اختر لونك:

  شبـــكة تـيـفـا نت > المنتديات العامة > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى كل ما يتعلق بديننا الحنيف على مذهب أهل السنة والجماعة فقط

سلسلة الردود على اعداء الاسلام............................متجدد

بسم الله الرحمن الرحيم اخوانى الاعزاء بعد الصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم أحببت أن ان يبدا منتدانا الجميل فى

أضف رد جديد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

قديم 2007-01-12, 02:40 AM   #1
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
New3 سلسلة الردود على اعداء الاسلام............................متجدد

بسم الله الرحمن الرحيم

اخوانى الاعزاء

بعد الصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين
صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم

أحببت أن ان يبدا منتدانا الجميل فى تحقيق جزء من رسالتنا الكبرى
فى هذه الحياة وهو الدفاع عن دين الله
وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وال بيته وصحابته اجمعين

فرأيت أنه من الأهمية فكرة تخصيص باب لكل من سمع أو رأى
من يتطاول على كتاب الله ورسوله وال بيته وصحابته وكافة الأنبياء والمرسلين

فهلموا اخوانى للرد على المظالم والافتراءات الكاذبة
وهبوا لتلبية النداء وتأدية ولو جزء بسيط من الرسالة التى خلقنا الله لها

أرجو من كل من يسمع افتراء أو اتهاما ويمتلك مقومات الرد
أن يرد وأريد المشاركة من جميع الأعضاء
الى أن تتكون لدينا موسوعة كاملة من الردود على الافتراءات الظالمة

والرد بدليل ومنطق علمى مقنع
مع عدم التجريح فى الديانات الاخرى

وفقنا الله واياكم الى ما يحب ويرضى

sgsgm hgv],] ugn hu]hx hghsghl>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>lj[]]

التعديل الأخير تم بواسطة la princesse ; 2007-03-15 الساعة 04:23 AM
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-12, 03:04 AM   #2
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
New3 الرد علي مطاعن الكاهن زكريا بطرس

لقد دأب الكاهن زكريا بطرس علي مهاجمة القرآن ونبي الإسلام وآل بيته الأبرار وكانت آخر مفترياته الهجوم علي الإعجاز العلمي للقرآن الكريم .
وأني أرد بطريقة علمية بعيدة عن التعصب والعصبية .
وقبل أن أرد أحب أن الفت النظر الي أمرين:
1- إن ما يقوم به الكاهن جزء من الحرب الفكرية علي الإسلام بهدف الشوشرة علي عقيدة المسلم المثقف البسيط والسطحي في معرفته للقرآن وهم بالملايين.
2- أنه يحاول ان يضيع الوقت على الباحثين والمفكرين بالجدل المستمر، ولينقل المعركة بعيدا عن نصوصه المحرفة والتي ملئت بالفقرات الضالة والمخزية من اساطير ما انزل الله بها من سلطان
وبخصوص المقارنة بين النصوص المقدسة – بهدف التعرف على الكتاب الوحيد المحفوظ – نترك هذا المجال لمدرسة مقارنة الأديان، ونكتفي في تلك العجالة بالرد على بعض القضايا التي اثارها الكاهن وغيره من اعوانه بخصوص الإعجاز العلمي فنقول وبالله التوفيق :

ومن المطاعن:
في سورة فُصّلت(قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِوَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَاأَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُّنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ(( سورة فصلت: 9، 10، 11).

وهذا يعني أن الله خلق الأرض والسموات في ثمانية أيام وأنه خلق السماء بعد الأرض لا قبلها. ولكن في سبعة مواضع من القرآن يقول إنه خلقهما في ستة أيام لا ثمانية. أماعن خلق السماء قبل الأرض فموجود في سورة النازعات:
" َأَنْتُمْ أَشَّدُ خَلْقاًأَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَّوَاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَاوَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهاَ "
( (سورة النازعات).

معنى قوله تعالى:
"وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَاوَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ"

أي في تتمة أربع أيام. أي أن خلق الارض كان فى يومين و تقدير الاقوات فى يومين ومثاله قول القائل: خرجت من البصرة إلى بغداد فى عشرة أيام وإلى الكوفة فى خمسة عشر يومًا، أي في تتمة خمسة عشر يومًا.
و دحو الارض بعد خلق السماء لا يعنى ان الارض لم تكن قد خلقت قبل ذلك فقد خلقها الله ثم خلق السماء ثم دحى الارض اى مهدها لاستقرار الانسان عليها.
التعديل الأخير تم بواسطة Muhamed ; 2007-01-12 الساعة 03:38 AM
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-12, 03:45 AM   #3
الصورة الرمزية همسات عاشق
ابن حلال
تاريخ التسجيل: 2006-12-29
الدولة: المنصوره
العمر: 34
المشاركات: 36
التقييم: 10
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى همسات عاشق إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى همسات عاشق
الصورة الرمزية همسات عاشق
ابن حلال
افتراضي

الموضوع جميل جدا ورائع كمان

احييكى عليه

واشكرك على الاستشهاد بالقران

موضوع فعلا رائع


تسلم انامل سيادتك




شكرا
همسات عاشق
همسات عاشق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-12, 03:53 AM   #4
الصورة الرمزية Muhamed
شخصية هامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-20
الدولة: مصر ام الدنيا
المشاركات: 4,886
التقييم: 1049
الصورة الرمزية Muhamed
شخصية هامة
افتراضي

موضوعك هايل يا اميره وينقسم الى شقين


الاولى كانت على زكريا بطرس


وتقريبا كنت سمعتها فى التليفزوين او الجرنال انه اتشال منه لقب كاهن على حسب كلام اخواننا المسيحين


لكنه كاهن بالنسبنا لطريقته فى الحوار والكلام ومقصده فى الكلام فهو كاهن وجزائه عند الله




كمان هوا شخصيه لا احب الحديث عنها


فلا احب ان اغلط فى انسان فى غيبته





فالرجل سخر حياته للبحث والتدوير فى الدين الاسلامى


وبدل ما يقراه ويتعرفف عليه


اكتفى فقط بالبحث عن نقاط ضعفه


والحمد لله ان الله تعهد بحفظ كتابه ولهزا فلو قعد مليون سنه كمان يدور او يبحث لن يجد ما يتكلم عنه فى كتاب الله


فلا يستطيع الا ان يمحور بعض الحقائق

ويلعب بالالفاظ لكى يبين اخطاء فى قراءننا الكريم


وللاسف زى متناولتى بقه فى النص التانى


ان جهل بعض شبابنا بالدين جيدا يجعله صيدا سهلا لزكريا واعوانه


ولا اجد حل لتك المشكله الا بتحصين الشاب السلم وتعليمه على الاقل اساسات دينه


فللاسف بدأ يظهر جيل من المسلمين هوا مسلم اسما فقط ولا يعرف شيئا عن دينه

واقتربنا ان نكون مثل المجتمعات الغربيه التى اتخزت دينها كعنصر روحانى فقط يتزكروه فى صلاتهم فقط ولا يعتملون به فى حياتهم


واخاف على تلك الامه من تكرار ما حدث معنا


قالشئ الوحيد الباقى لنا كمسلمين هوا دستورنا الداخلى (القراءن) فان نسيناه فلن يكون هناك ما نسند عليه



اما عن مووضعك هزه المره


فيكفى ما زكرتيه

قول القائل: خرجت من البصرة إلى بغداد فى عشرة أيام وإلى الكوفة فى خمسة عشر يومًا، أي في تتمة خمسة عشر يومًا.

فهى خير رد عن من اثار هزه النقطه


فجزاك الله خيرا يا اميره

وفى انتظار باقى السلسه بازن الله
Muhamed غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-12, 02:11 PM   #5
الصورة الرمزية mohamed ali
هازم الفرنجه
تاريخ التسجيل: 2007-01-07
العمر: 39
المشاركات: 695
التقييم: 34
الصورة الرمزية mohamed ali
هازم الفرنجه
Design11 مرسي

موضوع اكثر من رائع وانا مستني باقي المواضيع وربنا يوفقك
mohamed ali غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-13, 11:02 PM   #6
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
New3 كاتبة بريطانية تدعو إلي نبذ التعصب وتشيد بالنبي «محمد»

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انهرده معايا رد جديد على أعداء الاسلام بس أجمل شيء انه على لسان غير مسلم
ومعرفش ليه أنا شخصيا بستمتع بالردود المنصفة أكتر اذا كانت منهم وبتشفى غليلي أكتر
وطبعا احنا بنحترم الانسان صاحب الرأى الموضوعى غير المتحيز اللى بيرد بعلم ومنطق
وتأدب من غير تجريح
بس حبيت انقلكم رأى كاتبة بريطانية اسمها كارين أرمسترونج فى الاسلام
ومن الأمانة اننا زى ما بنتكلم عن سلبيات وافتراءات البعض منهم يبقى لازم كمان ننشر اراء
أصحاب العقول المتفتحة الغير متحيزين لجهة معينة






كتب نادين قناوي ٢٧/١٢/٢٠06



الكاتبة البريطانية كارين أرمسترونج دعت المسلمين والمسيحيين إلي إعادة النظر في الأسباب التي أدت إلي التعصب الحالي بينهما، مؤكدة أن صدام الحضارات لم يكن أمرا حتميا أو واجب الحدوث، كما يقول البعض، إذا نظرنا إلي التاريخ.

وقالت الكاتبة في مقال لها بصحيفة «الجارديان» تحت عنوان: «النبي المسلم ولد في بيت لحم.. لا داعي لصدام الحضارات»، إن فتح مكة الذي تم عام ٦٣٢م، حدث دون إراقة نقطة دم واحدة، أو إجبار أحد علي اعتناق الإسلام، مشيرة إلي أن الرسول محمد ـ صلي الله عليه وسلم ـ أمر بتدمير كل الأصنام، بالإضافة إلي بعض الرسومات التي زينت جدران الكعبة باستثناء أحد الرسومات الذي كان يصور مريم العذراء ورضيعها عيسي عليه السلام، فغطاه محمد بعباءته فور أن رآه، وأمر بعدم تدميره.

وعلقت الكاتبة علي هذه القصة، وكيف أن الكثير من المسيحيين، قد يتعجبون لسماعها، قائلة إنهم ينظرون إلي الإسلام نظرة عدو للمسيحية منذ الحروب الصليبية، ودعت إلي تذكر مثل هذه القصص عندما تحيط بنا صور عديدة مماثلة لمريم ورضيعها في عيد الميلاد.

وأشارت إلي أنه من الصحيح أن القرآن لا يؤمن بألوهية عيسي، لكنه يخص قصة ميلاده بمساحة أكبر من المخصص لها في العهد الجديد، كما أنه يصفه بأنه آية للعالمين، لكنه اعترض علي مزاعم المسيحيين بأن عيسي عليه السلام هو «ابن الله»، مؤكدا أنه إنسان وأن المسيحيين أساءوا فهم كتبهم.



la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-13, 11:20 PM   #7
الصورة الرمزية عاشق فلسطين
عضو شرف
تاريخ التسجيل: 2006-12-02
الدولة: فــــــــــلــــــــــســــــــــطــــــــــيــــــــــن
العمر: 33
المشاركات: 661
التقييم: 26
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى عاشق فلسطين
الصورة الرمزية عاشق فلسطين
عضو شرف
افتراضي

الموضوع جميل جدا ورائع كمان
عاشق فلسطين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-14, 11:06 PM   #8
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
افتراضي

منذ ظهور الإسلام والأعداء يحاولون التصدي لهذا الدين الجديد ومحاربته، وبالتالي الوصول إلى تشويه القرآن وتحريفه كباقي الكتب السماوية، لكن الله تعالى أفشل محاولاتهم وثبطها بأن أوكل إليه حفظ القرآن وأوكل إلينا العمل به قائلا(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)[الحجر9]، وقوله(إن الذين كفروا بالباطلما جاءهم وانه لكتاب عزيز*لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) [ فصلت42]وبما أن الله تعالى سد عليهم باب العبث في كتابه، وتطويعه لهوى أنفسهم، بدأوا يشككون فيه، يعارضونه تارة ويكذبونه أخرى، فقالوا عنه كتاب من صنع البشر لأنه مليء بالتناقضات فنسبوه إلى محمد(صلى الله عليه وسلم) لكن الله سبحانه أبى إلا أن ينصر هذا الدين بأعدائه حيث قدم هؤلاء خدمة كبيرة للإسلام فأثبتوا بكفرهم صحة القرآن وآياته وهم لايعلمون .
ومن بين ما ناقشه هؤلاء المستشرقون، القضايا التالية:
1) خلق السماوات والأرض
قال الله تعالى(ما أشهدتهم خلق السماوات ولاخلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) [الكهف 51] فهذا إعجاز غيبي بليغ يخبرنا أن أهم قضية سيتناولها هؤلاء المضلون هي قضية خلق السماوات والأرض فسبحان الله العليم القدير.
* قالوا إن القرآن الكريم أخبرنا في عدة سور أن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وفي سورة فصلت أن أيام الخلق ثمانية فقالوا إنها هفوة بشرية ونسيان لكنهم لم يفهموا دقة بلاغة القرآن وإعجازه.
*نرد عليهم فنقول:
قال الله تعالى في سورة [الأعراف54] (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) وكذلك قال في سورة يونس والفرقان أن خلقهما كان في ستة أيام أما قوله في سورة[ فصلت9-11] (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين* وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسا ئلين* ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أوكرها قالتا أتينا طائعين* فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها)
إذن إذا أحصينا أيام الخلق في سورة فصلت نجد ها ثمانية: يومين لخلق الأرض؛ أربعة أيام قدر فيها رزقها وبارك فيها، أيام الخلق هذه ستة أيام، ويومان آخران لخلق السماوات، إذن فهي ثمانية أيام، لكننا لو دققنا في الآية الكريمة لوجدنا بدايتها تختلف عن الآيات السابقة، فالآية بدأت بمخاطبة الكافرين الذين يجعلون لله أندادا ويجادلون فيه، أي أن الله أراد أن يخبرنا أن الذي يستخدم هذه الآية في التشكيك في القرآن هم أولئك الكافرون، الذين يريدون أن ينشروا ويذيعوا الكفر بين الناس، ويريدون أن يجعلوا لله أندادا، ثم خاطب هنا أولئك الذين سيأتون بعد قرون عديدة ليشككوا في القرآن مستخدمين هذه الآية في محاولة التشكيك، فالله تعالى يتحدث بعد ذلك عن إتمام خلق الأرض ثم يعطينا تفصيل الخلق فيقول خلق الأرض في يومين، فجعل فيها رواسي وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام، إن الله تعالى بين لنا أن مدة الخلق كلها بالنسبة للأرض هي أربعة أيام وليست ستة ولنضرب مثلا لذلك ولله المثل الأعلى؛ عندما نقول وضعت أساس العمارة في ثلاثة أشهر وأتممت بناءها في عام، هل معنى ذلك أن العمارة استغرقت عاما وثلاثة أشهر، لا، لقد أتممتها في عام ولكن جزء الأساس استغرق ثلاثة أشهر من عام البناء هنا تحدثت بالتفصيل والجزء من الكل ليس منفصلا ولا زائدا عنه لأن المرحلة الأولى جزء من الكل، إذن تفصيل الخلق جاء في سورة (فصلت) لأنه في باقي الآيات جاء مجملا ، فتحدث عن الأرض خلقها في يومين ،ثم أتم الخلق فيها بأن جعل فيها رواسي وبارك فيها أقوتها في أربعة أيام، يعني استغرقت الأرض وما فيها أربعة أيام، ثم خلق السماوات في يومين فأيام الخلق كلها ستة أيام .
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-17, 02:02 AM   #9
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
New3 من أبرز أعداء الاسلام (القمص المشلوح زكريا بطرس)

رأينا أنه من الجدير بالنشر بعض المعلومات عن أبرز أعداء الاسلام
وأكثرهم شهرة وتعصبا ضد الاسلام والمسلمين
وأكثرهم كذبا وافتراء وتقولا بقبيح الكلام وكذب الأقاويل
على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته وال بيته
اللهم انتقم منه باسمائك العزيز الجبار المنتقم المذل
اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك

واليكم بعض المعلومات عن ذلك القمص




القمص زكريا بطرس هو قمص مشلوح من الكنيسة القطبية ولد فى العام 1934م رسم في شبين الكوم ثم نقل إلى طنطا ثم عزل من الخدمة في أيام البابا كريلس السادس سنة 1968 ثم أرجع بعد عزله بسنة إلى كنيسة مارمرقص في القاهرة ثم عزل ثانية مدة ثماني سنوات ونصف من 1978 إلى 1987 بعد محاكمة كنسية ثم عمل كاهنا في استراليا سنة 1992 ثم عاد إلى مصر ثم عمل في برايتون Download67376.
درس في كلية الآداب وحصل منها على ليسانس التاريخ . اشتهر القمص زكريا ببرامج يقدمها على قناة الحياة الفضائية يتحدث فيها القمص المشلوح باستخدام مصادر اسلامية (من ضمنها صحيح البخاري وصحيح مسلم) عما يسميه حقائق الإسلام، وينال بصورة دائمة في جميع برامجه من القرآن الكريم والرسول محمد (ص) والسيرة والأحاديث ورموز الإسلام ويُتهم بسب الرسول محمد (ص) والصحابة .
يتبع القمص في برامجه أسلوب المناظرة أحادية الجانب حيث إنه يخاطب نفسه فيها معتمدا في ذلك على مراجع إسلامية وبرأي الكثير من شيوخ الإسلام فأنه لا يتطرق إلى مدى اعتماد ما يستدل به من تلك المراجع عند المسلمين من حيث صحة Download28609 أو ضعفه عند علماء الحديث أو شذوذ الرأي المعروض أو رواجه واعتماده بين علماء الدين كما يرون أيضا بأنه يقوم بانتقاء بعض الأحاديث في كتب التفسير التي تحوي على الكثير من الأحاديث المردودة ضعيفة كانت أو موضوعة، وعلى الكثير من Download75789 دون الرجوع إلى تحقيقاتها و درجة اعتماد تلك النصوص.








