إلا الفاسقين] أي ما يضل بهذا المثل أو بهذا القرآن إلا الخارجين عن طاعة الله، الجاحدين لآياته.. ثم عدد تعالى أوصاف هؤلاء الفاسقين فقال

[الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه] أي ينقضون ما عهده إليهم فى الكتب السماوية، من الإيمان بمحمد (ص) بعد توكيده عليهم، أو ينقضون كل عهد وميثاق من الإيمان بالله، والتصديق بالرسل، والعمل بالشرائع

[ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل] من صلة الأرحام والقرابات، واللفظ عام فى كل قطيعة لا يرضاها الله، كقطع الصلة بين الأنبياء، بالإيمان بالبعض، والكفر بالبعض، وقطع الأرحام، وترك موالاة المؤمنين

[ويفسدون في الأرض] بالمعاصي، والفتن، والمنع عن الإيمان، وإثارة الشبهات حول القرآن

[أولئك هم الخاسرون] أي أولئك المذكورون، الموصوفون بتلك الأوصاف القبيحة، هم الخاسرون لأنهم استبدلوا الضلالة بالهدى، والعذاب بالمغفرة، فصاروا الى النار المؤبدة

[كيف تفكرون بالله] استفهام للتوبيخ والإنكار، والمعنى: كيف تجحدون الخالق وتنكرون الصانع؟

[وكنتم أمواتا] أي وقد كنتم فى العدم نطفا فى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات

[فأحياكم] أي أخرجكم إلى الدنيا

[ثم يميتكم] عند انقضاء الآجال

[ثم يحييكم] بالبعث من القبور

[ثم إليه ترجعون] للحساب والجزاء يوم النشور.. ثم ذكر تعالى برهانا على البعث فقال

[هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا] أي خلق لكم الأرض وما فيها لتنتفعوا بكل ما فيها، وتعتبروا بأن الله هو الخالق الرازق

[ثم استوى إلى السماء] أي ثم قصد إلى السماء ((قال ابن كثير: والاستواء ههنا متضمن معنى القصد والإقبال، لأنه عدي بـ "إلى")).

[فسواهن سبع سموات] أي صيرهن وقضاهن سبع سموات محكمة البناء، وذلك دليل القدرة الباهرة

[وهو بكل شيء عليم] أي وهو عالم بكل ما خلق وذرأ، أفلا تعتبرون بأن القادر على خلق ذلك – وهى أعظم منكم – قادر على إعادتكم؟ بلى إنه على كل شيء قدير.

===============
البلاغة:
===============
1- قوله [لا يستحيي] من باب إطلاق الملزوم وإرادة اللازم، والمعنى: لا يترك فعبر بالحياء عن الترك، لأن الترك من ثمرات الحياء، ومن استحيا من فعل شيء تركه.

2- قوله [ينقضون عهد الله] فيه (استعارة مكنية) حيث شبه العهد بالحبل، وحذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو النقض، على سبيل الاستعارة المكنية.

3- قوله [كيف تكفرون بالله] في الآية حسن بيان، فهي من باب (الالتفات) للتوبيخ والتقريع، فقد كان الكلام بصيغة الغيبة، ثم التفت فخاطبهم بصيغة الحضور، وهو ضرب من ضروب البديع.

4- قوله [عليم] من صيغ المبالغة، ومعناه الواسع العلم الذي أحاط علمه بجميع الأشياء، قال أبو حيان: وصف تعالى نفسه بـ (عالم وعليم وعلام) وهذان للمبالغة، وقد أدخلت العرب الهاء لتأكيد المبالغة في (علامة) ولا يجوز وصفه به تعالى، لأن أسماءه توقيفية، حسب النص الشرعي الوارد
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-11-30, 08:50 PM   #10
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
افتراضي

مجهود رائع وجميل منك
ربنا يجعله فى ميزان حسناتك
وتم التقييم....
la princesse غير متصل  
قديم 2008-12-01, 06:56 AM   #11
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره

الفوائد:
===============
الأولى: قال الزمخشري: التمثيل إنما يصار إليه لما فيه من كشف المعنى الغامض، ورفع الحجاب عن الغرض المطلوب، فليس العظم والحقارة فى المضروب به المثل إلا أمرا تستدعيه حال المتمثل له، ألا ترى إلى الحق لما كان أبلج اضحا جليا، كيف تمثل له بالضياء والنور؟ وإلى الباطل لما كان بضد صفته كيف تمثل له بالظلمة؟ ولما كان حال الآلهة التى جعلها الكفار أندادا لله تعالى ليس أحقر منها وأقل، لذلك ضرب لها المثل ببيت العنكبوت فى الضعف والوهن
[كمثل العنكبوت اتخذت بيتا] وجعلت أقل من الذباب وأخس قدرا [لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه] والعجب منهم كيف أنكروا ذلك؟ وما زال الناس يضربون الأمثال بالبهائم، والطيور، والحشرات والهوام، وهذه أمثال العرب بين أيديهم سائرة فى حواضرهم وبواديهم.

الثانية: قدم الإضلال على الهداية [يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا] ليكون أول ما يقرع أسماعهم من الجواب أمرا فظيعاً يسوءهم ويفت فى أعضادهم، وأوثرت صيغة الاستقبال إيذاناً بالتجدد والاستمرار، أفاده العلامة أبو السعود.

الثالثة: قال ابن جزي فى التسهيل: وهذه الآية [خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء] تقتضي أنه خلق السماء بعد الأرض، وقوله تعالى: [والأرض بعد ذلك دحاها] ظاهره خلاف ذلك، والجواب من وجهين: أحدهما أن الأرض خلقت قبل السماء، ودحيت بعد ذلك فلا تعارض، والآخر تكون [ثم] لترتيب الأخبار.


###############
قال الله تعالى:
[وإذا قال ربك للملائكة... إلى ... وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون] من آية (30) إلى نهاية آية (33).

###############

===============
المناسبة:
===============
لما امتن تعالى على العباد بنعمة الخلق والإيجاد وأنه سخر لهم ما في الأرض جميعا، وأخرجهم من العدم إلى الوجود، أتبع ذلك ببدء خلقهم، وامتن عليهم بتشريف أبيهم وتكريمه، بجعله خليفة، وإسكانه دار الكرامة، وإسجاد الملائكة تعظيما لشأنه، ولا شك أن الإحسان على الأصل إحسان إلى الفرع، والنعمة على الآباء نعمة على الأبناء، ولهذا ناسب أن يذكرهم بذلك، لأنها من وجوه النعم التي أنعم بها عليهم.

===============
اللغة:
===============
[إذ] ظرف زمان منصوب بفعل محذوف تقديره: أذكر حين أو اذكر وقت، وقد يصرح بالمحذوف كقوله تعالى [واذكروا إذ أنتم قليل] قال المبرد: إذا جاء "إذ" مع مستقبل كان معناه ماضيا نحو قوله [وإذ يمكر بك] معناه إذ مكروا، وإذا جاء "إذا" مع الماضي كان معناه مستقبلا كقوله [فإذا جاءت الطامة] و [إذا جاء نصر الله] أي يجيء.

[خليفة] الخليفة: من يخلف غيره وينوب منابه، (فعيل) بمعنى (فاعل) والتاء للمبالغة، سمي خليفة لأنه مستخلف عن الله عز وجل في إجراء الأحكام وتنفيذ الأوامر الربانية قال تعالى [يا داود إنا جعلناك خليفة فى الأرض] الآية

[يسفك] السفك: الصب والإراقة، ولا يستعمل إلا فى الدم قال فى المصباح: وسفك الدم: أراقه ، وبابه ضرب .

[نسبح] التسبيح: تنزيه الله وتبرئته عن السوء، وأصله من السبح وهو الجري والذهاب قال تعالى: [إن لك فى النهار سبحا طويلا] فالمسبح جار فى تنزيه الله تعالى

[ونقدس] التقديس: التطهير ومنه الأرض المقدسة وروح القدس، وضده التنجيس، وتقديس الله معناه: تمجيده وتعظيمه وتطهير ذكره عما لا يليق به، وفي صحيح مسلم أن رسول الله (ص) كان يقول في ركوعه وسجوده (سبوح قدوس، رب الملائكة والروح)

[أنبئوني] أخبروني، والنبأ: الخبر الهام ذو الفائدة العظيمة قال تعالى: [قل هو نبأ عظيم]

[وتبدون] تظهرون

[تكتمون] تخفون، ومنه كتم العلم أي إخفاؤه.

===============
التفسير:
===============
[وإذا قال ربك للملائكة] أي اذكر يا أيها الرسول واقصص على قومك ذلك

[إني جاعل في الأرض خليفة] أي خالق فى الأرض ومتخذ فيها خليفة، هو آدم أبو البشر، يكون له ذرية ونسل، يخلف بعضهم بعضا، قرنا بعد قرن، وجيلا بعد جيل

[قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها] أي قالوا على سبيل التعجب والاستعلام: كيف تستخلف هؤلاء، وفيهم من يفسد فى الأرض بالمعاصي

[ويسفك الدماء] أي يريق الدماء بالبغي والاعتداء !!

[ونحن نسبح بحمدك] أي ننزهك عما لا يليق بك متلبسين بحمدك

[ونقدس لك] أي نعظم أمرك ونطهر ذكرك مما نسبه أليك الملحدون

[قال إني أعلم ما لا تعلمون] أي أعلم من المصالح ما هو خفي عليكم، ولي حكمة في خلق الخليقة لا تعلمونها

[وعلم آدم الأسماء كلها] أي أسماء المسميات كلها قال ابن عباس: علمه اسم كل شئ حتى القصعة والمغرفة

[ثم عرضهم على الملائكة] أي عرض المسميات على الملائكة وسألهم على سبيل التبكيت

[فقال أنبئوني] أي أخبروني

[بأسماء هؤلاء] أي بأسماء هذه المخلوقات التي ترونها

[إن كنتم صادقين] أي في زعمكم أنكم أحق بالخلافة ممن استخلفته، والحاصل أن الله تعالى أظهر فضل آدم للملائكة بتعليمه ما لم تعلمه الملائكة، وخصه بالمعرفة التامة دونهم، من معرفة الأسماء، والأشياء، والأجناس، واللغات، ولهذا اعترفوا بالعجز والقصور

[قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا] أي ننزهك يا الله عن النقص ونحن لا علم لنا إلا ما علمتنا إياه

[إنك أنت العليم] أي الذي لا تخفى عليه خافية

[الحكيم] الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة

[قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم] أي أعلمهم بالأسماء التى عجزوا عن علمها، واعترفوا بتقاصر هممهم عن بلوغ مرتبتها

[فلما أنبأهم بأسمائهم] أي أخبرهم بكل الأشياء، وسمى كل شئ باسمه، وذكر حكمته التي خلق لها

[قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض] أي قال تعالى للملائكة: ألم أنبئكم بأني أعلم ما غاب فى السموات والأرض عنكم

[وأعلم ما تبدون] أي ما تظهرون

[وما كنت تكتمون] أي تسرون من دعواكم أن الله لا يخلق خلقاً أفضل منكم. روي أنه تعالى لما خلق آدم عليه السلام رأت الملائكة فطرته العجيبة، وقالوا: ليكن ما شاء فلن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أكرم عليه منه

===============
البلاغة:
===============
1- التعرض بعنوان الربوبية [وإذ قال ربك] مع الإضافة إلى الرسول عليه السلام للتشريف والتكريم لمقامه، وتقديم الجار والمجرور [للملائكة] للاهتمام بما قدم، والتشويق إلى ما أخر.

2- الأمر في قوله تعالى [أنبئوني] خرج عن حقيقته إلى التعجيز والتبكيت.

3- [فلما أنبأهم بأسمائهم] فيه مجاز بالحذف والتقدير: فأنبأهم بها فلما أنبأهم، حذف لفهم المعنى.

4- [ثم عرضهم] هو من باب التغليب لأن الميم علامة الجمع للعقلاء الذكور، ولو لم يغلب لقال [ثم عرضها] أو عرضهن.

5- إبراز الفعل فى قوله [إني أعلم غيب السموات] ثم قال [وأعلم ما تبدون] للاهتمام بالخبر والتنبيه على إحاطة علمه تعالى بجميع الأشياء، ويسمى هذا بالإطناب.

6- تضمنت آخر هذه الآية من علم البديع ما يسمى بـ "الطباق" وذلك فى كلمتي [تبدون] و[تكتمون] كقوله تعالى عن أصحاب الكهف [وتحسبهم أيقاظا وهم رقود].

===============
الفوائد:
===============
الأولى: قال بعض العلماء: في إخبار الله تعالى للملائكة عن خلق آدم واستخلافه في الأرض، تعليم لعباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها.

الثانية: الحكمة من جعل آدم عليه السلام خليفة هي الرحمة بالعباد – لا لافتقار الله – وذلك أن العباد لا طاقة لهم على تلقي الأوامر والنواهي من الله مباشرة، ولا بواسطة ملك، فمن رحمته ولطفه وإحسانه إرسال الرسل من البشر.

الثالثة: قال الحافظ ابن كثير: وقول الملائكة: [أتجعل فيها من يفسد فيها] الآية ليس هذا على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض؟ وقال فى التسهيل: وإنما علمت الملائكة أن بني آدم يفسدون بإعلام الله إياهم بذلك، وقيل: كان في الأرض جن فأفسدوا، فبعث الله إليهم ملائكة فقتلتهم، فقاس الملائكة بني آدم عليهم.

الرابعة: سئل الشعبي: هل لإبليس زوجة؟ قال: ذلك عرس لم أشهده؟ قال: ثم قرأت قوله تعالى: [أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني] فعلمت أنه لا يكون له ذرية إلا من زوجة، فقلت: نعم.


###############
قال الله تعالى: [وإذ قلنا لملائكة اسجدوا لآدم .. إلى .. أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون] من آية (34) إلى نهاية آية (39) .
###############


===============
المناسبة:
===============
أشارت الآيات السابقة إلى أن الله تعالى خص آدم عليه السلام بالخلافة، كما خصه بعلم غزير، وقفت الملائكة عاجزة عنه، وأضافت هذه الآيات الكريمة بيان نوع آخر من التكريم أكرمه الله به، ألا وهو أمر الملائكة بالسجود له، وذلك من أظهر وجوه التشريف والتكريم، لهذا النوع البشري، ممثلا في أصل البشرية آدم عليه السلام.

===============
اللغة:
===============
[اسجدوا] أصل السجود: الانحناء لمن يسجد له والتعظيم، وهو في اللغة: التذلل والخضوع، وفي الشرع: وضع الجبهة على الأرض

[إبليس] اسم للشيطان وهو أعجمي، وقيل إنه مشتق من الإبلاس وهو الإياس

[أبى] امتنع، والإباء: الامتناع مع التمكن من الفعل

[استكبر] الاستكبار: التكبر والتعاظم فى النفس

[رغدا] واسعا كثيرا لا عناء فيه، والرغد: سعة العيش، يقال: رغد عيش القوم إذا كانوا في رزق واسع، قال الشاعر:
بينما المرء تراه ناعما يأمن الأحداث في عيش رغد

[فأزلهما] أصله من الزلل وهو عثور القدم يقال: زلت قدمه أي زلقت ثم استعمل في ارتكاب الخطيئة مجازاً، يقال: زل الرجل إذا أخطأ وأتى ما ليس له إتيانه، وأزله غيره: إذا سبب له ذلك

[مستقر] موضع استقرار

[ومتاع] المتاع، ما يتمتع به من المأكول، والمشروب، والملبوس، ونحوه

[فتلقى] التلقي فى الأصل: الاستقبال تقول خرجنا نتلقى الحجيج أي نستقبلهم، ثم استعمل في أخذ الشيء وقبوله، تقول: تلقيت رسالة من فلان أي أخذتها وقبلتها

[فتاب] التوبة فى أصل اللغة: الرجوع، وإذا عديت بعن كان معناها الرجوع عن المعصية، وإذا عديت بعلى كان معناها قبول التوبة، كما هنا [فتاب عليه].

