===============
البلاغة:
===============
1- [ألم تر] الرؤية قلبية والاستفهام للتعجيب أي ألم تعلم وتوقن.
2- [يحيي ويميت] التعبير بالمضارع يفيد التجدد والاستمرار، والصيغة تفيد القصر
[ربي الذي يحيي ويميت] لأن المبتدأ والخبر وردا معرفتين والمعنى أنه وحده
سبحانه هو الذي يحيي ويميت، وبين كلمتي "يحيي" و "يميت" طباق وهو من المحسنات
البديعية وكذلك بين لفظ "المشرق" و"المغرب".
3- [فبهت الذي كفر] التعبير بالنص السامي يشعر بالعلة، وأن سبب الحيرة هو كفره،
ولو قال: فبهت الكافر لما أفاد ذلك المعنى الدقيق.
4- [أني يحيي هذه الله بعد موتها] موت القرية هو (موت السكان) فهو من قبيل
إطلاق المحل وإرادة الحال، ويسمى "المجاز المرسل".
5- [ثم نكسوها لحما] نسترها به كما يستر الجسد باللباس، قال أبو حيان: الكسوة
حقيقة هي ما وراء الجسد من الثياب، واستعارها هنا لما أنشأ من اللحم الذي غطى
العظم وهي استعارة في غاية الحسن.
===============
الفوائد:
===============
الأولى: قال مجاهد: ملك الدنيا مشارقها ومغاربها أربعة: مؤمنان، وكافران،
فالمؤمنان: "سليمان بن داود" و "ذو القرنين" والكافران "النمرود" و"بختنصر"
الذي خرب بيت المقدس.
الثانية: لما رأى الخليل تجاهل الطاغية معنى (الحياة والموت) وسلوكه التلبيس
والتمويه على الرعاع، وكان بطلان جوابه من الجلاء بحيث لا يخفى على أحد، انتقل
إبراهيم إلى حجة أخرى، لا تجري فيها المغالطة، ولا يتيسر للطاغية أن يخرج عنها
بمكابرة أو مشاغبة فقال [إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب]
فلوى خليل الله عنق الكافر، حتى أراه عجزه وأخرس لسانه!!.
الثالثة: سؤال الخليل ربه بقوله [كيف تحي الموتى] ليس عن شك في قدرة الله،
ولكنه سؤال عن (كيفية الإحياء)، ويدل عليه وروده بصيغة [كيف] وموضوعها السؤال
عن الحال، ويؤيد المعنى قول النبى (ص) (نحن أحق بالشك من إبراهيم) ومعناه: ونحن
لم نشك، فلأن لا يشك إبراهيم أحرى وأولى!!.
###############
قال الله تعالى: [مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله.. إلى .. وما يذكر إلا
أولوا الألباب] من آية (261) إلى نهاية آية (269).
###############
===============
المناسبة:
===============
لما ذكر تعالى في الآيات السابقة أن الناس فريقان: أولياء الله، وأولياء
الطاغوت، ثم أعقبه بذكر نموذجا للإيمان ونموذج للطغيان، ذكر هنا ما يرغب المؤمن
في الإنفاق في سبيل الله، وبخاصة في أمر الجهاد لأعداء الله، لأن ميادين الجهاد
ثلاثة: أولها الإقناع بالحجة والبرهان، وثانيها الجهاد بالنفس، وثالثها الجهاد
بالمال، فلما ذكر فيما سبق جهاد الدعوة، وجهاد النفس، شرع الآن في ذكر الجهاد
بالمال.
===============
اللغة:
===============
[المن] أن يعتد بإحسانه على من أحسن إليه، وأن يذكره النعمة على سبيل التطاول
والتفضل، قال الشاعر:
أفسدت بالمن ما أسديت من حسن ليس الكريم إذا أسدى بمنان
[رئاء الناس] أي لا يريد بإنفاقه رضى الله وإنما يريد ثناء الناس، وأصله من
(الرؤية) وهو أن يرى الناس ما يفعله حتى يثنوا عليه ويعظموه
[صفوان] الصفوان: الحجر الأملس الكبير، قال الأخفش: وهو جمع، واحده صفوانة
وقيل: هو اسم جنس كالحجر
[وابل] الوابل: المطر الشديد
[صلدا] الصلد: الأملس من الحجارة وهو كل ما لا ينبت شيئا، ومنه جبين أصلد
[بربوة] الربوة: المكان المرتفع من الأرض، يقال: ربوة ورابية وأصله من ربا
الشيء إذا زاد وارتفع
[طل] الطل المطر الخفيف الذي تكون قطراته صغيرة، وقال قوم منهم مجاهد: الطل
الندى
[وإعصار] الإعصار: الريح الشديدة التى تهب من الأرض، وترتفع إلى السماء
كالعمود، ويقال لها: الزوبعة
[تيمموا] تقصدوا
[تغمضوا] من أغمض الرجل في أمر كذا إذا تساهل فيه وهذا كالإغضاء عند المكروه.
===============
سبب النزول:
===============
نزلت في "عثمان بن عفان" و "عبد الرحمن بن عوف" في غزوة تبوك، حيث جهز (عثمان)
ألف بعير بأحلاسها وأقتابها ووضع بين يدي رسول الله (ص) ألف دينار، فصار رسول
الله (ص) يقلبها ويقول: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم، وأتى (عبد الرحمن بن
عوف) النبى (ص) بأربعة آلاف درهم فقال يا رسول الله : كان عندى ثمانية آلاف
درهم فأمسكت منها لنفسى ولعيالى أربعة آلاف ، وأربعة آلاف أقرضتها ربي، فقال له
رسول الله (ص): بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت، فنزلت فيهما الآية [مثل
الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله..] الآية. (( أخرجه البخاري، ومعناه كما قال
الخطابي: نفي الشك عنهما يقول: إذا لم أشك أنا في قدرة الله تعالى على إحياء
الموتى، فإبراهيم أولى بأن لا يشك!! قال (ص) ذلك على سبيل التواضع والهضم للنفس