إقالة البابا شنودة لزكريا بطرس

//
علاقة القمص بالكنيسة

طبقا لأحد أكبر المواقع التي تمثل الكنيسة القبطية فإن القمص زكريا "ليس حاليا في الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، وغير مسموح له بممارسة أي نشاطات كنسية، وحتى ليس مسموحا له بأخذ الاعترافات أو ممارسة أي من الأسرار المقدسة حسب قرارات قداسة البابا شنودة الثالث والمجمع المقدس".
ويؤكد الأنبا بيشوي أن القمص قد تقاعد، وأن البابا شنودة قد أوقفه ولا يصرح له بالخدمة في برايتون أو أي إيبارشية أخرى إلا بإذن مسبق لأن الكنيسة غير مرتاحة لأسلوبه. ودعا المسيحيين إلى الامتناع عن مؤلفاته وشرائطه وكل ما يخصه ذاكرا أن هناك اتفاقا وديا في الكنيسة على عدم إعطاء القمص المشلوح زكريا إذنا بالخدمة في أي كنيسة أو أيبارشية.

الأسلوب الهجومي وردة الفعل الكنسية

أدى أسلوب القمص الذي يصفه يتسم باللاموضوعية كما يصفه السواد الأعظم من رجال الكنيسة والهجوم والتجريح في الآخر إلى خلق سخط عام من قبل المسلمين وكثير من المسيحيين على حد سواء، مما حذا بالكثير من الأساقفة إلى التحذير منه بصورة شديدة اللهجة كما في جاء في تحذير البيان الذي أصدره الأنبا سيرابيون عقب ذهاب القمص المشلوح إلى أمريكا حيث جاء فيه ما نصه:






بيان الأنبا سيرابيون في زكريا بطرس




إيبارشية لوس أنجلوس
بيان لأبناء الكنيسة القبطية الأرثوكسية


"يأتون بثياب الحملان وهم من داخل ذئاب خاطفة" (مت15:7)


ندعو جميع أفراد الشعب المحبين لكنيستهم القبطية الأرثوذكسية إلى عدم حضور أي إجتماعات دينية مخالفة لتعاليم كنيستهم الحبيبة وقوانينها، حتى لو قامت بها هيئات تحمل أسماء مسيحية تدعي عدم الطائفية، أو يدعي لها أفراد من الإكليروس القبطي من الذين لهم إتجاهات غير أرثوذكسية، وسبق أن صدرت أحكام كنسية ضدهم ولذلك لخداع البسطاء من أبناء الشعب. ففي هذه الأيام يقوم شخص يحمل إسم كاهن قبطي بعقد إجتماعات في البيوت وفي الفنادق والقاعات، ويتم توزيع إعلانات هذه الإجتماعات على أبناء الشعب. ونود أن نعلن لشعبنا الحبيب أن هذا الكاهن إشتهر في وعظه بالإتجاهات الغير أرثوذكسية حتى أن قامت الكنيسة بوقفه فترة طويلة عن الخدمة، وتم نقله من مكان إلى مكان. وأخيراً تم إعفاءه من خدمة الوعظ والخدمات الرعوية. إن حضورة إلى منطقة ايبارشية لوس انجلوس وعقد إجتماعات في البيوت أمر مخالف لقوانين الكنيسة التي تمنع الكاهن أن يترك مكان خدمته ويذهب للخدمة في مكان آخر بدون إذن أسقفه وبدون اذن أسقف الإيبارشية خاصة عندما يكون تحت قانون كنسي. والكاهن الذي يخالف تعاليم الكنيسة وقوانينها يضع نفسه تحت دائرة الحرم الكنسي. كما أن أفراد الشعب الذين يشجعونه على مخالفة قوانين الكنيسة ونشر تعاليمه الخاطئة سواء بإستضافة هذه الإجتماعات في بيوتهم أو حضورهم لها أو دعوة الآخرين إلى حضورها يشتركون معه في أعماله الشريرة. ونذكرهم بقول القديس يوحنا الحبيب: "ان كان احد يأتيكم ولا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام، لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2يو10:1). نصلي أن يحفظ الرب سلام كنيسته ويقود النفوس الضالة إلى التوبة، ويحمي كنيسته من الذئاب الخاطفة التي تأتي في ثياب الحملان. الأنبا سرابيون 28/4/2003. انتهى البيان
وهذا الأسلوب لم يرض حتى البابا شنودة الذي صرح بأن أسلوبه غير مرضي وأن مشاكله لا تتعلق بالهجوم على الإسلام وحسب وإنما بأخطاء عقائدية.
وقد ظهر القمص على قناة "آموز" الإسرائيلية في برنامج خصصه للهجوم على القرآن الكريم والتشكيك في مدى صحته مما حذا أحد الكتاب في مجلة الأسبوع باتهامه بالعمالة لأمريكا وإسرائيل .





غلاف كتاب أجوبة عن الإيمان لمصطفى ثابت في الرد على زكريا بطرس



الردود والمناظرات

أدى أسلوب القمص في حوار الآخر إلى أن انبرت مجموعة من المثقفين وطلبة العمل المسلمين للرد على القمص المشلوح وكان أبرز من قام بالرد عليه الكاتب المصري Download82031، والدكتور إبراهيم عوض والأستاذ
مصطفى ثابت ومحمود القاعود و الدكتور عبد الله البدر في سلسلته المشهورة / وغير ذلك الكثير. ومن خارج مصر رد علي القمص الكاتب الصومالي محمود أباشيخ في سلسلة بعنوان شطحات في تساؤلات زكريا وسلسلة صوتية بعنوان النكاح في الجنة , وتتميز ردود الكاتب الصومالي بالمنهجية حرس علي توثيق مصادره توثيقا أكاديميا وإن كانت ثمة مشكلة في ردوده فهي في إعتماده علي مصادر ليست في متناول أغلبية عامة الناس ككتابات آباء الكنيسة الأوائل من أمثال العلامة أوريجانوس والقديس جيروم, وينشر الأستاذ أباشيخ ردوده علي موقعه " برهانكم للرد علي النصارى "
إضافة إلى ذلك فقد دعا بعض هؤلاء القمص إلى مناظرة مفتوحة في مكان محايد كالإذاعة أو التلفزيون أو البالتوك ومن أشهرهم الشيخ Download65679 وخالد الجندي الذي يتهمه بطرس بالتهرب من المناظرة مما جعله يصرح في حوار له مع العربية أنه مستعد لهذه المناظرة على أن تكون في مصر. والتي يعتبرها القمص غير واقعية بناءاً على التهديد العلني (كما يسميه القمص) من عمرو اديب على قناة اوربت المصرية بـ"تقطيعه (أي القمص) الى وصل صغيرة" اذا ما طاء أرض مصر.، وقام القمّص بالاجابة عن هذه التهديدات والدعوة الى المناظرة من جديد لشيوخ المسلمين الذين يتهمونه بدورهم بخلق اعذار للتهرب من المناظرة.
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-17, 02:16 AM   #10
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
New واليكم أفضل البرامج التى ردت على أكاذيب وافتراءات القمص أجوبة عن الايمان (الحلقة 1)

الحلقة الأولى

حديث الإفك وأساليب القُمّص



أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

أما بعد، فأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم




لوحظ في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تزايد الهجوم على الإسلام، وكأن الإسلام الآن أصبح هو العدو اللدود بعد أن نجح الغرب في القضاء على انتشار الخطر الشيوعي، وبعد أن تفكك الاتحاد السوفيتي وسقط حائط برلين. ومع انتشار التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال والإعلام التي أتاحتها الإنترنت، والمحطات الفضائية، بدأت تُشَن حملة واسعة ضد الإسلام. بدأت بشكل هادئ في أول الأمر، وتحولت بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) لتكون بأسلوب سافر، وفي كثير من الأحوال بأسلوب سافل أيضا. وأولئك الذين يشنون هذه الحملة الشعواء على الإسلام يتّبعون كل ما لديهم من وسائل، بما في ذلك وسائل التدليس والكذب والخداع والإفك.
ويذكرنا حديث هؤلاء عن الإسلام، وانتقاداتهم لحياة الرسول r وعلاقاته مع أزواجه، بحديث الإفك عن السيدة عائشة، الذي أثاره بعض المنافقين، ووقع فيه أيضا بعض المسلمين. ولا شك أن حديث الإفك ذلك قد أحزن الرسول r وأحزن المؤمنين المخلصين، ولكن الله تعالى أظهر الحق في نهاية الأمر، وكشف الكذابين والدجالين والمدلسين والمخادعين. ويُسَرّي الله تعالى عن المسلمين فيقول لهم: ]إِنَّ الَّذِينَ جَآءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[ ثم يقول تعالى في الآية التالية ]لَوْلآ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ[(سورة النور: 11-12)

واليوم، نسمع مرة أخرى حديث الإفك، بشكل جديد، وبتكنولوجيا حديثة، وبأسلوب أشد خبثا، وبتدبير أكثر مكرا، ولكنه أولا وأخيرا هو أيضا من حديث الإفك، وسوف يكون مآله بإذن الله تعالى نفس مآل جميع أحاديث الإفك في الماضي، فسوف ينكشف الحق ويظهر صدق الإسلام، وسوف ينكشف أيضا الباطل ويظهر كذب الكذابين.

وفي الحقيقة، إن الحملة الشرسة التي تُوجّه ضد الإسلام اليوم ليست جديدة، وهي ليست سوى معركة في حرب طويلة بدأت بعد عصر النهضة في أوربا. كانت أوربا المسيحية تعيش في عصور الظلام، واستمرت في هذا الحال لمدة ألف سنة تقريبا، من القرن السادس إلى القرن السادس عشر. ثم بدأ المارد الذي كان يغط في سُبات عميق يستيقظ، وينهض، ويغزو العالم، ويسيطر ويستعمر الشعوب. وطبعا كلمة يستعمر الشعوب هي كلمة تقوم على الكذب والخداع والتدليس، لأن الاستعمار معناه الإعمار والبناء والتقدم، ولكن استعمار الغرب للشعوب كان عبارة عن استغلال الشعوب ونهب ثرواتها والاستيلاء على خيراتها. وفي خلال ثلاثة قرون، استطاع الغرب المسيحي أن يستولى على العالم بأجمعه، وخضعت له الشعوب، وأصبحت دولة مثل بريطانيا تسمى باسم الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. في نفس الوقت، وبكل أسف، تحول المسلمون ليكونوا كما وصفهم سيدنا رسول الله: "غثاء كغثاء السيل"، والغثاء هو ما يحمله السيل من قاذورات وأوساخ.

وكان من الطبيعي، بعد أن انتفخ الغرب المسيحي واستولى على العالم، أن يعمل على نشر المسيحية في العالم، وهكذا بدأت حملات التبشير تغزو كل البلاد التي غزتها الجيوش من قبل. فإن محاولات التنصير كانت دائما تصحب هجمات الاستعمار. ولذلك رأينا في القرن التاسع عشر نشاطا بالغا للحملات التبشيرية في الهند وجنوب شرق آسيا، كما انتشرت أيضا الأنشطة التبشيرية في أفريقيا على أوسع نطاق.

ثم انشغل العالم بعض الشيء في القرن العشرين ببعض المشاكل، فكانت الحرب العالمية الأولى في العقد الثاني، ثم تلا ذلك الأزمة الاقتصادية التي أثرت في العالم كله في العشرينيات، ثم تلا ذلك الحرب العالمية الثانية في أواخر الثلاثينيات والأربعينيات، ثم ظهر الخطر الشيوعي في الخمسينيات والستينيات حيث اندلعت الحرب الباردة بين المعسكرين المسيحيين في الشرق والغرب. ومع حلول السبعينيات بدأت عوامل التفكك تظهر في المعسكر الشرقي، وما أن جاءت الثمانينيات حتى اندحر فيها العدو الشيوعي وزال خطره. وهنا كان لا بد للغرب المسيحي أن يعمل على رأب الصدع الذي أصابه، ويتحول مرة ثانية إلى الإسلام والمسلمين، خاصة وأنه كان يستغله أسوأ استغلال للدفاع عن مصالحه، والوقوف كسد أيديولوجي منيع ضد انتشار الأيديولوجية الشيوعية، ثم عملوا على تشجيع التطرف والعنف بين الجماعات الإسلامية، واستخدموها في أفغانستان لمحاربة الاستعمار الشيوعي. وأهرق المسلمون دماءهم في أفغانستان، وظنوا أنهم كانوا يجاهدون في سبيل الله، ولكنهم في الحقيقة كانوا يدافعون عن المصالح الاستعمارية الكبرى، التي استعملتهم واستغلت دماءهم في محاربة الاستعمار الشيوعي السوفيتي.

وبعد أن تم القضاء على الخطر الشيوعي، تحوّل الغرب المسيحي لمحاربة أصدقاء الأمس الذين كان يعتبرهم مجاهدين، فإذا به الآن يعتبرهم إرهابيين. وبعد أن لعب صدام حسين الدور المطلوب منه في تقليم أظافر الخطر الشيعي الذي تفجر مع ثورة الخميني، تحول الغرب للقضاء على صدام حسين والقضاء أيضا على من سماهم بالإرهابيين، مع أنه كان السبب الأول في خلقهم وتدريبهم وتسليحهم.

غير أن المعركة لم تكن معركة بالسلاح فقط، فقد كان استخدام السلاح ضد من يحمل السلاح، ولذلك كان لا بد من فتح جبهة أخرى ضد الإسلام والمسلمين، وهي جبهة التبشير المسيحي. وبذلك عاد النشاط التبشيري مرة أخرى بعد أن مر بفترة من الهدوء النسبي في القرن العشرين. وشهد العالم الإسلامي هجمة جديدة للتبشير المسيحي، بدأ الإعداد الجيد لها في الثمانينيات واستمرت في التسعينيات، ثم أسفرت عن وجهها في القرن الواحد والعشرين، وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر كما سبق ذكره.

وكان مما ساعد على انتشار هذه الحملة الجديدة ضد الإسلام العديد من العوامل، منها:

(1) الدول التي كانت تهتم بالأمور الإسلامية، إما أنها تحولت إلى مسالمة الغرب ومصادقته، وبالتالي عزلت نفسها عن معركة التبشير ضد الإسلام، أو أنها احتضنت فلول الجماعات الإسلامية، فوضعت نفسها تحت مطرقة الغرب وأسلحته.

(2) الكثير من العلماء المسلمين لم يشاءوا أن يصرفوا أوقاتهم وجهودهم في الاهتمام بهذه الأمور، خاصة وأن لديهم من شؤون المسلمين ما يهمهم ويشغلهم عن الاهتمام بشؤون غير المسلمين.