===============
التفسير:
===============
[وإذ قلنا للملائكة] أي اذكر يا أيها الرسول لقومك حين قلنا للملائكة

[اسجدا لآدم] أي سجود (تحية وتعظيم)، لا سجود عبادة

[فسجدوا إلا إبليس] أي سجدوا جميعا له غير إبليس

[أبى واستكبر] أي امتنع مما أمره الله به وتكبر عنه

[وكان من الكافرين] أي صار بإبائه واستكباره من الكافرين، حيث استقبح أمر الله بالسجود لآدم

[وقلنا يا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة] أي اسكن في جنة الخلد مع زوجك حواء

[وكلا منها رغدا] أي كلا من ثمار الجنة أكلا رغدا واسعا هنيئا

[حيث شئتما] أي من أي مكان في الجنة أردتما الأكل فيه

[ولا تقربا هذه الشجرة] أي لا تأكلا من هذه الشجرة، قال ابن عباس: هي الكرم يعني العنب

[فتكونا من الظالمين] أي فتصيرا من الذين ظلموا أنفسهم بمعصية الله

[فأزلهما الشيطان عنها] أي أوقعهما فى الزلة بسببها وأغواهما بالأكل منها، هذا إذا كان الضمير عائدا إلى الشجرة، أما إذا كان عائدا إلى الجنة فيكون المعنى: أبعدهما وحولهما من الجنة

[فأخرجهما مما كانا فيه] أي من نعيم الجنة

[وقلنا اهبطوا] أي اهبطوا من الجنة إلى الأرض، والخطاب لآدم وحواء وإبليس

[بعضكم لبعض عدو] أي الشيطان عدو لكم فكونوا أعداء له كقوله سبحانه [إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا]

[ولكم فى الأرض مستقر] أي لكم فى الدنيا موضع استقرار بالإقامة فيها

[ومتاع إلى حين] أي تمتع بنعيهما إلى وقت انقضاء آجالكم

[فتلقى آدم من ربه كلمات] أي استقبل آدم دعوات من ربه ألهمه إياها فدعاه بها وهذه الكلمات مفسرة فى موطن آخر فى سورة الأعراف في قوله جل ذكره [قالا ربنا ظلمنا أنفسنا] الآية

[فتاب عليه] أي قبل ربه توبته

[إنه هو التواب الرحيم] أي إن الله كثير القبول للتوبة، واسع الرحمة للعباد

[قلنا اهبطوا منها جميعا] كرر الأمر بالهبوط للتأكيد، ولبيان أن إقامة آدم وذريته في الأرض لا فى الجنة

[فإما يأتينكم منى هدى] أي رسول أبعثه لكم، وكتاب أنزله عليكم

[فمن تبع هداي] أي من آمن بي وعمل بطاعتي، واتبع رسلى

[فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون] أي لا ينالهم خوف ولا حزن في الآخرة

[والذين كفروا وكذبوا بآياتنا] أي جحدوا بما أنزلت وبما أرسلت

[أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون] أي هم مخلدون في الجحيم أعاذنا الله منه
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-02, 02:52 PM   #12
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره

===============
البلاغة:
===============
- أولا: صيغة الجمع [وإذ قلنا] للتعظيم وهي معطوفة على قوله: [وإذ قال ربك] وفيه التفات من الغائب إلى المتكلم لتربية المهابة وإظهار الجلالة.

- ثانيا: أفادت الفاء في قوله [فسجدوا] أنهم سارعوا فى الامتثال ولم يتثبطوا فيه، وفي الآية إيجاز بالحذف أي "فسجدوا لآدم" وكذلك [أبى] مفعوله محذوف أي أبى السجود.

- ثالثا: قوله: [ولا تقربا هذه الشجرة] المنهي عنه هو الأكل من ثمار الشجرة، وتعليق النهي بالقرب منها [ولا تقربا] لقصد المبالغة في النهي عن الأكل، إذ النهي عن القرب نهي عن الفعل بطريق أبلغ، كقوله تعالى: [ولا تقربوا الزنى] فنهى عن القرب من الزنى ليقطع الوسيلة إلى ارتكابه، من النظرة، والملامسة، والمصافحة، والخلوة، والمغازلة.. الخ.

- رابعا: التعبير بقوله: [مما كانا فيه] أبلغ فى الدلالة على فخامة الأمر، وكثرة الخيرات مما لو قيل: من النعيم أو الجنة، فإن من أساليب البلاغة في الدلالة على عظم الشيء أن يعبر عنه بلفظ مبهم نحو [مما كانا فيه] لتذهب نفس السامع في تصور عظمته وكماله، إلى أقصى ما يمكنها أن تذهب إليه.

- خامسا: [التواب الرحيم] من صيغ المبالغة أي كثير التوبة واسع الرحمة.

===============
الفوائد:
===============
الأولى: كيف يصبح السجود لغير الله؟ والجواب أن سجود الملائكة لآدم كان للتحية، وكان سجود (تشريف وتكريم)، لا سجود (صلاة وعبادة)، قال الزمخشري: السجود لله تعالى على سبيل العبادة، ولغيره على وجه التكرمة كما سجدت الملائكة لآدم ، ويعقوب وأبناؤه ليوسف عليه السلام.

الثانية: قال بعض الصالحين: سابق العناية لا يؤثر فيه حدوث الجناية، ولا يحط عن رتبة الولاية، فمخالفة آدم التى أوجبت له الإخراج من دار الكرامة، لم تخرجه عن حظيرة القدس، ولم تسلبه رتبة الخلافة، بل أجزل الله له فى العطية فقال: [ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى] وقال الشاعر:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع

الثالثة: هل كان إبليس من الملائكة؟ الجواب: اختلف المفسرون على قولين: ذهب بعضهم إلى أنه من الملائكة بدليل الاستثناء [فسجدوا إلا إبليس] وقال آخرون: الاستثناء منقطع وإبليس من الجن وليس من الملائكة وإليه ذهب الحسن وقتادة واختاره الزمخشري، قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين، ونحن نرجح القول الثاني للأدلة الآتية:
-أولا: الملائكة منزهون عن المعصية [لا يعصون الله ما أمرهم] وإبليس قد عصى أمر ربه.
-ثانيا: الملائكة خلقت من نور، وإبليس خلق من نار فطبيعتهما مختلفة.
-ثالثا: الملائكة لا ذرية لهم وإبليس له ذرية [أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني]؟
-رابعا: النص الصريح الواضح فى سورة الكهف على أنه من الجن وهو قوله تعالى: [إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه] وكفى به حجة وبرهانا.
-خامسا: قول الحسن البصري وهو من كبار التابعين: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين، وهذا هو الصحيح، والله أعلم.


###############
قال الله تعالى: [يا بني إسرائيل.. إلى .. واركعوا مع الركعين] من آية (40) إلى نهاية آية (43).
###############


===============
المناسبة:
===============
من بداية هذه الآية إلى آية (142) ورد الكلام عن بني إسرائيل، وقد تحدث القرآن الكريم بالإسهاب عنهم فيما يقرب من جزء كامل، وذلك يدل على عناية القرآن بكشف حقائق اليهود، وإظهار ما انطوت عليه نفوسهم الشريرة، من خبث، وكيد، ومكر، حتى يحذرهم المسلمون، أما وجه المناسبة فإن الله تعالى لما دعا البشر إلى عبادته وتوحيده، وأقام للناس الحجج الواضحة على وحدانيته ووجوده، وذكرهم بما أنعم به على أبيهم آدم عليه السلام، دعا بني إسرائيل خصوصا – وهم اليهود – إلى الإيمان بخاتم الرسل، وتصديقه فيما جاء به عن الله، لأنهم يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة، وقد تفنن القرآن فى مخاطبتهم، فتارة دعاهم بالملاطفة، وتارة بالتخويف، وتارة بالتذكير بالنعم عليهم وعلى آبائهم، وأخرى بإقامة الحجة والتوبيخ على سوء أعمالهم، وهكذا انتقل من التذكير بالنعم العامة على البشرية، إلى التذكير بالنعم الخاصة على بني إسرائيل.

===============
اللغة:
===============
[إسرائيل] اسم أعجمي ومعناه: عبد الله ، وهو اسم [يعقوب] عليه السلام، والد يوسف الصديق، وإليه ينتسب اليهود، وقد صرح به فى آل عمران [إلا ما حرم إسرائيل على نفسه] الآية

[أوفوا] الوفاء: الإتيان بالشيء على التمام والكمال، يقال أوفى ووفى أي أداه وافيا تاما.

[تلبسوا] اللبس: الخلط، تقول العرب: لبست الشيء بالشيء خلطته، والتبس به اختلط، قال تعالى: [وللبسنا عليهم ما يلبسون] وفي المصباح: لبس الثوب من باب تعب لبسا بضم اللام، ولبست عليه الأمر لبسا من باب ضرب خلطته، والتبس الأمر: أشكل

[الزكاة] مشتقة من زكا الزرع يزكو أي نما، لأن إخراجها يجلب البركة، أو هي من الزكاة أي الطهارة لأنها تطهر المال قال تعالى: [خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها] الأية.

===============
التفسير:
===============
[يا بني إسرائيل] أي يا أولاد النبي الصالح يعقوب

[اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم] اذكروا ما أنعمت به عليكم وعلى أبائكم من نعم لا تعد ولا تحصى

[وأوفوا بعهدي] أي أدوا ما عاهدتموني عليه من الإيمان والطاعة

[أوف بعهدكم] بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب

[وإياي فارهبون] أي اخشوني دون غيري

[وآمنوا بما أنزلت] من القرآن العظيم

[مصدقا لما معكم] أي من التوراة فى أمور التوحيد والنبوة

[ولا تكونوا أول كافر به] أي أول من كفر من أهل الكتاب، فحقكم أن تكونوا أول من آمن، وأول المسارعين إلى الإيمان

[ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا] أي لا تستبدلوا بآياتي البينات التي أنزلتها عليكم حطام الدنيا الفانية

[وإياي فاتقون] أي خافون دون غيرى

[ولا تلبسوا الحق بالباطل] أي لا تخلطوا الحق المنزل من الله، بالباطل الذي تخترعونه، ولا تحرفوا ما فى التوراة بالبهتان الذي تفترونه

[وتكتمون الحق] أي ولا تخفوا ما فى كتابكم من أوصاف محمد (ص)

[وأنتم تعلمون] أنه حق أو حال كونكم عالمين بضرر الكتمان

[وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين] أي أدوا ما وجب عليكم من الصلاة والزكاة، وصلوا مع المصلين بالجماعة، وفي زمرة أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام===============
البلاغة:
===============
أولا: فى إضافة النعمة إليه سبحانه [نعمتي] إشارة إلى عظم قدرها، وسعة برها، وحسن موقعها، لأن الإضافة تفيد التشريف كقوله: [بيت الله] و [ناقة الله].

ثانيا: قوله [ولا تشتروا بآياتي] الشراء هنا على سبيل الاستعارة كما تقدم في قوله: [أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى].

ثالثا: تكرير الحق فى قوله: [تلبسوا الحق] وقوله: [وتكتموا الحق] لزيادة تقبيح المنهي عنه، إذ في التصريح ما ليس فى الضمير من التأكيد، ويسمى هذا (بالإطناب)، وهو من المحسنات البديعية.

رابعا: قوله: [واركعوا مع الراكعين] هو من باب تسمية الكل باسم الجزء أى صلوا مع المصلين، اطلق الركوع وأراد به الصلاة ففيه مجاز مرسل.

خامسا: [وإياي فارهبون] و [إياي فاتقون] تقديم الضمير يفيد الاختصاص.

===============
فائدة:
===============
قال بعض العارفين: عبيد النعم كثيرون، وعبيد المنعم قليلون، فالله تعالى ذكر بني إسرائيل بنعمه عليهم، حتى يعرفوا نعمة المنعم فقال: [اذكروا نعمتي] وأما أمة محمد (ص) فقد ذكرهم بالمنعم فقال: [فاذكروني أذكركم] ليتعرفوا من المنعم على النعمة، وشتان بين الأمرين!!.


###############
قال الله تعالى: [أتأمرون الناس بالبر.. إلى .. ولا هم ينصرون] من آية (44) إلى نهاية آية (48).
###############


===============
اللغة:
===============
[بالبر] البر: عمل الخير والمعروف، ومنه البر والبرية للسعة، وهو اسم جامع لأعمال الخير، ومنه بر الوالدين وهو طاعتهما وفي الحديث "البر لا يبلى والذنب لا ينسى"

[وتنسون]: تتركون والنسيان يأتي بمعنى الترك كقوله تعالى [نسو الله فنسيهم] وهو المراد هنا، ويأتي بمعنى ذهاب الشيء من الذاكرة كقوله: [فنسي ولم نجد له عزما]

[تتلون]: تقرءون وتدرسون

[الخاشعين] الخاشع: المتواضع وأصله من الاستكانة والذل، قال الزجاج، الخاشع الذي يرى أثر الذل والخشوع عليه، وخشعت الأصوات: سكنت

[يظنون] الظن هنا بمعنى اليقين لا الشك، وهو من الأضداد، قال أبو عبيدة: العرب تقول لليقين ظن، وللشك ظن وقد كثر استعمال الظن بمعنى اليقين ومنه [إنى ظننت أنى ملاق حسابيه] [فظنوا أنهم مواقعوها]، أي أيقنوا وتحققوا من دخول الجحيم.

[شفاعة] الشفاعة مأخوذة من الشفع ضد الوتر، وهي ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك، ولهذا سميت شفاعة، فهي إذا إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع

[عدل] بفتح العين فداء، وبكسرها معناه: المثل، يقال: عدل وعديل للذي يماثلك.

===============
المناسبة:
===============
لا تزال الآيات تتحدث عن بني إسرائيل، وفي هذه الآيات ذم وتوبيخ لهم على سوء صنيعهم، حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه، ويدعون الناس إلى الهدى والرشاد ولا يتبعونه.

===============
سبب النزول:
===============
نزلت هذه الآية في بعض علماء اليهود، كانوا يقولون لأقربائهم الذين أسلموا: اثبتوا على دين محمد فإنه حق، فكانوا يأمرون الناس بالإيمان ولا يفعلونه.

===============
التفسير:
===============
يخاطب الله أحبار اليهود فيقول لهم على سبيل التقريع والتوبيخ [أتأمرون الناس بالبر] أي أتدعون الناس إلى الخير، وإلى الإيمان بمحمد (ص)

[وتنسون أنفسكم] أي تتركونها فلا تؤمنون ولا تفعلون الخير

[وأنتم تتلون الكتاب] أي حال كونكم تقرءون التوراة، وفيها صفة ونعت محمد عليه الصلاة والسلام

[أفلا تعقلون] أي أفلا تفطنون وتفقهون أن ذلك قبيح؟ فترجعون عنه؟! ثم بين لهم تعالى طريق التغلب على الأهواء والشهوات، والتخلص من حب الرياسة وسلطان المال فقال:

[واستعينوا] أي اطلبوا المعونة على أموركم كلها

[بالصبر والصلاة] أي بتحمل ما يشق على النفس من تكاليف شرعية، وبالصلاة التى هي عماد الدين

[وإنها] أي الصلاة

[لكبيرة] أي شاقة وثقيلة

[إلا على الخاشعين] أي المتواضعين المستكينين، الخاضعين لأمر الله، الذين صفت نفوسهم لله

[الذين يظنون] أي يعتقدون اعتقادا جازما لا يخالطه شك

[أنهم ملاقوا ربهم] أي سيلقون ربهم يوم البعث فيحاسبهم على أعمالهم

[وأنهم إليه راجعون] أي معادهم إليه يوم الدين !! ثم ذكرهم تعالى بنعمه وآلائه العديدة مرة أخرى فقال:

[يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم] بالشكر عليها بطاعتي

[وأني فضلتكم] أي فضلت آباءكم

[على العالمين] أي عالمي زمانهم، بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وجعلهم سادة وملوكاً، وتفضيل الآباء شرف للأبناء

[واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا] أي خافوا ذلك اليوم الرهيب، الذي لا تقضي نفس عن أخرى شيئا من الحقوق

[ولا يقبل منها شفاعة] أي لا تقبل شفاعة فى نفس كافرة بالله أبدا

[ولا يؤخذ منها عدل] أي لا يقبل منها فداء

[ولا هم ينصرون] أي ليس لهم من يمنعهم وينجيهم من عذاب الله.