(3) الكثير من الجماعات الإسلامية ظلت تحلم بأن السيف هو الوسيلة الوحيدة لفرض وجودها، عملا ببيت الشعر المشهور للشاعر أبي تمام الذي يقول فيه:


السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب


فكان أن تعرضت لمطرقة الغرب وسندان الحكومات التي تعيش تحتها، حتى اضطر بعضها إلى إعلان التوبة، أو استمر يعطي للغرب الذريعة باتهامها بالإرهاب ويتيح له الفرصة للقضاء عليها.

(4) ومع انتشار الإنترنت كوسيلة للاتصال وجمع المعلومات، ومع انتشار الفضائيات التي يسهل استخدامها بعيدا عن أية رقابة ولا تدخل من الحكومات في البلاد الإسلامية، بدأت الحملة المسيحية الجديدة تعمل لنشر المسيحية في العالم الإسلامي وفي الوطن العربي بشكل خاص.
وبطبيعة الحال، لا بأس من أن يعمل أصحاب أي دين على نشر أفكار دينهم، ما داموا يحترمون المشاعر الدينية للآخرين، ولا يحاولون الإساءة إلى معتقدات الآخرين أو استخدام الأساليب الوضيعة من افتراء الأكاذيب واتباع أساليب الخداع. وهنا طلع علينا القُمّص زكريا بطرس يقدم لنا المسيحية التي يؤمن بها، وراح يحدثنا أولا عن التثليث، وعن تجسد السيد المسيح، وعن عقيدة الفداء التي استلزمت صلب المسيح ليكون كفارة عن خطيئة آدم التي يقول إن الجنس البشري قد توارثها. واستمع الكثيرون إلى القُمّص زكريا بطرس، ولكن لوحظ أنه لم يكن يخاطب أتباعه من المسيحيين البعيدين عن الكنيسة فيعمل على إعادتهم إلى الطريق الصحيح كما يراه ويؤمن هو به، وإنما كان يخاطب المسلمين ويحاول إقناعهم بصدق عقائده المسيحية. ولا بأس كما قلنا في أن يدعو الإنسان الآخرين إلى ما يؤمن به من عقائد وتعاليم، ولكنا رأينا القُمّص زكريا بطرس راح يوجه انتقادات لاذعة إلى الإسلام، ويتناول بالتجريح مشاعر ومقدسات المسلمين، ويصف رسول الرحمة بالإرهاب. ولو أنه كان موضوعيا في انتقاداته لما أثار حفيظة أحد، ولكنه راح عن قصد يردد ما سبق أن رد عليه علماء المسلمين من افتراءات وأكاذيب، معتمدا في ذلك على ما جاء في بعض الكتب الإسلامية التي ظهرت في عهود التخلف، أو يستدل بكتب كأنها إسلامية وهي ليست كذلك، فهي إما أن تكون لملاحدة، أو تكون بمسميات إسلامية وهي غير إسلامية، وكان يستعين ببعض العقائد التي تسربت بكل أسف إلى مفاهيم المسلمين، نتيجة لدخول أعداد كبيرة من النصارى في دين الإسلام، ولم يستطع هؤلاء التخلي كلية عما ورثوه من عقائد ومفاهيم، ومع مرور الوقت وجدت تلك العقائد والمفاهيم الخاطئة طريقها إلى الكتب والمفاهيم الإسلامية، وهي معروفة باسم "الإسرائيليات". وبمعنى آخر، راح القُمّص زكريا بطرس يصطاد في الماء العكر، لكي يسيء إلى الإسلام ويعمل على تنصير المسلمين.

ومن الواضح أن القُمّص زكريا بطرس لم يقم بهذا العمل بمفرده، وإنما كان هناك الكثير من فرق العمل التي تعمل معه، وتستخرج له المواد اللازمة، وتسجل له النصوص التي يستعين بها. وكُنّا على استعداد أن نسمع له ونحترمه لو أنه التزم بالموضوعية وابتعد عن التزوير والإسفاف، ولكنه لم يلتزم لا بالصدق ولا بالموضوعية، ولا ابتعد عن التزوير والإسفاف. ولعل هذا لم يكن خطأ صادرا عنه، بل كان خطأ من يُعدّون له المواد ومن يكتبون له الموضوعات التي يقدمها. وفي أيّ من الحالتين، فإن الإساءة إلى الإسلام والمسلمين قد وقعت، وبذلك فقد أتاح لنا الفرصة أن نَرُدَّ عليه، ونُفنّد عقائده، ونفضح الأكاذيب التي قدمها، والتي استطاع بها أن يخدع بعض المسلمين. وقد ظل القُمّص ينادي بأن يرد عليه علماء المسلمين، ويتحدّى علماء الأزهر الشريف، ويتحدى الدكتور زغلول النجار، بل وطالب فضيلة الشيخ الدكتور سيد طنطاوي شيخ الأزهر أن يرد عليه. ولعله لا يعلم أنه بذلك قد تجاوز قدره، وأساء الأدب بهذا التحدي، فمن يكون القُمّص زكريا بطرس لكي يتحدى مثل هؤلاء الأفاضل من العلماء؟ إنه ليس إلا قمّصا لا غير، لم يصل إلى أن يكون أسقفا أو كاردينالا، وبالطبع لم يصل إلى كرسي البابوية، فما باله يتحدى شيخ الأزهر وعلماءه؟ وهل يرضى الأخوة المسيحيون أن يخرج علينا واحد من أئمة المساجد مثلا ليتحدى قداسة البابا شنودة وأساقفة الدين المسيحي؟

وعلى أية حال، إنني أقول لجناب القُمّص، إنني قبلت التحدي وسوف أتصدى له، وأنا مجرد واحد من ملايين المسلمين. وقد يقول إنني مجرد فرد لا شأن لي، وقد يقول إنني لا أمثل المسلمين فلا يحق لي أن أتكلم باسمهم. وأحب أن أطمئنه أنني لا أتكلم باسم أحد ولا نيابة عن أحد، وإنما أنا مجرد إنسان مسلم أتاه الله عقلا يستطيع أن يستخدمه في التفكير، ولذلك سوف أتولى تحليل العقائد المسيحية التي قدمها لنا جناب القُمّص، وسوف أبين له وللناس كلهم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أين هي مواطن الخلل في المنطق الذي استعمله جناب القُمّص. وإنني أرجو من جناب القُمّص، ومن حضرات المشاهدين، المسلمين منهم والمسيحيين، وأيضا من أولئك المسلمين الذين خدعهم المنطق المغلوط الذي قدمه جناب القُمّص، فتركوا الإسلام وقبلوا المسيحية، إنني أرجو منهم جميعا أن يتفكروا فيما أقدمه، ويسمعوا ما أقدمه بأذن ناقدة، ثم يردوا عليّ إن كانوا يستطيعون الرد، فإن لم يفعلوا، ولن يفعلوا، فكل ما أرجوه هو معاودة التفكير، وعدم الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، وكما يقول المثل: من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة، أو إذا كان من الممكن استعارة كلمات السيد المسيح التي يقول فيها في إنجيل متّى (3:7):

"لا تدينوا كي لا تُدانوا، لأنكم تُدانون بالدينونة التي بها تدينون، وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم. ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك، وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. أم كيف تقول لأخيك دعني أخرج القذى من عينك، وها الخشبة في عينك. يا مرائي، أخرج أولا الخشبة التي في عينك وحينئذ تبصر جيدا أن تخرج القذى من عين أخيك".

لا شك أن كل مسلم يحترم المسيح u، ويحترم دين المسيح الذي أنزله الله تعالى عليه. ورغم أن المسلمين على قناعة بأن دين المسيح قد أصابه التحريف، وأن الإنجيل الذي أنزله الله تعالى على المسيح قد ضاع ولم يبق منه إلا آثار من أقوال جمعها بعض الناس في كتب اعتبرتها الكنيسة أناجيل معتمدة، رغم كل ذلك فإن المسلمين يحترمون ما يريد النصارى أن يؤمنوا به، ومن أراد أن يعبد إلها من ثلاثة أقانيم فهو حر، ومن أراد أن يعبد بقرة بثلاثة أرجل فهو حر أيضا، ولكن إذا تطاولتَ على ديني، فإنك تعطيني الحق أن أعاملك بالمثل، لأنك أنت الذي بدأت بالعدوان، فأصبح من حقي أن أدافع. وعفوا يا جناب القُمّص، فلن أستطيع أن أدير لك الخد الآخر هذه المرة، ولن أكيل لك الصاع صاعين، بل سأكيله صاعات وصاعات، وكما يقول المثل: على نفسها جنت براقش.

إن المسيحية التي يدعونا إليها القُمّص تقوم على الكثير من المغالطات المنطقية:

أولا: تحريف تفسير بعض الفقرات في الكتاب المقدس لاستخراج معان معينة لم تأت في النص. فمثلا، إذا افترضنا أن كاتبا كان يكتب أقصوصة أو بعث إلى أحد أصحابه برسالة وكتب فيها يصف أن رجلا من أهل الريف أخذ ابنته وذهب إلى السوق واشترى أشياء وحملها هو وابنته إلى المنْزل فكتب يقول: "وقال الأب لابنته أم الخير: احملي البصل، فلما حملته ووصلا إلى الحظيرة قال لها ضعي البصل". ثم نفترض أن مثل هذه القصة أو الرسالة، لسبب أو لآخر، أصبحت جزءا من كتاب مقدس يؤمن به جناب القُمّص، وأراد أن يفسرها ليحقق بها غرضا معينا، نراه يستعمل منطقا غريبا في تفسيرها فيقول: إن الرجل يعني الله لأنه الأب، وابنته أم الخير هي مريم لأنها أم يسوع، ويسوع هو مصدر كل الخير في العالم، ولما قال لها احملي البصل، كان يقصد أن تحمل بالكلمة، أي تحمل يسوع في رحمها، لأن البصل جسم حي يرمز لجسد يسوع الحي، وأيضا البصل طعام فهو يعطي حياة، وكذلك قال يسوع إنه الطريق والحياة، ومن هنا كان البصل رمزا ليسوع، وقد وضعت البصل في الحظيرة، أي أنها ولدت يسوع في حظيرة.

قد يستغرب المشاهد من هذا المنطق، وقد يظن أنني أبالغ في وصف المنطق الذي استعمله القُمّص زكريا بطرس، ولكن هذا هو ما حدث بالضبط، وسوف أبين للمشاهد صدق كلامي عندما أتناول ما قاله وما قدمه جناب القُمّص.
وقد يعترض أحد فيقول إن الكتب المقدسة لا يمكن أن تحتوي على حكايات أو حواديت من صنف حدوتة "أم الخير"، ولكن المشاهد سوف يندهش عندما أقدم له الحواديت والكلمات المكتوبة في بعض الخطابات التي يتصور القُمّص أنها وحي مقدس. وعلى سبيل المثال، فليقرأ المشاهد الجزء الأخير من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس حيث يقول فيها:

"سلم على فرسكا وأكيلا وبيت (فلان الفلاني) أُنيسيفورُس، (فلان) أراستُس بقي في كورِنثوس، وأما (فلان) تُروفيمُس فتركته في (البلد الفلانية) ميليتُس مريضا. بادر أن تجيء قبل الشتاء. يسلم عليك (فلان وفلان وعلان وترتان) أفْبولُس وبوديس ولينُس وكلافَدِيَّة، والإخوة جميعا" (2تي19:4)

فهل يمكن أن يتصوّر عاقل أن هذا الكلام من وحي الله تعالى؟ ومع ذلك فإن بعض الناس يعتبرونه وحيا مقدسا، ولا يستبعد على مثل هؤلاء أن يعتبروا حدوتة مثل حدوتة "أم الخير" وحيا مقدسا أيضا.

ثانيا: المغالطة المنطقية الأخرى التي تقوم عليها المسيحية التي يدعونا إليها القُمّص زكريا بطرس هي تقديم أفكار صحيحة تبدو أنها منطقية، ولكنها تقوم على أساس خاطئ، ويخرج منها في النهاية بقاعدة تبدو أنها صحيحة، لأنها مبنية على الأفكار الصحيحة التي قدمها، ولكنها خاطئة لأن أساسها خاطئ، ومع ذلك فإنه يبني على تلك القواعد عقائد في غاية الأهمية. وقد يكون من الصعب الآن تقديم مثال على هذه المغالطات نظرا لأنها تحتاج إلى شرح طويل، ولكني أعد المشاهد أنه سوف يرى بنفسه حجم المغالطات التي يقدمها جناب القُمّص، وسوف يلمس بنفسه الخلل الذي يقوم عليه منطقه، وما أقامه عليه من عقائد.

ثالثا: المغالطة الثالثة التي يستعملها جناب القُمّص أنه يخلط كثيرا بين الحقيقة والمجاز، حتى إن الحقيقة عنده تكون أحيانا مجازا، وفي كثير من الأحيان يعتبر أن المجاز حقيقة. وقد اتبع جناب القُمّص هذه المغالطات بكثرة عند كلامه عن موضوع ما ظن أنه تجسّد السيد المسيح.

رابعا: إنه كثيرا ما يتعمد تزوير النص وتحريفه لكي يستخدمه في إثبات وجهة نظر معينة، فمثلا يذكر للقارئ أن في القرآن المجيد آية تقول: "الرحمن على الكرسي استوى"، ثم يفسر كلمة استوى على أنها تعني القعود على الكرسي، ثم يطلق لسخريته العنان في الاستهزاء بمن يؤمن بأن الله يقعد على الكرسي، وما إذا كان له مقعدة يقعد بها على الكرسي، إلى آخر ما شابه ذلك من أساليبه السفيهة. مع أن الآية القرآنية هي]الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[، والاستواء لا يعني القعود على كرسي بمقعدة. وبهذا يتبين أن جناب القُمّص لا يستعمل عقله كثيرا في التفكير، ولا يسمو فكره ليصل إلى مستوى رأسه، إذ ينحدر مستوى تفكيره أحيانا حتى يصل إلى مستوى المقعدة.

خامسا: كثيرا ما يتهم جناب القُمّص المشاهدين المسلمين أنهم لا يقرأون، وإذا قرأوا فإنهم لا يفهمون، وإذا فهموا فإنهم لا يقبلون الحقائق التي يقدمها، وهي بالطبع ليست حقائق، وإنما هي أكاذيب وأغاليط سوف نكشف عنها له وللمشاهد.

سادسا: جناب القُمّص، ومن يستخرجون له المواد التي يستعملها، لديهم ولع شديد باستخراج بعض التفاسير التي تتفق مع مفاهيمهم المغلوطة، ثم يتولى جناب القُمّص تقديمها على أنها المعنى الوحيد الذي يجمع عليه كل المفسرين وكل المسلمين. وهو بذلك يخدع المشاهد لأنه يوحي إليه بشيء يغاير الحقيقة، ولا يقول له إن رأي المفسرين ليس هو رأي القرآن، وإنما المفسرين اجتهدوا، منهم من أصاب ومنهم من أخطأ، فمن أصاب له أجران ومن أخطأ فله أجر الاجتهاد، ولكن كلام المفسرين ليس ملزما للمسلمين. وهنا يختلف المسلمون عن النصارى، وخاصة أتباع المذهب الأرثوذوكسي والكاثوليكي، حيث يتحتم على الجمهور المسيحي قبول تفاسير البابوات وتفاسير المفسرين. ولكن الإسلام لا يُلزم المسلمين بمثل هذا المبدأ أبدا.

وأخيرا، أقول عن حديث الإفك الذي قدمه لنا القُمّص زكريا بطرس ما قاله القرآن المجيد عن حديث الإفك الذي أذاعه بعض الموتورين من المنافقين، حيث قال تعالى عنه ]لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ[. إن جناب القُمّص أتاح لنا فرصة عظيمة لكشف ألاعيب المسيحية المغلوطة التي يؤمن بها، كما أنه أتاح أيضا فرصة عظيمة للكثير من المسلمين الذين كانوا تحت تأثير فهم خاطئ لبعض الأمور في التراث الإسلامي أن يصححوا مفاهيمهم. وأيضا أتاح فرصة عظيمة للمسلمين أن يتّحدوا للدفاع عن دينهم وشرف نبيهم r وكرامة الكتاب المجيد الذي يؤمنون به.

أيها المسلمون في كل مكان! لقد دق ناقوس الجهاد من أجل نصرة الدين، ليس بالسيف ولا بالسنان، ولا بالعنف والإرهاب، ولا بالتكفير والتفجير، ولكن بالمنطق وباللسان، تماما كما فعل جناب القُمّص، الذي كثيرا ما كانت جراحات لسانه أشد وطأة وأكثر خطرا من جراحات السيف والسنان. إنني أدعو المسلمين جميعا أن يهبوا لهذا الجهاد المجيد، وليطرحوا خلافاتهم جانبا، وليتناسوا ولو مؤقتا، ما يفصلهم عن بعضهم البعض، وليتخلوا عن أساليب التكفير لبعضهم البعض، ولنتحد جميعا لمواجهة هذا الخطر الجديد، الذي كشّر عن أنيابه، وكشف عن مخالبه، وظن أن الإسلام والمسلمين قد صاروا لقمة سائغة يمكن أن يلوكها أو يتلمّظ بها. وندعو الله تعالى أن يؤلف بين قلوب المسلمين، وأن يوحّد كلمتهم، وأن يكفيهم شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم، وأن ينصرهم نصرا عزيزا على كل من تسوّل له نفسه أن ينال من شرف سيدهم وحبيبهم رسول الله r، أو يدنس طهارة وقدسية كتابهم العزيز، أو يحط من شأن دينهم الكريم الذي ارتضاه الله لهم. وفقنا الله، ووفق الله المسلمين في عمل كل ما فيه رضاه، ونصرهم سبحانه على أعدائهم وأعداء الدين. آمين.


la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-20, 05:45 AM   #11
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
افتراضي الحلقة الثانية (بداية الحكاية)

الحلقة الثانية

بداية الحكاية



أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

أما بعد، فأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم




تكلم جناب القُمّص زكريا بطرس في بداية حديثه في سلسلة "أسئلة عن الإيمان" عن فكرة الثالوث، وبيّن أن المسيحية التي يؤمن بها لا تدعو إلى عبادة ثلاثة آلهة، وإنما هو إله واحد في ثلاثة أقانيم. وراح على مدى أربع حلقات يحاول شرح هذه الفكرة مستخدما أسلوبه الجذاب مع السيدة ناهد محمود متولي. وكما بينتُ في الحلقة السابقة، كان أسلوب جناب القُمّص يقوم على ست قواعد، ولا مانع من الإشارة السريعة إليها لتذكير المشاهد الذي لم ير الحلقة الماضية، بالأسلوب المنطقي المغلوط الذي يستعمله جناب القُمّص، إذ يعتمد في حديثه على ما يلي:

أولا: سوء تفسير بعض المقتبسات من الكتاب المقدس ليخرج بمعنى لا يحتمله النص.

ثانيا: يقدم أفكار تبدو أنها صحيحة ولكنها تقوم على أساس خاطئ، ثم يخرج منها بقاعدة يبني عليها عقيدة.

ثالثا: يخلط كثيرا بين الحقيقة والمجاز.

رابعا: يتعمد تحريف النص لاستعماله في إثبات وجهة نظره.

خامسا: يتهم المشاهد المسلم بأنه لا يقرأ، وأنه إذا قرأ لا يفهم، وإذا فهم لا يقبل الحقيقة.

سادسا: يستخدم أراء بعض المفسرين ويعتبرها ملزمة لجميع المسلمين، كما هو الحال عندهم في المسيحية حيث يلتزم شعب الكنيسة بتفسير المفسرين.

وبعد الحلقات الأربع الأولى عن التثليث، راح جناب القُمّص يحدثنا في أربع حلقات أخرى عن التجسد، وكيف أن الله قد تجسد في جسد يسوع، وشرح السبب الذي دعاه إلى ذلك وهو تحقيق الكفارة، وهي أن المسيح قد مات على الصليب فداء عن الناس، وبذل نفسه كفارة عنهم ليغفر الله لهم الخطية التي ورثوها عن آدم. وعلى مدى ست حلقات أخرى، حدثنا جناب القُمّص عن الكفارة وشرح أن الكفارة هي المحور الذي يدور حوله الكتاب المقدس كله، وهي العمود الفقري الذي تقوم عليه المسيحية. ولذلك رأيتُ أن أبدأ بتناول هذه الحلقات الست التي تتعلق بالعمود الفقري الذي تقوم عليه المسيحية التي يؤمن بها جناب القُمّص، لنرى في النهاية هل هناك فعلا أساس سليم وقوي تقف عليه هذه المسيحية، أم أن عمودها الفقري مخلوع ومفكك ولا ترتبط فقراته بعضها ببعض.

وأنا حين أتكلم عن المسيحية فإني أتكلم عن ذلك الوجه من المسيحية التي قدمها لنا القُمّص زكريا بطرس، فالمسيحية لها أوجه كثيرة، وكما يقول المثل "لها ستون وجه" أي لها أوجه كثيرة. وعلى ذلك فأنا أؤكد احترامي لكل مسيحي لا يؤمن بما يؤمن به جناب القُمّص، وأحترم أيضا حق كل إنسان في أن يؤمن بما شاء من عقائد، مهما كانت سفيهة أو مغلوطة، فحق الاعتقاد من حقوق الإنسان الأساسية، ولا بد من احترامه، ومن حق كل إنسان أن يعبر عما يؤمن به من عقائد، مهما كانت سفيهة أو مغلوطة، كذلك فإن من حقه أن يدعو الآخرين إليها، ولكن ليس من حقه تسفيه آراء الآخرين، ولا جرح مشاعرهم، ولا التحقير من مقدساتهم. فإذا فعل أحد ذلك، فإنه يعطي للآخرين الحق في أن يعاملوه بالمثل، ويردوا عليه بنفس أسلوبه، ويكيلوا له بنفس مكياله، وهذا ما يقرره الكتاب المقدس الذي يقول: "بالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم" (متى3:7). وقد وقع جناب القُمّص في هذا الخطأ في حق الإسلام والمسلمين، وبذلك فقد أتاح لنا الفرصة للرد عليه، خاصة وأنه كان يتحدى ويطالب وينادي بأن يرد عليه أحد. فشكرا يا جناب القُمّص على هذه الفرصة العظيمة التي أتحتها لنا، ولكن عليك أن تتحمل وزر ما فعلت، ولا تدعو أتباعك أن يهرعوا إلى السلطات لوقف الرد عليك، ولا تطلب منهم أن ينظموا المظاهرات ويعتصموا في الكاتدرائيات ويسجلوا الاعتراضات. لقد بدأت أنت بالعدوان، ونحن لا نفعل شيئا سوى أننا نستجيب لندائك ونقبل تحديك ونرد عليك بما تستحقه، ولكن بالعقل والمنطق وليس بالأكاذيب والمغالطات.

موضوع الحلقات الست التي تناولها القُمّص بطرس من الحلقة التاسعة إلى الحلقة 14 هو موضوع خطيئة آدم عندما أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها، ولأن الله عادل، كان لا بد أن يوقع العقاب، والعقاب هو الموت، ونتيجة لذلك ورث الجنس البشري كله الطبيعة البشرية الخاطئة، كما ورث أيضا حكم الموت الأبدي في نار جهنم، ولكن الله رحيم كما هو عادل، ولذلك رحمته اقتضت أن يتجسد ويحل في المسيح ليموت على الصليب، وبذلك يرفع حكم الموت من على البشر، وبذلك يكون نفذ عدله بتوقيع العقوبة على المسيح، وفي نفس الوقت نفذ رحمته بأنه رفع العقوبة من على البشر، لأنه يحبهم ولأن الله محبة.

بدأ جناب القُمّص في الحلقة التاسعة فراح يحدثنا عن الحكاية من البداية. فيقول:

"إن الله لما فكر يخلق إنسان، خلقه على أبدع صورة ومثال، على رأي القرآن برضه يقولك في أحسن تصوير، مش كده؟"
لا يا جناب القُمّص، مش كده! فالقرآن لم يقل في أحسن تصوير وإنما قال ]في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ[، ولعلها كانت زلة لسان، ولم يكن التزوير متعمّدا، ولكن لو كنتَ اكتفيتَ بتقديم عقائدك دون أن تحاول الاستدلال على صحتها بالقرآن المجيد، لما وقعت في هذا الخطأ.

ثم يستطرد جناب القُمّص فيقرأ من الكتاب المقدس:
"فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه"، ثم يعلق على ذلك فيقول: "مش مناخير وعنين ولكن على صورة البهاء، العظمة، العقل، الخلود، الإنسان مخلوق عاقل زي الله، خالد زي الله، مش كده؟".

لأ يا سيدي مش كده! من أين جئت بهذا الكلام، هل قال الكتاب المقدس أن الله خلق الإنسان عاقل زي الله وخالد زي الله؟ أم أن هذا هو مفهومك وتفسيرك الذي تريد أن تقحمه على الكتاب المقدس؟ إذا كان الله خلق الإنسان عاقل زي الله، فلا بد أنه كان يعرف الخير والشر، ولكن الكتاب المقدس يقول إن الإنسان لم يكن يعرف الخير والشر قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر، ولذلك بعد أن أكل منها يقول الكتاب عنه: "وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر" (تكوين23:3)، إذن الإنسان لم يكن عاقلا مثل الله قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. ثم تقول إن الإنسان خالد زي الله، ولكن الكتاب المقدس يبين أن الله لم يخلق الإنسان ليكون خالدا مثل الله، إذ يقول: "وجبل الرب الإله آدم ترابا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية" (تكوين7:2)، أي أن الله خلق آدم من مادة، من تراب، ولو كان الله يريده أن يكون خالدا، لخلقه مثل الملائكة، ولما قال له بعد صدور الحكم عليه: "حتى تعود إلى الأرض التي أُخذتَ منها، لأنك تراب وإلى تراب تعود". أي أن العقاب الذي أصدره الله عليه سوف يستمر حتى يعود إلى الأرض، وعودته إلى الأرض ليست بسبب العقاب ولكن بسبب أنه تراب فإلى التراب يعود. فأين الخلود الذي تدّعي به يا جناب القُمّص؟ اقرأ كتابك جيدا، وحاول أن تفهم ما هو مكتوب وليس ما تريد أن تلصقه بالنص. ليس هناك أي كلمة تشير من قريب أو بعيد إلى أن الله خلق الإنسان ليكون خالدا، بل بالعكس، هناك نص صريح على أنه سيعود إلى التراب لأنه خلق من تراب، ليس لأنه أخطأ، ولكن لأنه خُلق من تراب. فهل تريد منا أن نصدقك ونكذب الكتاب المقدس الذي تؤمن به، أم تريد منا أن نصدقك ونكذب ما قاله الله تعالى في جميع الأديان من أن هذه الحياة الدنيا هي فترة مؤقتة وسوف تنتهي لتبدأ بعد ذلك حياة أخرى، تقول عنها جميع الأديان أنها هي التي سوف يكتب لها الخلود؟

إن ما تقوله يا جناب القُمّص هو محاولة "فاشلة" لتبرير وجود الموت، فقد ظننت كما يظن البعض أن الموت يتعارض مع محبة الله للإنسان، ولذلك كان لا بد من اختراع سبب للموت بعيدا عن الله الذي تصفونه بأنه "محبة"، وكان المخرج من هذه الورطة هو أن تنسبوا سبب الموت لخطيئة آدم. وقد تحتج عليّ وتقول إن الكتاب يقول: "وأوصى الرب الإله آدم قائلا: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، أما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتا تموت" (تكوين16:2)، ولعلك تستنتج من ذلك أنه لو لم يأكل آدم من الشجرة لعاش إلى الأبد، ولكن هذا الاستنتاج خاطئ لسببين، أولا: إن آدم لم يمت في اليوم الذي أكل فيه من الشجرة؛ ثانيا: إن الله بيّن وشرح معنى قوله "موتا تموت"، كما بيّن أيضا وشرح سبب عودته إلى التراب، فقال: "ملعونة الأرض بسببك، بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكا وحسكا تُنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا" (تكوين17:3) كانت هذه هي العقوبة التي عبر الرب الإله عنها بقوله: "موتا تموت"، وسوف تستمر هذه العقوبة "حتى تعود إلى الأرض التي أُخذتَ منها"، أما لماذا يعود إلى الأرض؟ فيجيب الكتاب المقدس على ذلك بقوله: "لأنك تراب وإلى تراب تعود" (تكوين17:3).

وهنا قد يحلو لجناب القُمّص أن يتهمني بالجهل، وأني لا أقرأ، وإذا قرأت لا أفهم، فيقول إن كلمة "يوم" في قوله "يوم تأكل منها" لا تعني يوم 24 ساعة، ولكن تعني ألف سنة، وبالتالي يكون قصد الرب الإله هو أنك سوف تموت في خلال ألف سنة. فإذا قلنا من أين أتيت بهذا المعنى؟ كانت الإجابة مثيرة للضحك والعجب، إذ سوف يذكر على الفور قول بطرس الرسول في رسالته الثانية الإصحاح 3 والعدد 8 حيث قال: "أن يوما واحدا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيوم واحد" (2بطرس8:3). وعلى هذا يكون قوله "يوم تأكل منها موتا تموت" أي أنك إذا أكلت منها فإنك سوف تموت خلال ألف سنة.

هذا هو الأسلوب الذي يتّبعه جناب القُمّص، إذ أنه يستعمل فقرات لا علاقة لها بالموضوع ويلوي معناها لتنطبق على الموضوع الذي يتكلم عنه. وتصوروا يا حضرات المشاهدين، هذا الرب الإله العاقل الحكيم، الذي يصدر حكما على إنسان، ولا يشرح له ما يقصده بكلمة "يوم تأكل منها"، وما إذا كان المقصود منها يوم كما هو معروف أو أن المقصود ألف سنة. ثم تأتي من بعد آدم أجيال وأجيال، وهم لا يعرفون أن كلمة يوم تعني ألف سنة، ثم يأتي موسى ويكتب التوراة، أي الكتب الخمسة الأولى من العهد القديم، ولكنه لا يذكر شيئا عن أن اليوم يساوي ألف سنة، ثم تمر أجيال وأجيال ويأتي أنبياء يكتبون ويضيفون إلى العهد القديم، ولا يقولون شيئا عن أن اليوم يساوي ألف سنة، ثم تمر أجيال وأجيال، ثم يأتي السيد المسيح، ولا يذكر شيئا عن أن اليوم يساوي ألف سنة، ثم يأتي بطرس الرسول بعد أكثر من 4000 سنة بعد آدم، ويرسل لأصحابه رسالة ورسالتين، وفي الرسالة الثانية يذكر جملة تدل على أن الزمن لا يعني شيئا بالنسبة لله، وأن اليوم عنده كألف سنة والألف سنة كاليوم، وهنا تنفك العقدة، ويجد جناب القُمّص بطرس وزملاؤه معنى لتحديد طول اليوم الخاص بآدم فيقول إنه ألف سنة، مع أن الجملة التي كتبها بطرس الرسول لا تعني ذلك أبدا، بل إنها تعني أن الزمن لا يعني شيئا عند الله. فهل يوجد ما يثير الضحك أكثر من هذا؟

ثم يا جناب القُمّص، لقد شنّفت آذاننا بأن الله محبة، فلماذا تنسب إلى الله القسوة والظلم والسادية الفظيعة هذه؟ هل الله الذي هو محبة يتمتع بعقاب مخلوقه آدم الذي خلقه بمحبة كما تقول؟ لعلك تقول إن الله عادل أيضا، وأن عدله يستدعي تنفيذ العقوبة. ولن أخوض معك في هذه القضية الآن، ولكن العدل كما تراه أنت، وكما يراه كل إنسان عاقل، هو تطبيق العقوبة كما جاءت في القانون، والقانون الذي وضعه الله هو: "يوم تأكل منها موتا تموت". ولو سلمنا معك أن آدم كسر القانون وعصى الله، يكون من مقتضيات العدل أن يُطبق الحكم، وهو: "موتا تموت". فهل هذه هي العقوبة التي طبقها الله؟ إن كتابكم المقدس ينسب إلى الله أنه قال: "لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك". طيب وما ذنب الأرض؟ وهل لعنة الأرض كانت داخلة ضمن القانون الذي وضعه الله؟ وليس هذا فقط، وإنما يسترسل الرب الإله في تفصيل العقوبة التي لم تأت في القانون الذي وضعه بنفسه، فيقول: "بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، شوكا وحسكا تنبت لك وتأكل من عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزا"، وهو لم يكتف بهذا، بل إن هذا الرب الإله الرحيم العادل يقول للمرأة: "تكثيرا أكثّر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادا وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك"، مع أن المرأة المسكينة لم تكن تعرف أن كل هذه البلايا سوف تنصب على رأسها. كل ما كانت تعرفه هو ما قالته للحية: "من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتا". فهل من العدل أن يضع الله قانونا للعقوبة ثم عند التنفيذ يطبق عقوبة أخرى إضافية؟ هل يقبل أحد أن يقول القانون: من خالف إشارة المرور يدفع 100 جنيه غرامة، ولكن عندما يقع أحد في هذه الخطيئة، يتبين أنه سوف يقضي كل أيام حياته في الأشغال الشاقة المؤبدة، وأن زوجته سوف تُطرد من البيت، وأن أولاده سوف يُشرّدون، ثم عليه أيضا أن يدفع غرامة المائة جنيه؟ هل هذا هو العدل الذي تنسبونه إلى الله الذي هو محبة؟ اتفضل جاوب يا جناب القُمّص، هل هذا هو الحب الذي يحمله الرب الإله في الكتاب المقدس؟ وهل هذا هو العدل الذي تصرون على التمسك به وبضرورة تطبيقه؟ ولعلك تقول إن مخالفة إشارة المرور لا تعادل خطيئة آدم، هذا صحيح، ولكن مهما عظمت الخطيئة، فإن العدل يقتضي ألا يُزاد في حجم العقوبة عند التطبيق، وإنما يجب أن يُكتفى بتطبيق العقوبة التي جاءت في نص القانون دون أي زيادة، لأن أي زيادة هي مخالفة للعدل، بل هي عين الظلم.