===============
البلاغة:
===============
أولا: [أتأمرون] الاستفهام خرج عن حقيقته إلى معنى التوبيخ والتقريع.

ثانيا: أتى بالمضارع [أتأمرون] وإن كان قد وقع ذلك منهم، لأن صيغة المضارع تفيد التجدد والحدوث، وعبر عن ترك فعلهم بالنسيان [وتنسون أنفسكم] مبالغة فى الترك، فكأنه لا يجري لهم على بال، وعلقه بالأنفس توكيدا للمبالغة في الغفلة المفرطة، ولا يخفى ما في الجملة الحالية [وأنتم تتلون الكتاب] من التبكيت والتقريع والتوبيخ، على سوء الفعل والصنيع!!

ثالثا: [وأني فضلتكم على العالمين] هو من باب عطف الخاص على العام لبيان الكمال، لأن النعمة اندرج تحتها التفضيل المذكور، فلما قال: [اذكروا نعمتي] عم جميع النعم فلما عطف [وأني فضلتكم] كان من باب عطف الخاص على العام، اعتناء بشأن الخاص، لأنه نعمة أكبر.

رابعاً: [واتقوا يوما] التنكير للتهويل أي يوما شديد الهول، وتنكير النفس [نفس عن نفس] ليفيد العموم والإقناط الكلي


MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-04, 01:49 AM   #13
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره


===============
الفوائد:
===============
الفائدة الأولى: قال القرطبي: إنما خص الصلاة بالذكر من بين سائر العبادات، تنويهاً بذكرها، وقد كان عليه السلام إذا حز به أمر (أغمه) فزع إلى الصلاة، وكان يقول (أرحنا بها يا بلال).

الثانية: قال علي كرم الله وجهه: "قصم ظهري رجلان: عالم متهتك، وجاهل متنسك" ومن دعا غيره إلى الهدى ولم يعمل به، كان كالسراج يضئ للناس ويحرق نفسه، قال الشاعر:
إبدأ بنفسك فانهها عن غيهــا فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالرأي منك وينفع التعليم
وقال أبو العتاهية: وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى وريح الخطايا من ثيابك تسطع
وقال آخر: وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوى الناس وهو عليل


###############
قال الله تعالى: [وإذ نجيناكم من آل فرعون.. إلى .. إنه هو التواب الرحيم] من آية (49) غلى نهاية آية (54).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما قدم تعالى ذكر نعمه على بني إسرائيل إجمالاً، بين بعد ذلك أقسام تلك النعم على سبيل التفصيل، ليكون أبلغ فى التذكير، وأدعى إلى الشكر، فكأنه قال: اذكروا نعمتي، واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون، واذكروا إذ فرقنا بكم البحر.. إلى آخره، وكل هذه النعم تستدعي شكر المنعم جل وعلا، لا كفرانه وعصيانه!!

===============
اللغة:
===============
[آل فرعون] أصل "آل" أهل، ولذلك يصغر بأهيل، فأبدلت هاؤه ألفا، وخص استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم، فلا يقال آل الإسكاف والحجام، و [فرعون] علم لمن ملك العمالقة، كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس، ولعتوا الفراعنة اشتقوا منه "تفرعن": إذا عتا وتجبر

[يسومونكم] يذيقونكم من سامه إذا أذاقه وأولاه، قال الطبري: يوردونكم ويذيقونكم.

[يستحيون] يستبقون الإناث على قيد الحياة

[بلاء] اختبار ومحنة، ويستعمل في الخير والشر كما قال تعالى: [ونبلوكم بالشر والخير فتنة]

[فرقنا] الفرق: الفصل والتمييز، ومنه قوله سبحانه [وقرآنا فرقناه] أي فصلناه وميزناه بالبيان

[بارئكم] الباري هو الخالق للشئ على غير مثال سابق، والبرية: الخلق.

===============
التفسير:
===============
[وإذ نجيناكم] أي اذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم حين نجيت آباءكم

[من آل فرعون] أي من بطش فرعون وأشياعه العتاة، والخطاب للأبناء المعاصرين للنبى (ص)، لأن النعمة على الآباء نعمة على الأبناء

[يسومونكم سوء العذاب] أي يولونكم ويذيقونكم أشد العذاب وأفظعه

[يذبحون أبناءكم] أي يذبحون الذكور من الأولاد

[ويستحيون نساءكم] أي يستبقون الإناث على قيد الحياة للخدمة

[وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم] أي فيما ذكر من العذاب المهين، من الذبح والاستحياء، محنة واختبار عظيم لكم من جهته تعالى، بتسليطهم عليكم، ليتميز البر من الفاجر

[وإذ فرقنا بكم البحر] أي اذكروا أيضا إذ فلقنا لكم البحر، وصار لكم فيه طرق عديدة، فمشيتم عليها

[فأنجينا كم وأغرقنا آل فرعون] أي نجيناكم من الغرق، وأغرقنا فرعون وقومه الطغاة المتجبرين

[وأنتم تنظرون] أي وأنتم تشاهدون ذلك، فقد كان إغراقهم آية باهرة من آيات الله، وعبرة للمعتبرين في إنجاء أوليائه وإهلاك أعدائه

[وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة] أي وعدنا موسى أن نعطيه التوراة بعد أربعين ليلة، وكان ذلك بعد نجاتكم وإهلاك فرعون

[ثم اتخذتم العجل] أي عبدتم العجل

[من بعده] أي بعد غيبته عنكم، حين ذهب لميقات ربه

[وأنتم ظالمون] أي معتدون فى تلك العبادة ظالمون لأنفسكم

[ثم عفونا عنكم] أي تجاوزنا عن تلك الجريمة الشنيعة

[من بعد ذلك] أي من بعد ذلك الاتخاذ المتناهي فى القبح

[لعلكم تشكرون] أي لكي تشكروا نعمة الله عليكم، وتستمروا بعد ذلك على الطاعة

[وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان] أي واذكروا نعمتي أيضا حين أعطيت موسى (التوراة) الفارقة بين الحق والباطل، وأيدته بالمعجزات

[لعلكم تهتدون] أي لكي تهتدوا بالتدبر فيها، والعمل بمقتضى ما فيها من أحكام، شرعها الله لسعادتكم وفلاحكم! ثم بين تعالى كيفية وقوع العفو المذكور فى الآية السابقة [ثم عفونا عنكم] بقوله:

[وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم] أي اذكروا حين قال موسى لقومه، بعدما رجع من الموعد الذى وعده ربه، فرآهم قد عبدوا العجل: يا قوم لقد ظلمتم أنفسكم

[باتخاذكم العجل] أي بعبادتكم للعجل

[فتوبوا إلى بارئكم] أي توبوا إلى من خلقكم بريئا من العيب والنقصان

[فاقتلوا أنفسكم] أي ليقتل البريء منكم المجرم

[ذلكم] أي القتل

[خير لكم عند بارئكم] أي رضاكم بحكم الله ونزولكم عند أمره، خير لكم عند الخالق العظيم

[فتاب عليكم] أي قبل توبتكم

[إنه هو التواب الرحيم] أي عظيم المغرفة، واسع التوبة.

===============
البلاغة:
===============
أولا: قال ابن جزي: [يسومونكم سوء العذاب] أي يلزمونكم به وهو استعارة من السوم في البيع، وفسر سوء العذاب بقوله: [يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم] ولذلك لم يعطفه هنا بالواو، وعطفه في إبراهيم [ويذبحون أبناءكم] لأنه هناك نوع العذاب، أي أنه نوع آخر غير الذبح.

ثانيا: التنكير في كل من [بلاء] و [عظيم] للتفخيم والتهويل.

ثالثا: صيغة المفاعلة في قوله: [وإذ واعدنا] ليست على بابها، لأنها لا تفيد المشاركة من الطرفين، وإنما هي بمعنى الثلاثي [وإذ وعدنا].

رابعاً: قال أبو السعود: [فتوبوا إلى بارئكم] التعرض بذكر البارئ للإشعار بأنهم بلغوا من الجهالة أقصاها، ومن الغواية منتهاها، حيث تركوا عبادة العليم الحكيم، الذي خلقهم بلطيف حكمته، إلى عبادة البقر الذي هو مثل فى الغباوة.. أقول: لا عجب فى ذلك، فالجنس يألفه الجنس.

===============
الفوائد:
===============
الأولى: العطف فى قوله: [الكتاب والفرقان] هو من باب عطف الصفات بعضها على بعض، لأن الكتاب هو التوراة، والفرقان هو التوراة أيضا، وحسن العطف لكون معناه أنه أتاه إياه جامعاً بين كونه كتابا منزلا وفرقانا يفرق بين الحق والباطل.

الثانية: سبب تقتيل الذكور من بنى إسرائيل ما رواه المفسرون (أن فرعون رأى فى منامه كأن نارا أقبلت من بيت المقدس، وأحاطت بمصر، وأحرقت كل قبطي بها، ولم تتعرض لبني إسرائيل، فهاله ذلك وسأل الكهنة عن رؤياه فقالوا: يولد في بني إسرائيل غلام يكون هلاكك وزوال ملكك على يده، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل.

الثالثة: قال القشيري: من صبر في الله، على قضاء الله، عوضه الله صحبة أوليائه الصالحين، هؤلاء بنو إسرائيل، صبروا على مقاساة الضر من فرعون وقومه، فجعل الباري منهم أنبياء، وجعل منهم ملوكا وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين.


###############
قال الله تعالى: [وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهة.. إلى .. بما كانوا يفسقون] من آية (55) إلى نهاية آية (59).
###############


===============
المناسبة:
===============
بعد أن ذكرهم تعالى بالنعم، بين لونا من ألوان طغيانهم وجحودهم، وتبديلهم لأوامر الله، وهم مع الكفر والعصيان، يعاملون باللطف والإحسان، فما أقبحهم من أمة وما أخزاهم !! قال الطبري: لما تاب بنو إسرائيل من عبادة العجل، أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه رجالا، يعتذرون إليه من عبادتهم العجل، فاختار موسى سبعين رجلا من خيارهم كما قال تعالى: [واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا] وقال لهم: صوموا وتطهروا، وطهروا ثيابكم ففعلوا، وخرج بهم إلى "طور سيناء" فقالوا لموسى: اطلب لنا أن نسمع كلام ربنا فقال: أفعل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام، حتى تغشى الجبل كله، ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا، فسمعوا الله يكلم موسى يأمره وينهاه، فلما انكشف عن موسى الغمام، أقبل إليهم فقالوا لموسى مقالتهم الشنيعة [لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة

MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-04, 01:57 AM   #14
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي

==============
اللغة:
==============
[جهرة] علانية، وأصل الجهر: الظهور، ومنه الجهر بالقراءة والجهر بالمعاصي يعني المظاهرة بها، تقول: رأيت الأمير جهاراً أي غير مستتر بشئ، وقال ابن عباس: جهرة: عيانا،

[الصاعقة] صيحة العذاب أو هي نار محرقة

[بعثناكم] أحييناكم، قال الطبري: وأصل البعث: إثارة الشيء من محله

[الغمام] جمع غمامه كسحابة وسحاب، وزنا ومعنى، لأنها تغم السماء أي تسترها، وكل مغطى فهو مغموم، وغم الهلال: إذا غطاه الغيم فلم ير.

[حطة]: مصدر أي حط عنا ذنوبنا، وهي كلمة استغفار ومعناها: اغفر خطايانا.

[رجزا] عذابا ومنه [لئن كشفت عنا الرجز] أي العذاب

[يفسقون] الفسق: الخروج من الطاعة.

===============
التفسير:
===============
[وإذ قلتم يا موسى] أي اذكروا يا بني إسرائيل، حين خرجتم مع موسى، لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل، فقلتم

[لن نؤمن لك] أي لن نصدق لك بأن ما نسمعه كلام الله

[حتى نرى الله جهرة] أي حتى نرى الله علانية

[فأخذتكم الصاعقة] أي أرسل الله عليهم نارا من السماء فأحرقهم بها

[وأنتم تنظرون] أي ما حل بكم، حيث كان يموت الواحد أمام الآخر.. ثم لما ماتوا قام موسى يبكي ويدعو الله ويقول: رب ماذا أقول لبني إسرائيل وقد أهلكت خيارهم!؟ وما زال يدعو ربه حتى أحياهم الله له، قال تعالى:

[ثم بعثناكم من بعد موتكم] أي أحييناكم بعد أن مكثتم ميتين يوما وليلة، فقاموا وعاشوا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون

[لعلكم تشكرون] أي لتشكروا الله على إنعامه عليكم، بالبعث بعد الموت، وقد رأيتم هذه الآية الباهرة بأعينكم. ثم ذكرهم تعالى بنعمته عليهم وهم فى الصحراء، في أرض التيه، لما امتنعوا من دخول مدينة (الجبارين) وقتالهم، وقال لموسى [اذهب أنت وربك فقاتلا] فعوقبوا على ذلك بالضياع أربعين سنة، يتيهون في الأرض، ثم قال تعالى:

[وظللنا عليكم الغمام] أي سترناكم بالسحاب من حر الشمس، وجعلناه عليكم كالظلة

[وأنزلنا عليكم المن والسلوى] أي أنعمنا عليكم بأنواع من الطعام والشراب، من غير كد ولا تعب، والمن كان ينزل عليهم مثل العسل، فيمزجونه بالماء ثم يشربونه، والسلوى: طير يشبه "السماني" لذيذ الطعم كرامة من الله لهم

[كلوا من طيبات ما رزقناكم] أي وقلنا لهم كلوا من لذائذ نعم الله

[وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون] أي أنهم كفروا هذه النعم الجليلة، وما ظلمونا ولكن ظلموا أنفسهم، لأن وبال العصيان راجع عليهم

[وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية] أي واذكروا أيضا نعمتى عليكم، حين قلنا لكم بعد خروجكم من التيه، ادخلوا بلدة بيت المقدس

[فكلوا منها حيث شئتم رغدا] أي كلوا منها أكلا واسعا هنيئا من حيث أردتم

[وادخلوا الباب سجدا] أي وادخلوا باب القرية، ساجدين لله، شكرا على خلاصكم من التيه

[وقولوا حطة] أي قولوا يا ربنا حط عنا ذنوبنا واغفر لنا خطايانا

[نغفر لكم خطاياكم] أي نمح عنكم ذنوبكم، ونكفر سيئاتكم

[وسنزيد المحسنين] أي نزيد من أحسن إحسانا، بالثواب العظيم، والأجر الجزيل

[فبدل الذين ظلموا] أي غير الظالمون أمر الله فقالوا:

[قولا غير الذي قيل لهم] حيث دخلوا يزحفون على أستاهم أعنى "أدبارهم" وقالوا على سبيل السخرية والاستهزاء: "حبة فى شعيرة" وسخروا من أوامر الله

[فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء] أي أنزلنا عليهم طاعونا وبلاء

[بما كانوا يفسقون] أي بسبب عصيانهم وخروجهم عن طاعة الله !! روي أنه مات بالطاعون في ساعة واحدة منهم سبعون ألفا، وكان ذلك عقوبة لهم على إجرامهم.