ثم هل من العدل يا جناب القُمّص محاسبة إنسان لا يعرف الفرق بين الخير والشر؟ أنت تدّعي أن الله خلق الإنسان عاقل مثل الله، ولكن كتابك المقدس يقول إنه لم يكن يعرف الخير والشر، وكل ما قاله له الرب الإله هو أن يأكل من جميع شجر الجنة، ولكن لا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر لأنه يوم يأكل منها موتا يموت. لم يحذره مثلا من أن يسمع لكلام الشيطان، بل لم يخبره أصلا بأن هناك شيطان يريد أن يوقعه في الخطيئة. لم يقل له إن عليه أن يتأكد من مصدر كل طعام تعطيه له زوجته حواء. فماذا حدث؟ تقول يا سيدي بأسلوبك المسرحي إن الشيطان:

"راح لحوا، لأن حوا بتحب الاستطلاع، قال لها هوه ربنا قال لكم ما تكلوش من جميع شجر الجنة؟ قالت لأ، مين قالك كده؟ قالنا تاكلو من جميع شجر الجنة ما عدا شجرة واحدة بس، الشجرة دهي، شجرة معرفة الخير والشر. فالشيطان قالها: ليه؟ اشمعنى دي؟ قالت له ربنا قال يوم ما تاكلوا منها موتا تموتا. قالها لا. ابتدا يكذّب ربنا، قال لها لن تموتا، إمّال ربنا منعنا منها ليه؟ آه.. لا.. إنت مش فاهمة. أنا عارف ربنا، أنا كنت عنده فوق، ربنا ده مكّار، خايف، لما تاكلوا من الشجرة دي، تبقوا زيّه، تعرفوا الخير والشر، كده لوحدكم. لما تاكلوا من الشجرة دي، تستقلوا عن الله. سماها تستقلوا عن الله لكن هية في الحقيقة تنفصلوا عن الله".

طيب. لدينا الآن اثنان متهمان بمعصية الله، ألا يقتضي العدل الإلهي أن نبحث في الظروف التي وقعت فيها الجريمة، إن كانت هناك جريمة؟ اثنان لا يعرفان الفرق بين الخير والشر، جاء إليهم الشيطان في صورة حية من مخلوقات الله الذي يحبهما، وقال لهما إنه كان فوق عند ربنا، وإنه عارف إنهما إذا أكلا من الشجرة لن يموتا، وسوف يعرفان الخير والشر مثل الله. فهل يقع اللوم على آدم وحواء لأنهما يريدان أن يكونا مثل الله ويريدان أن يعرفا الخير والشر؟ هل يقع عليهما اللوم لأنهما سمعا لكلام مخلوق من مخلوقات الله الذي هو محبة، لا يعرفان عن ذلك المخلوق شيئا ولم يحذرهما أحد منه؟ أين العدل يا جناب القُمّص؟ إذا كان هناك أحد مسئول عن وقوع آدم في الخطيئة حسب الرواية التي رويتها بلسانك، فهو الرب الإله الذي خلق الشيطان، وسمح له أن يضل آدم وحواء، ولم يحذرهما منه. لا شك أنهما خُدعا، ولكن لم تكن لديهما النية على ارتكاب المعصية، وإنما ظنا أنهما يقومان بعمل طيب، إذ يجب أن نضع في الاعتبار أنهما لم يكونا يعرفان الخير والشر.

ثم يقول الكتاب المقدس: "فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت. وأعطت رجلها أيضا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر" (تكوين6:3).

إذن حسب كلام الكتاب المقدس، كان الشيطان على حق، لأنهما أكلا من الشجرة ولم يموتا، وانفتحت أعينهما وصارا يعرفان الخير والشر فعلا، بدليل اعتراف الرب الإله الذي قال: "هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر" (تكوين 23:3). ثم ما ذنب آدم الذي سمع لكلام زوجته؟ هل كان يعلم أن ما يأكله من يدها هو من الشجرة المحرّمة؟ الكتاب المقدس لا يبين هذا الأمر، بل يبين أنه لم يكن حاضرا عندما كان الشيطان يتكلم مع حواء، لأن الكتاب يقول إن الحية تكلمت مع المرأة، ولو كان آدم موجودا لاشترك في الحديث، ولكن الكتاب يبين أنه لم يشترك في الحديث بتاتا، مما يدل على أنه لم يكن موجودا، وبالتالي فإنه لم يكن يعلم أن الثمرة التي أعطتها له حواء كانت من الشجرة المحرمة. ومما يدل على ذلك أن الله لما سأله: "هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها" لم يقل نعم أكلت منها، لأنه لم يكن يعرف أنه أكل منها إلا بعد أن انفتحت عينه، فعرف أن حواء أعطته الثمرة المحرمة دون علمه، ولذلك قال لله: "المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت" (تكوين12:3)، أي ما ذنبي أنا، أنت لم تحذرني من هذه الأمور ولم تلفت نظري إليها.

إن أي محكمة أرضية تتمسك بأهداب العدل لا بد أن تحكم لآدم بالبراءة، ومع ذلك نجد أن الكتاب المقدس ينسب للرب الإله العادل أنه لعن الأرض وحكم على آدم أن يأكل شوكا وحسكا وأعشاب الحقل، وأن يقضي كل أيام حياته بالتعب، ويأكل خبزه من عرق جبينه. والغريب أن هذا الرب الإله لم يعترف بتقصيره في تحذير آدم وحواء من الشيطان، وكيف أنه تركهما يقعان في حبائله دون أن يلفت نظرهما إلى الخطر الذي يمكن أن يصيبهما من كلامه.

ثم يأتي جناب القُمّص زكريا بطرس فيتساءل عن السبب في خلق الشيطان، فيقول:

"طب ما هو عارف إن الشيطان حيوقع الإنسان، حيغوي الإنسان ويوقعه، حيوقعه حيوقعه، طب خلقه ليه، سمح له ليه؟" ثم يجيب جناب القُمّص على السؤال الذي وضعه بنفسه فيقول: "الحقيقة إن ربنا مخلقش الشيطان، إمّال إيه؟ الشيطان خلق نفسه؟ لأ. الله خلق ملاك، وكان الشيطان رئيس الملائكة".

من أين أتى جناب القُمّص بهذه المعلومات الخطيرة؟ هذا ما سوف نبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله.
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-25, 06:02 PM   #12
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
افتراضي الحلقة الثالثة (الانسان والشيطان)

الحلقة الثالثة

الإنسان والشيطان



أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله

أما بعد، فأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم




ذكرنا في الحلقة الماضية أن القمّص زكريا بطرس كان يحاول أن يثبت أن آدم وحواء قد وقعا في الخطية عمدا، وعلى ذلك فكان لا بد من تطبيق العقوبة عليهما لأن الله عادل. ولكننا أثبتنا من الكتاب المقدس أن ما حدث يتنافى مع عدل الله تعالى، لأن من مقتضيات العدل أن تُوَقّع العقوبة كما جاءت في نص القانون، وكان نص القانون هو "يوم تأكل منها موتا تموت"، لذلك كان ينبغي أن يموت الإنسان دون أي زيادة إضافية في العقوبة. بينما يرى جناب القمّص، أن العدل الذي يفهمه هو، والذي تعلمه من كتابه المقدس، لا يمنع أن تُضاف عقوبات أخرى عند توقيع العقوبة رغم أنها لم تأت في نص القانون. وطبعا لو طبقنا هذه القاعدة القانونية التي يؤمن بها جناب القمّص في مجتمعاتنا المدنية وفي الاتفاقات بين الأفراد أو بين الدول، لتحوّل العالم إلى فوضى وظلم واستبداد ما بعده استبداد. فمثلا، إذا اتفقت مع عامل على أنه يؤدي لي مهمة معينة في خلال ثلاثة أيام مقابل مبلغ 500 جنيه، مع وجود شرط جزائي، وهو أنه إذا تأخر العامل في إنجاز العمل في المدة المتفق عليها تُوَقّع عليه غرامة تأخير بواقع 100 جنيه عن كل يوم تأخير. ثم نفترض أن العامل تأخر يومين، يكون من العدل خصم مبلغ 200 جنيه من المبلغ المتفق عليه. ولكن حسب عدل الكتاب المقدس، يحق لي أن أخصم منه 400 جنيه أو أكثر، وأن أقوم بضرب العامل ووضعه في السجن، وأن أذهب إلى بيته وأشعل فيه النار، وأجعل حياة زوجته وأولاده جحيما لا يطاق. فهل ترضى يا جناب القمّص أن يطبق أحد عليك مثل هذا العدل؟ وإذا كنت تستنكر هذا التصرف وترفضه، كما يستنكره كل إنسان عاقل، فكيف تسمح لنفسك أن تنسب مثل هذه التصرفات الحمقاء إلى الرب الإله الذي تؤمن به؟ وهل هناك شريعة في العالم تأمر بتطبيق هذا الظلم؟ إنك تتهم المسلمين بأنهم لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، أليس من الأولى بك يا جناب القمّص أن تتفكر قليلا فيما تؤمن به من أفكار عقيمة لا تصلح للتطبيق، ولا تليق بالعقلاء، ولا يجوز أن تُنسب للرب الحكيم؟
وكما حاول جناب القمّص أن ينسب وجود الموت إلى خطيئة آدم، لأنه ربما ظن أنه لا يصح لإله المحبة أن يميت مخلوقاته التي يحبها، فإنه حاول أيضا أن يقنعنا بأن الله لم يخلق الشيطان، وإنما خلق ملاكا، وجعله رئيسَ الملائكة، ولكن الكبرياء طغى عليه، فعاقبه الله بأن أنزله إلى الأرض، وهو الذي أوقع آدم في الخطية. وكأنه يقول إن الله ليس مسؤولا عن ضلال آدم وإنما الشيطان هو المسؤول. فإذا سألنا جناب القمّص من أين أتى بهذه المعلومات، نراه يقول إن هذا جاء في سفر إشعياء الإصحاح 14، وفي سفر حزقيال الإصحاح 28. ويستخدم جناب القمّص مواهبه المسرحية فيقرأ لنا من سفر إشعياء، ولا ينسى أن يُدخل تفسيراته بين الكلام، ولذلك وضعنا كلامه بين قوسين، فيقول:

"كيف سقطتِ من السماء يا زُهرةُ بنتَ الصبح (ده تشبيه عن رئيس الملائكة)، كيف قُطعتَ إلى الأرض يا قاهرَ الأمم. وأنت قلتَ في قلبكَ أصعد إلى السماوات، أرفعُ كُرسيَّ فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعدُ فوق مرتفعات السحاب (شوفي الحتة اللي جاية دي بقى) أصير مثل العليّ (كبرياء، عايز يبقى زي ربنا). لكنكَ انحدرتَ إلى الهاوية إلى أسافل الجب".