===============
البلاغة:
===============
أولا: إنما قيد البعث بعد الموت [ثم بعثناكم من بعد موتكم] لزيادة التأكيد على أنه موت حقيقي، ولدفع ما عساه يتوهم أن بعثهم كان بعد إغماء أو بعد نوم.

ثانيا: في الآية إيجاز بالحذف في قوله: [كلوا] أي قلنا لهم كلوا وفي قوله: [وما ظلمونا] تقديره فظلموا أنفسهم بأن كفروا وما ظلمونا بذلك، دل على هذا الحذف قوله: [ولكن كانوا أنفسهم يظلمون] والجمع بين صيغتى الماضي والمضارع [ظلمونا] و [يظلمون] للدلالة على تماديهم في الظلم واستمرارهم على الكفر.

ثالثا: وضع الظاهر مكان الضمير في قوله [فأنزلنا على الذين ظلموا] ولم يقل "فأنزلنا عليهم" لزيادة التقبيح، والمبالغة في الذم والتقريع، وتنكير [رجزا] للتهويل والتفخيم.

===============
تنبيه:
===============
قال الرغب: تخصيص قوله: [رجزا من السماء] هو أن العذاب ضربان: ضرب قد يمكن دفاعه، وهو كل عذاب جاء على يد آدمي، أو من جهة المخلوقات كالهدم والغرق، وضرب لا يمكن دفاعه بقوة آدمي كالطاعون والصاعقة والموت وهو المراد بقوله: [رجزا من السماء].


###############
قال الله تعالى: [وإذ استسقى موسى لقومه .. إلى .. ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون] من آية (60) إلى نهاية آية (62).
###############


===============
المناسبة:
===============
لا تزال الآيات تعدد النعم على بني إسرائيل، وهذه إحدى النعم العظيمة عليهم، حين كانوا فى التيه، وعطشوا عطشا شديداً كادوا يهلكون معه، فدعا موسى ربه أن يغيثهم، فأوحى الله إليه أن يضرب بعصاه الحجر، فتفجرت منه عيون بقدر قبائلهم، وكانوا اثنتى عشرة قبيلة، فجرى لكل منهم جدول خاص، يأخذون منه حاجتهم لا يشاركهم فيه غيرهم، وكان موضوع السقيا آية باهرة، ومعجزة ظاهرة لسيدنا موسى عليه السلام، ومع ذلك كفروا وجحدوا.

===============
اللغة:
===============
[استسقى] طلب السقيا لقومه لأن السين والتاء للطلب مثل: استنصر واستخبر، قال أبو حيان: الاستسقاء: طلب الماء عند عدمه، أو قلته، ومفعوله محذوف أي استسقى موسى ربه.

[فانفجرت] الانفجار: الانشقاق ومنه سمي الفجر لانشقاق ضوئه، وانفجر وانبجس بمعنى واحد قال تعالى: [فانبجست منه] .

[مشربهم] جهة وموضع الشرب

[تعثوا] العيث: شدة الفساد، يقال: عثي يعثى، وعثا يعثو إذا أفسد فهو عاث، قال الطبري: معناه تطغوا وأصله شدة الإفساد

[فومها] الفوم: الثوم، وقيل: الحنطة

[أتستبدلون] الاستبدال: ترك شيء لآخر وأخذ غيره مكانه

[أدنى] أخس وأحقر، يقال رجل دنيء إذا كان يتتبع الخسائس

[الذلة] الذل والهوان والحقارة

[والمسكنة] الفاقة والخشوع مأخوذة من السكون، لأم المسكين قليل الحركة لما به من الفقر

[باءوا] رجعوا وانصرفوا قال الرازي: ولا يقال باء إلا إذا كان بشر

[يعتدون] الاعتداء: تجاوز الحد فى كل شيء، واشتهر فى الظلم والمعاصي.

===============
التفسير:
===============
[وإذ استسقى موسى لقومه] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين طلب موسى السقيا لقومه، وقد عطشوا فى التيه

[فقلنا اضرب بعصاك الحجر] أي اضرب أي حجر كان، تتفجر بقدرتنا العيون منه

[فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا] أي فضرب فتدفق الماء منه بقوة، وخرجت منه اثنتا عشرة عينا بقدر قبائلهم

[قد علم كل أناس مشربهم] أي علمت كل قبيلة مكان شربها لئلا يتنازعوا

[كلوا واشربوا من رزق الله] أي قلنا لهم: كلوا من المن والسلوى، واشربوا من هذا الماء، من غير كد منكم ولا تعب، بل هو من خالص إنعام الله وفضله

[ولا تعثوا ي الأرض مفسدين] أي ولا تطغوا فى الأرض بأنواع البغي والفساد.

[وإذ قلتم يا موسى] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين قلتم لنبيكم موسى، وأنتم في الصحراء تأكلون من المن والسلوى

[لن نصبر على طعام واحد] أي على نوع واحد من الطعام، وهو "المن والسلوى"

[فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض] أي ادع الله أن يرزقنا غير ذلك الطعام، فقد سئمنا المن والسلوى، وكرهناه ونريد ما تخرجه الأرض من الحبوب والبقول

[من بقلها] من خضرتها كالنعناع والكرفس والكراث

[وقثائها] يعني القتة التي تشبه الخيار

[وفومها] أي الثوم

[وعدسها وبصلها] أي العدس والبصل المعروفين

[قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذي هو خير] أي قال لهم موسى منكرا عليهم: ويحكم أتستبدلون الخسيس بالنفيس؟ وتفضلون البصل والبقل والثوم، على المن والسلوى؟

[اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم] أي ادخلوا مصرا من الأمصار، وبلدا من البلدان أيا كان لتجدوا فيه مثل هذه الأشياء !! ثم قال تعالى منبهاً على ضلالهم وفسادهم، وبغيهم وعدوانهم

[وضربت عليهم الذلة والمسكنة] أي لزمهم الذل والهوان، وضرب عليهم الصغار والخزي الأبدي، لا يفارقهم مدى الحياة

[وباءوا بغضب من الله] أي انصرفوا ورجعوا بالغضب، والسخط الشديد من الله

[ذلك] أي ما نالوه من الذل والهوان والسخط والغضب، بسبب ما اقترفوه من الجرائم الشنيعة

[بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق] أي بسبب كفرهم بآيات الله، جحودا واستكبارا، وقتلهم رسل الله ظلماً وعدوانا

[ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون] أي بسبب عصيانهم وطغيانهم، وتمردهم على أحكام الله. ثم دعا تعالى أصحاب الملل والنحل (المؤمنين، واليهود، والنصارى، والصابئين) إلى الإيمان الصادق وإخلاص العمل لله، وساقه بصيغة الخبر فقال :

[إن الذين آمنوا] أي المؤمنون أتباع محمد (ص)

[والذين هادوا] اليهود أتباع موسى

[والنصارى] أتباع عيسى

[والصابئين] قوم عدلوا عن اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة

[من آمن بالله واليوم الآخر] أي من آمن من هذه الطوائف إيماناً صادقا، فصدق بالله، وأيقن بالآخرة

[وعمل صالحا] أي عمل بطاعة الله في دار الدنيا

[فلهم أجرهم عند ربهم] أي لهم ثوابهم عند الله، لا يضيع منه مثقال ذرة

[ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون] أي ليس على هؤلاء المؤمنين خوف في الآخرة، حين يخاف الكفار من العقاب، ولا حزن وتفجع حين يحزن المقصرون على تضييع العمر وتفويت الثواب
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-04, 02:15 AM   #15
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي

===============
البلاغة:
===============
أولا: في إضافة الرزق إلى الله تعالى [كلوا واشربوا من رزق الله] تعظيم للمنة والإنعام، وإيماء إلى أنه رزق حاصل من غير تعب ولا مشقة.

ثانيا: في التصريح بذرك الأرض [ولا تعثوا في الأرض] مبالغة فى تقبيح الفساد وقوله: [مفسدين] حال مؤكدة، ووجه فصاحة هذا الأسلوب، أن المتكلم قد تشتد عنايته، ومن مظاهر هذه العناية التوكيد، فقوله: (مفسدين) يكسو النهي عن الفساد قوة، ويجعله بعيدا من أن يغفل عنه أو ينسى.

ثالثا: قوله تعالى: [مما تنبت الأرض] المنبت الحقيقي هو الله سبحانه ففيه مجاز يسمى (المجاز العقلي) وعلاقته السببية، لأن الأرض لما كانت سببا للنبات أسند إليها، كما يقال: بنى الملك البلدة، لأنه أمر ببنائها.

رابعا: قوله: [وضربت عليهم الذلة والمسكنة] كناية عن إحاطتهما بهم كما تحيط القبة بمن ضربت عليه كما قال الشاعر:
إن السماحة والمروءة والندى في قبة ضربت على ابن الحشرج

خامساً: تقييد قتل الأنبياء بقوله: [بغير الحق] مع أن قتلهم لا يكون بحق البتة، إنما هو لزيادة التشنيع بقبح عدوانهم.

===============
الفوائد:
===============
الأولى: حكى المفسرون أقوالاً كثيرة فى الحجر الذي ضربه موسى فجرت منه العيون ما هو؟ وكيف وصفه؟ والذي يكفي في فهم معنى الآية، أن واقعة (انفجار الماء) إنما كان على وجه "المعجزة" وأن الحجر الذى ضربه موسى كان من الصخر الأصم الذى ليس من شأنه الانفجار بالماء، وهنا تكون المعجزة أوضح، والبرهان أسطع، قال الحسن البصري: لم يأمره أن يضرب حجراً بعينه، قال: وهذا أظهر في الحجة، وأبين فى القدرة.

الثانية: فإن قيل ما الحكمة في جعل الماء اثنتى عشرة عينا؟ والجواب: أن قوم موسى كانوا كثيرين، وكانوا في الصحراء، والناس إذا اشتدت بهم الحاجة إلى الماء ثم وجدوه، فإنه يقع بينهم تشاجر وتنازع، فأكمل الله هذه النعمة، بأن عين لكل سبط منه ماء معيناً على عددهم، لأنهم كانوا اثنى عشر سبطا، وهم ذرية أبناء يعقوب الاثنى عشر، والله أعلم.

الثالثة: ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالفوم في قوله: [وفومها] الحنطة، والأرجح أن المراد به (الثوم) بدليل قراءة ابن مسعود [وثومها] وبدليل اقتران البصل بعده بها.. قال الفخر الرازي: الثوم أوفق للعدس والبصل من الحنطة، واستدل القرطبي على ذلك بقول حسان: وأنتم أناس لئام الأصول طعامكم الفوم والحوقل ، يعنى الثوم والبصل.


###############
قال الله تعالى: [وإذ أخذنا ميثاقكم .. إلى .. وما خلفها وموعظة للمتقين] من آية (63) إلى نهاية آية (66).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكرهم تعالى بالنعم الجليلة العظيمة، أردف ذلك ببيان ما حل بهم من نقم، جزاء كفرهم وعصيانهم وتمردهم على أوامر الله، فقد كفروا النعمة، ونقضوا الميثاق، واعتدوا فى السبت، فمسخهم الله إلى قردة، وهكذا شأن كل أمة عتت عن أمر ربها وعصت رسله.

===============
اللغة:
===============
[ميثاقكم] الميثاق: العهد المؤكد بيمين ونحوه، والمراد هنا العمل بأحكام التوراة

[الطور] هو الجبل الذى كلم الله عليه موسى عليه السلام

[بقوة] بحزم وعزم

[توليتم] التولي: الإعراض عن الشيء والإدبار عنه

[خاسئين] جمع خاسئ وهو الذليل المهين، قال أهل اللغة: الخاسئ: الصاغر المبعد المطرود، كالكلب إذا دنا من الناس قيل له: اخسأ أي تباعد وانطرد صاغرا

[نكالا] النكال: العقوبة الشديدة الزاجرة، ولا يقال لكل عقوبة نكال حتى تكون زاجرة رادعة.

===============
التفسير:
===============
[وإذ أخذنا ميثاقكم] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا منكم العهد المؤكد على العمل بما في التوراة

[ورفعنا فوقكم الطور] أي نتقناه حتى أصبح كالظلة فوقكم وقلنا لكم

[خذوا ما آتيناكم بقوة] أي اعملوا بما في التوراة بجد وعزيمة

[واذكروا ما فيه] أي احفظوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه

[لعلكم تتقون] أي لتتقوا الهلاك في الدنيا والعذاب فى الآخرة، أو رجاء منكم أن تكونوا من فريق المتقين

[ثم توليتم من بعد ذلك] أي أعرضتم عن الميثاق بعد أخذه

[فلولا فضل الله عليكم] أي بقبول التوبة

[ورحمته] بالعفو عن الزلة

[لكنتم من الخاسرين] أي لكنتم من الهالكين في الدنيا والآخرة

[ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت] أي عرفتم ما فعلناه بمن عصى أمرنا، حين خالفوا واصطادوا يوم السبت، وقد نهيناهم عن ذلك

[فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين] أي مسخناهم قردة بعد أن كانوا بشرا مع الذلة والإهانة

[فجعلناها] أي المسخة

[نكالا لما بين يديها] أي عقوبة زاجرة لمن يأتي بعدها من الأمم

[وما خلفها] أي جعلنا مسخهم قردة عبرة لمن شهدها وعاينها، وعبرة لمن جاء بعدها ولم يشاهدها

[وموعظة للمتقين] أي عظة وذكرى لكل عبد صالح، متق لله سبحانه وتعالى!.

===============
البلاغة:
===============
أولا: [خذوا ما آتيناكم بقوة] فيه إيجاز بالحذف أي قلنا لهم: خذوا، فهو كما قال الزمخشري على إرادة القول.

ثانيا: [كونوا قردة خاسئين] خرج الأمر عن حقيقته إلى معنى الإهانة والتحقير، وقال بعض المفسرين: هذا أمر تسخير وتكوين، فهو عبارة عن تعلق القدرة، بنقلهم من حقيقة البشرية إلى حقيقة القردة.

ثالثا: [لما بين يديها وما خلفها] كناية عمن أتى قبلها أو أتى بعدها من الأمم والخلائق، أو عبرة لمن تقدم ومن تأخر.

===============
الفوائد:
===============
الأولى: قال القفال: إنما قال:
[ميثاقكم] ولم يقل "مواثيقكم" لأنه أراد ميثاق كل واحد منكم كقوله: [ثم يخرجكم طفلا] أي يخرج كل واحد منكم طفلا.

الثانية: قال بعض أهل اللطائف: كانت نفوس بنى إسرائيل من ظلمات عصيانها، تخبط فى عشواء حالكة الجلباب، وتخطر من غلوائها وعلوها في حلتي كبر وإعجاب، فلما أمروا بأخذ التوراة ورأوا ما فيها من أثقال، ثارت نفوسهم فرفع الله عليهم الجبل فوجدوه أثقل مما كلفوه، فهان عليهم حمل التوراة قال الشاعر:
إلى الله يدعى بالبراهين من أبى فإن لم يجب نادته بيض الصوارم

الثالثة: إنما خص المتقين بإضافة الموعظة إليهم [وموعظة للمتقين] لأنهم هم الذين ينتفعون بالعظة والتذكير قال تعالى: [وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين].


###############
قال الله تعالى: [وإذ قال موسى لقومه.. إلى .. وما الله بغافل عما تعملون] من آية (67) إلى نهاية آية (74).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى بعض قبائح اليهود وجرائمهم، من نقض المواثيق، واعتدائهم في السبت، وتمردهم على الله عز وجل فى تطبيق شريعته المنزلة، أعقبه بذكر نوع آخر من مساوئهم، ألا وهو مخالفتهم للأنبياء وتكذيبهم لهم، وعدم مسارعتهم لامتثال الأوامر التي يوحيها الله إليهم، ثم كثرة اللجاج والعناد للرسل صلوات الله عليهم، وجفاؤهم فى مخاطبة نبيهم الكريم (موسى) عليه السلام، إلى آخر ما هنالك من قبائح ومساوئ اتصف بها اليهود.

===============
اللغة:
===============
[هزوا] الهزؤ: السخرية بضم الزاي وقلب الهمزة واوا [هزوا] مثل [كفوا أحد] والمعنى على حذف مضاف أي أتتخذنا موضع هزؤ، أو يحمل المصدر على معنى اسم المفعول أي أتجعلنا مهزوءاً بنا

[فارض] الفارض: الهرمة المسنة التي كبرت وطعنت في السن ، (البكر) الفتية السن التي لم تحمل بعد، ولم يلقحها الفحل لصغرها قال الشاعر:
لعمري لقد أعطيت ضيفك "فارضا" تساق إليه ما تقوم على رجل
ولم تعطه "بكراً" فيرضى سمينـة فكيف تجازى بالمودة والفضل؟

[عوان] وسط ليست بمسنة ولا صغيرة، وقيل هى التي ولدت بطنا أو بطنين،

[فاقع] الفقوع: شدة الصفرة يقال: أصفر فاقع أي شديد الصفرة كما يقال: أحمر قان أي شديد الحمرة، قال الطبري: وهو نظير النصوع في البياض

[ذلول] أي مذللة للعمل يقال: دابة ذلول أي ريضة زالت صعوبتها فقوله [لا ذلول] أي لم تذلل لإثارة الأرض أي لحرثها

[مسلمة] من السلامة أي خالصة ومبرأة من العيوب

[شية] الشية: اللمعة المخالفة لبقية اللون الأصلي، قال الطبري: [لا شية فيها] أي لا بياض ولا سواد يخالف لونها

[فادارأتم] أي تدافعتم واختلفتم وتنازعتم، وأصلها تدارأتم أدغمت التاء في الدال، وأتي بهمزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن فصار ادارأتم، ومعنى الدرء: الدفع، لأن كلا من الفريقين كان يدرأ على الآخر أي يدفع التهمة عن نفسه، ويلحقها بالآخر، وفي الحديث "ادرءوا الحدود بالشبهات"

[قست] القسوة: الصلابة ونقيضها الرقة

[يشقق] التشقق: التصدع بطول أو عرض

[يهبط] الهبوط: النزول من أعلى إلى أسفل.

===============
معجزة إحياء الميت وقصة البقرة
===============
ذكر القصة: روى ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني قال: "كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله ثم احتمله ليلا، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض، فقال ذوو الرأى منهم والنهى: علام يقتل بعضنا بعضا وهذا رسول الله فيكم؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال:
[إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة] قال: ولو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم، حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال: والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا، فاشتروها بملء جلدها ذهبا، فذبحوها فضربوه ببعضها فقام حيا، فقالوا: من قتلك؟ قال: هذا وأشار إلى ابن أخيه، ثم مال ميتا، فلم يورث قاتل بعد" وفي رواية "فأخذوا الغلام فقتلوه
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-05, 04:16 AM   #16
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي

===============
التفسير:
===============
[وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة] أي اذكروا يا يني إسرائيل حين قال لكم نبيكم موسى: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة

[قالوا أتتخذنا هزوا] أي فكان جوابكم الوقح لنبيكم أن قلتم: أتهزأ بنا يا موسى

[قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين]. أي ألتجئ إلى الله أن أكون فى زمرة المستهزئين الجاهلين

[قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي] أي ما هي هذه البقرة؟ وأي شئ صفتها؟

[قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر] أي لا كبيرة هرمة، ولا صغيرة لم يلقحها الفحل

[عوان بين ذلك] أي وسط بين الكبيرة والصغيرة

[فافعلوا ما تؤمرون] أي افعلوا ما أمركم به ربكم ولا تتعنتوا ولا تشددوا على أنفسكم، فيشدد الله عليكم

[قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها] أي ما هو لونها هل هو أبيض أم أسود؟ أم غير ذلك؟

[قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين] أي أنها بقرة صفراء شديدة الصفرة، حسن منظرها، تسر كل من رآها.

[قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي] أعادوا السؤال عن حال البقرة بعد أن عرفوا سنها ولونها، ليزدادوا بيانا لوصفها، ثم اعتذروا بأن البقر الموصوف بكونه (عواناً) أو وسطا، وبالصفرة الفاقعة كثير

[إن البقر تشابه علينا] أي التبس الأمر علينا فلم ندر ما البقرة المأمور بذبحها؟

[وإنا إن شاء الله لمهتدون] أي سنهتدي إلى معرفتها إن شاء الله، ولو لم يقولوا ذلك لم يهتدوا إليها أبدا، كما ثبت ذلك فى الحديث الصحيح.

[قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث] أي ليست هذه البقرة مسخرة لحراثة الأرض، ولا لسقاية الزرع

[مسلمة لا شية فيها] أي سليمة من العيوب، ليس فيها لون آخر يخالف لونها، فهي صفراء كلها

[قالوا الآن جئت بالحق] أي الآن بينتها لنا بيانا شافيا، لا غموض فيه ولا لبس، قال تعالى إخباراً عنهم

[فذبحوها وما كادوا يفعلون] لغلاء ثمنها أو خوف الفضيحة.. ثم أخبر تعالى عن سبب أمرهم بذبح البقرة، وعما شهدوه من آيات الله الباهرة، فقال:

[وإذ قتلتم نفسا] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين قتلتم نفسا

[فادارأتم فيها] أي تخاصمتم وتدافعتم بشأنها، وأصبح كل فريق يدفع التهمة عن نفسه وينسبها لغيره

[والله مخرج ما كنتم تكتمون] أي مظهر ما تخفونه

[فقلنا اضربوه ببعضها] أي اضربوا القتيل بشيء من البقرة، يحيا ويخبركم عن قاتله

[كذلك يحي الله الموتى] أي كما أحيا هذا القتيل أمام أبصاركم، كذلك يحي الموتى، ويخرجهم من قبورهم

[ويريكم آياته لعلكم تعقلون] أي يريكم دلائل قدرته، لتتفكروا وتتدبروا وتعلموا أن الله على كل شيء قدير.. ثم أخبر تعالى عن جفائهم وقسوة قلوبهم فقال:

[ثم قست قلوبكم] أي صلبت قلوبكم يا معشر اليهود، فلا يؤثر فيها وعظم ولا تذكير

[من بعد ذلك] أي من بعد رؤية المعجزات الباهرة

[فهي كالحجارة أو أشد قسوة] أي بعضها كالحجارة، وبعضها أشد قسوة من الحجارة كالحديد

[وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار] أي تتدفق منها الأنهار الغزيرة

[وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء] أى من الحجارة ما يتصدع اشفاقا من عظمة الله ، فينبع منه الماء

[وإن منها لما يهبط من خشية الله] أي ومنها ما يتفتت ويتردى من رؤوس الجبال من خشية الله، فالحجارة تلين وتخشع، وقلوبكم يا معشر اليهود لا تتأثر ولا تلين

[وما الله بغافل عما تعملون] أي أنه تعالى رقيب على أعمالهم، لا تخفى عليه خافية، وسيجازيهم عليها يوم القيامة، وفي هذا وعيد وتهديد شديد!.

===============
البلاغة:
===============
أولا: قوله تعالى: [فذبحوها وما كادوا يفعلون] من إيجاز القرآن وإبداعه أن حذف من صدر هذه الجملة، جملتين مفهومتين من نظم الكلام والتقدير: فطلبوا البقرة الجامعة للأوصاف السابقة، وحصلوها، فلما اهتدوا إليها ذبحوها، وهذا من الإيجاز بالحذف اللطيف، لأن الفهيم يدركه.

ثانيا: قوله تعالى: [والله مخرج ما كنتم تكتمون] هذه الجملة اعتراضية بين قوله: [فادارأتم] وقوله: [فقلنا اضربوه] والجملة المعترضة بين ما شأنهما الاتصال، تجيء تحلية يزداد بها الكلام البليغ حسناً، وفائدة الاعتراض هنا إشعار المخاطبين بأن الحقيقة ستنجلي لا محالة.

ثالثا: [ثم قست قلوبكم] وصف القلوب بالصلابة والغلظ، يراد منه نبوها عن الاعتبار، وعدم تأثرها بالمواعظ والنصائح، ففيه استعارة تصريحية، قال أبو السعود: القسوة عبارة عن الغلظ والجفاء والصلابة كما في الحجر، استعيرت لنبو قلوبهم عن التأثر بالعظات، والقوارع التى تميع منها الجبال، وتلين بها الصخور.

رابعا: [فهي كالحجارة] فيه تشبيه يسمى (مرسلا مجملا) لأن أداة التشبيه مذكورة وهي الكاف، ووجه الشبه محذوف وهو الصلابة والقسوة.

خامسا: [لما يتفجر منه الأنهار] أي ماء الأنهار، والعرب يطلقون اسم المحل كالنهر، على الحال فيه كالماء، والقرينة ظاهرة لأن التفجر إنما يكون للماء ويسمى هذا (مجازاً مرسلا).!

===============
الفوائد:
===============
الفائدة الأولى: نبه قوله تعالى: [قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين] على أن الاستهزاء بأمر من أمور الدين جهل كبير، وقد منع المحققون من أهل العلم استعمال الآيات، كأمثال يضربونها في مقام المزاح والهزل، وقالوا إنما أنزل القرآن للتدبر والخشوع، لا للتسلي والتفكه والمزاح، ويخشى على من فعل ذلك من الكفر، لقوله تعالى: [قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون؟ لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم].

الثانية: الخطاب في قوله: [وإذ قتلتم نفسا] لليهود المعاصرين للنبى (ص) وقد جرى على الأسلوب المعروف في مخاطبة الأقوام، إذ ينسب إلى الخلف ما فعل السلف، إذا كانوا سائرين على نهجهم، راضين بفعلهم، وفيه توبيخ وتقريح للغابرين والحاضرين.

الثالثة: هذه الواقعة (واقعة قتل النفس) جرت قبل أمرهم بذبح البقرة، وإن وردت في الذكر بعده، والسر في ذلك: التشويق إلى معرفة السبب في ذبح البقرة، والتكرير في التقريع والتوبيخ، قال العلامة أبو السعود: وإنما غير الترتيب لتكرير التوبيخ وتثنية التقريع، فإن كل واحد من قتل النفس المحرمة، والاستهزاء بموسى عليه السلام والافتيات على أمره، جناية عظيمة جديرة بأن تنعى عليهم.

الرابعة: ذكر تعالى إحياء الموتى في هذه السورة الكريمة فى خمسة مواضع:
-الأول: في قوله: [ثم بعثناكم من بعد موتكم]
-الثاني: وفي هذه القصة [فقلنا اضربوه ببعضها]
-الثالث: في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت [فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم]
-الرابع: فى قصة عزير [فأماته الله مائة عام ثم بعثه]
-الخامس: في قصة إبراهيم [رب أرني كيف تحي الموتى]؟.

الخامسة: [أو] في قوله تعالى: [فهي كالحجارة أو أشد قسوة] بمعنى "بل" أي بل أشد قسوة كقوله تعالى: [وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون] أي بل يزيدون.

السادسة: ذهب بعض المفسرين إلى أن الخشية هنا حقيقية، وأن الله تعالى جعل لهذه الأحجار خشية بقدرها كقوله تعالى: [وإن من شيء إلا يسبح بحمده] وقال آخرون: بل هو من باب المجاز كقول القائل: قال الحائط للمسمار: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني؟ فهو بطريق التمثيل لروعة التأثير حتى على الجماد، والله أعلم.


###############
قال الله تعالى [أفتطمعون أن يؤمنوا لكم.. إلى.. فأولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون] من آية (75) إلى نهاية آية (82).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى عناد اليهود، وعدم امتثالهم لأوامر الله تعالى، ومجادلتهم للأنبياء الكرام، وعدم الانقياد والإذعان، عقب ذلك بذكر بعض القبائح والجرائم التى ارتكبوها، كتحريف كلام الله تعالى، وادعائهم بأنهم أحباب الله، وأن النار لن تمسهم إلا بضعة أيام قليلة، إلى آخر ما هم عليه من أماني كاذبة، ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وقد بدأ تعالى الآيات بتيئيس المسلمين من إيمانهم، لأنهم فطروا على الضلال، وجبلوا على العناد والمكابرة.

===============
اللغة:
===============
[أفتطمعون] الطمع: تعلق النفس بشيء مطلوب تعلقا قويا، فإذا اشتد فهو طمع، وإذا ضعف كان رجاء ورغبة

[فريق] الفريق: الجماعة وهو اسم جمع، لا واحد له من لفظه كالرهط والقوم.

[يحرفونه] التحريف: التبديل والتغيير وأصله من الانحراف عن الشيء

[عقلوه] عقل الشيء أدركه بعقله، والمراد فهموه وعرفوه

[أميون] جمع أمي وهي وهو الذي لا يحسن القراءة والكتابة، سمى بذلك نسبة إلى الأم، لأنه باق على الحالة التي ولدته عليه أمه، من عدم المعرفة

[أماني] جمع أمنية وهي ما يتمناه الإنسان ويشتهيه، أو يقدره في نفسه من منى، ولذلك تطلق على الكذب، قال أعرابي لإنسان: "أهذا شيء رأيته أم تمنيته" أي اختلقته، وتأتي بمعنى قرأ، قال حسان: تمنى كتاب الله أول ليله

[فويل] الويل: الهلاك والدمار، وقيل: الفضيحة والخزي، وهي كلمة تستعمل في الشر والعذاب، قال القاضي: هي نهاية الوعيد والتهديد كقوله: [ويل للمطففين] وقال سيبويه: (ويل) لمن وقع في الهلكة، و(ويح) لمن أشرف عليها.

===============
سبب النزول:
===============
1- نزلت فى الأنصار كانوا حلفاء لليهود، وبينهم جوار ورضاعة، وكانوا يودون لو أسلموا فأنزل الله تعالى [أفتطمعون أن يؤمنوا لكم..] الآية.

2- وروى مجاهد عن ابن عباس أن اليهود كانوا يقولون: إن عمر هذه الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوماً في انار، وإنما هي سبعة أيام معدودة، فأنزل الله تعالى: [وقالوا لن تمسنا الله أياما معدودة].