بعد أن قرأ جناب القمّص هذا المقطع راح يسلينا مرة أخرى بمواهبه المسرحية بقراءة جزء آخر من سفر حزقيال في الإصحاح 28، لكي يثبت لنا أن الرب الإله لم يخلق الشيطان، وإنما خلق ملاكا وجعله رئيس الملائكة، ولكنه سقط فجعل من نفسه شيطانا. ونذهب إلى سفر إشعياء لنبحث عن النص الذي قرأه جناب القمّص فنجد أنه كان يتكلم عن ملك بابل، حيث يقول في نفس الإصحاح مخاطبا النبي إشعياء في عدد 3:
"ويكون في يومٍ يريحك الرب من تعبك ومن انزعاجك ومن العبودية القاسية التي استُعبدتَ بها. أنك تنطق بهذا الهجو على ملك بابل وتقول كيف باد الظالم بادت المُغَطْرِسَةُ. قد كسّر الرب عصا الأشرار قضيب المتسلطين. الضارب الشعوب بسخَطٍ ضربة بلا فتور المتسلط بغضب على الأمم باضطهاد بلا إمساك ... وهكذا إلى آخر الجزء الذي قرأه القمّص. وبعده في العدد 16 يقول: "الذين يرونك يتطلعون إليك، يتأملون فيك. أهذا هو الرجل الذي زلزل الأرض وزعزع الممالك. الذي جعل العالم كقفر وهدم مُدُنَه، الذي لم يُطلق أسراه إلى بيوتهم ... إلى آخره".
فالحديث كله عن ملك بابل الظالم الذي استعبد شعب بني إسرائيل ولم يطلق الأسرى. ولكن جناب القمّص، والمفسرين الذين على شاكلته، يلوون كلمات النص ويطبقونها على الشيطان. هذا هو الأسلوب الذي كثيرا ما يتبعه جناب القمّص، وهذه هي آفة المسيحية التي يقدمها لنا جناب القمّص. تحريف مقاصد الكلمات ولوْي معانيها لفرض معنى معين يريدون أن يلبسوه لكلام الكتاب المقدس.
ويذكرني هذا بحدوتة أم الخير، ولحضرات المشاهدين الذين لم يسمعوا من قبل عن أم الخير أقول إنه يُحكى أن كاتبا كان يكتب قصة، وبعد مرور بضعة قرون، تسربت هذه القصة إلى الكتب المقدسة، وأصبحت جزءا منها، ووصل ذلك الكتاب المقدس إلى أيدي شخصية ظريفة مثل شخصية القمّص زكريا بطرس، فراح يفسرها ليؤيد بها مفاهيم دينه، فماذا فعل؟ كانت القصة كالتالي: ذهب الأب وابنته أم الخير إلى السوق لشراء بعض الأغراض، وأثناء العودة قال الأب لابنته: يا أم الخير احملي كيس البصل، فحملته إلى أن وصلا إلى الحظيرة، فقال لها ضعي البصل في الحظيرة". وانتهت القصة، فماذا يفعل بها ذلك الظريف ظُرف جناب القمّص، يقرأها بأسلوب مسرحي، ثم يقول الأب ده يعني الله الآب، وأم الخير يعني مريم أم الإله، لأن يسوع هو منبع الخير، فأم الخير تبقى مريم، فالآب قال لمريم احملي يسوع، فكيس البصل يعني يسوع، مش البصل فيه حياة، وهو طعام حين يأكله الإنسان ينال الحياة، كذلك حين يأكل الإنسان جسد يسوع ويشرب دمه ينال الحياة الأبدية.
وهكذا تتحول حدوته لا قيمة لها ولا أساس، إلى نبوءة عظيمة تقوم عليها عقائد خطيرة. هذه هي المسيحية التي يقدمها لنا جناب القمّص، أقاصيص وحواديت وتفاسير ما أنزل الله بها من سلطان، واختراعات لعقائد وتعاليم بعيدة كل البعد عن العقل والمنطق، لماذا؟ لأنها من تأليف الإنسان، وليست من الله سبحانه وتعالى.
نفس هذا الكلام يكرره جناب القمّص مرة أخرى عندما يحدثنا عن الشيطان المزعوم الذي جاء ذكره في سفر حزقيال الإصحاح 28 فيقول:
"الله بيكلم الملاك، كان اسمه ساتانا إيل، جت منين؟ ساتان يعني شيطان، وإيل يعني الله" ثم يعود إلى أسلوبه المسرحي فيقرأ علينا النص ويُسقط منه بعض الأجزاء، ويضيف عليه شرحه وتفسيره الذي وضعناه بين قوسين، فيقول: أنت خاتم الكمالْ ملآنٌ حكمةً وكاملُ الجمال. كنتَ في عدن جنة الله ..... أنت الكروبُ (شوفي بقى الإثبات إن ده الملاك، كروب- شاروبيم يعني ملاك) أنت الكروب المنبسط المظلل، وأقمتك على جبل الله المقدس كنتَ ..... أنت كامل في طرقك من يوم خُلقتَ حتى وُجِدَ فيك إثمٌ (اللي هوه الكِبْر) .... فأخطأت فأطرحك من جبل الله وأبيدك أيها الكروب المظلل .... قد ارتفع قلبك لبهجتك (آدي الكبرياء) أفسدت حكمتك لأجل بهائك (لما شفت نفسك بهي وجميل دخلك الغرور، فالشيطان حطّ بذرة الغرور في الإنسان) سأطرحك إلى الأرض .... قد نجّست مقادسك بكثرة آثامك ...... وتكون أهوالا ولا توجد بعد إلى الأبد" وتسأل السيدة ناهد: إزاي لا توجد بعد إلى الأبد، فيشرح لها قائلا: يعني لا توجد في محضري إلى الأبد.
وهكذا نرى نفس التزوير وتحريف المعاني، ونفس حدوتة أم الخير موجودة هنا، فلأن النص به كلمة كروب، والكروب يعني ملاك، يبقى لا بد من لوي معنى النص لكي ينطبق على الشيطان، مع أن الفقرة السابقة مباشرة للنص الذي قرأه جناب القمّص تقول: وكان إليّ كلام الرب قائلا يا ابن آدم، ارفع مرثاة على ملك صور وقل له، هكذا قال الرب. أنت خاتم الكمال، ملآنٌ حكمة وكامل الجمال ... إلى آخر النص.
فالكلام كله عن ملك صور، ولا يوجد أي ذكر لساتانا إيل الذي ادّعى جناب القمّص أن الكلام موجّه إليه. وبنفس منطق القمّص، أم الخير تصبح السيدة مريم، وكيس البصل يصبح يسوع، لأن أبوها قال لها احملي كيس البصل، والحمل معناه الحمل في الرحم، فلا بد أن تكون القصة كلها عن مريم وعن حملها ليسوع. منطق غريب وعجيب حقا ذلك الذي يستعمله جناب القمّص، ولكن هكذا تقوم المسيحية التي يؤمن بها، وهذه هي المسيحية التي يدعو المسلمين للإيمان بها.
ومع ذلك سوف نفترض أن كلامه صحيح، وسوف نقبله على علاته وعيوبه، لمجرد المناقشة والتحليل. فهل يا سيدي القمّص، سكت الله عن توضيح أصل الشيطان منذ عهد آدم إلى عهد إشعياء النبي؟ هل ترك الله الناس يجهلون حقيقة الشيطان لمدة 3500 سنة إلى أن جاء إشعياء وحزقيال ليكتبوا عنه، هذا بافتراض أنهم كانوا يكتبون عنه وليس عن ملك بابل وملك صور كما يقول الكتاب المقدس. هل هذا هو الرب الحكيم الذي هو محبة، يترك شعبه في جهل وفي ضلال طوال هذه المدة ولا يُعرّفهم حقيقة الشيطان، وأنه كان رئيس الملائكة كما تزعم يا سيدي القمّص، أو كما يزعم من سبقوك في تفسير الكتاب المقدس الذين دوّنوا آراءهم فاعتبرها الناس أنها وحي مقدس؟ وهل رئيس الملائكة الذي هو "خاتم الكمال الملآن حكمة وكامل الجمال" الذي يقول عنه الله "أنت كامل في طرقك من يوم خُلقتَ" هل يمكن لهذا الكائن أن يرتكب الإثم ويأخذه الغرور ويتسلط عليه الكبرياء؟ ومن أين عرف بهذه الآثام؟ هل كان هناك شيطان آخر أضله، أم أنه تعلمها من الله، والعياذ بالله؟
يا للداهية ويا للمصيبة الكبرى!! إذا كان يمكن لخاتم الكمال الملآن حكمة وكامل الجمال الكامل في طرقه، أن يرتكب الإثم، فما هو الضمان أن لا يرتكب ملاك آخر الإثم أيضا، ثم يضل المؤمنين الطيبين من أمثال القمّص زكريا بطرس بعد أن يدخل فردوس النعيم في ملكوت الحياة الأخرى؟ بل ما هو الضمان أن لا يتحوّل جناب القمّص زكريا بطرس نفسه إلى شيطان يضل بقية المؤمنين في فردوس النعيم؟ بل الأدهى من هذا وذاك، ما هو الضمان أن لا يتسرّب الإثم إلى الرب الإله نفسه، فيتحوّل إلى شيطان والعياذ بالله؟ إذا كان خاتم الكمال الملآن حكمة، الكامل الجمال، الكامل في طرقه، يمكن أن يتسرب إليه الإثم فليس هناك ضمان لأي شيء، ويصبح الدين كله أكذوبة كبيرة وأسطورة غبية سفيهة لا يؤمن بها إلا السفهاء من الناس. مش كده؟ مش كده يا جناب القمّص؟ هل هذه هي المسيحية التي تدعو إليها المسلمين؟
ألم يخبرك الذين يكتبون لك ويعدّون لك المواد التي تتفضل بقراءتها أن في القرآن المجيد آية تبين وظيفة الملائكة وأنهم كما يقول الله تعالى ]لا يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ[(التحريم:6). هذه هي الحكمة الحقيقية يا جناب القمّص، وهذا هو كتاب الحكمة الذي يبين أن الملائكة لا يمكن أن يعصوا الله تعالى، وأن الله أعطاهم القدرة على أن يفعلوا كل ما يأمرهم به. فالملائكة مسخّرون في تحقيق مشيئة الله، وليس لهم إرادة منفصلة عن إرادة الله، ولا يمكن أن يعصوه أبدا في كل ما يأمرهم به. وأما هذه الأفكار الهابطة التي يقول بها جناب القمّص عن الملائكة، والتي لا تليق أبدا بحكمة الله، فهي نفسها التي تسربت إلى مفاهيم بعض المسلمين القدماء، وشاعت تلك الخرافات حتى أخذها بعض المفسرين على أنها حقائق، وراحوا يفسرون كتاب الله العزيز تماما كما يفهم جناب القمّص كتابه المقدس، فاخترعوا قصة ما أنزل الله بها من سلطان، وقالوا إن ملاكين أرادا أن ينْزلا إلى الأرض ويعيشا معيشة بني آدم، ولكن الله حذرهما من الوقوع في الإثم، غير أنهما أصرّا على طلبهما فسمح الله لهما بالنّزول إلى الأرض، فقابلا امرأة بغية على جانب كبير من الجمال، كانت هي الشيطان في زي امرأة، فأرادت أن تزني معهما، ولكنهما رفضا أن يقعا في الخطيئة، فسقتهما خمرا حتى إذا سكرا رضيا أن يزنيا معها، وبعد ذلك راحا يعلمان الناس السحر. فعاقب الله المرأة بأن جعلها كوكب الزُّهرة الذي يظهر عند الصباح، وعاقب الملاكين بأن علقهما في بئر لينالا فيه العذاب كل صباح حين يظهر كوكب الزهرة. ومن هنا سُمّي الشيطان باسم "زُهرة بنت الصبح"، كما جاء في سفر إشعياء.
هذه هي التفاسير التي جاءت من الإسرائيليات، والتي يحلو للقمص أن يقتبس منها كثيرا، ويقول إنه لا يأتي بشيء من عنده وإنما كُتُب المسلمين بتقول كده. ما هو للأسف أن هذه الكتب مملوءة بالإسرائيليات التي تسربت إلى كتب المسلمين من كتبكم وأفكاركم يا جناب القمّص. هذه الأفكار التي تسيء إلى الله تعالى، وتصوّره والعياذ بالله في صورة إنسان أحمق لا يعرف ماذا يفعل. ألا تتفق معي يا جناب القمّص أن الله بكل شيء عليم؟ وما دام يعلم الغيب فكيف فات عليه أن يعلم أن رئيس ملائكته سوف يسقط ويتحوّل إلى شيطان؟ ولعلك تريد أن تتعلم ما هو الشيطان وكيف جاء إلى الوجود؟ عليك إذن أن تقرأ التفاسير الصحيحة الخالية من خرافات الإسرائيليات، لتعرف أن الشيطان في اللغة العربية يُطلق على كل ما هو بعيد عن الله وكل ما يسبب الأذى أو الهلاك، فأنت تكون شيطانا إذا كنت بعيدا عن الله، أو إذا عملت على إضلال الناس وتسببت في هلاكهم. والصديق الذي يضر صاحبه يكون شيطانا بالنسبة له، والمرض الذي يؤذي المريض يكون شيطانا كذلك، والحيوان الذي يؤذي الإنسان يكون شيطانا، والأفكار التي تجول بخاطرك وتدفعك إلى عمل السيئات تكون شيطانا، والشهوات والغرائز التي تدفعك إلى معصية الله تكون شيطانا، وهكذا. ولعلمك يا جناب القمّص، فإن الله تعالى حينما خلق الإنسان خلق له أيضا غرائزه وشهواته، وهذه الغرائز والشهوات ليست أمرا سيّئا في ذاتها، فليست هي من فعل الشيطان، وإنما هي من فضل الله ونعمته، بل إن حياة الإنسان والإنسانية كلها لا تستقيم بغيرها. فتصوّر مثلا حياة الإنسان الذي لا توجد لديه شهوة الجنس، كيف يمكن له أن يعمل على استمرار النوع؟ وتصوّر حياة الإنسان الذي لا توجد له شهوة التملك، كيف يمكن له أن يحافظ على بيته وأمواله وأولاده؟ وتصوّر حياة الإنسان الذي لا توجد له شهوة حب النفس، كيف يمكن له أن يحافظ على حياته ويعتني بنفسه؟ وتصوّر حياة الإنسان الذي لا توجد له شهوة الأكل والشرب، كيف يمكن أن يحافظ على حياة جسده ويستمر على قيد الحياة؟ إن وجود كل هذه الشهوات وغيرها ضروري لفائدة الإنسان، وإشباع هذه الشهوات أمر هام وحيوي. والغرض من شريعة الله هو تنظيم إشباع هذه الشهوات، فإذا أحسن الإنسان استعمال هذه الشهوات والرغبات والغرائز، وعمل على إشباعها بالطرق الصحيحة التي بينها الله تعالى في شريعته، فإنه ينال السعادة في الدنيا وفي الآخرة. وإذا أساء الإنسان استعمال نفس هذه الشهوات والرغبات والغرائز، وعمل على إشباعها بغير الطرق التي بيّنها الله تعالى في شريعته، فإنه ينال الخزي والهوان في الحياة الدنيا وفي الآخرة. فوجود الشهوات والرغبات والغرائز في حد ذاته ليس بشيء سيئ، ولا هو ضار بالإنسان، ولا هو من عمل الشيطان، وإنما هو من فضل الله تعالى ومن نعمته. ولعلك تذكر العائلة التي حدثتنا عنها، تلك العائلة الطيبة الغنية التي زرتها في مقتبل شبابك، وكان لديهم نقطة حزن، وهي أن لديهم شاب عمره 16 أو 17 سنة، ولكنه لا يتحرك إلا إذا حركوه، ولا ينام إلا إذا أناموه، ولا يستيقظ إلا إذا أيقظوه، ولا يذهب إلى المرحاض إلا إذا أخذوه إليه، ولكنه لا يؤذي أحدا بل هو مثل الكرسي، حيثما يذهبون به إلى أي مكان يذهب معهم دون أي اعتراض، وإذا تركوه ظل على حاله لا يتحرك. لقد كان وجود هذا الشاب هو نقطة الحزن لدى تلك العائلة الطيبة، وقد ذكرتَ أن هذا الشاب البائس كان فاقد العقل. لا، هو لم يكن فاقد العقل، بل كان فاقدا للشهوات والرغبات والغرائز، وعندما تغيب هذه النعم، لا يستطيع العقل أن يعمل، فيتوقف عن النمو والتقدم والرقي. إذن الشهوات والرغبات والغرائز هي نعمة من الله تعالى، ولكنها تتحول إلى مصدر شر أو إلى شيطان إذا أساء الإنسان استخدامها، وتتحول إلى مصدر خير وسعادة إذا أحسن الإنسان استخدامها. فالله تعالى يقول في سورة الشمس: ]وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا & فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا & قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا & وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[.
هذا قبس بسيط من نور تعاليم الإسلام يا جناب القمّص، ولك أن تقارن بين سمو هذه التعاليم الراقية، وبين ما تقدمه لنا من أفكار متهافتة عن رئيس للملائكة تحول إلى شيطان يضل الناس. لك أن تقارن بين إله خلق ملاكا وجعله رئيسا للملائكة، ولعله لم يكن يعلم أنه سوف يفسد ويدخله الكبرياء، وإن كان يعلم فلماذا خلقه؛ وبين إله خلق نوازع ورغبات وغرائز في الإنسان لتساعده على الحياة والتقدم والرقي، وأنعم عليه بالشريعة التي تُعرّفه كيف يستعمل هذه النوازع والرغبات استعمالا طيبا فيسعد ويفلح]قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا[، وعلمه أيضا أن سوء استخدام هذه الغرائز والنوازع سوف يؤدي به إلى الشقاء والخيبة ]وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا[. هذا هو إله المحبة الحقيقية، إله الحكمة والعدل المطلق، وليس الإله الذي يحكم بالعذاب الأبدي في بحيرة النار والكبريت على إنسان غلبان لا يعرف الخير والشر، لمجرد أول خطية يرتكبها وهو لا يعلم ما إذا كان ما يفعله هو خيرا أم شرا.
المهم. يقول لنا جناب القمّص "إن آدم سقط في الخطية، وأن هذا السقوط يستلزم عقوبة، لأن أجرة الخطية موت، ولكن الله في محبته لازم يغفر، وعشان يغفر لازم يكون فيه خطة فداء، وهذا هو ما سوف نتكلم عنه بتسلسل في الحلقات الجاية. مش كده؟" نعم. كده يا جناب القمّص. هذا هو ما سوف نتكلم عنه في الحلقات القادمة إن شاء الله.
وقبل أن انهي هذه الحلقة، أريد أن أقول إلى المشاهدين الكرام، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أن يتفكروا فيما أقول من كلام، ويسمعوه بأذن ناقدة. المسألة ليست في تكرار القول بأن الله محبة وأنه يحب الإنسان وأنه بذل ابنه الوحيد من أجل خلاص الإنسان، إلى آخر هذا الكلام، الذي هو مجرد كلام. المهم أن نسمع ونفهم ونحلل ونقارن ونفكر ثم بعد ذلك نقرر، أي الكلام هو الذي يليق بالله تعالى وبحكمته وكرامته، وما هو الكلام الساقط الذي يحط من شأن الله وينال من عدله ورحمته. والله هو المستعان وهو الموفق.
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-01-28, 02:15 PM   #13
ابن حلال
تاريخ التسجيل: 2007-01-14
المشاركات: 58
التقييم: 34
ابن حلال
افتراضي

جزاكى الله كل خير على هذا الموضوع الذى كشف لنا اعداء الاسلام

اللهم انتقم لنا منهم يا رب العالمين...
كابو غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-02-07, 04:28 AM   #14
عضو قدير
تاريخ التسجيل: 2007-02-07
العمر: 35
المشاركات: 4
التقييم: 10
عضو قدير
افتراضي

جزاك اللة كل خير وفى انتظار المزيد
tito_00_man غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-02-07, 05:03 AM   #15
الصورة الرمزية الطيب احسن
مشرف سابق
تاريخ التسجيل: 2006-07-29
الدولة: ALEXANDRIA
العمر: 37
المشاركات: 895
التقييم: 63
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى الطيب احسن إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى الطيب احسن
الصورة الرمزية الطيب احسن
مشرف سابق
افتراضي

مجهود رائع يا برنسيس واستمرى فى هذا الموضوع
الطيب احسن غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-02-08, 05:27 PM   #16
الصورة الرمزية tota
عضو شرف
تاريخ التسجيل: 2006-07-30
الدولة: Alexandria, Egypt
العمر: 37
المشاركات: 429
التقييم: 10
الصورة الرمزية tota
عضو شرف
Messenger3

أية دة





أية دة





أية الجمال دة



والمجهود اللى كلمة رائع شوية عليه



ربنا يزيدك ويعينك يارب

ويجعله فى ميزان حسناتك

اللهم أمين





tota غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-02-09, 07:58 PM   #17
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
Only Here الحلقة الرابعة (جنة ادم بين القران المجيد والكتاب المقدس)

شكرا جزيلا على ردودكم الجميلة جدا
وفقنا الله واياكم الى ما يحب ويرضى

واليكم



الحلقة الرابعة

جنة آدم، بين القرآن المجيد والكتاب المقدس


أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد، فأعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

هذه هي الحلقة الرابعة من سلسلة حلقات "أجوبة عن الإيمان" التي نرد فيها على القُمّص زكريا بطرس في الحلقات التي قدمها باسم "أسئلة عن الإيمان". وفي الحلقة الأولى ذكرنا الأسلوب الذي يتبعه جناب القُمّص في استدلالاته، وهو
أولا: سوء تفسير بعض المقتبسات من الكتاب المقدس ومن القرآن الكريم ليخرج بمعنى لا يحتمله النص. وقد رأينا حقيقة ذلك في الحلقة السابقة عندما فسر جناب القُمّص، أو نقل عن المفسرين، تفسيرهم للكلام الذي قيل في حق ملك بابل وملك صور، فحوّله ولوَى معانيه ليستدل به على أن الشيطان كان رئيس الملائكة.
ثانيا: يقدم جناب القُمّص أفكارا تبدو أنها صحيحة ولكنها تقوم على أساس خاطئ، ثم يخرج منها بقاعدة يبني عليها عقيدة.
ثالثا: يخلط كثيرا بين الحقائق والتشبيهات، وسوف نرى في هذه الحلقة مثالا على ذلك.
رابعا: يتعمّد أحيانا تحريف النص ليتفق مع وجهة نظره، وسوف نرى أيضا مثالا على ذلك في هذه الحلقة.
خامسا: يتهم المشاهد المسلم بالجهل، وأنه لا يقرأ، وإذا قرأ لا يفهم، وإذا فهم فهو لا يقبل الحقيقة.
سادسا: يستخدم آراء بعض المفسرين ويعتبرها ملزمة لجميع المسلمين، كما هو الحال عندهم في المسيحية، حيث يلتزم شعب الكنيسة بتفسير المفسرين. وسوف نرى أيضا في هذه الحلقة أمثلة كثيرة من هذا النوع.
يتكلم جناب القُمّص في هذه الحلقة عن جنة آدم وكيفية دخول الخطية إلى حياة الإنسان، فيقول إنها دخلت حياة الإنسان بحسب الشيطان، حيث إنه أعطى ثمرة الشجرة المحرّمة إلى حواء لتأكل منها. ويذكر جناب القُمّص أن الشجرة المحرمة لم تكن شجرة تفاح ولا شجرة مانجو، ولكنها كانت شجرة طبيعية استُخدمت فقط كرمز، مع أن الكتاب المقدس واضح تمام الوضوح في أنها كانت شجرة معرفة الخير والشر، وأن آدم وحواء بعد أن أكلا منها انفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان، وحتى الله نفسه قال "هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر" (تكوين23:3). فمن نصدق يا ترى؟ جناب القُمّص الذي يقول إنها كانت شجرة طبيعية، أم نصدق الكتاب المقدس الذي يقول إنها شجرة معرفة الخير والشر، ويقدم الدلائل على أن من يأكل منها تنفتح عينه ويصير عارفا للخير والشر؟ طبعا جناب القُمّص يعلم تماما أنه ليس هناك من شجرة تجعل من يأكل منها يعرف الخير والشر، وأن هذه فكرة أسطورية خرافية ولا يصح أن تكون موجودة في كتاب مقدس، فيحاول أن يقنعنا بأنها كانت شجرة عادية طبيعية. طبعا هو معذور، فماذا يفعل؟ يعترف بالحقيقة ويقول إن كتابه المقدس يحتوي على خرافات؟ طبعا لا. لا بد أنه يدافع عنه، فهو معذور.

بعد ذلك يشرح جناب القُمّص كيف دخلت الخطية إلى حياة الإنسان فيقول إنه لما آدم وحواء أكلا من الشجرة المحرّمة، فقد كسرا الوصية وشقا عصا الطاعة، وبذلك دخلت الخطية في حياتهما، والخطية هنا كما يقول: "جُرثومة". ثم يقول جناب القُمّص بالنص:
"في الكتاب المقدس، في سفر يشوع بن سيراخ، وهو من أسفار إيه إل ... مش موجودة في الكتاب، الأسفار القانونية الثانية، تقول كدة: "لأن جرثومة الخطية متأصلة فيه".
ونحن نسأل يا جناب القُمّص، أين هذا السفر المسمّى بسفر يشوع بن سيراخ؟ ولماذا لا نجده في الكتاب المقدس الذي تؤمن به؟ فماذا حدث له؟ هل نُسخ يا ترى أم أنهم نسوا أن يطبعوه. لقد قضيت يا جناب القُمّص أياما وأسابيع وحلقات بعد حلقات تحدثنا حديثا واهيا متهافتا عما أسميته بالنسخ في القرآن، ورحت تنقل عن بعض علماء العصور الوسطى الذين قالوا بوجود النسخ في القرآن، ورحت تتحدى وتسخر وتهزأ وتسأل عن الآيات المنسوخة. وقد رد عليك بعض الأخوة وشرحوا لك أنه لا يوجد نسخ في القرآن، وأن الذي قال بوجود النسخ في القرآن هم بعض العلماء الذين لم يفهموا بعض الآيات التي تحتوي على أحكام معينة، فظنوا أنها تتعارض مع أحكام في آيات أخرى. لقد كان رأيهم بوجود النسخ في القرآن مجرد اجتهاد من جانبهم، وهم قد أخطأوا في هذا الاجتهاد فلهم أجر على اجتهادهم على كل حال. وقيل لك إن الكثير من علماء المسلمين في العصر الحديث كتبوا العديد من الكتب لبيان عدم وجود أي نسخ في القرآن، غير أنك أردت أن تصطاد في الماء العكر، فرحت تتحدث عن القرآن الكريم باعتباره كتابا ينسخ بعضه بعضا، إلى أن وقعت في نفس الحفرة التي أردت أن تحفرها للقرآن، واعترفت بلسانك بوجود سفر من الأسفار المقدسة، التي يعتبرها بعض المسيحيين من وحي الله تعالى، بينما لا يعتبرها الآخرون كذلك. فماذا حدث لتلك الأسفار المقدسة، هل نُسخت؟ وهل نُسخت لفظا وبقيت حكما، حتى إنك تستشهد بها؟ أم أنها نُسخت لفظا وحكما؟ وهل هذا هو الكتاب الذي تريد من المسلمين أن يتخلوا عن قرآنهم الكريم ليقبلوه باعتباره كتابا مقدسا، وهو يحتوي على أسفار مقدسة لدى البعض وغير مقدسة لدى البعض الآخر؟ ألم أقل لك يا جناب القُمّص أن من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالحجارة؟ والمسيح قال: من كان منكم بلا خطية فليلقها بحجر، ورغم أنك محمّل بالخطايا باعترافك، فإنك مع ذلك تقذف بالأحجار يمينا وشمالا، وطبعا لا بد أن تقع بعض هذه الأحجار فوق رأسك يوما ما، وها قد جاء اليوم لتعلن بنفسك، وتعترف بلسانك، بوجود النسخ في الكتاب المقدس.