===============
التفسير:
===============
يخاطب الله تعالى عباده المؤمنين فيقول: [أفتطمعون أن يؤمنوا لكم] أي أترجون يا معشر المؤمنين أن يسلم اليهود، ويدخلوا في دينكم؟

[وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله] أي والحال قد كان طائفة من أحبارهم وعلمائهم، يتلون كتاب الله ويسمعونه بينا جليا

[ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه] أي يغيرون آيات التوراة بالتبديل أو التأويل، من بعد ما فهموه وضبطوه بعقولهم

[وهم يعلمون] أنهم يرتكبون جريمة، أي إنهم يخالفون أوامره وأحكامه، عن بصيرة، لا عن خطأ أو نسيان

[وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا] أي إذا اجتمعوا بأصحاب النبي (ص) قال المنافقون من اليهود: آمنا بأنكم على الحق، وأن محمداً هو الرسول المبشر به

[وإذا خلا بعضهم إلى بعض] أي إذا انفرد واختلى بعضهم ببعض

[قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم] أي قالوا عاتبين عليهم: أتخبرون أصحاب محمد بما بين الله لكم في التوراة، من صفة محمد (ص)

[ليحاجوكم به عند ربكم] أي لتكون الحجة للمؤمنين عليكم فى الآخرة، في ترك اتباع الرسول مع العلم بصدقه؟

[أفلا تعقلون] أي أفليست لكم عقول تمنعكم، من أن تحدثوهم بما يكون لهم فيه حجة عليكم؟ والقائلون ذلك هم اليهود لمن نافق منهم، قال تعالى ردا عليهم وتوبيخا

[أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون] أي ألا يعلم هؤلاء اليهود أن الله يعلم ما يخفون وما يظهرون، وأنه تعالى لا تخفى عليه خافية، فكيف يقولون ذلك، ثم يزعمون الإيمان !! وفي هذا غاية التوبيخ لهم، والتسفيه لعقولهم!. ولما ذكر تعالى العلماء الذين حرفوا وبدلوا، ذكر العوام الذين قلدوهم، ونبه أنهم في الضلال سواء، فقال سبحانه:

[ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب] أي ومن اليهود طائفة من الجهلة العوام، الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، ليطلعوا على ما في التوراة بأنفسهم، ويتحققوا بما فيها

[إلا أماني] أي ليس لهم علم بالتوراة، إلا ما هم عليه من الأماني الخادعة، التي مناهم بها أحبارهم، من أن الله يعفو عنهم ويرحمهم، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة، وأن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم، وأنهم أبناء الله وأحباؤه، إلى غير ما هنالك من الأماني الفارغة

[وإن هم إلا يظنون] أي وما هم على يقين ثابت من أمر دينهم، بل هم مقلدون للآباء، تقليد أهل العمى والغباء!! ثم ذكر تعالى جريمة أولئك الرؤساء المضلين، الذين أضلوا العامة فى سبيل حطام الدنيا فقال سبحانه:

[فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم] أي هلاك وعذاب لأولئك الأشقياء الفجار، الذين حرفوا التوراة، وكتبوا تلك الآيات المحرفة بأيديهم

[ثم يقولون هذا من عند الله] أي يقولون لأتباعهم الأميين: هذا الذي تجدونه هو من نصوص التوراة، التي أنزلها الله على موسى عليه السلام، مع أنهم كتبوها بأيديهم، ونسبوها إلى الله كذبا وزورا

[ليشتروا به ثمنا قليلا] أي لينالوا به عرض الدنيا وحطامها الفاني

[فويل لهم مما كتبت أيديهم] أي فهلاك ودمار، وشدة عذاب لهم، على ما فعلوه من تحريف كلام الله

[وويل لهم مما يكسبون] أي وويل لهم مما يصيبون من الحرام والسحت

[وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة] أي لن ندخل النار إلا أياماً قلائل، هي مدة عبادة العجل، أو سبعة أيام فقط

[قل أتخذتم عند الله عهدا]؟ أي قل لهم يا محمد على سبيل الإنكار والتوبيخ: هل أعطاكم الله الميثاق والعهد بذلك؟ فإذا كان قد وعدكم بذلك

[فلن يخلف الله عهده] لأن الله لا يخلف الميعاد

[أم تقولون على الله ما لا تعلمون] أي أم تكذبون على الله، فتقولون عليه ما لم يقله، فتجمعون بين جريمة التحريف لكلام الله، والكذب والبهتان عليه جل وعلا؟! ثم بين تعالى كذب اليهود، وأبطل مزاعمهم أن النار لن تمسهم، وأنهم لا يخلدون فيها، فقال:

[بلى من كسب سيئة] أي بلى تمسكم النار وتخلدون فيها، كما يخلد الكافر الذي عمل الكبائر، وكذلك كل من اقترف السيئة، والمراد بها هنا: الشرك بالله، لأنه هو المخلد في نار الجحيم

[وأحاطت به خطيئته] أي غمرته من جميع جوانبه، وسدت عليه مسالك النجاة، بأن فعل مثل فعلكم أيها اليهود

[فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون] أي فالنار ملازمة لهم، لا يخرجون منها أبدا

[والذين آمنوا وعملوا الصالحات] أي وأما المؤمنون الذين جمعوا بين الإيمان، والعمل الصالح، فلا تمسهم النار، بل هم في روضات الجنات يحبرون

[أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون] أي مخلدون في الجنان، لا يخرجون منها أبدا، اللهم اجعلنا منهم يا أرحم الراحمين
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-05, 04:22 AM   #17
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره

===============
البلاغة:
===============
أولا: قوله تعالى: [وهم يعلمون] جملة حالية مفيدة لكمال قبح صنيعهم، فتحريفهم للتوراة كان عن قصد وتصميم، لا عن جهل أو نسيان، ومن يرتكب المعصية عن علم، يستحق الذم والتوبيخ، أكثر ممن يرتكبها وهو جاهل بحكمها وبشناعتها.

ثانيا: قوله: [يكتبون الكتاب بأيديهم] ذكر الأيدى هنا لدفع توهم المجاز، وللتأكيد بأن الكتابة باشروها بأنفسهم، كما يقول القائل: كتبته بيميني، وسمعته بأذني، ورأيته بعيني، فهي لزيادة التأكيد، وتقرير الجناية.

ثالثا: قوله: [ما يسرون وما يعلنون] فيه من المحسنات البديعية ما يسمى بـ (الطباق) حيث جمع بين لفظتي "يسرون" و"يعلنون" وهو من نوع طباق الإيجاب، وهو أن يأتي باللفظ وضده، كقوله تعالى (أضحك وأبكى).

رابعا: التكرير في قوله: [فويل للذين يكتبون الكتاب] وقوله: [فويل لهم مما كتبت أيديهم] وقوله: [وويل لهم مما يكتبون] تكرار الويل: للتوبيخ والتقريع، ولبيان أن جريمتهم بلغت من القبح والشناعة الغاية القصوى.

خامسا: قوله: [وأحاطت به خطيئته] فيه استعارة لطيفة، حيث شبه (الذنوب) و(الخطايا) بجيش من الأعداء، نزل على قوم من كل جانب، فأحاط بهم إحاطة السوار بالمعصم، واستعار لفظة الإحاطة لغلبة السيئات على الحسنات، فكأنها أحاطت بها من جميع الجهات.

===============
الفوائد:
===============
الفائدة الأولى: تحريف كلام الله، يكون بتأويله تأويلا فاسدا، ويكون بمعنى: التغيير وتبديل كلام بكلام، وقد وقع من أحبار اليهود التحريف بالأمرين: بالتأويل، وبالتغيير، كما فعلوا في صفته (ص)، قال العلامة أبو السعود: روي أن أحبار اليهود خافوا زوال رياستهم، فعمدوا إلى صفة النبى (ص) في التوراة، وكانت هي فيها (حسن الوجه، حسن الشعر، أكحل العينين، أبيض، ربعة) الخ، فغيروها وكتبوا مكانها "طوال، أزرق، سبط الشعر" فإذا سألهم العامة عن ذلك قرءوا ما كتبوا فيجدونه مخالفا لما في التوراة، فيكذبونه.

الثانية: التحريف بقسمية وقع في الكتب السماوية كالتوراة والإنجيل كما قال تعالى: [يحرفون الكلم عن مواضعه] أما التحريف بمعنى التأويل الباطل فقد وقع في القرآن، من الجهلة أو الملاحدة، وأما التحريف بمعنى إسقاط الآية ووضع كلام بدلها، فقد حفظ الله منه كتابه العزيز بقوله سبحانه [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] والحمد لله أن الله تكفل بحفظه بنفسه، ولم يتركه للخلق، كما هو شأن التوراة والإنجيل.

الثالثة: روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "لما فتحت خيبر، أهديت لرسول الله (ص) شاة فيها سم، فقال رسول الله (ص): اجمعوا لي من كان من اليهود هنا، فقال لهم رسول الله (ص): إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي فيه؟ قالوا: نعم، يا أبا القاسم، فقال لهم (ص): من أبوكم؟ قالوا: فلان قال: كذبتم، بل أبوكم فلان، فقالوا صدقت وبررت يا أبا القاسم، ثم قال لهم: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم رسول الله (ص): من أهل النار؟ فقالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها!! فقال لهم رسول الله (ص): اخسئوا والله لا نخلفكم فيها أبدا، ثم قال لهم رسول الله (ص): هل أنتم صادقي عن شئ إن سألتكم عنه؟ قالوا: نعم يا أبا القاسم، قال: هل جعلتم فى هذه الشاة سما؟ فقالوا: نعم، قال: فما حملكم على ذلك؟ فقالوا: أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك؟.


###############
قال الله تعالى: [وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله.. إلى .. ولا هم ينصرون] من آية (83) إلى نهاية آية (86).
###############


===============
المناسبة:
===============
لا تزال الآيات الكريمات تعدد جرائم اليهود، وفي هذه الآيات الكريمة أمثلة صارخة على عدوانهم وطغيانهم وإفسادهم في الأرض، فقد نقضوا الميثاق، الذي أخذه الله عليهم في التوراة، وقتلوا النفس التي حرم الله، واستباحوا أكل أموال الناس بالباطل، واعتدوا على إخوانهم في الدين، فأخرجوهم من الديار، فاستحقوا اللعنة والخزي والدمار.

===============
اللغة:
===============
[ميثاق] الميثاق: العهد المؤكد باليمين غاية التأكيد، فإن لم يكن مؤكدا سمي عهدا

[حسنا] الحسن: اسم عام جامع لمعاني الخير، ومنه لين القول، والأدب الجميل، والخلق الكريم، وضده القبح، والمعنى: قولوا قولا حسنا فهو صفة لمصدر محذوف

[توليتم] التولي عن الشيء: الإعراض عنه ورفضه وعدم قبوله كقوله: [فأعرض عمن تولى عن ذكرنا] وفرق بعضهم بين التولي والإعراض، فقال: التولي بالجسم، والإعراض بالقلب

[تظاهرون] تتعاونون وهو مضارع حذف منه أحد التاءين، كأن المتظاهرين يسند كل واحد منهما ظهره الى الآخر، والظهير: المعين

[الإثم] الذنب الذي يستحق صاحبه الملامة وجمعه آثام

[العدوان] تجاوز الحد في الظلم

[خزي] الخزي: الهوان والمقت والعقوبة.

===============
التفسير:
===============
[وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا على أسلافكم يا معشر اليهود، العهد المؤكد غاية التأكيد

[لا تعبدون إلا الله] بأن لا تعبدوا غير الله تعالى

[وبالوالدين إحسانا] أي وأمرناهم بأن يحسنوا إلى الوالدين إحسانا

[وذي القربى واليتامى والمساكين] أي وأن يحسنوا أيضا إلى الأقرباء، واليتامى الذين مات آباؤهم وهم صغار، والمساكين الذين عجزوا عن الكسب لضعفهم

[وقولوا للناس حسنا] أي قولوا للناس قولا حسنا، بخفض الجناح، ولين الجانب، مع الكلام الطيب

[وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة] أي صلوا وزكوا كما فرض الله عليكم، من أداء الركنين العظيمين (الصلاة، والزكاة) لأنهما أعظم العبادات البدنية والمالية

[ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون] أي ثم رفضتم وأسلافكم الميثاق رفضا باتا، وأعرضتم عن العمل بموجبه، إلا قليلا منكم ثبتوا عليه

[وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم] أي واذكروا أيضا يا بني إسرائيل، حين أخذنا عليكم العهد المؤكد، بأن لا يقتل بعضكم بعضا

[ولا تخرجون أنفسكم من دياركم] ولا يعتدي بعضكم على بعض، بالإخراج من الديار، والإجلاء عن الأوطان

[ثم أقررتم وأنتم تشهدون] أي ثم اعترفتم بالميثاق، وبوجوب المحافظة عليه، وأنتم تشهدون بلزومه

[ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم] أي ثم نقضتم أيضا الميثاق يا معشر اليهود، بعد إقراركم به، فقتلتم إخوانكم في الدين، وارتكبتم ما نهيتم عنه من القتل

[وتخرجون فريقا منكم من ديارهم] أي كما طردتموهم أيضا من ديارهم، من غير التفات إلى العهد الوثيق الذي عاهدتم عليه ربكم

[تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان] أي تتعاونون عليهم بالمعصية والظلم

[وإن يأتوكم أسارى تفادوهم] أي إذا وقعوا في الأسر فاديتموهم، ودفعتهم المال لتخليصهم من الأسر

[وهو محرم عليكم إخراجهم] أي وإخراجهم من أوطانهم حرام عليكم، فكيف تستبيحون القتل والإخراج من الديار، ولا تستبيحون ترك الأسرى في أيدي عدوهم؟

[أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض]؟ أي أفتؤمنون ببعض أحكام التوراة، وتكفرون ببعض؟ والغرض التوبيخ لهم، لأنهم جمعوا بين الكفر والإيمان، الكفر بقتلهم، والإيمان بفدائهم من أيدي الأعداء، والكفر ببعض آيات الله، كفر بالكتاب كله، ولهذا عقب تعالى على ذلك بقوله:

[فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا] أي ما عقوبة من يؤمن ببعض الكتاب، ويكفر ببعض، إلا ذل وهوان، ومقت وغضب في الدنيا

[ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب] أي وهم صائرون في الآخرة إلى عذاب أشد منه، لأنه عذاب خالد، لا ينقضي ولا ينتهي

[وما الله بغافل عما تعملون] أي وليس الله غافلا عن جرائمكم، وأعمالكم القبيحة، وفيه وعيد شديد، لمن عصى أوامر العزيز الحميد.. ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك العصيان والعدوان فقال:

[أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة] أي أولئك الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة، هم الذين استبدلوا الحياة الدنيا بالآخرة، بمعنى: اختاروها وآثروها على الآخرة

[فلا يخفف عنهم العذاب] أي لا يفتر عنهم العذاب ساعة واحدة

[ولا هم ينصرون] أي وليس لهم ناصر ينصرهم، ولا مجير ينقذهم من عذاب الله الأليم.

===============
تنبيه:
===============
كانت قبيلة (بنو قريظة) و (بنو النضير) من اليهود، يسكنون في أطراف المدينة المنورة، فحالفت بنو قريظة (الأوس)، وبنو النضير (الخزرج)، فكانت الحرب إذا نشبت بينهم، قاتل كل فريق من اليهود مع حلفائه، فيقتل اليهودي أخاه اليهودي من الفريق الآخر، ويخرجونهم من بيوتهم، وينهبون ما فيها من الأثاث، والمتاع، والمال، وذلك حرام عليهم في دينهم، وفي نص التوراة، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها افتكوا الأسارى من الفريق المغلوب، عملا بحكم التوراة، ولهذا وبخهم تعالى بقوله: [أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض]؟

===============
البلاغة:
===============
1- [لا تعبدون إلا الله] خبر فى معنى النهي، وهو أبلغ من صريح النهي، كما قال أبو السعود لما فيه من إيهام أن المنهي، حقه أن يسارع إلى الانتهاء، فكأنه انتهى عنه، فجاء بصيغة الخبر، وأراد به النهي.

2- [وقولوا للناس حسنا] وقع المصدر موقع الصفة أي قولاً حسنا أو ذا حسن للمبالغة، فإن العرب تضع المصدر مكان اسم الفاعل أو الصفة، بقصد المبالغة فيقولون: هو عدل، كأنه لشدة عدالته عين العدل.

3- التنكير فى قوله: [خزي في الحياة الدنيا] للتفخيم والتهويل.

4- [تقتلون أنفسكم] عبر عن قتل الغير بقتل النفس، لأن من أراق دم غيره، فكأنما أراق دم نفسه، لأن الناس كأنهم جسد واحد، فالعدوان عليهم عدوان على النفس الإنسانية.

5- [أفتؤمنون]؟ الهمزة للإنكار التوبيخي، والتوبيخ أسلوب من أساليب البيان.

===============
الفوائد:
===============
الفائدة الأولى: جاء الترتيب في الآية بتقديم الأهم فالأهم، فقدم تعالى (حق الله) سبحانه، لأنه المنعم في الحقيقة على العباد، ثم قدم (حق الوالدين) لحقهما الأعظم في تربية الولد، ثم (حق القرابة) لأن الواجب لهم صلة الرحم وأجر الإحسان، ثم (حق اليتامى) لقلة حيلتهم، ثم (المساكين) لضعفهم ومسكنتهم، فبدأ بالأهم فالأهم.