ثم نعود إلى الموضوع الأصلي، وهو كيف دخلت الخطية إلى حياة الإنسان، فتقول:
"المرض اللي كان عند الشيطان كان مرض إيه؟ الكبرياء. فهو حط العدوى في آدم وحوا، لما خد الثمرة وأكل منها وأعطى حوا، فسال عليها لعاب الكبرياء، فأكلت فصار فيها ميكروب وجرثومة الكبرياء، ... ، فأصبحت جرثومة الخطية في دم البشرية، مش بس آدم وحوا، النسل أيضا أصبح بهذا الشكل".
ومن الواضح يا جناب القُمّص أنك تخلط بين التشبيهات والحقائق، وتمزج بين الحقيقة والمجاز، فليس للخطية ميكروب ولا جرثومة، وهي لا تنتقل بالعدوى وإنما بالممارسة، والخطية لا يمكن أن تكون في دم البشرية، لمجرد أن آدم وحواء قد أخطآ، فالكتاب المقدس مملوء بالشواهد التي تدل على أن الآباء لا يحملون أمام الله وزر أخطاء الأبناء، كما لا يحمل الأبناء وزر أخطاء الآباء. يقول الكتاب المقدس: "لا يقولون بعد الآباء أكلوا حِصْرِما وأسنانُ الأبناء ضرِسَت، بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحِصرِم تضرَسُ أسنانُه" (إرميا29:31)، ويقول كذلك: "النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون وإثم الشرير عليه يكون" (حزقيال20:18). هذا هو العدل الذي يليق بأن يُنسب إلى الله تعالى، وأما أن يخطئ إنسان واحد، فيُدان الجنس البشري كله، فهذا ظلم عظيم على الجنس البشري بأكمله، ولا يليق أن يُنسب الظلم إلى إله العدل والمحبة.
والغريب يا جناب القُمّص أنك تحاول أن تستشهد بما كتبه بعض علماء المسلمين، مثل ما قاله الترمذي: "جحد آدم فجحدت ذريته، وأخطأ آدم فخطئت ذريته"، أو ما قاله الرازي في تفسير الآية 28 من سورة يوسف ]إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ[ حيث قال الرازي: "أي ميالة إلى القبائح، راغبة في المعصية، والطبيعة البشرية تواقة إلى اللذات". ولتعلم يا جناب القُمّص أن أقوال العلماء من المسلمين هي مجرد اجتهاد من جانبهم، وهم قد يصيبون وقد يخطئون في اجتهادهم، وبالتالي فإن قولهم ليس ملزما لجميع المسلمين. وحيث إنك مولع بالاستشهاد بأقوال العلماء، فإني أقول لك مرة أخرى إن أقوالهم ليست ملزمة، وعلى هذا فلن أحاول أن أجيب عليها أو أبررها أو أخطئها أو أفندها، وتكفيني أقوالك أنت أو ما تسوقه من آيات القرآن المجيد. وأما استشهادك بالآية ]إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ[، فلا يعني أن نفس كل إنسان أمارة بالسوء، بل إن النفس لدى المرأة التي قالت هذه الجملة هي الأمّارة بالسوء، فهي التي كانت تريد أن ترتكب الزنى مع يوسف u، وكانت تعيش في مجتمع منحط أخلاقيا، وإلا، فلماذا لم يوافق يوسف على ارتكاب الزنى معها لو أن نفسه هو أيضا كانت أمّارة بالسوء؟ ألا تقرأ كتابك المقدس يا جناب القُمّص لتعرف أنه قال للمرأة: "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله"؟ (تكوين9:39). فهل هذه النفس الكريمة التي تمتنع عن ارتكاب الفحشاء تكون أمّارة بالسوء؟ من الواضح أن الرازي قد أخطأ في تفسير الآية إن كان قد عممها على جميع الناس، فالمثال الذي قدمه يوسف u يثبت لك أنت وهو أنكما مخطئان في فهمكما للنفس البشرية. ولكن أنت طبعا معذور يا جناب القُمّص، فأنت تردد ما كتبوه لك، وتقرأ ما سبق إعداده لك، ولم تقم بنفسك لتبحث وتتعلم وتتعرف على حقائق الأمور، مع أنك تتهم المسلمين بأنهم لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وكان الأوْلى بك أن تخرج الخشبة التي في عينك قبل أن تنظر إلى عيون الآخرين وتظن أن فيها قذى. ولو أنك قرأت وبحثت يا جناب القُمّص لعلمت أن القرآن الكريم يتحدث أيضا عن النفس اللوّامة، التي تلوم نفسها على فعل المعصية لأنها تكره المعصية وتستنكر ارتكاب الإثم، ولكنها لضعفها قد تقع في المعصية، فتسرع بالتوبة والندم والاستغفار، وتلوم نفسها على ضعفها. ولو أنك قرأت أكثر لعلمت أن القرآن الكريم يتحدث أيضا عن النفس المطمئنة، التي استطاعت أن تتغلب على الإثم، وصارت مطمئنة في حضن محبة الله تعالى، فلا يستطيع الشيطان أن يؤثر عليها، فيقول الله لها: ]يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ & ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً & فَادْخُلِي في عِبَادِي & وَادْخُلِي جَنَّتي[(الفجر:27)
العجيب يا جناب القُمّص أنك رجل دين، كما يبدو من ملابسك، ومن لقبك الذي ينادونك به، مع أنك تقاعدت عن وظيفة القُمّص، كما سمعت، أو أنك طُردت من الخدمة كما يقولون. وعلى أي الأحوال، كان ينبغي عليك أن تستزيد من المعرفة وتوسع أفق قراءاتك، ولا تكتفي بما يعدونه لك لتردده أمام الكاميرات، إذ من العيب الكبير على رجل دين أن يتكلم في مسائل الدين وهو يجهل إلى حد كبير، الكثير مما يتكلم عنه. عيب يا أبونا عيب! إن هذا قد يكون مقبولا من الصغار، سواء صغار السن أو صغار المقام، ولكن أنت تبدو وقد تخطيت الخمسين أو الستين من العمر، ومقامك كبير بين الناس الذين يصدقون ما تقول، فكان من الواجب عليك أن تكون أكثر ثقافة وأوسع اطلاعا، أو على الأقل تحصر نفسك في المسيحية التي تؤمن بها، ولا تقحم نفسك فيما أنت لست أهلا له، وما قد يعلو على مفاهيمك ومداركك.
ثم ماذا أقول يا جناب القُمّص عن سوء القصد وخُبث النيّة؟ أنا لا أتهمك أنت بهذا، فأنت معذور كما قلتُ، وإنما هؤلاء الذين يكتبون لك المواد، ويُعدّون لك البرامج، ويستخرجون لك الآيات التي تستشهد بها، ألم يقرأوا الآية كلها التي انتزعوا منها جزءا وتركوا بقيتها؟ فلماذا فعلوا هذا؟ هل لأن بقية كلمات الآية ليس لها علاقة بالموضوع أم لأنهم يريدون أن يغشوا المشاهد ويخدعوا السامع ويُلبسوا الحقائقَ ثوبَ الباطل؟ إن الآية يا جناب القُمّص هي ]وَمَآ أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ[، ومن الواضح أن في الآية استثناء، فليست كل نفس أمّارة بالسوء، والله تعالى لم يخلق النفس أمّارة بالسوء، وإنما كما ذكرت لك في الحلقة الماضية، خلق الله في النفس الشهوات والغرائز والنوازع، لتدفع الإنسان إلى التقدم والرقي. وهذه الشهوات والغرائز في حد ذاتها ليست سيئة ولا فاسدة، بل هي مفيدة وضرورية ولا بد من وجودها لفائدة الإنسان نفسه. فلو لم تكن شهوة الجنس موجودة لما استطاع الإنسان أن يحافظ على استمرار نوعه، ولو لم تكن شهوة حب النفس موجودة لما استطاع الإنسان أن يحافظ على حياته ويعتني بنفسه، ولو لم تكن شهوة التملك موجودة لما استطاع الإنسان أن يحافظ على بيته وأمواله وأولاده، ولو لم تكن النفس تواقة إلى اللذات، لما استطاع الإنسان أن يتناول أطايب الطعام وأنواع الشراب والعصائر، ولكان مثل البهيمة التي تأكل نفس العشب كل يوم طوال أيام حياتها. فهذه الشهوات يا جناب القُمّص ضرورية لحياة الإنسان، وهي من نعم الله تعالى عليه، وهي في ذاتها خير لأنها تفيد الإنسان وتفيد المجتمع الذي يعيش فيه، ولكن سوء استخدامها هو الذي يضر ويسيء إلى الإنسان وإلى المجتمع، فهي مثل السيارة مثلا الآن، تساعد على انتقال المرء من مكان إلى مكان بسرعة وبراحة، ولكن سوء استخدامها يؤدي إلى عواقب وخيمة للفرد وللمجتمع. وإذا نظرت حولك فيما خلق الله للإنسان، لوجدت أنه سبحانه قد سخّر للإنسان كل شيء، فنعَمه أكثر من أن تُعد أو تُحصى، ولكن سوء استخدام الإنسان لهذه النعم هو الذي يضره ويجلب عليه الخسران. إن النار تحرق وتدمر وتخرّب عند إساءة استعمالها، ولكنها تعطي الدفء عند شدة البرد، وتدير الآلات الضخمة من أجل زيادة الإنتاج. وهكذا الشهوات والغرائز والنوازع، إذا استعملها الإنسان الاستعمال الصحيح، عاش حياة طيبة في الدنيا والآخرة، وإذا أساء استعمالها، انقلبت حياته إلى هم وغم وعاش في خزي وهوان في الدنيا والآخرة، أما هي في حد ذاتها فهي من نعم الله تعالى وفضله، وبدونها لصار الإنسان مثل الحجر الأصم الذي لا يتحرك ولا يضر ولا ينفع.
ولذلك، حينما خلق الله الإنسان، وخلق له هذه الشهوات والغرائز، وأعطاه هذه النوازع والدوافع، أعطاه أيضا شريعة تنظم له كيفية إشباع هذه الشهوات دون الاقتراب من سوء استعمالها، وعبّر عن ذلك بوصف "الجنة"، فشريعة الله وقوانينه جنة، وهي تحتوي على كثير من الأوامر والنواهي التي تنظم حياة الإنسان القائمة على حسن استعمال هذه الشهوات والغرائز والنوازع والدوافع، وهذه الأوامر والنواهي مثل الأشجار المتفرعة، فهذه مجموعة الأوامر التي تختص بالعبادات، أو شجرة العبادات، وهذه مجموعة الأوامر التي تختص بالمعاملات، أي شجرة المعاملات، وهذه مجموعة الأوامر التي تختص بشئون الزواج والأسرة وتربية الأبناء، أي شجرة الأسرة، وهذه أيضا مجموعة النواهي والمحرّمات التي يجب تجنبها حتى لا يضر الإنسان نفسه، أي الشجرة المحرمة. وكل هذه الأشجار تحتويها الشريعة، أي الجنة التي عندما يعيش فيها الإنسان يعيش في نعيم مقيم. ولما قال الله تعالى لآدم: ]اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ[، كان يخاطبه بأسلوب مجازي جميل، فيقول له إنه يستطيع أن يشبع جميع شهواته، ويرضي جميع غرائزه، أي يأكل من جميع أشجار الجنة، ويستمتع باللذات التي خلقها الله تعالى له، إذا اتبع الطريق الصحيح الذي عرّفه الله تعالى إياه، ثم حذّره من الاقتراب من الشجرة المحرّمة، أي من مجموعة النواهي أو حدود الله التي يجب ألا يقترب منها الإنسان، كما يقول تعالى ]تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا[(البقرة:187). فإذا عاش الإنسان في جنة الشريعة هذه، وأكل من جميع أشجارها ما عدا الشجرة المحرّمة، فإنه يُشبع غرائزه ويستمتع بالحياة، ويعيش مستورا بمحبة الله وينعم بقربه، فيصبغه الله بصبغته ]صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً[(البقرة:138)، ويزوّدُه بزاد التقوى ]وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى[(البقرة:197)، ويَكسيه أيضا بخير لباس وهو لباس الرحمة والمحبة والتقوى ]وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ[(الأعراف:26). ولذلك طالما بقيَ الإنسان في هذه الجنة، يقول الله تعالى له ]إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى & وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُ فِيهَا وَلا تَضْحَى[(طه:118). أما الخروح من هذه الجنة فهو يؤدي إلى المعاناة والشقاء، ولذلك يقول تعالى للإنسان]فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى[(طه:116). ولكن مع مرور الزمن، يحدث أن ينسى الإنسان بعض الأمور، وقد يجتهد في تفسير بعض الأوامر فيخطئ، ولكنه ليس خطأ تعمّد، ولا خطأ تمرّد، وإنما خطأ نسيان دون قصد، وهذا ما صدر من آدم u، إذ يقول تعالى عنه ]وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا[(طه:115)، أي أنه لم يكن يقصد أن يرتكب المعصية، وإنما فعلها من باب النسيان، ولم يكن له عزم على ما فعل. فقد كان يود الخلود لرسالته، ويبتغي النجاح في مهمته، وهي تحقيق الخلافة في الأرض، فلهذا خلقه الله وجعله خليفة في الأرض. وعندما يتبين للإنسان أنه أخطأ حتى ولو بدون قصد، ويتضح له أنه عصى حتى ولو بغير تعمّد، فإن الإنسان السوي يخجل من معصيته، ويستحي من ذنبه، ويعتبره عورة ينبغي أن يخفيها، ويسأل الله تعالى أن يستره ولا يفضحه. وهكذا إذا نُزع عن الإنسان لباس التقوى، تظهر سوءاته وعوراته، فيسرع بتغطية تقصيره، ويهرع إلى أوامر الله تعالى، أي إلى أوراق الاستغفار ليغطي بها سوءته، فالاستغفار يعني طلب التغطية، فيطلب من الله تعالى المغفرة والرحمة. ولذلك يقول تعالى ]فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ[. لقد زال عنهما لباس التقوى فبدت لهما سوءات المعصية التي كانت بغير قصد وبسبب النسيان، فطفقا يسألان الله تعالى المغفرة لكي يغطي ذنبهما ويعيد إليهما لباس التقوى، فالعودة إلى ارتداء لباس التقوى هي التوبة، وإعادة لباس التقوى إلى الإنسان هي قبول توبته من الله تعالى. ولذلك قالا ]رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنْفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(الأعراف:23)، فتقبّل الله تعالى توبتهما، وأعاد لهما لباس التقوى، إذ يقول سبحانه ]فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[(البقرة:37). وهكذا، أصبحت القصة كلها عبرة وموعظة لبني آدم كي يكونوا على حذر من فتنة الشهوات والغرائز، فلا يسيئون استعمالها. فهي كالنار، تفيد إذا أحسن الإنسان استعمالها، وتحرق وتُهلك إذا أساء الإنسان استخدامها. ونفس هذه الشهوات والغرائز التي تسبب السعادة واللذّة والنعيم للإنسان تتحول فتكون شيطانا يسبب الخزي والهوان والهلاك للإنسان، ولذا يحذر الله تعالى بني آدم فيقول ]يَا بَني آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ (أي من جنة شريعة الله التي فيها ينالون رضوانه) يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا (أي لباس التقوى والقرب من الله تعالى) لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا[(الأعراف:77). وهنا لمحة جميلة تبين حكمة العقاب والغرض منه، فالغرض من نزع لباس التقوى ليس هو الانتقام أو التشفّي أو إيقاع الضرر، وإنما ]لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا[ أي لكي يري المخطئ نتائج خطئه قبل أن يراها الآخرون، ويدرك المسيء عواقب إساءته قبل أن يفتضح أمره، فيعمل على تدارك الأمر، ويلتمس تغطية تلك السوءة بالتوبة وبالاستغفار، أي بطلب استعادة لباس التقوى لكي يغطي به تلك العورة التي بدت له، فلا تظهر أمام الآخرين.
ما أعظم هذه التعاليم، وما أسمى هذه المفاهيم، وما أروع هذه التوجيهات، وما أنبل هذه الإرشادات، وما أحلى هذه الاستعارات، وما أجمل هذه الكنايات والتشبيهات، التي تعطي الكلام روعة وحلاوة، وتكسبه جمالا وطلاوة. ولك يا جناب القمّص أن تقارن بين ما يقدمه القرآن المجيد من تعاليم ومفاهيم، وبين ما يقدمه الكتاب المقدس من حكايات وأساطير، على الأقل فيما يختص بقصة آدم وجنته. فإذا نظرت إلى كتابك بعيون الكناية والمجاز، فلعلك تجد في القصة شيئا يستحق الاهتمام، وإذا نظرت بعيون المادية والحرفية، فلن تجد في القصة إلا خرافة وأوهام.
ومرة أخرى أطلب من حضرات المشاهدين أن يتفكروا فيما أقول، وليقارنوا بين ما سمعوه من جناب القمّص في شرحه وفهمه للكتاب المقدس، وبين ما قدمت من شرح وفهم للقرآن المجيد. ثم لهم بعد ذلك أن يقرروا أي المفاهيم هي التي تليق بجلال الله تعالى، وأي التعاليم هي التي يمكن أن تصدر عن إله الحكمة والمحبة والرحمة. عسى أن يوفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد، ويهدي القلوب إلى طريق الحق والرشاد. آمين.
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-02-18, 04:05 AM   #18
الصورة الرمزية منون
ابن حلال
تاريخ التسجيل: 2006-11-21
العمر: 34
المشاركات: 34
التقييم: 10
الصورة الرمزية منون
ابن حلال
افتراضي

تسلمي ياحبيبي
ربنا يجازيكي كل خير
منون غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-03-25, 08:44 PM   #19
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
Design11

جزاكم الله خيرا على الردود الجميلة
ولكن للاسف لن اكمل سلسلة حلقات برنامج اجوبة عن الايمان
نظرا لعدم الاقبال عليها وعدم قرائتها لضخامة مادتها العلمية
وسيتم اختيار موضوعات وشبهات هامة ايضا
ولكنها ابسط من حيث المادة العلمية
واتمنى من اخوانى القراءة ليس اكثر
فبغض النظر عن كون هذا دفاعا عن دين الله ونبيه ونصرة للاسلام
سنجد ان الموضوع شيق ومثير جدا فلا اتمنى منكم سوى القراءة
la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 2007-03-25, 08:52 PM   #20
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
تاريخ التسجيل: 2006-09-29
الدولة: أرض الكنانة
العمر: 37
المشاركات: 2,027
التقييم: 802
الصورة الرمزية la princesse
مشرفة عامة
New3 البشارة بالنبي محمد في التوراة و الإنجيل (الجزء الأول )

(و مبشّرا برسول يأتى من بعدى إسمه أحمد)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله


نود هنا أن نذكر البشائر التي بشرت بها التوراة وكذلك الإنجيل بنبوة نبينا محمد - عليه السلام - رغم التحريف الطارئ عليها , فالتوراة التي بين أيدي الناس اليوم محرفة مغيرة يدلك على ذلك هذا الاختلاف الذي تجده في أمور كثيرة بين نسخها وطبعاتها , فهناك ثلاث نسخ للتوراة : العبرانية , واليونانية , والسامرية , وكل قوم يدعون أن نسختهم هي الصحيحة , وهناك فروق واضحة بين طبعات التوراة وترجماتها. وقد أدى هذا التحريف إلى ذهاب كثير من البشارات أو طمس معالمها, ومع ذلك فقد بقي من هذه البشارات شيء كثير , ولا تخفى هذه البشارات على من يتأملها , ويعرضها على سيرة رسول الله - عليه السلام - متجردا من الهوى .
لقد صرح بعض هذه البشارات باسم محمد - عليه السلام - وقد اطلع بعض العلماء المسلمين على هذه النصوص , ولكن التحريف المستمر لهذا الكتاب أتى على هذه النصوص , فمن ذلك ما ورد في سفر أشعيا : ( إني جعلت أمرك محمدا , يا محمد يا قدوس الرب , اسمك موجود من الأبد ) , وقوله إن اسم محمد موجود من الأبد موافق لقول الرسول - عليه السلام - : ( كنت نبيا وإن آدم لمنجدل في طينته ) .
وفي التوراة العبرانية في الإصحاح الثالث من سفر حبقوق : ( وامتلأت الأرض من تحميد أحمد , ملك بيمينه رقاب الأمم ) .
وفي النسخة المطبوعة في لندن قديما سنة 1848 , والأخرى المطبوعة في بيروت سنة 1884 , والنسخ القديمة تجد في سفر حبقوق النص في غاية الصراحة والوضوح : ( لقد أضاءت السماء من بهاء محمد , وامتلأت الأرض من حمده , ... زجرك في الأنهار , واحتدام صوتك في البحار , يا محمد أدن , لقد رأتك الجبال فارتاعت ).
ونلتقي إن شاء الله مع سلسلة أخرى من هذه البشائر , وأذكر مراجعي في سرد هذا الموضوع : 1- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية , 2- الرسل والرسالات للدكتور عمر الأشقر , 3- نسخة من التوراة والإنجيل المحرفة باللغة العربية واللغة الألمانية .
في بعض الأحيان يذكر مكان مبعث النبي - عليه السلام - , ففي سفر التثنية الإصحاح الثالث والثلاثون : ( أقبل الرب من سيناء , وأشرق لهم من سعير , وتجلى من جبل فاران ) , وسيناء هي الموضع الذي كلم الله فيه موسى , وساعير الموضع الذي أوحى الله فيه لعيسى , وفاران هي جبال مكة , حيث أوحى الله لمحمد - عليه السلام - , وكون جبال فاران هي مكة , دلت عليه نصوص من التوراة . وقد جمع الله هذه الأماكن المقدسة في قوله : ( والتين والزيتون وطور سينين , وهذا البلد الأمين )
وذكرت التوراة مكان الوحي إليه ففي سفر أشعيا الإصحاح الواحد والعشرون : وحي من جهة بلاد العرب في الوعر ) . وقد كان بدء الوحي في بلاد العرب في الوعر في غار حراء
وفي هذا الموضع من التوراة حديث عن هجرة الرسول - عليه السلام - وإشارة إلى الجهة التي هاجر إليها : ( هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء , وافوا الهارب بخبزة , فإنهم من أمام السيوف قد هربوا , من أمام السيف المسلول , ومن أمام القوس المشدودة , ومن أمام شدة الحرب ) , وتيماء من أعمال المدينة المنورة , وإذا نظرت في النص ظهر لك بوضوح أنه يتحدث عن هجرة الرسول عليه السلام
وتكملة النص السابق يقول : ( فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار , وبقية قسي أبطال بني قيدار تقل , لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم ) , وهذا النص يتحدث عن معركة بدر , فإنه بعد سنة كسنة الأجير من الهجرة كانت وقعة بدر , وفني مجد قيدار , وقيدار من أولاد إسماعيل , وأبناؤه أهل مكة , وقد قلت قسي أبناء قيدار بعد غزوة بدر
وأشارت بعض نصوص التوراة إلى مكان هجرة الرسول - عليه السلام - , ففي سفر أشعيا الإصحاح الثاني والأربعون : ( لترفع البرية ومدنها صوتها , الديار التي سكنها قيدار , لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا ليعطوا الرب مجدا ... ـ ) , وقيدار أحد أبناء إسماعيل كما جاء في سفر التكوين الإصحاح الخامس والعشرون العدد الثالث عشر . وسالع جبل سلع في المدينة المنورة . والترنم والهتاف ذلك الأذان الذي كان ولا يزال يشق أجواء الفضاء كل يوم خمس مرات , وذلك التحميد والتكبير في الأعياد وفي أطراف النهار وآناء الليل كانت تهتف به الأفواه الطاهرة من أهل المدينة الطيبة الرابضة بجانب سلع . إلى هنا نكتفي بهذا القدر من هذه الحلقة , على أمل اللقاء بكم في حلقة أخرى إن شاء الله من سلسلة البشائر بنبوة محمد من كتاب اليهود والنصارى , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد , والحمد لله رب العالمين.


la princesse غير متصل   رد مع اقتباس
أضف رد جديد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النشيد الذي هز قلوب اعداء الاسلام وأبكى المسلمين سمارت مان الاناشيد والصوتيات الاسلامية 0 2009-09-24 01:11 AM
أين العدل يا أهل الإنصاف؟! سبيل الحياة المنتدى الاسلامى 7 2009-01-05 09:20 AM
يهودية وزوجها يعتنقان الاسلام في مدينة الناصرة la princesse الأخبار اليومية 2 2008-05-31 09:59 PM
نداء لجميع الأعضاء ولكل من يرغب فى الدفاع عن الاسلام la princesse المنتدى العام 2 2007-03-17 05:47 PM
قصه اسلام جيرمين جاكسون (منقول) فجر الاسلام المنتدى الاسلامى 1 2006-08-05 12:30 PM


Internal & External Links

الساعة الآن 02:03 AM.
Powered by vBulletin Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
استضافة , دعم فنى