الثانية: [وقولوا للناس حسنا] ولم يقل: وقولوا لإخوانكم أو قولوا للمؤمنين حسنا، ليدل على أن الأمر بالإحسان، عام لجميع الناس، المؤمن منهم والكافر، والبر والفاجر، وفي هذا حض على مكارم الأخلاق، بلين الكلام، وبسط الوجه، والأدب الجميل، والخلق الكريم قال أحد الأدباء: بني إن البر شيء هين وجه طليق ولسان لين


###############
قال الله تعالى: [ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل.. إلى .. ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون] من آية (87) إلى نهاية آية (92).

MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-05, 04:55 PM   #18
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره

===============
اللغة:
===============
[الكتاب] التوراة

[وقفينا] أردفنا وأتبعنا، وأصله من القفا يقال: قفاه إذا اتبعه، وقفاه بكذا إذا اتبعه إياه

[البينات] المعجزات الباهرات كإبراء الأعمى والأبرص، وإحياء الموتى

[أيدناه] قويناه مأخوذ من الأيد وهو القوة

[روح القدس] جبريل عليه السلام، والقدس: الطهر والبركة

[تهوى] تحب من هوي إذا أحب ومصدره الهوى

[غلف] جمع أغلف، والغلاف: الغطاء، يقال: سيف أغلف إذا كان في غلافه، وقلب أغلف أي مستور عن الفهم والتمييز، مستعار من (الأغلف) وهو الذى لم يختن

[لعنهم] أصل اللعن فى كلام العرب: الطرد والإبعاد، يقال: ذئب لعين أي مطرود مبعد، والمراد: أقصاهم وأبعدهم عن رحمته

[يستفتحون] يستنصرون من الاستفتاح وهو طلب الفتح أي النصرة

[بئسما] أصلها بئس ما أي بئس الذي، وبئس فعل للذم، كما أن "نعم" للمدح

[بغيا] البغي: الحسد والظلم، وأصله الفساد من بغى الجرح إذا فسد، قاله الأصمعي

[باءوا] رجعوا، وأكثر ما يستعمل في الشر، كقولهم: باء بالخزي واللعنة.

[مهين] مخز مذل، مأخوذ من الهوان بمعنى الذل.

===============
المناسبة:
===============
لا تزال الايات تتحدث عن بنى اسرائيل ، وفى هذه الايات الكريمة تذكير لهم بضرب من النعم ، التى أكرمهم الله بها ، ثم قابلوها بالكفر والاجرام ، كعادتهم فى مقابلة الاحسان بالاساءة ، والنعمة بالكفران والجحود.

===============
التفسير:
===============
[ولقد آتينا موسى الكتاب] أي أعطينا موسى التوراة

[وقفينا من بعده بالرسل] أي أتبعنا وأرسلنا على أثره الكثير من الرسل

[وآتينا عيسى ابن مريم البينات] أي أعطينا عيسى الآيات البينات، والمعجزات الواضحات الدالة على نبوته

[وأيدناه بروح القدس] أي قويناه وشددنا أزره بأمين السماء (جبريل) عليه السلام

[أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم] أي أفكلما جاءكم يا بني إسرائيل، رسول بما لا يوافق هواكم

[استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون] أي تكبرتم عن اتباعه، فطائفة منهم كذبتموهم، وطائفة قتلتموهم؟. ثم أخبر تعالى عن اليهود المعاصرين للنبى (ص) وبين ضلالهم فى اقتدائهم بالأسلاف، فقال حكاية عنهم

[وقالوا قلوبنا غلف] أي مغطاة في أكنة لا تفقه ولا تعي ما تقوله يا محمد، والغرض إقناطه عليه السلام من إيمانهم، قال تعالى ردا عليهم:

[بل لعنهم الله بكفرهم] أي طردهم وأبعدهم من رحمته، بسبب كفرهم وضلالهم

[فقليلا ما يؤمنون] أي فقليل من يؤمن منهم، أو يؤمنون إيمانا قليلا، وهو إيمانهم ببعض الكتاب، وكفرهم بالبعض الآخر

[ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم] وهو القرآن العظيم الذي أنزل على خاتم المرسلين، مصدقا لما في التوراة

[وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا] أي وقد كانوا قبل مجيئه يستنصرون به على أعدائهم، ويقولون: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث آخر الزمان، الذي نجد نعته في التوراة

[فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به] أي فلما بعث محمد (ص) الذي عرفوه حق المعرفة كفروا برسالته

[فلعنة الله على الكافرين] أي لعنة الله على اليهود، الذين كفروا بخاتم المرسلين

[بئسما اشتروا به أنفسهم] أي بئس الشئ التافه، الذى باع به هؤلاء اليهود أنفسهم

[أن يكفروا بما أنزل الله] أي كفرهم بالقرآن الذي أنزله الله على خاتم رسله

[بغيا] أي حسدا وطلبا لما أكرم الله به غيرهم

[أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده] أي حسدا منهم، من أجل أن ينزل الله وحيا من فضله على من يشاء ويصطفيه من خلقه

[فباءوا بغضب على غضب] أي رجعوا بغضب من الله زيادة على سابق غضبه عليهم

[وللكافرين عذاب مهين] أي ولهم عذاب شديد مع الإهانة والإذلال، لأن كفرهم سببه التكبر والحسد، فقوبلوا بالإهانة والصغار

[وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله] أي آمنوا بما أنزل الله من القرآن العظيم، وصدقوه واتبعوه

[قالوا نؤمن بما أنزل علينا] أي يكفينا الإيمان بما أنزل علينا من التوراة

[ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم] أي يكفرون بالقرآن مع أنه هو الحق، موافقا لما معهم من كلام الله

[قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين]؟ أي قل لهم يا أيها الرسول، إذا كنتم صادقين في دعوى الإيمان، فلم قتلتم أنبياء الله، الذين بعثهم الله لهدايتكم، قبل بعثة محمد (ص)؟ وهل يقتل مؤمن نبيا، إذا كان صادقا في دعوى الإيمان؟

[ولقد جاءكم موسى بالبينات] أي بالحجج الباهرات

[ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون] أي عبدتم العجل من بعد ذهابه إلى الطور، وأنتم ظالمون لأنفسكم في هذا الصنيع القبيح!

===============
البلاغة:
===============
1- تقديم المفعول في الموضعين [فريقا كذبتم] و [فريقا تقتلون] للاهتمام وتشويق السامع إلى ما يلقى إليه.

2- التعبير بالمضارع [وفريقا تقتلون] ولم يقل "قتلتم" كما قال كذبتم، لأن الفعل المضارع – كما هو المألوف في أساليب البلاغة – يستعمل فى الأفعال الماضية، التي بلغت من الفظاعة مبلغاً عظيما، فكأنه أحضر صورة قتل الأنبياء أمام السامع، وجعله ينظر إليها بعينه، فيكون إنكاره لها أبلغ، واستفظاعه لها أعظم.

3- وضع الظاهر مكان الضمير [فلعنة الله على الكافرين] ولم يقل "عليهم" ليشعر بأن سبب حلول اللعنة هو كفرهم الفظيع.

4- الإخبار في قوله: [ولقد جاءكم موسى بالبينات] يراد به التبكيت والتوبيخ على عدم اتباع الرسول (ص).

5- أسندت الإهانة إلى العذاب فقال: [عذاب مهين] لأن الإهانة تحصل بعذابهم، ومن أساليب البيان إسناد الأفعال إلى أسبابه
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-05, 05:15 PM   #19
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي تابع تفسير سوره البقره

===============
فائدة:
===============
قال الحسن البصري: إنما سمى جبريل (روح القدس) لأن القدس هو الله، وروحه جبريل، فالإضافة للتشريف، قال الرازي: ومما يدل على أن روح القدس جبريل، قوله تعالى في سورة النحل: [قل نزله روح القدس من ربك بالحق].


###############
قال الله تعالى: [وإذ أخذنا ميثاقكم.. إلى .. فإن الله عدو للكافرين] من آية (93) إلى نهاية آية (98).
###############


===============
المناسبة:
===============
هذه طائفة أخرى من جرائم اليهود الشنيعة، فقد نقضوا الميثاق حتى رفع جبريل جبل الطور عليهم، وأمروا أن يأخذوا بما في التوراة، فأظهروا القبول والطاعة، ثم عادوا إلى الكفر والعصيان، فعبدوا العجل من دون الله، وزعموا أنهم أحباب الله، وأن الجنة خالصة لهم من دون الناس، لا يدخلها أحد سواهم، وعادوا الملائكة الأطهار، وعلى رأسهم جبريل عليه السلام، وكفروا بالأنبياء والرسل، وهكذا شأنهم فى سائر العصور والدهور، البغي والعدوان.

===============
اللغة:
===============
[ميثاقكم] الميثاق: العهد المؤكد بيمين

[الطور] هو الجبل الذى كلم الله عليه موسى عليه السلام

[بقوة] بعزم وجد

[أشربوا] أشرب: سقي أي جعلت قلوبهم تشربه، يقال: أشرب قلبه حب كذا، قال زهير:
فصحوت عنها بعد حب داخل والحب تشربه فؤادك داء

[خالصة] مصدر كالعافية والعاقبة بمعنى الخلوص، أي خاصة بكم لا يشارككم فيها أحد

[أحرص] الحرص: شدة الرغبة في الشيء وفي الحديث "احرص على ما ينفعك"

[بمزحزحه] الزحزحة: الإبعاد والتنحية قال تعالى: [فمن زحزح عن النار] أي أبعد، وقال الشاعر: خليلي ما بال الدجى لا يزحزح وما بال ضوء الصبح لا يتوضح؟

===============
التفسير:
===============
[وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور] أي اذكروا يا بني إسرائيل حين أخذنا عليكم العهد المؤكد، على العمل بما في التوراة، ورفعنا فوقكم جبل الطور، قائلين:

[خذوا ما آتيناكم بقوة] أي بعزم وحزم، وإلا طرحنا الجبل فوقكم

[واسمعوا] أي سماع طاعة وقبول

[قالوا سمعنا وعصينا] أي سمعنا قولك، وعصينا أمرك

[وأشربوا في قلوبهم العجل] أي خالط حبه قلوبهم، وتغلغل في سويدائها، والمراد أن حب عبادة العجل، امتزج بدمائهم، ودخل في قلوبهم، كما يدخل الصبغ في الثوب، والماء في البدن

[بكفرهم] أي بسبب كفرهم

[قل بئسما يأمركم به إيمانكم] أي قل لهم على سبيل التهكم بهم: بئس هذا الإيمان الذى يأمركم بعبادة العجل

[إن كنتم مؤمنين] أي إن كنتم تزعمون الإيمان، فبئس هذا العمل والصنيع!! والمعنى المقصود أن يقول لهم: لستم بمؤمنين، لأن الإيمان لا يأمر بعبادة العجل

[قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس] أي قل لهم يا محمد إن كانت الجنة لكم خاصة، لا يشارككم في نعيمها أحد، كما زعمتم

[فتمنوا الموت إن كنتم صادقين] أي اشتاقوا الموت الذي يوصلكم إلى الجنة، لأن نعيم هذه الحياة لا يساوي شيئا، إذا قيس بنعيم الآخرة، ومن أيقن أنه من أهل الجنة اشتاق إليها، قال تعالى راداً عليهم تلك الدعوى الكاذبة

[ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم] أي لن يتمنوا الموت ما عاشوا، بسبب ما اجترحوه من الذنوب والآثام

[والله عليم بالظالمين] أي عالم بظلمهم وإجرامهم، وسيجازيهم على ذلك

[ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا] أي ولتجدن اليهود أشد الناس حرصا على الحياة، وأحرص من المشركين أنفسهم، وذلك لعلمهم بأنهم صائرون إلى النار لإجرامهم

[يود أحدهم لو يعمر ألف سنة] أي يتمنى الواحد منهم أن يعيش ألف سنة

[وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر] أي وما طول العمر – مهما عمر – بمبعده ومنجيه من عذاب الله

[والله بصير بما يعملون] أي مطلع على أعمالهم، فيجازيهم عليها

[قل من كان عدوا لجبريل] أي قل لهم يا محمد: من كان عدوا لجبريل، فإنه عدو لله، لأن الله جعله واسطة بينه وبين رسله، فمن عاداه فقد عادى الله

[فإنه نزله على قلبك بإذن الله] أي فإن جبريل الأمين، نزل هذا القرآن على قلبك يا محمد، بأمر الله تعالى

[مصدقا لما بين يديه] أي مصدقا لما سبقه من الكتب السماوية

[وهدى وبشرى للمؤمنين] أي وفيه الهداية الكاملة، والبشارة السارة للمؤمنين بجنات النعيم

[من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال] أي من عادى الله وملائكته ورسله، وعادى على الوجه الأخص "جبريل وميكائيل" فهو كافر عدو لله

[فإن الله عدو للكافرين] لأن الله يبغض من عادى أحدا من أوليائه، ومن عاداهم عاداه الله، ففيه الوعيد والتهديد الشديد.

===============
سبب النزول:
===============
روي أن اليهود قالوا للنبى (ص): إنه ليس نبي من الأنبياء، إلا يأتيه ملك من الملائكة، من عند ربه (بالرسالة وبالوحي)، فمن صاحبك يا محمد حتى نتابعك؟ قال: (جبريل)، قالوا: ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال، ذاك عدونا! لو قلت: ميكائيل الذى ينزل بالقطر وبالرحمة تابعناك!! فأنزل الله عز وجل هذه الآية: [قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك..] الآية.

===============
البلاغة :
===============
1- [وأشربوا فى قلوبهم العجل] فيه استعارة مكنية، شبه حب عبادة العجل، بمشروب لذيذ سائغ الشراب، وطوى ذكر المشبه به، ورمز له بشيء من لوازمه، وهو الإشراب على طريق الاستعارة المكنية. قال فى تلخيص البيان: "وهذه استعارة، والمراد وصف قلوبهم بالمبالغة في حب العجل فكأنها تشربت حبه، فمازجها ممازجة المشروب، وخالطها مخالطة الشيء الملذوذ".
أقول: هذه صورة رائعة فريدة، من روائع البيان، فكأن حب العجل شراب حلو لذيذ، خالطت حلاوته الأفواه والأمعاء، فسرى فيها كما يسري الشراب في مسالك البدن.

2- [قل بئسما يأمركم به إيمانكم] إسناد الأمر إلى الإيمان، تهكم بهم كقوله تعالى: [أصلاتك تأمرك]؟ وكذلك إضافة الإيمان إليهم، أفاده الزمخشري.

3- التنكير في قوله: [على حياة] للتنبيه على أن المراد بها حياة مخصوصة، وهي الحياة المتطاولة التي يعمر فيها الشخص آلاف السنين.

4- [فإن الله عدو للكافرين] الجملة واقعة في جواب الشرط، وجيء بها إسمية لزيادة التقبيح، لأنها تفيد الثبات، ووضع الظاهر موضع الضمير فقال: [عدو للكافرين] بدل عدو لهم، لتسجيل صفة الكفر عليهم، وأنهم بسبب عداوتهم للملائكة أصبحوا من الكافرين.

5- [وجبريل وميكال] جاء اسمهما بعد ذكر (الملائكة) فهو من باب ذكر الخاص بعد العام، للتشريف والتعظيم.

===============
الفوائد:
===============
الأولى: ليس معنى السمع في قوله: [واسمعوا] إدراك القول فقط، بل المراد به سماع (تدبر وطاعة والتزام)، فهو مؤكد ومقرر لقوله: [خذوا ما آتيناكم بقوة].

الثانية: خص القلب بالذكر [نزله على قلبك] لأنه موضع العقل والعلم وتلقي المعارف، كما قال تعالى: [لهم قلوب لا يعقلون بها].

الثالثة: الحكمة في الإتيان هنا ب"لن" [ولن يتمنوه أبداً] وفي الجمعة بـ "لا" [ولا يتمنونه أبدا] أن ادعاءهم هنا أعظم، فإنهم ادعوا اختصاصهم بالجنة، وهناك كونهم (أولياء لله) من دون الناس، فناسب هنا التوكيد (بلن) المفيدة للتأبيد فى الحاضر والمستقبل، وأما هناك فاكتفى بالنفي.

الرابعة: الآية الكريمة من المعجزات، لأنها إخبار بالغيب، وكان الأمر كما أخبر، ويكفي في تحقق (هذه المعجزة) أن لا يقع تمني الموت من اليهود، الذين كانوا في عصره (ص) وفي الحديث الشريف "لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار".


###############
قال الله تعالى: [ولقد أنزلنا إليك آيات بينات.. إلى قوله: لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون] من آية (99) إلى نهاية آية (103).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى ما جبل عليه اليهود، من خبث السريرة ونقض العهود، والتكذيب لرسل الله، حتى انتهى بهم الحال إلى عداوة "جبريل" الأمين عليه السلام، أعقب ذلك ببيان أن من عادة اليهود، عدم الوفاء بالعهود، وتكذيب الرسل، واتباع طرق الشعوذة والضلال، وفي ذلك تسلية لرسول الله (ص) حيث نبذوا الكتاب وراء ظهورهم، واتبعوا ما ألقت إليهم الشياطين، من كتب السحر والشعوذة، ونسبوها إلى سليمان عليه السلام، وهو منها بريء، وهكذا حالهم مع جميع الرسل الكرام ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات
MERAMADA غير متصل  
قديم 2008-12-06, 03:29 AM   #20
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-26
الدولة: meen ely 2alak eny 3ayesh asla
العمر: 33
المشاركات: 714
التقييم: 155
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى MERAMADA إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى MERAMADA
الصورة الرمزية MERAMADA
مشرف سابق
افتراضي

===============
اللغة:
===============
[نبذ] النبذ: الطرح والإلقاء، ومنه سمي اللقيط منبوذا، لأنه ينبذ على الطريق، قال الشاعر:
إن الذين أمرتهم أن يعدلوا نبذوا كتابك واستحلوا المحرما

[تتلو] تحدث وتروي، من التلاوة بمعنى القراءة، أو بمعنى الاتباع، قال الطبري: ولقول القائل: "هو يتلو كذا" في كلام العرب معنيان: أحدهما الاتباع كما تقول: تلوت فلانا إذا مشيت خلفه وتبعت أثره، والآخر: القراءة والدراسة، كقولك: فلان يتلو القرآن أي يقرؤه

[السحر] قال الجوهري: كل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر، وسحره أيضا بمعنى خدعه وفي الحديث "إن من البيان لسحرا"

[فتنة] الفتنة: الابتلاء والاختبار، ومنه قولهم: فتنت الذهب إذا امتحنته بالنار لتعرف سلامته أو غشه

[خلاق] الخلاق: النصيب، قال الزجاج: هو النصيب الوافر من الخير، وأكثر ما يستعمل في الخير

[لمثوبة] المثوبة: الثواب والجزاء.

===============
التفسير:
===============
[ولقد أنزلنا إليك آيات بينات] أي والله لقد أنزلنا إليك يا محمد، آيات واضحات دالات على نبوتك

[وما يكفر بها إلا الفاسقون] أي وما يجحد بهذه الآيات، ويكذب بها إلا الخارجون عن الطاعة، الماردون على الكفر

[أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم] أي أيكفرون بالآيات وهي في غاية الوضوح؟ وكلما أعطوا عهدا نقضه جماعة منهم؟

[بل أكثرهم لا يؤمنون] أي بل أكثر اليهود لا يؤمن بالتوراة، الإيمان الصادق، لذلك ينقضون العهود والمواثيق

[ولما جاءهم رسول من عند الله] وهو محمد (ص) خاتم النبيين

[مصدق لما معهم] أي مصدقا للتوراة، وموافقا لها فى أصول الدين، ومقررا لنبوة موسى عليه السلام

[نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم] أي طرح أحبارهم وعلماؤهم التوراة، وأعرضوا عنها بالكلية، لأنها تدل على نبوة محمد (ص) فجحدوا الوحي، وأصروا على إنكار نبوته

[كأنهم لا يعلمون] أي كأنهم لا يعلمون من دلائل نبوته شيئا

[واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان] أى اتبعوا طرق السحر والشعوذه ، التى كانت تحدثهم بها الشياطين فى عهد ملك سليمان

[وما كفر سليمان] أي وما كان سليمان ساحرا، ولا كفر بتعلمه السحر

[ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر] أي ولكن الشياطين هم الذين علموا الناس السحر، حتى فشا أمره بين الناس

[وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت] أي وكما اتبع رؤساء اليهود السحر، كذلك اتبعوا ما أنزل على الملكين وهما (هاروت وماروت) بمملكة بابل بأرض الكوفة، وقد أنزلهما الله ابتلاء وامتحانا للناس

[وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر] أي إن الملكين لا يعلمان أحدا من الناس السحر، حتى يبذلا له النصيحة، ويقولا: إن هذا الذي نصفه لك، إنما هو امتحان من الله وابتلاء، فلا تستعمله للإضرار ولا تكفر بسببه، فمن تعلمه ليدفع ضرره عن الناس فقد نجا، ومن تعلمه ليلحق ضرره بالناس، فقد هلك وضل.. قال تعالى:

[فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه] أي يتعلمون منهما من علم السحر، ما يكون سببا في التفريق بين الزوجين، فبعد أن كانت المودة والمحبة بينهما يصبح الشقاق والفراق

[وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله] أي وما هم بما استعملوه من السحر يضرون أحدا إلا إذا شاء الله

[ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم] أي والحال أنهم بتعلم السحر، يحصلون على الضرر لا على النفع، فيضرون أنفسهم من حيث لا يشعرون

[ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق] أي ولقد علم اليهود الذين نبذوا كتاب الله ،وأستبدلوا به السحر ، أنهم ليس لهم حظ من رحمة الله ، ولا من الجنة ، لأنهم اثروا السحر على كتاب الله

[ولبئس ما شروا به أنفسهم، لو كانوا يعلمون] أي ولبئس هذا الشيء الذي باعوا به أنفسهم، لو كان لهم علم أو فهم وإدراك !!

[ولو أنهم آمنوا واتقوا] أي ولو أن أولئك الذين يتعلمون السحر، آمنوا بالله وخافوا عذابه

[لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون] أي لأثابهم الله ثواباً أفضل، مما شغلوا به أنفسهم من السحر، الذي لا يعود عليهم إلا بالويل، والخسار، والدمار!.

===============
سبب النزول:
===============
لما ذكر رسول الله (ص) سليمان في المرسلين، قال بعض أحبار اليهود: ألا تعجبون لمحمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا!! والله ما كان إلا ساحرا، فنزلت هذه الآية [وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر].

===============
البلاغة:
===============
1- [رسول من عند الله] التنكير للتفخيم، ووصف الرسول بأنه آت من عند الله، لإفادة مزيد التعظيم والتكريم لشأن الرسول (ص).

2- [وراء ظهورهم] مثل يضرب للإعراض عن الشيء جملة، تقول العرب: جعل هذا الأمر وراء ظهره، أي تولى عنه معرضا، لأن ما يجعل وراء الظهر لا ينظر إليه، فهو كناية عن الإعراض عن التوراة بالكلية.

3- [لو كانوا يعلمون] هذا جار على الأسلوب المعروف في فنون البلاغة، من أن العالم بالشيء إذا لم يسر على موجب علمه، قد ينزل منزلة الجاهل به، وينفى عنه العلم، كما ينفى عن الجاهلين.

4- [لمثوبة من عند الله] جيء بالجملة الأسمية بدل الفعلية، للدلالة على الثبوت والاستقرار.

===============
فائدة:
===============
الحكمة من تعليم الملكين الناس السحر، أن السحرة كثروا فى ذلك العهد، واخترعوا فنونا غريبة من السحر، وربما زعموا أنهم أنبياء، فبعث الله تعالى الملكين ليعلما الناس وجوه السحر، حتى يتمكنوا من التمييز بينه وبين المعجزة، ويعرفوا أن الذين يدعون النبوة كذبة، إنما هم سحرة لا أنبياء مرسلون.


###############
قال الله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا.. إلى .. إن الله بما تعملون بصير] من آية (104) إلى نهاية آية (110).
###############


===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى قبائح اليهود، وما اختصوا به من ضروب السحر والشعوذة، أعقبه ببيان نوع آخر من السوء والشر، الذين يضمرونه للنبي (ص) والمسلمين، من الطعن والحقد والحسد، وتمني زوال النعمة عن المؤمنين، واتخاذهم الشريعة الغراء هدفا للطعن، والتجريح، بسبب النسخ لبعض الأحكام الشرعية.

===============
اللغة:
===============
[راعنا] من (المراعاة) وهي الإنظار والإمهال، وأصلها من الرعاية، وهي النظر في مصالح الإنسان، وقد حرفها اليهود فجعلوها كلمة مسبة، مشتقة من (الرعونة) وهي الحمق، ولذلك نهي عنها المؤمنون

[انظرنا] من النظر أو الانتظار تقول: نظرت الرجل إذا انتظرته وارتقبته أي انتظرنا وتأن بنا

[يود] يتمنى ويحب

[ننسخ] النسخ في اللغة: الإبطال والإزالة يقال: نسخت الشمس الظل أي أزالته، وفي الشرع: رفع حكم شرعي وتبديله بحكم آخر

[ننسها] من أنسى الشيء جعله منسيا فهو من النسيان الذي هو ضد الذكر أي نمحها من القلوب

[ولي] الولي: من يتولى أمور الإنسان ومصالحه

[نصير] النصير: المعين مأخوذ من قولهم نصره إذا أعانه

[أم] بمعنى بل وهي تفيد الانتقال من جملة إلى جملة أخرى، كقوله تعالى: [أم يقولون افتراه] أي بل يقولون

[يتبدل] يقال: بدل وتبدل واستبدل أي جعل شيئا موضع آخر، وتبدل الكفر بالإيمان، معناه: أخذ الكفر بدل الإيمان

[سواء السبيل] أي وسط الطريق، والسواء من كل شيء: الوسط، والسبيل معناه الطريق

[فاعفوا] العفو: ترك المؤاخذة على الذنب

[واصفحوا] والصفح: ترك التأنيب عنه.

===============
سبب النزول:
===============
روي أن اليهود قالوا: ألا تعجبون لأمر محمد؟! يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه، ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا، فما هذا القرآن إلا كلام محمد، يقوله من تلقاء نفسه، يناقض بعضه بعضا فنزلت الآية [ما ننسخ من آية].

===============
التفسير:
===============
[يا أيها الذين آمنوا] هذا نداء من الله جل شأنه للمؤمنين يخاطبهم فيه فيقول:

[لا تقولوا راعنا] أي راقبنا وأمهلنا حتى نتمكن من حفظ ما تلقيه علينا

[وقولوا انظرنا] أي انتظرنا وارتقبنا

[واسمعوا] أي أطيعوا أوامر الله، ولا تكونوا كاليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا

[وللكافرين عذاب أليم] أي ولليهود الذين نالوا من الرسول وسبوه، عذاب فظيع موجع

[ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم] أي ما يحب الكافرين من (اليهود والنصارى)، ولا المشركون الوثنيون أن ينزل عليكم شيء من الخير، بغضا فيكم وحسدا لكم

[والله يختص برحمته من يشاء] أي يختص بالنبوة والوحي، والفضل والإحسان من شاء من عباده

[والله ذو الفضل العظيم] أي والله جواد كريم، واسع الفضل والإحسان، ثم قال تعالى ردا على اليهود حين طعنوا فى القرآن بسبب النسخ

[ما ننسخ من آية أو ننسها] أي ما نبدل حكم آية فنغيره بآخر، أو ننسها يا محمد أي نمحها من قلبك

[نأت بخير منها أو مثلها] أي نأت بخير لكم منها أيها المؤمنون، بما هو أنفع لكم فى العاجل أو الآجل، إما برفع المشقة عنكم، أو بزيادة الأجر والثواب لكم

[ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير] أي ألم تعلم أيها المخاطب، أن الله عليم حكيم قدير، لا يصدر منه إلا كل خير وإحسان للعباد!!

[ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض] أي ألم تعلم أن الله هو المالك المتصرف فى شؤون الخلق؟ يحكم بما شاء ويأمر بما شاء؟

[وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير] أي ما لكم ولي يرعى شؤونكم، أو ناصر ينصركم غير الله تعالى، فهو نعم الناصر والمعين

[أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل] أي بل أتريدون يا معشر المؤمنين، أن تسألوا نبيكم كما سأل قوم موسى نبيهم من قبل؟ ويكون مثلكم كمثل اليهود الذين قالوا لنبيهم: [أرنا الله جهرة] فتضلوا كما ضلوا؟

[ومن يتبدل الكفر بالإيمان] أي يستبدل الضلالة بالهدى، ويأخذ الكفر بدل الإيمان

[فقد ضل سواء السبيل] أي فقد حاد عن الجادة وخرج عن الصراط السوي

[ود كثير من أهل الكتاب] أي تمنى كثير من اليهود والنصارى

[لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا] أي لو يصيرونكم كفارا بعد أن آمنتم

[حسدا من عند أنفسهم] أي حسدا منهم لكم، حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة

[من بعد ما تبين لهم الحق] أي من بعد ما ظهر لهم بالبراهين الساطعة أن دينكم هو الحق

[فاعفوا واصفحوا] أي اتركوهم وأعرضوا عنهم فلا تؤاخذوهم

[حتى يأتى الله بأمره] أي حتى يأذن الله لكم بقتالهم

[إن الله على كل شيء قدير] أي قادر كل شيء فينتقم منهم إذا حان الأوان

[وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة] أي حافظوا على عمودي الإسلام، وهما: "الصلاة والزكاة" وتقربوا إليه بالعبادة البدنية والمالية

[وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله] وأي شيء تتقربون به إلى الله، من صلاة أو صدقة أو عمل صالح، فرضا كان أو تطوعا ترون ثوابه عند الله

[إن الله بما تعملون بصير] أي رقيب عليكم مطلع على أعمالكم، فيجازيكم عليها يوم الدين.

===============
البلاغة:
===============
1- الإضافة فى قوله: [من ربكم] للتشريف، وفيها التذكير للعباد بتربيته لهم، فهو الخالق، والمربي لعباده.

2- تصدير الجملتين بلفظ الجلالة [والله يختص] [والله ذو الفضل] للإيذان بفخامة الأمر.

3- [ألم تعلم] الاستفهام للتقرير، والخطاب للنبى (ص) والمراد به أمته بدليل قوله تعالى: [وما لكم من دون الله]

4- وضع الاسم الجليل موضع الضمير [إن الله] و [من دون الله] لتربية الروعة والمهابة في النفوس.

5- [ضل سواء السبيل] من إضافة الصفة للموصوف أي الطريق المستوي، وفي التعبير به نهاية التبكيت والتشنيع، لمن ظهر له الحق فعدل عنه إلى الباطل
MERAMADA غير متصل  
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
:: النقاب في أربعين تفسيرًا للقرآن العظيم:: Eng.Shapon المنتدى الاسلامى 3 2009-10-11 09:54 PM
كتاب تفسير القران الكريم لابن كثير MafiawwY كتب إسلامية 0 2009-07-14 07:32 AM
تحميل مباشر واستماع صوتيات لتفسير السعدي في تفسير القرأن الكريم Ahmedmee الاناشيد والصوتيات الاسلامية 0 2009-04-12 10:20 AM
حمل القرآن الكريم كاملا لـ11 شيخ برابط واحد ومباشر ويوجد مثال علي صوت كل شيخ Eng muhamed الاناشيد والصوتيات الاسلامية 2 2009-03-03 11:19 PM
كم مرة ؟ سبيل الحياة المنتدى الاسلامى 15 2009-02-03 06:39 PM


Internal & External Links

الساعة الآن 11:01 PM.
Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
استضافة , دعم فنى